الخُطْبة الأُولَى:
إنَّ الحمدَ لله؛ نحمدُه وَنستَعِينُه ونسْتغْفِرُه، ونعوذُ باللهِ من شُرُورِ أنفُسِنا وسَيِّئاتِ أعمالِنا، مَن يَهْدِه اللهُ فَلا مُضِلَّ لَه، ومَنْ يُضْلِلْ فلا هادِيَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى اللهُ عليه وعلى آلِه وأصحابِه، ومَن سَار على نهجِه، واقْتَفَى أثرَه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا كثيرًا. أمَّا بَعْدُ: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله -عَزَّ وَجَلَّ-، فهي العُرْوَةُ الوُثْقَى، والوصية الأقوى، وهي الفوز الحقيقي في الأولى والأخرى. إخوة الإسلام: من أكثر المواقف التي كررها الله في كتابه موقفُ سحرة فرعون مع موسى وفرعون، هو حقيقٌ أن يتأمَّلَ وأن يعتبرَ منه، كانوا في مكانتهم بين قومهم وشهرتهم بين الناس، وغِناهم في قصورهم وممتلكاتهم، وكانوا أخصَّ السَحَرة وأعلمهم بالسحر في مملكة اشتهرت بالسحر والشعوذة، حتى إن فرعون أرسل في المدائن والأقاليم ليحشروا السحرة إليه، وقال: ايتوني بكل سَحَّارٍ عليم؛ أي البالغ في سحره مبلغًا عظيمًا. قصه موسي وفرعون مختصر. فلما جاء السحرةُ وهم لا يترددون أن سحرهم هو الغالب المنتصر، بل وصف الله ذلك بقوله: ( وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ)[الأعراف:116]، فلما جاءوا فمِن ثقتهم بأنفسهم أنهم شارطوا فرعون على الأجرة، ووعدهم أنهم إن غلبوا موسى ليثيبنهم وليعطينهم عطاءً جزيلًا، وعدهم ومَنَّاهم أن يعطيهم ما أرادوا ويجعلهم من جلسائه والمقربين عنده.
قصه موسي وفرعون فيديو
الحمد لله العلي الكبير، له الأسماء الحسنى والصفات العلى، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، أحمده سبحانه وأشكره على نواله الغزير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الأمر والتدبير، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله، السراج المنير، صاحب المقام المحمود، والحوض المورود، واللواء المعقود. اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجهم، واقتدى بهديهم إلى يوم الدين. أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، وأطيعوه، وراقبوه في سركم وعلنكم، واحذروا أسباب سخطه وغضبه، فإن الذنوب والمعاصي سبب لزوال النعم، وحلول النقم، ومحق البركات، وتوالي النكبات، كما بين لنا القرآن الكريم ما حصل على من سلف من الأمم الخاليات. قصة فرعون للأطفال - موسوعة. واعلموا أن ما عملتم من خير وشر أو ما كسبتم من إثم وبر فإنكم ملاقوه، وستجزون به يوم الحساب، فانتبهوا عباد الله من غفلتكم، واستيقظوا من رقدتكم، قبل أن لا تقال العثرات، ولا تقبل الاعتذارات، كما قال أمير المؤمنين عمر ابن الخطاب t: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا، وتأهبوا للعرض الأكبر على الله، { يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ}[الحاقة:18].
قصه موسي وفرعون كامله
يوم الزينة
وأتفق فرعون مع موسى على إنه سيجمع السحرة التابعين لبني إسرائيل وسيختار يوم ليفعل ما فعله أمامهم وهنا سيعلم هذا سحراً أم معجزة من عند الله، وقد أختار موسى يوم الزينة وذلك اليوم كان يوم العيد في مصر القديمة، وفي هذا اليوم أجتمع السحرة وكان سيدنا موسى أخاه هارون هناك، ثم أمر موسى السحرة بأن يلقوا ما في أيديهم قبله، فألقوا السحرة عصيهم وأحبالهم أمام الناس، وسحروا أعين الناس كي يرواها ثعابين تسير في الأرض، فخاف موسى عليه السلام من هؤلاء السحرة وما يفعلونه ليعجب به الناس، فألقى العصا أرضاً وتحققت المعجزة. المعجزة
عندما ألقى سيدنا موسى العصا أرضاً تحولت إلى ثعبان كبير وضخم وحقيقياً، وعندما شاهدوا العصا وهي تتحول إلى ثعبان عرفوا بأن هذا لم يكن سحراً إطلاقاً، وهو معجزة إلهية حقيقية دون نقاش، ومنهم من أتبع موسى وآمن بالله تعالى، فغضب فرعون على قومه وظل يعذبهم لأنهم لم يؤمنون به، ثم أنزل الله عليه من السماء أصناف من مختلفة من العذاب مثل الدم والضفادع والقمل، فكان يطلب من موسى ويقول له أجعل ربك يرفع عنا العذاب وسأرسل لك قوم بني إسرائيل، فكان لا يصدق في قوله، ويستمر في تعذيب النساء والأطفال المؤمنون بالله.
قصة سيدنا موسى وفرعون
فاعتبروا يا أولي الأبصار فلقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب{وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ}[هود:102]. قصة سيدنا موسى وفرعون. فتذكروا عباد الله كيف كان عاقبة الطغاة الظالمين، وكيف كان منتهاهم ومصيرهم، وهذه سنة الله سبحانه في كل متكبر جبار، وقد قال الله عز وجل في أمثال هؤلاء:{فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ (51) فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}[النمل:51-52]. فاتقوا الله عباد الله، وليكن حظكم من هذه الآيات والعبر الاعتبار، والتبصر، والرجوع إلى الله، والخوف من عذابه وسطوته، والمبادرة إلى التوبة والاستغفار، وامتثال الأوامر الإلهية، والاستقامة على الطاعة. واعلموا أنكم في شهر حرام، فضله على الله كثير من شهور العام، وهو شهر الله المحرم، أحد الأشهر الحرم التي حرم الله فيها القتال والظلم، وجعل لها ميزة من بين سائر الشهور. قال الله عز وجل: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ}[التوبة:36].
قصة موسى مع فرعون
فلما جاء موعد المغالبة والمبارزة، واحتشد الناس لها، وانتشرت الأخبار بموعدها، وصارت حديثَ الناس حتى عَلِمَها الصغيرُ والكبيرُ، وفي ضحى يوم الزينة تلاقى الحق والباطل، والناس محتشدةٌ متطلعةٌ؛ رجلٌ واحدٌ أمام فِئام من السحرة المشعوذة، رجلٌ واحدٌ يقف أمام قوى الشر الإنسية والشيطانية. فاجتمع الإنس والجن لِيَرَوْا حقيقةَ موسى، فقالوا بكل تَكَبُّرٍ وتغطرسٍ وتألٍّ وعدم مبالاة: هل نلقي أو تكون أول من ألقى؟ فلا فرق عندنا، فقال لهم موسى -عليه السلام-: ألقوا أنتم أولًا. قصة موسى والسحرة - ملتقى الخطباء. وقد قيل بأن لله حكمة في هذا، والله أعلم، ليرى الناس صنيعهم ويتأملوا، فإذا فرغوا من بهرجهم وسحرهم جاءهم الحق الواضح الجلي بعد التطلب له والانتظار منهم لمجيئه، فيكون أَوْقَعَ في النفوس، وكذا كان، ولهذا قال -تعالى-: ( قَالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ)[الأعراف:116]، وقال -تعالى-: ( قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى * فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى)[طه: 66-67]. فلما امتلأتْ نفوس الناس خوفًا وخشيةً من هؤلاء وسحرهم ألقى موسى عصاه، فإذا هي تَلْقَفُ حِبالَهم وعِصِيَّهم لَقْفًا والناس ينظرون.
قصه موسي وفرعون مختصر
وقد صحت الأحاديث عنه r في الحث على الصيام في هذا الشهر. لا سيما اليوم العاشر منه، فقد ثبت في الصحيحين عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: قدم رسول الله r المدينة، فوجد اليهود صيامًا يوم عاشوراء، فقال لهم: « ما هذا اليوم الذي تصومونه ؟ » قالوا: هذا يوم عظيم، أنجى الله فيه موسى وقومه، وأغرق فرعون وقومه، فصامه موسى شكرًا لله، فنحن نصومه. قصه موسي وفرعون كامله. فقال r: «نحن أحق بموسى منكم » فصامه r وأمر بصيامه ( [2]). وقد أخبر عليه الصلاة والسلام أن صيام يوم عاشوراء يكفر السنة الماضية ( [3])، وقال r:«لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع مع العاشر». وقال r: « خالفوا اليهود، صوموا يومًا قبله أو يومًا بعده » ( [4]). أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:{وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (90) آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (91) فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ} [يونس:90-92].
وقد كان أكثر قسمه -صلى الله عليه وسلم- كما في صحيح البخاري: " لَا وَمُقَلِّبَ الْقُلُوبِ "(أخرجه البخاري:6243). من أجل أن يذكر نفسه بفقره وحاجته إلى مولاه، وأنه مهما بلغ العبد؛ فإنه معرّض للبلاء والفتنة، مهما بلغ علمه وارتفعت مكانته، رحماك يا الله، لئن كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يشفقُ على نفسه وهو أمين الله على وحيه ومصطفاه، فماذا نقول؟ ولِمَ لا نخاف كخوفه؟ كان رسولكم -صلى الله عليه وسلم- كما في صحيح مسلم يقول في دعائه: " اللَّهُمَّ مُصَرِّفَ القُلُوبِ صَرِّفْ قُلُوبنَا عَلَى طَاعَتِكَ "(أخرجه مسلم: 2654). واسمعوا إلى دعائه -صلى الله عليه وسلم- مع أنه أتقى الخلق وأبر الخلق وأخشع الخلق، فقد روى مسلمٌ عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقول: " أعُوذُ بعزَّتِكَ، لَا إِلَهَ إلَّا أَنْتَ، أنْ تُضِلَّني "(أخرجه مسلم 2717). ومن فوائد موقفهم هو تذكرهم لما عند الله، وأن ثوابه أعظم مما يخسرونه، وأن عقابَه أشَدُّ مما يحذرونه، تأمل قولهم: ( إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى)[طه:73]، ثوابًا وأعظم عقابًا منك، وخيره أَبْقى وأدوم من خيرك؛ لأنه باقٍ، وخيرُكَ وشرك زائلٌ، والخير الباقي خير من الفاني، والشر الفاني أهون من الباقي، وهذه الجملة بمقابلة ( أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى)[طه:71].
فلما كان بعد أيام جاءته سكرات الموت فرأيت في المنام روضة خضراء فيها قبة وفي القبة سرير عليه جارية لم ير أحسن منها وهي تقول: سألتك بالله إلا ما عجلت به إلي فقد اشتد شوقي إليه، فاستيقظت مرعوباً فإذا هو ميت فغسلناه وكفناه وواريناه التراب، فلما كنت في النوم رأيت تلك الروضة وهو إلى جوار تلك الجارية وهو يكرر هذه الآية: (والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار) أخواني وأخواتي تمعنوا في هذه الموعظة أنها درس لمن اتعظ بها هذا وصلوا على سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى أصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. 04 Nov 2008, 08:21 PM
رقم المشاركة: ( 2)
اللهم صل وسلم عليه
سبحان الله قصة رائعة جدا
اللهم أرزقنا الفردوس الأعلى أنا ووالدّي وأهلي وصاحب الموضوع وأهله
ولكل من مر ع الموضوع واهيلهم.. آمين
06 Nov 2008, 02:23 PM
رقم المشاركة: ( 4)
كل سنه والجميع بخير
جزاك الله خير
تقبل مروري
فنعم عقبى الدار
قال تعالى ( فنعم عقبى الدار)تتضمن مدح ما أعطى الله السعداء من الجنة ل؟ يبحث الكثير من الطلاب والطالبات عن حلول اسئلة الكتب المدرسية لجميع مواد المنهج الدراسي الفصل الاول, ومن خلال موقع رمز الثقافة التعليمي والذي يفخر بتقديم اجابات وحلول الكتب المدرسية، يسعدنا طاقم وادارة موقعنا تلقي المزيد من الأسئلة والاستفسارات التي تدور حول أسئلتكم ، ليستمر موقع رمز الثقافة بتقديم اجابة العديد من الأسئلة التعليمية المختلفة على مدار الساعة، وتقديم لحضراتكم اجابة السؤال: قال تعالى ( فنعم عقبى الدار)تتضمن مدح ما أعطى الله السعداء من الجنة ل… الترغيب والتشويق التعجب التقرير الترهيب
تفسير: (سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار)
جميع الحقوق محفوظة 1998 - 2022
إسلام ويب - تفسير القرطبي - سورة الرعد - قوله تعالى والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم - الجزء رقم7
تفسير القرآن الكريم
سلام
جملية الخط الديواني و زخارف العصور الوسطى 33 AED 51 AED (-35. 29%) منتجات متعلقة