السؤال:
ما معنى قوله تعالى: {ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب} ص: 34 وما نوع الجسد المذكور، وما سبب فتنة سليمان به؟
الجواب من خواطر الشيخ محمد متولى الشعرواى حول تفسير هذه الآية ؟
الفتنة معناها الاختبار، والفتنة في ذاتها ليست مكروهة، إنما المكروه أنْ تُخفق فيها وتفشل في خوضها، فماذا عليم لو فتناك. يعني: اختبرناك ونجحتَ في الاختبار؟ وأصل الفتنة من فتنة الذهب لتنقيته، فالذهب منه المخلوط بمواد أخرى، ونريده ذهباً إبريزاً صافياً فماذا نفعل؟ نصهر الذهب في النار ليخرج منه الخبث إلى أن يصير خالصاً نقياً، كذلك تفعل الفتنة بالناس تمحِّصهم لتبين الجيد من الرديء. وقد فتن الله سليمان كما فتن من قَبْل أباه داود – عليهما السلام – في مسألة المحراب. ومعنى: { وَأَلْقَيْنَا عَلَىٰ كُرْسِيِّهِ جَسَداً.. } [ص: 34] الكرسي هو العرش الذي يجلس عليه الملك، والجسد هو قالب الكائن الحي. حقيقة الجسد الذي القي على كرسي النبي سليمان عليه السلام. ويقال لهذا القالب (جسد) إذا كان خالياً من الروح، وللمفسرين في هذه الآية عدة أقوال:
قالوا: إن سيدنا داود كان له ولد آخر غير سليمان، إلا أنه كان ولداً فاسداً مثل ولد نوح، فاحتال هذا الولدُ وقام بانقلاب على سليمان، حتى أخذ المُلْكَ منه، وظل مَلِكاً مدة طويلة، فلما أراد الحق سبحانه أنْ يعيد سليمان إلى مُلْكه ألقى هذا الولد الفَاسِد على كرسي عرشه جسداً هامداً لا حركة فيه، يعني: بعد أنْ كان مَلِكاً مُطاعاً مُسيطراً صار لا يسيطر حتى على نفسه وجوارحه.
تفسير قوله تعالى: &Quot;ولقد فَتَنَّا سليمانَ وألقَيْنا على كُرسيِّه جسدًا ثم أناب&Quot; - الشيخ صالح المغامسي - Youtube
ولقد فتنا سليمان ج1 06 02 2013م. الشيخ بسام جرار - YouTube
* * *
وقوله ﴿ثُمَّ أَنَابَ﴾
سليمان، فرجع إلى ملكه من بعد ما زال عنه ملكه فذهب. ⁕ حُدثت عن المحاربي، عن عبد الرحمن، عن جُوَيبر، عن الضحاك، في قوله ﴿ثُمَّ أَنَابَ﴾ قال: دخل سليمان على امرأة تبيع السمك، فاشترى منها سمكة، فشقّ بطنها، فوجد خاتمه، فجعل لا يمر على شجر ولا حجر ولا شيء إلا سجد له، حتى أتى مُلكه وأهله، فذلك قوله؛ ﴿ثُمَّ أَنَابَ﴾ يقول: ثم رجع. ⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ﴿ثُمَّ أَنَابَ﴾ وأقبل، يعني سليمان. قوله ﴿قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لا يَنْبَغِي لأحَدٍ مِنْ بَعْدِي﴾
يقول تعالى ذكره: قال سليمان راغبا إلى ربه: ربّ استر عليّ ذنبي الذي أذنبت بيني وبينك، فلا تعاقبني به ﴿وَهَبْ لِي مُلْكًا لا يَنْبَغِي لأحَدٍ مِنْ بَعْدِي﴾ لا يسلبنيه أحدكما كما سلبنيه قبل هذه الشيطان. تفسير قوله تعالى: "ولقد فَتَنَّا سليمانَ وألقَيْنا على كُرسيِّه جسدًا ثم أناب" - الشيخ صالح المغامسي - YouTube. ⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ﴿قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لا يَنْبَغِي لأحَدٍ مِنْ بَعْدِي﴾ يقول: ملكا لا أسلَبه كما سُلبتُه. وكان بعض أهل العربية يوجه معنى قوله ﴿لا يَنْبَغِي لأحَدٍ مِنْ بَعْدِي﴾ إلى: أن لا يكون لأحد من بعدي، كما قال ابن أحمر:
ما أُمُّ غُفْرٍ على دعْجَاءَ ذي عَلَقٍ... يَنْفي القَراميدَ عنها الأعْصَمُ الوَقِلُ
في رأْسِ حَلْقاءَ مِن عَنقاءَ مُشْرِفةً... لا يَنْبَغي دُونها سَهْل وَلا جَبَل [[البيتان لابن أحمر الباهلي.
حقيقة الجسد الذي القي على كرسي النبي سليمان عليه السلام
حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله ( عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا) قال: شيطانا يقال له آصف, فقال له سليمان: كيف تفتنون الناس؟ قال: أرني خاتمك أخبرك. فلما أعطاه إياه نبذه آصف في البحر, فساح سليمان وذهب مُلكه, وقعد آصف على كرسيه, ومنعه الله نساء سليمان, فلم يقربهنّ, وأنكرنه; قال: فكان سليمان يستطعم فيقول: أتعرفوني أطعموني أنا سليمان, فيكذّبونه, حتى أعطته امرأة يوما حوتا يطيب بطنه, فوجد خاتمه في بطنه, فرجع إليه مُلكه, وفر آصف فدخل البحر فارّا. حدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد بنحوه, غير أنه قال في حديثه: فيقول: لو تعرفوني أطعمتموني.
حال المؤمن الصالح الرجاع إلى الحق المسارع في التوبة ، يحسن الله إليه في الدنيا والآخرة. { وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ}: اختبر الله تعالى رسوله ثم عاقبه بزوال ملكه فما عاد و أناب أزال عنه الضر و أبدله ملكاً مضاعفاً لم يؤته الله أحداً من قبله. ولقد فتنا سليمان والقينا على كرسيه جسدا. سخر له الريح و سخر له الجن و أعطاه كنوز الأرض. والأفضل من كل هذا وعد الله لنبيه بحسن المآب في الآخرة. وهذا حال المؤمن الصالح الرجاع إلى الحق المسارع في التوبة ، يحسن الله إليه في الدنيا والآخرة. قال تعالى: { وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ * قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ * فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ * وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ * وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ * هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ * وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ} [ص 34 – 40]. قال السعدي في تفسيره: { وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ} أي: ابتليناه واختبرناه بذهاب ملكه وانفصاله عنه بسبب خلل اقتضته الطبيعة البشرية، { وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا} أي: شيطانا قضى اللّه وقدر أن يجلس على كرسي ملكه، ويتصرف في الملك في مدة فتنة سليمان، { ثُمَّ أَنَابَ} سليمان إلى اللّه تعالى وتاب.
ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسداً ثم أناب - مع القرآن - أبو الهيثم محمد درويش - طريق الإسلام
قال: وكان لسليمان - عليه السلام - مائة امرأة وكانت امرأة منهن يقال لها: " جرادة " ، وهي آثر نسائه وآمنهن عنده وكان إذا أجنب أو أتى حاجة نزع خاتمه ولم يأتمن عليه أحدا من الناس غيرها فأعطاها يوما خاتمه ودخل الخلاء فخرج الشيطان في صورته فقال: هاتي الخاتم. فأعطته فجاء حتى جلس على مجلس سليمان وخرج سليمان بعد ذلك فسألها أن تعطيه خاتمه ، فقالت: ألم تأخذه قبل ؟ قال: لا. وخرج مكانه تائها. قال: ومكث الشيطان يحكم بين الناس أربعين يوما ، قال: فأنكر الناس أحكامه فاجتمع قراء بني إسرائيل وعلماؤهم فجاءوا حتى دخلوا على نسائه فقالوا: إنا قد أنكرنا هذا فإن كان سليمان فقد ذهب عقله وأنكرنا أحكامه. قال: فبكى النساء عند ذلك قال: فأقبلوا يمشون حتى أتوا فأحدقوا به ثم نشروا التوراة فقرءوا. قال: فطار من بين أيديهم حتى وقع على شرفة والخاتم معه. ثم طار حتى ذهب إلى البحر فوقع الخاتم منه في البحر فابتلعه حوت من حيتان البحر. قال: وأقبل سليمان في حاله التي كان فيها حتى انتهى إلى صياد من صيادي البحر وهو جائع وقد اشتد جوعه. فاستطعمهم من صيدهم وقال: إني أنا سليمان. فقام إليه بعضهم فضربه بعصا فشجه فجعل يغسل دمه وهو على شاطئ البحر فلام الصيادون صاحبهم الذي ضربه فقالوا بئس ما صنعت حيث ضربته.
تفسير قوله تعالى: "ولقد فَتَنَّا سليمانَ وألقَيْنا على كُرسيِّه جسدًا ثم أناب" - الشيخ صالح المغامسي - YouTube