إعراب الآية 6 من سورة هود - إعراب القرآن الكريم - سورة هود: عدد الآيات 123 - - الصفحة 222 - الجزء 12. (وَما) الواو استئنافية وما نافية (مِنْ) حرف جر زائد (دَابَّةٍ) اسم مجرور لفظا مرفوع محلا مبتدأ (إِلَّا) أداة حصر (عَلَى اللَّهِ) متعلقان بالخبر المحذوف (رِزْقُها) مبتدأ مؤخر والهاء مضاف إليه، والجملة خبر دابة (وَيَعْلَمُ) الواو عاطفة ومضارع وفاعله مستتر والجملة معطوفة (مُسْتَقَرَّها) مفعول به منصوب والهاء مضاف إليه (وَمُسْتَوْدَعَها) معطوفة على مستقرها (كُلٌّ) مبتدأ (فِي كِتابٍ) متعلقان بالخبر المحذوف (مُبِينٍ) صفة لكتاب وجاز الابتداء بالنكرة لأنها تتضمن معنى العموم أي كل ذلك في كتاب. تفسير: (وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين). عطف على جملة: { يعلم ما يُسرّون وما يعلنون} [ هود: 5]. والتقدير: وما من دابّة إلاّ يعلم مُستقرها ومُستودعها ، وإنما نُظم الكلام على هذا الأسلوب تفنناً لإفادة التنصيص على العموم بالنفي المؤكد ب ( من) ، ولإدماج تعميم رزق الله كل دابّة في الأرض في أثناء إفادة عموم علمه بأحوال كل دابة ، فلأجل ذلك أخّرَ الفعل المعطوف لأن في التذكير بأن الله رازق الدواب التي لا حيلة لها في الاكتساب استدلالاً على أنّه عليم بأحوالها ، فإن كونه رازقاً للدواب قضية من الأصول الموضوعة المقبولة عند عموم البشر ، فمن أجل ذلك جعل رزق الله إياها دليلاً على علمه بما تحتاجه.
وما من دابه في الارض ولافي السماء
قوله تعالى: ﴿ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ ﴾روى ابن أبي حاتم بسنده إلى ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: «حشْرها: الموت». القول الثاني: أن حشرها هو بعثها يوم القيامة، كما قال تعالى: ﴿ وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ ﴾ [التكوير:5]
وروى عبدالرزاق بسنده إلى أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال في قوله تعالى: ﴿ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ ﴾ قال: يحشر الله الخلق كلهم يوم القيامة: البهائم والدواب والطير وكل شيء، فيبلغ من عدل الله يومئذ أن يأخذ للجمَّاء من القرناء، قال: ثم يقول: «كوني تراباً، فلذلك يقول الكافر: ﴿ يالَيْتَنِي كُنْتُ تُرَاباً ﴾ [النبأ:40] ». إسلام ويب - تفسير القرطبي - سورة الشورى - قوله تعالى ومن آياته خلق السماوات والأرض وما بث فيهما من دابة - الجزء رقم16. وروى الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي ذر رضي الله عنه أنه قال:«لَقَد تَرَكَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَمَا يَتَقَلَّبُ فِي السَّمَاءِ طَائِرٌ، إلاَّ ذَكَرَ لَنَا مِنهُ عِلماَ». ومن فوائد الآية الكريمة:
أولاً: عدل الله التام بين البهائم والطيور وسائر المخلوقات، وهذا العدل دقيق جداً حتى في مثقال الذرة الذي يحتقره الناس، قال تعالى: ﴿ وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ﴾ [الأنبياء: 47]، وقال تعالى: ﴿ يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ ﴾ [لقمان: 16].
انتهى كلام ابن القيم. خلاصة كلام المفسرين في قوله تعالى: { إلا أمم أمثالكم}
الطيور والدواب مثل بني البشر من حيث أن الله رازقهم، ومحييهم، ومميتهم، ومن حيث الطباع والسلوك والأخلاق، فمن الطيور من خُلُقه السرقة، ومنهم من طبعه الغدر، ومنهم الوفي، ومنهم المسالم، ومنهم الشرس، ومنهم الاستغلالي، ومنهم الوفي لزوجته، ومنهم الخائن لها، ومنهم النشيط ومنهم الكسول، ومنهم النؤوم ومنهم من لا يكاد ينام... الخ. مثال على الغش عند الحيوانات هناك سلوك يسميه العلماء بالتطفل (intrusion)، وهو مثال صارخ عن الغش عند الحيوانات. وما من دابه في الارض ولافي السماء. و(التطفل) كما يُعرِّفه علماء السلوك: هو سلوك تسلكه بعض أنواع من الطيور، حيث تضع بيوضها في أعشاش أنواع أخرى من طيور، ويقوم الزوج المستضيف بحضانة البيوض، وإطعام الفراخ حتى تبلغ مرحلة البلوغ. ومن أشهر الأمثلة على ذلك هو تصرف طائر الوقواق (Common Cuckoo) الرمادي، الذي يتطفل على أعشاش بعض أنواع الطيور. وهناك مثال آخر، هو طائر السنونو ذات الرأس الأسود، والتي تضع بيوضها في أعشاش طيور النورس، وطيور البط، وكذلك يظهر هذا السلوك الطفيلي عند الأسماك، والحشرات. كيفية وضع البيوض في أعشاش الطيور الأخرى إن عملية وضع البيوض في أعشاش الطيور الأخرى تخبرنا أن الطيور التي قامت بذلك هي الأخرى تمت تربيتها بالطريقة نفسها؛ حيث وُضِعَت في أعشاش مضيفة، حتى وصلت إلى سن البلوغ، وقد طورت هذه الطيور أساليب لفعل ذلك؛ حيث غالباً ما تقوم أنثى الطير بهذه العملية في أقصى درجات السرية، وبعد مراقبة شديدة لمجموعة من الأعشاش المستهدفة، ويتدخل الذكر للتمويه، حيث يبدأ بالغناء بالقرب من العش الهدف، لإلهاء أصحاب العش، وتقوم الأنثى بوضع بيضها فيه.