ونبينا صلى الله عليه وسلم يقول: " أَدِّ الأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ، وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ " أخرجه الترمذي وأبو داود وابن حبان والدارمي وغيرهم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه. أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم. الخطبة الثانية
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإكمالا لعلامات المنافق: مع العلامة الخامسة: وهي قوله: "وإذا عاهَدَ غد ؛ أي نقضَ العَهْد. فالغدْرُ ونقضُ العهد من صفات المنافقين، والذي يغدر بمن أخذ عليه العهد والميثاق فيه خصلة من خصال النفاق. والغدرُ حرام في كل عهد بين المسلم وغيره، ولو كان المعاهَدُ كافرا، ففي صحيح البخاري عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من قتل نفسا مُعاهدا لم يَرِحْ رائحَة الجنة، وإنّ ريحَها ليُوجَدُ مِن مسيرة أربعين عاما ". الفجور عند الخصومة: " وإذا خاصم فجر ". من اعظم صفات المنافقين. أي مالَ في الخصومة عن الحق، واقتحَمَ الباطل. فالمنافق يخاصم بالباطل، ويجادل بالباطل، ويختلق التهم والأكاذيب، ويُفشي الأسرار، ويسبّ ويشتم، ويدّعي ما ليس له، أو يجحَد ما كان عليه.
ما صفات المنافقين - موضوع
ففسادُهم في الأرض كثير وأكثر الناس عنه غافلون { { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ - أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ}} [البقرة: 11 - 12]. (للمنافق) وجهان: وجه يَلقى به المؤمنين، ووجه يَنْقلب به إلى إخوانه من الملحدين. وله لسانان: أحدهما يَقْبَلهُ بظاهره المسلمون، والآخر يترجم به عن سره المكنون { { وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ}} [البقرة: 14]. (المنافقون) أسماع قلوبهم قد أثقلها الوقر، فهي لا تسمع منادي الإيمان ، وعيونُ بصائرهم عليها غِشاوة العمى. فهي لا تبصر حقائقَ القرآن، وألسنتُهم بها خرس عن الحق، فهم به لا ينطقون. { صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ} [البقرة: 18]. (المنافقون) يتربصون الدوائر بأهل السنة والقرآن. من اعظم صفات المنافقين الذميمه. فإن كان لهم فتح من الله، قالوا: ألم نكن معكم؟ وأقسموا على ذلك بالله جهد أيمانهم. وإن كان لأعداء الكتاب والسنة من النصرة نصيب، قالوا: ألم تعلموا أن عقد الإخاء بيننا محكم، وأن النسب بيننا قريب؟ فيا من يريد معرفتهم، خذ صفاتهم من كلام رب العالمين.
هذا ما وصفه الله عز وجل للمنافقين بنکوسهم عن الجهاد في سبيله، وتخذيل الناس، وتثبيطهم عنه، بل والسخرية من المجاهدين. وما نسمعه اليوم من منافقي زماننا هو عين ما يقوله إخوانهم من المنافقين السابقين، فها هو أحدهم يقول:
(التخلي عن خيار المقاومة نهائيا، والخروج من دوامة الحروب والقضية الفلسطينية، والجنوح إلى السلام، وقبول الأمر الواقع، وإغلاق كل ملفات القتال، والقبول بالسلام دون شروط، بل بما يراه العدو مناسبا بحجة: (أن المهزوم يقبل ولا يفرض) 1 (1) انظر مقال (الحل الذي لا غيره) عكاظ عدد (1863). ، بل ويوجهون أشد أنواع النقد لكل عمل من أعمال المقاومة والجهاد تقوم به تلك الشعوب، وكذلك يدعون إلى إلغاء تدریس أحكام الجهاد بزعم أنه هو الأساس الذي يستغله المفجرون والمخربون، ليجندوا أبناءنا الآن فيها يسمونه جهاڈا) 2 (2) انظر مقالة (عذرا يا شيخ صالح) جريدة الوطن عدد (285)..
وما قاله بعض رموز المنافقين الليبراليون (شاکر النابلسي وغيره) من الدعوة إلى ترك المقاومة المسلحة للمحتلين من یهود وغيرهم واستبدالها بالسلام والتطبيع والرضى بالأمر الواقع، وهذا مقال ينضح بما فيه كتبه أحدهم في صحيفة محلية بروح منهزمة يدعو فيه إلى ترك مقاومة الغزاة والتيئيس من هزيمتهم.
أدلة الشرع تحذر المسلم من السرقة و تزجر من تسول له نفسه سرقة أموال الآخرين. [06] السرقة - لا تقربوا - طريق الإسلام. أراد الله لمجتمعات المسلمين أن تحيا حياة الأمن والأمان، يأمن كل من يعيش في هذه المجتمعات على نفسه وعرضه وماله، ولأجل هذا الغرض حرَّم الشرع المطهر الاعتداء على الأنفس والأعراض والأموال، بل جعلها من الضرورات الخمس التي أتى الإسلام بحفظها وهي: الدين، والعقل، والأنفس، والنسل، والأموال. إن السرقة آفة من الآفات التي تعرِّض أمن الأفراد والمجتمعات للخطر، ولهذا جاءت أدلة الشرع تحذر المسلم من السرقة و تزجر من تسول له نفسه سرقة أموال الآخرين ومن ذلك: 1- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأخذ البيعة على من أراد الدخول في الإسلام على أمور عظيمة منها تجنب العدوان على أموال الناس بالسرقة: « بايعوني على ألا تشركوا بالله شيئا، ولا تسرقوا ولا تزنوا » (صحيح البخاري [18]) ومن ذلك أنه صلى الله عليه وسلم أخبر أن المؤمن الصادق القوي في إيمانه لا يجرؤ على السرقة: « لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشرب وهو مؤمن ، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن » (رواه البخاري ومسلم). ومن هذه الزواجر ما (رواه البخاري ومسلم) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « لعن الله السارق، يسرق البيضة فتقطع يده، ويسرق الحبل فتقطع يده »، أي يسرق البيضة أولاً فيعتاد حتى يسرق ما قيمته ربع دينار فأكثر فتقطع يده إذا انكشف أمره، ورفع إلى حكم الإسلام.
السرقة
(عمدة التفسير [1/677]). إن بعض المبغضين للإسلام يحاولون التشويش من خلال انتقاد هذه الحدود التي شرعها رب العالمين بحجة أن جريمة السرقة لا تستحق كل هذه العقوبة، وأسوتهم في ذلك أبو العلاء المعري الذي اعترض على هذا الحد قائلاً: يد بخمس مئين عسجد وُديت *** مابالها قطعت في ربع دينار فأجابه القاضي عبد الوهاب المالكي: لما كانت أمينة كانت ثمينة، فلما خانت هانت. كما ينسب إلى الإمام السخاوي قوله في الرد على المعري: عِز الأمانة أغلاها، وأرخصها *** ذل الخيانة، فافهم حكمة الباري نسأل الله أن يحفظ البلاد والعباد من كل مكروه وسوء، وأن ينشر الأمن والأمان والرخاء على سائر بلاد المسلمين. أقوال عن السرقة - موضوع. 42
1
40, 271
[06] السرقة - لا تقربوا - طريق الإسلام
لكن حينما تبعت كثير من البلاد الإسلامية النظم الوضعية التي استوردوها من أوروبا انتقلت إليها أوبئة الجرائم الموجودة في بلاد غير المسلمين، وضعفت بترك حدود الإسلام شروط الأمن. ومن أجل ذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم متى رفع إليه أمر السارق أقام أقام عليه الحد ولم يجامل في ذلك أحدا مهما علت منزلته أو شرف نسبه ، وأعلنها صريحة مدوية: « لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها » ( صحيح مسلم [1688]). الحدود كفارات: وهذا الحد الشرعي حين يقام على من يستحقه يؤدي إلى شيوع الأمن وزجر ضعاف النفوس، كما أنه يكفر عن صاحبه ذنبه ويكون توبة له، عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: إن امرأة سرقت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء بها الذين سرقتهم، فقالوا: يا رسول الله! إن هذه المرأة سرقتنا، قال قومها: فنحن نفديها بخمسمائة دينار. فقال: « اقطعوا يدها ». السرقة. فقطعت يدها اليمنى. فقالت المرأة: هل لي من توبة؟ قال: « نعم. أنت اليوم من خطيئتك كيوم ولدتك أمك ». فأنزل الله عز وجل في سورة المائدة: { فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المائدة:39].
أقوال عن السرقة - موضوع
فوائد من حديث رقم: 3
عن عائشة. أن قريشاً أهمّهم المرأة المخزومية التي
سرقت ، فقالوا: من يكلم فيها رسول الله ، ومن يجترىء
عليه إلا اسامة ، فكلمه أسامة ، فقال الرسول: أتشفع
في حد من حدود الله ، ثم خطب فقال: إنما أهلك من كان
قبلكم إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق الضعيف
أقاموا عليه الحد ، وايم الله! لو أن فاطمة بنت محمد
سرقت لقطعت يدها ، فأمر النبي بقطع يدها. رواه البخاري ومسلم
الفوائد:
1- أن السرقة من كبائر الذنوب. 2- تعظيم النبي عليه الصلاة والسلام لربه. 3- وجوب الحد في السرقـــة. 4- أن حد السرقة عام للرجال والنساء. 5- وجوب إقامة الحدود. 6- تعظيم حرمات الله. 7- تحريم الشفاعة في حد من حدود الله إذا وصلت الإمام
8- بيان سبب من أسباب هلاك الأمم. 9- أن إقامة الحدود سبب للنجاة. 10- وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. 11- عظم مكانة فاطمــة. 12- لا فرق بين غني وفقير في اقامة الحدود
13- عظم الشريعة الإسلامية. 14- الشدة في الدعوة إلى الله إذا احتيج إلى ذلك. 15- فيه الغضب إذا انتهكت حرمات الله ( غضب ممدوح). 16- جواز الحلف من غير استحلاف. 17- نوع من أنواع أيمان النبي ( وأيم الله). 18- وقوع الحوادث في عهد النبي عليه الصلاة والسلام.
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً، يَرْفَعُ النَّاسُ إِلَيهِ فِيهَا أَبصَارَهُم، وَهُوَ مُؤْمِنٌ». روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه: «بَايِعُونِي عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلَا تَسْرِقُوا، وَلَا تَزْنُوا». روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة: عن النبي صلى الله عليه وسلـم قال: «لَعَنَ اللَّهُ السَّارِقَ، يَسْرِقُ الْبَيْضَةَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ، وَيَسْرِقُ الْحَبْلَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ». روى النسائي في سننه من حديث صفوان بن أمية رضي الله عنه: أَنَّ رَجُلا سَرَقَ بُرْدَةً لَهُ، فَرَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَ بِقَطْعِهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ تَجَاوَزْتُ عَنْهُ، فَقَالَ أَبَا وَهْبٍ، أَفَلا كَانَ قَبْلَ أَنْ تَأْتِينَا بِهِ، فَقَطَعَهُ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم.