انفرد به البخاري من هذا الوجه ، ولكن له شواهد من طرق أخر. قال الإمام أحمد: حدثنا هاشم بن القاسم ، حدثنا سليمان بن المغيرة ، عن ثابت قال: قال أنس: عمي أنس بن النضر سميت به ، لم يشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر ، فشق عليه وقال: أول مشهد شهده رسول الله صلى الله عليه وسلم غيبت عنه ، لئن أراني الله مشهدا فيما بعد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليرين الله ما أصنع. قال: فهاب أن يقول غيرها ، فشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم [ يوم] أحد ، فاستقبل سعد بن معاذ فقال له أنس يا أبا عمرو ، أبن. صدقوا ما عاهدوا الله عليه | رابطة خطباء الشام. واها لريح الجنة أجده دون أحد ، قال: فقاتلهم حتى قتل قال: فوجد في جسده بضع وثمانون من ضربة وطعنة ورمية ، فقالت أخته - عمتي الربيع ابنة النضر -: فما عرفت أخي إلا ببنانه. قال: فنزلت هذه الآية: ( رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا). قال: فكانوا يرون أنها نزلت فيه ، وفي أصحابه. ورواه مسلم والترمذي والنسائي ، من حديث سليمان بن المغيرة ، به. ورواه النسائي أيضا وابن جرير ، من حديث حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس ، به نحوه. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن سنان ، حدثنا يزيد بن هارون ، حدثنا حميد ، عن أنس أن عمه - يعني: أنس بن النضر - غاب عن قتال بدر ، فقال: غيبت عن أول قتال قاتله رسول الله صلى الله عليه وسلم المشركين ، لئن الله أشهدني قتالا للمشركين ، ليرين الله ما أصنع.
قوله تعالى: (من المؤمنين رجالٌ صدقوا ما عاهدوا اللّه عليه...)
[2] أخرجه البخاري (2805) في الجهاد، ومسلم (1903) في الإمارة. [3] واهًا: كلمة تدل على الإعجاب، أو التلهُّف، كأنه يُعجب بريح الجنة، وقد تمثَّلها أو أكرمه الله بشذاها، والنضر: يجوز أن يكون ابنه الصغير الذي تركه في رعاية الله مؤثِرًا عليه الجهاد في سبيله، وأن يكون أباه الذي كان يَبَره ويُكرِمه (طه). [4] وما أجمل تعبيره في جانب الأولياء (بالاعتذار)، وفي جانب الأعداء (بالتبرؤ)! معنى في آية.. من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه - بوابة الأهرام. وأنه كان غير راضٍ عن صنيع الفريقين جميعًا (طه).
معنى في آية.. من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه - بوابة الأهرام
معركةُ الحقِ والباطل مستمرةٌ حتى قيامِ الساعة، وفي هذه المعركة تُكتشف معادنُ الرجالِ من أشباه الرّجال. أخبرنا الله تعالى عن المؤمنين الصادقين الذين استمروا على العهد والميثاق مع الله تعالى، وما غيّروا هذا العهد ولا نقضوه ولا بدّلوه، وذلك مصداقاً لقوله تعالى: { مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب: 23]. من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه. وقد ذكر بعض المفسّرين أنّ كلمةَ: { رِجَالٌ صَدَقُوا} تدلُّ على أنّ المقامَ مقامُ جِدٍ وثباتٍ على الحق، وقلوبٍ رسخ فيها الإيمانُ رسوخَ الجبال، وهؤلاء الرجال وفّوا بالعهد الذي قطعوه أمام الله على أنفسهم بأن يبلوا في سبيل نصرة الإسلام حتى يصيبوا إحدى الحسنيين: الشهادة أو النصر. فالعهدُ هنا كما هو واضحٌ عدمُ الفرارِ من الزحف والقتال، والآيةُ الكريمةُ تمتدح قلّةً قليلةً من المؤمنين الصادقين قد ثبتت في الحرب مع الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم، بعد أن سبقتها آيةٌ توبّخُ وتستنكرُ فرارَ المنافقين وضعيفي الإيمان حينما خافوا الموتَ والقتلَ، فالآيتان توضحان أنّ الكثيرَ ممن عاهدوا لم يصدّقوا عهدَهم مع الله ورسوله؛ والقلةُ القليلةُ جاءت الآيةُ الثانيةُ لتثني عليهم وتشكرَ صدقَهم وتميِّزَهم عما سواهم من السواد الأعظم الذين فرّوا وتولّوا وتركوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الأعداء من الكفار.
صدقوا ما عاهدوا الله عليه | رابطة خطباء الشام
ونحن إذ نستذكر صور الثبات والصمود، وتمر بأذهاننا أطيافُ أولئك النفر الذين صدقوا فبذلوا النفسَ ولم يبدّلوا ولم يتردّدوا أو يتشككوا... إذْ نستذكر هؤلاء فإننا اليوم نستذكرُ أبطالنا المرابطين في غوطة دمشق فسطاط المسلمين، ذلك الثباتُ من ثلةٍ من المجاهدين تقف في وجهِ دولٍ وامبراطوريات، تقاوم أعتى وأحدثَ الأسلحةِ على وجه الأرض، ثباتٌ في هذا العصر عزّ نظيرُه، بل ولا في عصورٍ قريبةٍ منه تجدُ مثلَه، إنّ مثلَ هذا الثبات الأسطوري، الذي يذكّرنا بالخندق وأُحُدٍ وبدر... هذا الثبات بحدّ ذاتِه بشرى بالنصر، فإنه ليس بعدَ مثلِ هذا الثبات سوى النصر بإذن الله. ومن المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه. فثِقوا بالله أيها المرابطون المجاهدون اليوم في غوطة دمشق، فإنّ ثباتَكم هذا الذي زلزل العالمَ وأدهشه، وقوّض مضاجعَ قوى الشر العالمية؛ ثباتُكم هذا هو من الله، وما أعانكم الله عليه إلا لعقبى من النصر والظفر يريدها لكم، فاستعينوا بالله، وماالصبر إلا من الله { واصبرْ وما صبرُك إلا بالله ولا تحزنْ عليهم ولا تكُ في ضَيقٍ مما يمكُرون} [النحل:127].
قال تعالى: { مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [سورة الاحزاب: [23]]. بل الأعظم من ذلك وزن الرجال فهناك رجال لا يساوي أن يقال عنه رجل ورجل يساوي رجل ورجل يساوي ألف ومن هؤلاء الزبير بن العوام والمقداد بن الأسود وعبادة بن الصامت ومسلمة بن مخلد. وهؤلاء الذين أرسلهم عمر رضي الله عنه إلى عمرو بن العاص مدداً لفتح مصر لما أبطأ عليه الفتح؛ (كما في كنز العمال وغيره). قال عمر رضي الله عنه: إني قد أمددتك بأربعة آلاف رجل، على كل ألف رجل منهم مقام الألف. قوله تعالى: (من المؤمنين رجالٌ صدقوا ما عاهدوا اللّه عليه...). النماذج كثيرة وعظيمة للوصول الي رضاء الله تعالى وإلي أعلي الدرجات لا يشترط سبق هجرة في التوبة ولا يشترط سن صغير أو كبير تحتاج قلوب صافية صادقة لله تعالى. هل تستطيع أن تكون من الرجال الذين صدقوا مع الله تعالى ؟ هل تستطيع أن تكون سبب لنصر الاسلام ؟ هل تستطيع أن تكون رجل بألف ؟ هل تستطيعي أن تكوني مثل أمنا سمية ؟!! ماذا تستطيعوا أن تفعلوا لنصرة دين الله تعالى ؟! لحظة صدق مع النفس ونقوم بوضع نقطة ومن أول السطر لنعود لله تعالى بصدق.