نالت القضيتان السابقتان من المتابعة والنقاش ما لم تنله قضية المطرب الأجنبي الذي كان يغني وسط نسائنا من "بنات الحمايل"، وكانت كل واحدة تحاول أن تحظى بـ "سيلفي" معه، لدرجة أنهن كن يقتربن منه بشكل لا يرضاه شخص في قلبه ذرة من غيرة، المشكلة أن صورهن واضحة في المقطع الذي انتشر. انطلقت فتيات في شارع التحلية في جدة وهن يرتدين بناطيل "الجينز"، ويبتسمن للجمهور الذي كان يحييهن في الشارع، ووجوههن واضحة كذلك. ثم جاء العريس الذي يراقص عروسه التي ترتدي فستانا يكشف أغلب جسدها، وكلاهما معروفان ومن عائلتين أشهر من النار على علم. «إذا كثر الخبث» | صحيفة الاقتصادية. راقبت هذه وتلك وعلمت أن التركيز على الأمور الصغيرة يحرمنا فعلا حماية المجتمع من الكبائر التي تهلك الأمم، حتى وإن كان فيها "صالحون".
- «إذا كثر الخبث» | صحيفة الاقتصادية
«إذا كثر الخبث» | صحيفة الاقتصادية
الحمد لله. أولا:
ظهور الأوبئة العامة ، وإن كان الله تعالى قد رتّبها على أسباب مادية معقولة يدركها المتخصص؛ إلا أن هذا لا ينافي أن يكون الله تعالى قد قدر هذه المصائب ، والأحداث الكونية العامة، بسبب ما أحدث العباد، وما عملوه من معصية الله، والكفر به. فلا تعارض بين السبب المادي الطبيعي، وهو من خلق الله وتقديره وتدبيره، وبين تعلق هذه الأقضية بأعمال العباد، وأحوالهم مع رب العالمين، وهي كذلك: من خلق الله وتدبيره وتقديره. قال الله تعالى: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ الشورى/30. وقال الله تعالى: ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ الروم/41. قال ابن القيم رحمه الله تعالى:
" فاعلم أن الله سبحانه أتقن كل شيء صنعه، وأحسن كل شيء خلقه، فهو عند مبدإ خلقه بريء من الآفات والعلل، تام المنفعة لما هيئ وخلق له، وإنما تعرض له الآفات بعد ذلك بأمور أخر، من مجاورة أو امتزاج واختلاط، أو أسباب أخر تقتضي فساده، فلو ترك على خلقته الأصلية من غير تعلق أسباب الفساد به، لم يفسد.
وكذا حسّنه محققو "سنن ابن ماجة- طبعة الرسالة" (5 / 150). ومعنى الحديث له شواهد من الوحي؛ كقوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ الرعد/11. قال الإمام الطبري رحمه الله تعالى:
" يقول تعالى ذكره: ( إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ) من عافية ونعمة، فيزيل ذلك عنهم ، ويهلكهم ( حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ) من ذلك، بظلم بعضهم بعضا، واعتداء بعضهم على بعض، فَتَحلَّ بهم حينئذ عقوبته وتغييره " انتهى من "تفسير الطبري" (13 / 471). وقال الشيخ المفسر محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى:
" بين تعالى في هذه الآية الكريمة: أنه لا يغير ما بقوم من النعمة والعافية حتى يغيروا ما بأنفسهم من طاعة الله جل وعلا. والمعنى: أنه لا يسلب قوما نعمة أنعمها عليهم ، حتى يغيروا ما كانوا عليه من الطاعة والعمل الصالح، وبين هذا المعنى في مواضع أخر، كقوله: ( ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ) الآية، وقوله: ( وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ)... " انتهى من"أضواء البيان" (3 / 115).