حديث شريف
شرح كتاب التوحيد للهيميد
قوله تعالى: ﴿ ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله ﴾ ---------------- ﴿ ومن الناس... ﴾ قال ابن كثير: " يذكر تعالى حال المشركين به في الدنيا ، وما لهم في الآخرة من العذاب والنكال ، حيث جعلوا لله نداً ، أي: أمثالاً ونظراء ، يحبونهم ويعبدونهم معه ، وهو الله الذي لا إله إلا هو ، ولا ضد له ولا ند له ولا شريك معه. ﴿ يحبونهم كحب الله ﴾ قال شيخ الإسلام في الفتاوى ( 7/187 ، 188): " ﴿ ومن الناس من يتخذ من دون الله... ﴾ فوصف الله الذين آمنوا بأنهم أشد حباً له من المشركين لأندادهم ، وفي الآية قولان: القول الأول: قيل يحبونهم كحب المؤمنين لله والذين آمنوا أشد حباً لله منهم لأوثانهم. إسلام ويب - تفسير القرطبي - سورة البقرة - قوله تعالى ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله - الجزء رقم1. القول الثاني: قيل يحبونهم كحب الله ، والذين آمنوا أشـد حباً لله منهم ، وهــــذا هـو الصـــــواب ، والأول قولُ متناقض باطل ". أ. ﻫ
وقوله تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ﴾.
الدرس الثاني والستون باب قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً لِّلّهِ ….} – جمعية الكتاب والسنة الخيرية بالسودان
تفسير القرآن الكريم
إسلام ويب - تفسير القرطبي - سورة البقرة - قوله تعالى ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله - الجزء رقم1
واعلم أن المراد إنكار محبتهم الأنداد من أصلها لا إنكار تسويتها بحب الله تعالى ، وإنما قيدت بمماثلة محبة الله لتشويهها وللنداء على انحطاط عقول أصحابها ، وفيه إيقاظ لعيون معظم المشركين وهم الذين زعموا أن الأصنام شفعاء لهم كما كثرت حكاية ذلك عنهم في القرآن ، فنبهوا إلى أنهم سووا بين محبة التابع ومحبة المتبوع ، ومحبة المخلوق ومحبة الخالق لعلهم يستفيقون فإذا ذهبوا يبحثون عما تستحقه الأصنام من المحبة وتطلبوا أسباب المحبة وجدوها مفقودة كما قال إبراهيم عليه السلام يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا مع ما في هذا الحال من زيادة موجب الإنكار. [ ص: 92] وقوله والذين آمنوا أشد حبا لله أي أشد حبا لله من محبة أصحاب الأنداد أندادهم ، على ما بلغوا من التصلب فيها ، ومن محبة بعضهم لله ممن يعترف بالله مع الأنداد ، لأن محبة جميع هؤلاء المحبين وإن بلغوا ما بلغوا من التصلب في محبوبيهم لما كانت محبة مجردة عن الحجة لا تبلغ مبلغ أصحاب الاعتقاد الصميم المعضود بالبرهان ، ولأن إيمانهم بهم لأغراض عاجلة كقضاء الحاجات ودفع الملمات ، بخلاف حب المؤمنين لله فإنه حب لذاته وكونه أهلا للحب ، ثم يتبع ذلك أغراض أعظمها الأغراض الآجلة لرفع الدرجات وتزكية النفس.
وهؤلاء الذين يتخذون الأنداد مع الله، لا يسوونهم بالله في الخلق والرزق والتدبير، وإنما يسوونهم به في العبادة، فيعبدونهم ليقربوهم إليه، وفي قوله: " اتخذوا " دليل على أنه ليس لله ند وإنما المشركون جعلوا بعض المخلوقات أندادا له تسمية مجردة ولفظا فارغا من المعنى، كما قال تعالى: وجعلوا لله شركاء قل سموهم أم تنبئونه بما لا يعلم في الأرض أم بظاهر من القول.