أما أهل السعادة فييسرون لعمل السعادة، وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاوة، ثم تلا عليه الصلاة والسلام قوله تعالى: فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى [الليل:5-10]. الجمع بين: {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ} وما كتب عليهم. وهكذا قوله جل وعلا: إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ [الرعد:11]. فأمره نافذ لكنه جل وعلا يغير ما بالناس إذا غيروا، فإذا كانوا على طاعة واستقامة ثم غيروا إلى المعاصي، غيرَّ الله حالهم من الطمأنينة والسعادة واليسر والرخاء إلى غير ذلك. وقد يملي لهم سبحانه ويتركهم على حالهم استدراجًا، ثم يأخذهم على غرة -ولا حول ولا قوة إلا بالله- كما قال تعالى: وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ [إبراهيم:42]، وقال سبحانه: فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ [الأنعام:44].
إن الله لا يغير ما بقوم
فالواجب الحذر، وعلى المؤمن أن يتقي الله، ويسعى في الحق وأن يستقيم عليه، وألا يحيد عنه إلى الباطل؛ فإنه متى حار عنه إلى الباطل، فقد تعرض لغضب الله؛ أن يغير قلبه، وأن يغير ما به من نعمة إلى ضدها من جدب وقحط وفقر وحاجة وغير ذلك، وهكذا بعد الصحة إلى المرض، وهكذا بعد الأمن إلى الخوف إلى غير ذلك؛ بأسباب الذنوب والمعاصي. وهكذا العكس؛ إذا كانوا في معاصٍ وشرور وانحراف، ثم توجهوا إلى الحق، وتابوا إلى الله ورجعوا إليه واستقاموا على دينه، فإن الله يغير ما بهم سبحانه من الخوف والفقر والاختلاف والتشاحن، إلى أمن وعافية واستقامة، إلى رخاء وإلى محبة وإلى تعاون وإلى تقارب؛ فضلًا منه سبحانه ومن هذا قوله تعالى: ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ [الأنفال:53]. فالعبد عنده أسباب وعنده عمل، وعنده إرادة وعنده مشيئة، ولكنه بذلك لا يخرج عن قدر الله ومشيئته. لا يغير الله مابقوم حتى يغيروا. فالواجب عليه أن يستعمل ما استطاع في طاعة الله ورسوله، وأن يستقيم على ما أمره الله به، وأن يحذر ما نهى الله عنه ورسوله عليه الصلاة والسلام وأن يسأل ربه العون والتوفيق، والله سبحانه هو المتفضل وهو الموفق، وهو الهادي جل وعلا وله الفضل وله النعمة، وله الإحسان بيده الفضل وبيده توفيق العباد، وبه هدايتهم وبيده إضلالهم، يهدي من يشاء ويضل من يشاء سبحانه.
لا يغير الله مابقوم حتى يغيروا
فهذه سنة مطردة في الأمم على تفاوت أمزجتها وقواها، وقلما تشعر أمة بعاقبة ذنوبها قبل وقوع عقوبتها، ولا ينفعها بعده أن يقول العارفون: يا ويلنا إنا كنا ظالمين. على أنه قد يعمها الجهل حتى لا تشعر بأن ما حل بها، إنما كان مما كسبت أيديها، فترضى باستذلال الأجنبي، كما رضيت من قبل بما كان سببا له من الظلم الوطني، فينطبق عليها قولنا في المقصورة:
من ساسه الظلم بسوط بأسه هان عليه الذل من حيث أتى
ومن يهن هان عليه قومه وعرضه ودينه الذي ارتضى
وقد تنقرض بما يعقبه الفسق والذل من قلة النسل، ولا سيما فشو الزنا والسكر، أو تبقى منها بقية مدغمة في الكثرة الغالبة لا أثر لها تعد به أمة. وقد تتوالى عليها العقوبات حتى تضيق بها ذرعا، فتبحث عن أسبابها، فلا تجدها بعد طول البحث إلا في أنفسها، وتعلم صدق قوله تعالى: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ {الشورى:30} ثم تبحث عن العلاج فتجده في قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ {الرعد:11}. ان الله لا يغير ما بقوم. وإنما يكون التغيير بالتوبة النصوح، والعمل الذي تصلح به القلوب فتصلح الأمور، كما قال العباس عم الرسول صلى الله عليه وسلم إذ توسل به عمر والصحابة بتقديمه لصلاة الاستسقاء بهم: اللهم إنه لم ينزل بلاء إلا بذنب، ولم يرفع إلا بتوبة.
ان الله لا يغير ما بقوم
وقال السعدي: إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ من النعمة والإحسان ورغد العيش، حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ بأن ينتقلوا من الإيمان إلى الكفر ومن الطاعة إلى المعصية، أو من شكر نعم الله إلى البطر بها فيسلبهم الله عند ذلك إياها.. وكذلك إذا غير العباد ما بأنفسهم من المعصية، فانتقلوا إلى طاعة الله، غير الله عليهم ما كانوا فيه من الشقاء إلى الخير والسرور والغبطة والرحمة. انتهى.
فبدون تنمية الذات، لن تستطيع إكتشاف قدراتك ومواهبك وإمكانياتك والفرص المناسبة المتاحة أمامك أو التي يجب أن تصنعها بنفسك. فهى تلك الإكتشافات المفيدة والخلاقة؛ والتى يمكنها وحدها أن تساعدك للحصول على النمو الشخصي الذي تسعى إليه، والفوز بالحياة التي تتمناها. ابدأ الآن فى خطة تنمية ذاتك: 1- اجعل القراءة عادة يومية في حياتك. 2- إستزد من المعارف في كافة المجالات. 3- قم بحضور الدورات التدريبية فى مجال تخصصك أو في المجال الذى تريد أن تقتحمه. 4- اكتسب قيم راقية وطيبة. 5- صاحب الإيجابين والناجحين، وابتعد عن المتشائمين والمحبطين. 6- ركز على ما تريد فقط لا على مالا تريد. 7- لا تتحدث عن أحلامك وأمانيك إلا بكلمات إيجابية ومشجعة. ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم. 8- حسن من هندامك، ورتب بيتك ودولابك، ونظم كل محيطك. 9- اهتم برؤية الإيجابيات فى مجتمعك؛ وتعامل مع السلبيات بحكمة وتهوين. 10- اجعل لك قدوة صالحة، تقتدي بها. 11- اجعل الإبتسام عادة يومية فى حياتك. ابتسم كل صباح؛ وفى كل وقت. 12- تحلى بأخلاقيات إنسانية نبيلة تليق بك. 13- اترك الماضي خلفك، بالتركيز على التفكير فى أهدافك الحالية وكيفية تحقيقها في الحاضر، وشحن طاقتك الكاملة لبلوغها، فلا يعود لديك وقت للرجوع للخلف والنظر للأمس.
وروى عنه ميمون بن مهران قال: إمساك العصا سنة للأنبياء ، وعلامة للمؤمن. وقال الحسن البصري: فيها ست خصال ؛ سنة للأنبياء ، وزينة الصلحاء ، وسلاح على الأعداء ، وعون للضعفاء ، وغم المنافقين ، وزيادة في الطاعات. وما تلك بيمينك ياموسى قال هي عصاي. ويقال: إذا كان مع المؤمن العصا يهرب منه الشيطان ، ويخشع منه المنافق والفاجر ، وتكون قبلته إذا صلى ، وقوة إذا أعيا. ولقي الحجاج أعرابيا فقال: من أين أقبلت يا أعرابي ؟ قال: من البادية. قال: وما في يدك ؟ قال: عصاي أركزها لصلاتي ، وأعدها لعداتي ، وأسوق بها دابتي ، وأقوى بها على سفري ، وأعتمد بها في مشيتي لتتسع خطوتي ، وأثب بها النهر ، وتؤمنني من العثر ، وألقي عليها كسائي فيقيني الحر ، ويدفئني من القر ، وتدني إلي ما بعد مني ، وهي محمل سفرتي ، وعلاقة إداوتي ، أعصي بها عند الضراب ، وأقرع بها الأبواب ، وأتقي بها عقور الكلاب ؛ وتنوب عن الرمح في الطعان ؛ وعن السيف عند منازلة الأقران ؛ ورثتها عن أبي ، وأورثها بعدي ابني ، وأهش بها على غنمي ، ولي فيها مآرب أخرى ، كثيرة لا تحصى. قلت: منافع العصا كثيرة ، ولها مدخل في مواضع من الشريعة: منها أنها تتخذ قبلة في الصحراء ؛ وقد كان للنبي - عليه الصلاة والسلام - عنزة تركز له فيصلي إليها ، وكان إذا خرج يوم العيد أمر بالحربة ، فتوضع بين يديه فيصلي إليها ؛ وذلك ثابت في الصحيح.
إسلام ويب - تفسير الطبري - تفسير سورة طه - القول في تأويل قوله تعالى "قال هي عصاي أتوكأ عليها "- الجزء رقم18
وقد روى الإمام أحمد أنه عليه السلام بعد أن ناداه ربه سبحانه وتحقق أنه جل وعلا هو المنادي قال سبحانه له: ادن مني فجمع يديه في العصا ثم تحامل حتى استقل قائما فرعدت فرائصه حتى اختلفت واضطربت رجلاه وانقطع لسانه وانكسر قلبه، ولم يبق منه عظم يحمل آخر، فهو بمنزلة الميت إلا أن روح الحياة تجري فيه، ثم زحف وهو مرعوب حتى وقف قريبا من الشجرة التي نودي منها، فقال له الرب تبارك وتعالى: ما تلك بيمينك يا موسى؟
فقال ما قص عز وجل ، وقيل: لعل تقديم التوكؤ عليها لأنه الأوفق للسؤال بما تلك بيمينك ، ثم إنه عليه السلام أجمل أوصافها في قوله ولي فيها مآرب أخرى أي: حاجات أخر ومفرده مأربة مثلثة الراء. وعومل في الوصف معاملة مفردة فلم يقل أخر وذلك جائز في غير الفواصل وفيها كما هنا أجوز وأحسن. [ ص: 176] ونقل الأهوازي في كتاب الإقناع عن الزهري ، وشيبة أنهما قرآ ( مآرب) بغير همز وكأنه يعني بغير همز محقق ، ومحصله أنهما سهلا الهمزة بين بين ، وقد روى الإمام أحمد وغيره عن وهب في تعيين هذه المآرب أنه كان لها شعبتان ومحجن تحتهما فإذا طال الغصن حناه بالمحجن وإذا أراد كسره لواه بالشعبتين، وكان إذا شاء عليه السلام ألقاها على عاتقه فعلق بها قوسه وكنانته ومخلاته وثوبه وزادا إن كان معه، وكان إذا رتع في البرية حيث لا ظل له ركزها ثم عرض بالزندين الزند الأعلى والزند السفلي على شعبتيها وألقى فوقها كساءه فاستظل بها ما كان مرتعا ، وكان إذا ورد ماء يقصر عنه رشاؤه وصل بها ، وكان يقاتل بها السباع عن غنمه.
قال بن دريد - رحمه الله - إنما سميت العصا عصا لصلابتها مأخوذة من قولهم: عص الشيء وعَصَا وعَسَا إذا صلب. والعصا عود من الخشب يتوكأ عليها وَيهشُ بها على الغنم، ولها فوائد أخرى، كما قال نبي الله موسى ( وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى) (طـه: 17) وردت كلمة العصا في القرآن في 12 آية وأتت مرة واحدة بلفظ (منسأته). والعصا مثل يضرب للجماعة يقال: ((شق فلان عصا المسلمين: إذا خالف ألفتهم، وفرق جماعتهم)). ويقال إياك (وقتيل العصا) يريد، إياك وأن تكون القتيل في الفتنة التي تفارق فيها الجماعة، والعصا، اسم للجماعة، وقال الشاعر:
فالله شعبا طية صدعا العصا***هي اليوم شتى وهي أمس جميع
وألقى الرجل عصاه إذا اطمأنَّ مكانه. وتقول العرب: العَصَا من العُصَيَّة، ولا تلد الحيَّةَ إلا حَيَّةٌ: تريد أن الأمر الكبير يحدث عن الأمر الصغير. قال هي عصاي أتوكأ عليها. والمِحْجَنة والمِحْجَن: هي العصا المعوجة وفي الحديث المرفوع أنه طَافَ رَسُول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ حَوْلَ الْكَعْبَةِ عَلَى بَعِيرٍ يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ بِمِحْجَنِهِ.