تاريخ النشر: الخميس 7 شوال 1420 هـ - 13-1-2000 م
التقييم:
رقم الفتوى: 3990
5889
0
247
السؤال
قال تعالى (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا. إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أوكلاهما) [الإسراء: 23] إلىآخر الآية. هل الأوامر الربانيه في الآيه مقتصرة على بلوغهما العجز والكبر أم يجب الإحسان إليها في جميع مراحل عمرهما؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فلا يختص الأمر ببر الوالدين والإحسان إليهما وخفض الجناح لهما والنهي عن الإساءة إليهما بجميع أشكالها. أقول: لا يختص ذلك كله بمرحلة معينة من عمر الوالدين وبحالة من أحوالهما، بل إن الولد مخاطب بتلك الأوامر والنواهي، بمجرد ما يتوجه إليه الخطاب الشرعي. وإنما خص الله تعالى مرحلة الكبر لأن كثيراً ممن لا يخافون الله تعالى ولا يتقونه، ليست عندهم روح رد الجميل، ومكافأة الحسنة بالحسنة، ويفرطون في حق آبائهم في هذه المرحلة الحرجة من أعمارهم، ويتملصون من حقوقهم بأي طريقة، ومع ذلك فلا شك أن الأجر في بر الوالد المتقدم في السن أعظم من الأجر في بر الوالد الذي مازال قادراً على أكثر أموره، فالوالد الكبير سريع التضجر، قليل التحمل يحتاج بره إلى كثير من العناية والجهد، فلذلك صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (رغم أنف رجل بلغ والداه عنده الكبر أوأحدهما، فلم يدخلاه الجنة) رواه الترمذي وقال حسن صحيح.
وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا تفسير الاحلام
وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا..
ــــــــــــــــــــــــــ
حل المشكلة هو حل المشكلة سواء مع الآخرين أو مع الوالدين. الفرق يكمن في العلبة. نقدم لهما نفس الحلول التي نعرفها لكن في علبة فاخرة. هذا هو كل شيء. لأن الوالدين لا يختلفان عن بقية البشر، هم مجرد بشر عاديين جدا وبما أن لهما مكانة عندك فأنت تحسن إليهما بتقديم الشيء بطريقة أفضل. هي عملية تغليف رائعة نوصل من خلالها كل الأفكار. عندما يتحول الإحسان إلى تقديس يصبح حالنا كمن يأتي لأحد والديه بفاكهة ويقطعها له ثم يقدمها على طبق من فضة لكنه بينه وبين نفسه يشعر بأنه مقصر لأن والده سوف يضطر إلى مد يده للطبق وأخذ الفاكهة والأدهى من ذلك أنه سيضطر إلى مضغها وبلعها كبقية البشر. دعني أعطيك الحقيقة من الآخر. أنت لا تقدس والديك ولا تحترمهما أساسا فأنت في الداخل تحتقر ما يقومان به نحوك من إذلال بل وتحتقرهما هما أيضا لأنهما لا يشعران بك. كل ما في الأمر أنك لا تريد القيام بدورك في حياتهما ولا تريد تحمل مسؤلية إصلاحهما. تعتقد بأن وجودك في عالمهما عبث. أنت موجود في هذة الحياة لتقوم بدورك في جميع مراحل حياتك وأحد واجباتك هو إصلاح والديك عن طريق إظهار شخصيتك والتعبير عن إستقلاليتك وهذا وحده كفيل بأن يصلحهما لأنهما سيتعلمان فك الإرتباط بك بطريقة عملية عندما تبني شخصية قوية متوازنة تقدمها لهما في علبة فاخرة.
وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا تفسير سوره
و ( أنْ) يجوز أن تكون تفسيرية لما في ( قضى) من معنى القول. ويجوز أن تكون مصدرية مجرورة بباء جر مقدرة ، أي قضى بأن لا تعبدوا. وابتدىء هذا التشريع بذكر أصل التشريعة كلها وهو توحيد الله ، فذلك تمهيد لما سيذكر بعده من الأحكام. وجيء بخطاب الجماعة في قوله: { ألا تعبدوا إلا إياه} لأن النهي يتعلق بجميع الناس وهو تعريض بالمشركين. والخطاب في قوله: { ربك} للنبيء صلى الله عليه وسلم كالذي في قوله قبل: { من عطاء ربك} [ الإسراء: 20] ، والقرينة ظاهرة. ويجوز أن يكون لغير معين فيعم الأمة والمآل واحد. وابتدىء التشريع بالنهي عن عبادة غير الله لأن ذلك هو أصل الإصلاح ، لأن إصلاح التفكير مقدم على إصلاح العمل ، إذ لا يشاق العقل إلى طلب الصالحات إلا إذا كان صالحاً. وفي الحديث: « ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب » وقد فصلت ذلك في كتابي المسمى { أصول النظام الاجتماعي في الإسلام}. هذا أصل ثاننٍ من أصول الشريعة وهو بر الوالدين. وانتصب { إحساناً} على المفعولية المطلقة مصدر نائباً عن فعله. والتقدير: وأحسنوا إحساناً بالوالدين كما يقتضيه العطف على { ألا تعبدوا إلا إياه} أي وقضى إحساناً بالوالدين.
وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا تفسير 1
وأكد فعل الشرط بنون التوكيد لتحقيق الربط بين مضمون الجواب ومضمون الشرط في الوجود. وقرأ الجمهور { إما يبلغن} على أن { أحدهما} فاعل { يبلغن} فلا تلحق الفعل علامة لأنّ فاعله اسم ظاهر. وقرأ حمزة والكسائي وخلف { يبلغان} بألف التثنية ونون مشددة والضمير فاعل عائد إلى الوالدين في قوله: { وبالوالدين إحساناً} ، فيكون { أحدهما أو كلاهما} بدلاً من ألف المثنى تنبيهاً على أنه ليس الحكم لاجتماعهما فقط بل هو للحالتين على التوزيع. والخطاب ب { عندك} لكل من يصلح لسماع الكلام فيعم كل مخاطب بقرينة سبق قوله: { ألا تعبدوا إلا إياه} ، وقوله اللاحق { ربكم أعلم بما في نفوسكم} [ الإسراء: 25]. { أف} اسم فعل مضارع معناه أتضخر. وفيه لغات كثيرة أشهرها كلها ضم الهمزة وتشديد الفاء ، والخلاف في حركة الفاء ، فقرأ نافع ، وأبو جعفر ، وحفص عن عاصم بكسر الفاء منونة. وقرأ ابن كثير ، وابن عامر ، ويعقوب بفتح الفاء غيرَ منونة. وقرأ الباقون بكسر الفاء غير منونة. وليس المقصود من النهي عن أن يقول لهما { أف} خاصة ، وإنما المقصود النهي عن الأذى الذي أقله الأذى باللسان بأوْجز كلمة ، وبأنها غير دالة على أكثر من حصُول الضجر لقائلها دون شتم أو ذم ، فيفهم منه النهي مما هو أشد أذى بطريق فحوى الخطاب بالأوْلى.
وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا تفسير الشيخ
{ وبالوالدين} متعلق بقوله؛ { إحساناً} ، والباء فيه للتعدية يقال: أحسن بفلان كما يقال أحسن إليه ، وقد تقدم قوله تعالى: { وقد أحسن بي} في سورة [ يوسف: 100]. وتقديمه على متعلقه للاهتمام به ، والتعريف في الوالدين للاستغراق باعتبار والدي كل مكلف ممن شملهم الجمع في { ألا تعبدوا}. وعطف الأمر بالإحسان إلى الوالدين على ما هو في معنى الأمر بعبادة الله لأن الله هو الخالق فاستحق العبادة لأنه أوجد الناس. ولما جعل الله الأبوين مظهرَ إيجاد الناس أمر بالإحسان إليهما ، فالخالق مستحق العبادة لغناه عن الإحسان ، ولأنها أعظم الشكر على أعظم منة ، ، وسببُ الوجود دون ذلك فهو يستحق الإحسان لا العبادة لأنه محتاج إلى الإحسان دون العبادة ، ولأنه ليس بمُوجد حقيقي ، ولأن الله جبل الوالدين على الشفقة على ولدهما ، فأمر الولد بمجازاة ذلك بالإحسان إلى أبويه كما سيأتي { وقل رب أرحمهما كما ربياني صغيراً}. وشمل الإحسان كل ما يصدق فيه هذا الجنس من الأقوال والأفعال والبذل والمواساة. وجملة { إما يبلغن} بيان لجملة { إحساناً} ، و { إما} مركبة من ( إن) الشرطية و ( ما) الزائدة المهيئة لنون التوكيد ، وحقها أن تكتب بنون بعد الهمزة وبعدها ( ما) ولكنهم راعوا حالة النطق بها مدغمة فرسموها كذلك في المصاحف وتبعها رسم الناس غالباً ، أي إن يبلغ أحدُ الوالدين أو كلاهما حد الكبَر وهما عندك ، أي في كفالتك فَوَطّىء لهما خُلُقك ولين جانبك.
وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا تفسير حلم
ويأمرنا الله تعالى بالدعاء لهما (رب ارحمهما كما ربياني صغيرا) وفيها إشارة أن تربية الأبوين لأبنائهم كافية لأن تدخلهم الجنة. ثم نلاحظ أن في أول الآية ذكر تعالى حال الكِبر (إما يبلغن عندك الكِبر) وفي آخر الآية ذكر الصِغر (كما ربياني صغيرا) وهذا ليشمل جميع المراحل من الصغر إلى الكِبر. اللهم أعنّا أن تكون بارّين بوالدينا، رب اغفر لي ولوالديّ رب ارحمهما كما ربياني صغيرا. بقلم سمر الأرناؤوط
islamiyyat
مزيد من المقالات بواسطة »
ثم عطف عليه النهي عن نهرهما لئلا يُحسب أن ذلك تأديب لصلاحهما وليس بالأذى. والنهر الزجر ، يقال: نهره وانتهره. ثم أمر بإكرام القول لهما. والكريم من كل شيء: الرفيع في نوعه. وتقدم عند قوله تعالى: { ومغفرة ورزق كريم} في سورة [ الأنفال: 4]. وبهذا الأمر انقطع العذر بحيث إذا رأى الولد أن ينصح لأحد أبويه أو أن يحذر مما قد يضر به أدى إليه ذلك بقول لين حسن الوقع.
الاجابة
السؤال: في الحديث الذي رواه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما (عينان لا تمسهما النار عين بكت من خشية الله وعين باتت تحرسفي سبيل الله) هل من شرح لهذا الحديث.
عينان لا تمسهما النار يوم القيامة
وورد في السنة في فضل البكاء من خشية الله – تعالى – الشيء الكثير نقتصر على بعض
منها وهي:
–
أن
من بكى من خشية الله – تبارك وتعالى – لا تمس عيناه النار ففي حديث ابن عباس – رضي
الله عنهما – قال: سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول:
((عينان لا تسمهما النار: عين بكت من خشية الله، وعين
باتت تحرس في سبيل الله)) 4. ولا يلج النار لحديث أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله
عليه وسلم -: ((لا يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى
يعوده اللبن في الضرع، ولا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم)) 5 ،
وورد في حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – يروي عن
ربه – جل وعلا – قال: ((وعزتي لا أجمع على عبدي خوفين
وأمنين، إذا خافني في الدنيا أمنته يوم القيامة، وإذا أمنني في الدنيا أخفته يوم
القيامة)) 6. ويكون ممن يظل تحت عرش الرحمن – تبارك وتعالى – في يوم يكون الناس فيه في أشد حاجة
إلى الظل حين تدنو الشمس من الرؤوس، ويلجمهم العرق، فرحماك ربنا رحماك، ففي حديث
أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال:
((سبعة يظلهم الله – تعالى – في ظله يوم لا ظل إلا ظله،
إمام عدل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابا في
الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف
الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله
خالياً ففاضت عيناه)) 7.
والآخر: عن عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه – قال: قال لي النبي – صلى الله عليه
وسلم -: ((اقرأ علي))، قلت: آقرأ عليك أنزل؟ قال:
((فإني أحب أن أسمعه من غيري)) ، فقرأت عليه سورة
النساء حتى بلغت: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ
أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاء شَهِيداً} 10 " 11. صور من بكاء السلف – رضوان الله عليهم -:
حيث أنهم كانوا كثيري البكاء من خشية الله، وهذه بعض المواقف التي تؤيد ذلك:
فعن أنس – رضي الله عنه – قال: خطب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – خطبة ما سمعت
مثلها قط قال: ((لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً،
ولبكيتم كثيراً))، قال: فغطى أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وجوههم
لهم خنين، فقال رجل: من أبي؟ قال: ((فلان)). فنزلت هذه الآية: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ
تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} 12 " 13,
وعن قيس بن أبي حازم قال: "كان عبد الله بن رواحة – رضي الله عنه – واضع رأسه في
حجر امرأته، فبكى فبكت امرأته، قال: ما يبكيك؟ قالت: رأيتك تبكي فبكيت، قال: إني
ذكرت قول الله {وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} 14
فلا أدري أنجو منها أم لا" 15.