فكانت التهلكة الإقامة على الأموال وإصلاحها وتركنا الغزو ، فما زال أبو أيوب شاخصا في سبيل الله حتى دفن بأرض الروم. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب صحيح. وقال حذيفة بن اليمان وابن عباس وعكرمة وعطاء ومجاهد وجمهور الناس: المعنى لا تلقوا بأيديكم بأن تتركوا النفقة في سبيل الله وتخافوا العيلة ، فيقول الرجل: ليس عندي ما أنفقه ، وإلى هذا المعنى ذهب البخاري إذ لم يذكر غيره ، والله أعلم. قال ابن عباس: أنفق في سبيل الله ، وإن لم يكن لك إلا سهم أو مشقص ، ولا يقولن أحدكم: لا أجد شيئا ، ونحوه عن السدي: أنفق ولو عقالا ، ولا تلقي بيدك إلى التهلكة فتقول: ليس عندي شيء ، وقول ثالث قاله ابن عباس ، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أمر الناس بالخروج إلى الجهاد قام إليه أناس من الأعراب حاضرين بالمدينة فقالوا: بماذا نتجهز! تفسير الآية ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة - إسلام ويب - مركز الفتوى. فوالله ما لنا زاد ولا يطعمنا أحد ، فنزل قوله تعالى: وأنفقوا في سبيل الله يعني تصدقوا يا أهل الميسرة في سبيل الله ، يعني في طاعة الله. ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة يعني ولا تمسكوا بأيديكم عن الصدقة فتهلكوا ، وهكذا قال مقاتل ، ومعنى ابن عباس: ولا تمسكوا عن الصدقة فتهلكوا ، أي لا تمسكوا عن النفقة على الضعفاء ، فإنهم إذا تخلفوا عنكم غلبكم العدو فتهلكوا ، وقول رابع - قيل للبراء بن عازب في هذه الآية: أهو الرجل يحمل على الكتيبة ؟ فقال لا ، ولكنه الرجل يصيب الذنب فيلقي بيديه ويقول: قد بالغت في المعاصي ولا فائدة في التوبة ، فييأس من الله فينهمك بعد ذلك في المعاصي ، فالهلاك: اليأس من الله ، وقال عبيدة السلماني.
- تفسير الآية ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة - إسلام ويب - مركز الفتوى
- القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة القلم - الآية 11
- معنى الوعيد في "لا يدخل الجنة نمام" ونحوه
تفسير الآية ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة - إسلام ويب - مركز الفتوى
وقد روى عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أفضل الشهداء حمزة بن عبد المطلب ورجل تكلم بكلمة حق عند سلطان جائر فقتله ، وسيأتي القول في هذا في [ آل عمران] إن شاء تعالى. الثالثة: قوله تعالى: وأحسنوا أي في الإنفاق في الطاعة ، وأحسنوا الظن بالله في إخلافه عليكم ، وقيل: أحسنوا في أعمالكم بامتثال الطاعات ، روي ذلك عن بعض الصحابة.
وبهذا يتبين أنه ليس بين الجوابين السابقين في موقعنا تناقض ، فالذي جاء في جواب
السؤال رقم: ( 46807) ، بيان
لسبب نزول هذه الآية وسياقها. والذي جاء في جواب السؤال رقم: ( 21589)
هو الاستدلال بعموم لفظ الآية ، وبيان أنه لا يجوز الإلقاء باليد إلى التهلكة مطلقا
، مهما كان شكل وطريقة هذه التهلكة أو الأذى. والله أعلم.
عَنْ حُذَيْفَةَ – رضي الله عنه – قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَتَّاتٌ. معنى الوعيد في "لا يدخل الجنة نمام" ونحوه. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. – معنى قتَّات: النمّام
وهو ناقل الكلام بين الناس على جهة الإفساد. وفي معنى الحديث يقول الإمام "ابن باز": يتحرى المؤمن الأخلاق الفاضلة فممّا شرعه الله الدعوة إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال، وكان أهل السنة يدعون إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال، كما دعا إليها الشرع المطهر، ومن مساوئ الأخلاق النمامة وصاحبها هو القتّات النمّام، فلا يجوز للمسلم أن يتعاطى النمامة، يقول ﷺ: لا يدخل الجنة قتات، يعني نمام، وقال الله جل وعلا: (وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ * هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ [القلم:10، 11] وفي الحديث يقول ﷺ إنه مر على قبرين يعذبان وما يعذبان في كبير، ثم قال: بلى، أما أحدهما فكان لا يستتر من بوله، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة. مصراوي
القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة القلم - الآية 11
وبمثل هذا قال الشاعر:
لا تقبلن نميمة بلغتها
وتحفَّظن من الذي أنباكها إن الذي أهدى إليك نميمة
سينم عنك بمثلها قد حاكها
الفائدة الثالثة: السبب في انتشار النميمة بين الناس عدة أمور، منها:
أ. إرادة السوء بالمحكي عنه. ب. الحب للمحكي له (وهذا في ظاهر الأمر، وإلا فإن من يحب إنسانًا على الحقيقة فإنه لا ينقل له أمرًا سيئًا). القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة القلم - الآية 11. ج. الفرح بالخوض في فضول الكلام، وقطع الأعمار والأوقات بما تستهويه النفس؛ [انظر: الزواجر لابن حجر (396)]. مستلة من إبهاج المسلم بشرح صحيح مسلم (كتاب الإيمان)
معنى الوعيد في "لا يدخل الجنة نمام" ونحوه
هذا قول أهل السنة والجماعة، خلافًا للخوارج والمعتزلة ومَن سار في ركابهم، فإنهم يقولون: إنه إذا دخل النارَ لا يخرج منها، وتقول الخوارج: إنه كافر، الزاني كافر عندهم، والسارق كافر، والنمام كافر. هذا قولٌ باطلٌ عند أهل السنة والجماعة، ليس بكافرٍ إذا لم يستحلَّها، العاصي ما استحلَّها؛ ليس بكافرٍ، ولكنه تحت مشيئة الله إذا لم يتب عند أهل السنة والجماعة قاطبةً، ولا يخلد في النار إذا دخلها وهو مُوحِّد لم يُشرك، لا يخلد في النار، بل له نهاية، يُخرجه الله من النار إلى الجنة بفضله ورحمته بإجماع أهل السنة والجماعة، خلافًا للخوارج والمعتزلة ومَن سلك مسلكهم من الإباضية وغيرهم ممن سلك مسلك المعتزلة. س: يذكر يا شيخ عن ابن القيم: أن نار العُصاة من المُوحِّدين تفنى؟
الشيخ: هذا صرَّح به في "الوابل"، والله أعلم، لكن على حال الموحد، لا يخلد، له نهاية، سواء فنيت ناره أو ما فنيت ناره، إن فنيت فربُّك على كل شيءٍ قدير، وإن لم تفنَ زِيدت في عذاب الكفار، وأضيفت إلى عذاب الكفار، إن جاء نصٌّ بأنها تفنى، وإلا فالأصل عدم الفناء، لكن إن جاء نصٌّ يدل على أنها تفنى فنعم، وإلا فقول العالم قد يُخطئ ويُصيب، فإن جاء نصٌّ أنها تفنى قلنا به، وإلا فهي تبقى، يخرج منها وتُضاف إلى بقية النار، إلى عذاب الكفَّار -نسأل الله السلامة.
فيذكر -رحمه الله- أن زوجة ذلك الرجل الذي اشتراه بعدما جاء عنده البيت كان زوجها لا يميل إليها وربما رغب عنها، فقال لها ذاك النمام، أو هذا المملوك: تريدين أن يميل إليك وأن تكون محبته لك في قلبه، ولا يقدم عليك في حبه أي شيء من أهله وأولاده؟ قالت: نعم هذا الذي أسعى عليه، قال: ائتيني بشعرات من حلقه، فأنا أصنع لك شيئا أو تِوَلة تحببك من هذا، وهو غافل لا يشعر وهو نائم، قالت: نعم. وهذه المسكينة انخدعت بهذا. بعد ذلك ذهب إلى زوجها، فقال: إن زوجتك قد تمالأت هذه الليلة مع نسوة أنهن سوف يغتالونك ويقتلونك. سمع الكلام لم يصدق ولم يكذب، وقد تمالأت إما هذه الليلة أو التي بعدها، فجاء زوجها هذا بجوارها وجعل يتناوم أمامها، ينظر، زوجته ظنت أنه قد استغرق وقد نام، فجاءت بالموسى لأجل أن تأخذ شعرات بناء على وصية هذا المملوك، وهو يشاهدها وهي لا تشعر، فلما رآها قد جاءت بالموسى قال: جاء الموت صدق ذاك، فأخذها فخنقها فقتلها، ثم جاء أهُلها، فقالوا لأهله سلموه لنا، فامتنعوا فثار الحيان وتقاتلوا. فمفاسد النميمة كثيرة، وهي تفسد بين الدول، تفسد بين القبائل، تفسد ما بين الجيران بل ما بين الوالد وأولاده، والوالدة وأولادها، ولهذا كثير من الناس يُصغي ويسمع، وربما خرَّبت النميمة بيوتا كانت عامرة، وكان فيها شيء من الأنس، لكن جاء إنسان مفسد ويعلم أن فيها شيئا من الخلاف فاستغله.