منا أمير ومنكم أمير يا معشر المهاجرين، فكثر اللغط، وارتفعت الأصوات حتى فرقت من الاختلاف، فقلت أبسط يدك يا أبا بكر، فبسط يده، فبايعته، وبايعه المهاجرون ثم بايعته الأنصار، ونزونا على سعد بن عبادة، فقال قائل منهم قتلتم سعد بن عبادة، فقلت: قتل الله سعد بن عبادة. قال عمر: وأنا والله ما وجدنا فيما حضرنا أقوى من مبايعة أبي بكر، خشينا إن فارقنا القوم، ولم تكن بيعة أن يبايعوا رجلًا منهم بعدنا، فأما بايعناهم على ما لا نرضى، وإما أن تخالفهم فيكون فسادًا، فمن بايع رجلًا على غير مشورة من المسلمين فلا يبايع هو والذي بايعه تغرة أن يقتلا.
كم دامت خلافة ابو بكر الصديق
فقلت: والله لنأتينهم. فانطلقنا حتى أتينا في سقيف بني ساعدة، فإذا رجل مزمن بين ظهرانيهم، فقلت من هذا؟ فقالوا: هذا سعد بن عبادة فقلت ما له؟ قالوا يوعظ. قصة الإسلام | سيرة أبي بكر الصديق - خلافة أبي بكر الصديق -الخلافة - التاريخ الإسلامي. فلما جلسنا قليلًا تشهد خطيبهم فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال: أما بعد فنحن أنصار الله وكتيبة الإسلام؟ وأنتم معشر المهاجرين رهط، وقد دفت دافة من قومكم فإذا هم يريدون أن يختزلونا من أصلنا، وأن يَحْضُنُونَا من الأمر فلما سكت أردت أن أتكلم –وكنت قد زورت مقالة أعجبتني أريد أن أقدمها بين يدي أبي بكر- وكنت أداري منه بعض الحد، فلما أردت أن أتكلم قال أبو بكر: على رسلك. فكرهت أن أغضبه، فتكلم أبو بكر فكان هو أحلم مني وأوقر، والله ما ترك من كلمة أعجبتني في تزويري إلا قاله في بديهته مثلها أو أفضل منها حتى سكت فقال: ما ذكرتم فيكم من خير فأنتم له أهل، ولن يعرف هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش، هم أوسط العرب نسبًا ودارًا، وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين فبايعوا أيهما شئتم –فأخذ بيدي ويد أبي عبيدة بن الجراح وهو جالس بيننا- فلم أكره ممن قال غيرها، كان والله أن أقدم فتضرب عنقي، لا يقربني ذلك من إثم أحب إلي من أن أتأمر على قوم فيهم أبو بكر، اللهم إلا أن تسول إلى نفسي عند الموت شيئًا لا أجده الآن، فقال قائل من الأنصار: أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب.
كم كانت مده خلافه ابو بكر الصديق
وسوف تمرون بأقوامٍ قد فرَّغوا أنفسهم في الصوامع، فدَعوهم وما فرغوا أنفسهم
له، وسوف تقدِمون على قومٍ فحصوا أوساط رءوسهم وتركوا حولها مثل العصائب،
فاخفقوهم خفقًا، ثم ودَّعهم قائلًا: اندفعوا باسم الله. فهل يوجد في العالم اليوم قادة شعب أو زعماء أمة يجرءون على الدعوى بأنهم متمدِّنون
متحضرون يرعون مبادئ الإنسانية في الحرب الآن كما كان عليه العرب، بل المسلمون، من
عِظَم الأخلاق والإنسانية في القديم؟
حقًّا، لقد كانت الخلافة في بدايتها في حاجة إلى خليفة كأبي بكر في حزمه وعزمه، فبهما
تمكَّن من التغلُّب على ما واجهه من المشكلات والمُعضِلات، واستطاع أن يحتفظ بوحدة
الإسلام، فحارب أهل الردة جميعًا حتى عادوا إلى حظيرة الدين، واشتدَّتْ شكيمة المسلمين،
وتألَّفَتْ من قبائلهم الجيوش الجرَّارة وعلى رأسها الأبطال المغاوير، والغُزاة
الميامين. وما كان أبو بكر إلا خليفة الرسول، ينفذ تعاليمه، ويعمل لرفع شأن الدين، وأمة
المسلمين، لا تأخذه في ذلك مجاملة كبير، ولا رعاية قائد، ألم يؤنِّب خالد بن الوليد،
سيف الله المسلول، لأنه ترك الجُند يقاتلون في العراق وأسرع لأداء فريضة الحج، ثم عاد
إلى جنده يستأنف قيادته لهم في القتال.
مدة خلافة ابو بكر الصديق
» قالوا: «هات، فما الرأي؟» قال: «إن أبا بكر لم يبعثنا إلا وهو
يرى أننا سنتياسر، ولو علم بالذي كان ويكون لما جمعكم، إن الذي أنتم فيه أشد على
المسلمين مما قد غشيهم، وأنفع للمشركين من أمدادهم، ولقد علمت أن الدنيا قد فرَّقَتْ
بينكم، فالله الله! فلقد أفرد كل رجل منكم ببلد لا ينقصه منه إن دان لأحد من أمراء
الجنود، ولا يزيده عليه إن دانوا له، إن تأمير بعضكم لا ينقصكم عند الله ولا عند خليفة
رسول الله
ﷺ هلموا، فإن هؤلاء قد تهيَّئوا، وهذا يوم له ما بعده، إن رددناهم إلى
خندقهم اليوم لم نزل نردهم، وإن هزمونا لن نُفلح بعدها، فهلموا فلنتعاور الإمارة، فليكن
بعضنا علينا اليوم والآخر غدًا، والآخر بعد غدٍ حتى يتأمَّر كلكم، ودعوني أَلِكم
اليوم. » فأمَّروه فعلًا، وزال من نفوسهم ما كان من عوامل التفرُّق والتخاذل. حكم إنكار خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه - الإسلام سؤال وجواب. وإذن فإن من متانة خلق أبي بكر استمدَّ ابن الوليد منها متانة خلقه، كما استمدها
القُوَّاد والأجناد وعُمَّال الإيالات وأمراؤها. عفة نفس أبي بكر
إن جميع نواحي أبي بكر الخلقية باهرة فاخرة، فلقد مرَّتْ بأجمعها أمام مخيلتي،
فبهرتني وملكت على نفسي، سيَّما عفة نفسه وعيشه على الكفاف، وزهده وتقشفه، حتى إنه يعزف
عن أكل الحلوى لكيلا يُرهِق براتبه القليل بيت المال.
ولذلك انتظر حتى أتى المدينة ثم خطب بها. ثم يعلل عمر رضي الله عنه النهي عن متابعة البيعة لمن بايع إمامًا بغير مشورة بقوله (تغرة أن يقتلا) والمعنى كما قال ابن حجر والقسطلاني أن من فعل ذلك فقد غرر بنفسه وبصاحبه، وعرضهما للقتل. وذلك لمخالفة جماعة المسلمين وجمهورهم، وانفرادهما واستعجالهما بالأمر دون المشورة العامة في المسلمين. ثم علل عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقوع بيعة أبي بكر الصديق على هذا الأمر الذي ينهى عنه بأن ظروف تلك البيعة كانت ملجئة وقاهرة، فقد اجتمع الأنصار لمبايعة أمير منهم ولو تم ذلك ما كان للمهاجرين أن يخالفوهم وإلا حدث شر كبير، وما كانت لتجتمع العرب بأسرها على رجل من أهل المدينة الذين كانت لهم ثارات وحروب قديمة مع بعضهم البعض، فالأوسي لا يرضى عن الخزرجي وكذلك العكس فكيف بسائر العرب، وكانت لقريش منزلة خاصة عند سائر العرب حيث كانت تحترم وتقدم في الجاهلية وتقول العرب أهل بيت الله فلا نؤذيهم ولا نتعرض لهم. كم كانت مده خلافه ابو بكر الصديق. ولذلك قال أبو بكر للأنصار في خطبة السقيفة: (ما ذكرتم من خير فأنتم له أهل، ولن يعرف هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش) ويعني بالأمر الخلافة. ولخشية عمر من مبايعة الأنصار رجلًا منهم تعجل أبي بكر ولم تكن عن مشورة كاملة، ثم أخبر بأن أبا بكر ليس في المسلمين مثله سابقة وعلمًا ودراية بالسياسة والدين ولين جانب وقوة في الحق، ولذلك اجتمعت عليه القلوب سريعًا ولم ينازعه في الأمر أحد إلا ما كان من غضب سعد بن عبادة الخزرجي لنفسه، وتأخر بيعة علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه ثم لحوقه المسلمين في ذلك، وإعلان هذا على الملأ.
ابدأ النقاء من الآن، تعرض لنفحات وأعطيات المولى سبحانه وتعالى، وليلة النصف من شعبان ليلة عظيمة يغفر الله عز وجل فيها لكل من تعرض لرحمة الله عز وجل وأقبل إلى الله سبحانه بصدقٍ وإنابةٍ وقلبٍ حاضر؛ لذلك من المستحسن أن يكثر المرء من صيام هذا الشهر، وأن يقوم ليلة النصف من شعبان، ولا تصغوا إلى أولئك الجهلة الذين يصدون عن سبيل الله، ويفهمون أن النصف من شعبان ليس له خصوصية وأن هذا من البدع أماتوا ديننا بدعاويهم البدع البدع، وهم المبتدعة، وهم الذين شوهوا ديننا ونفروا الناس من ديننا، يا سبحان الله! كل الأحاديث التي رويتها لكم صحيحة، ليست أقل من حسن؛ بل كلها صحيحة، ثم يقال لا يوجد خصوصية لشهر شعبان والنصف من شعبان وهذا بدعة!!
فضل ليله النصف من شعبان اسلام ويب
أما ما يروى في الترغيب بصيام يومها وقيام ليلها من حديث علي -رضي الله عنه- فهو حديث باطلٌ مكذوبٌ على رسول -الله صلوات الله وسلامه عليه-، فلا يحل العمل به، ولذلك قال زيد بن أسلم -رحمه الله تعالى-: " ما أدركنا أحداً من مشيختنا ولا فقهائنا يلتفتون إلى النصف من شعبان ولا يرون لها فضلًا على ما سواها "، إلا أنه -عباد الله- يستثنى من ذلك من كان له صيام اعتاده كمن اعتاد صيام الخميس أو صيام البيض أو نحو ذلك فإنه يمضي على ما اعتاده من صيام. عباد الله: ومن ذلكم صنع أطعمة مخصوصة في ليلة النصف من شعبان وتوزيعها بزعم أن لها مزية على غيرها أو أن في ذلك أجراً وثواباً أو نحو ذلك، فهذا مما لا أصل له في شرع الله. وكذلكم -عباد الله-: الاحتفال في هذه الليلة بالتوسيع على الأهل والأولاد، ونحوهم من القرابات في المطعم والمشرب والملبس، ونحو ذلك، تحت مسميات متنوعات، وهو عمل لا أصل له في شرع الله المطهر، والقول بأنها من العادات أو التقاليد أو من إحياء التراث، وأنها لا دخل لها في الدين هذه -عباد الله- دعوى غير صحيحة، والواقع يكذبها؛ لأنها تعمل على وجه التدين، ويصنع فيها أعمالاً هي من أنواع القربات التي يتقرب بها إلى الله -عز وجل-.
دعاء ليلة النصف من شعبان
عباد الله: إن الواجب على المسلم أن يتقي الله -جل وعلا-، وأن يحرص على سنة النبي -عليه الصلاة والسلام-، وأن يعرض عن البدع وإن زُيِّنت له فإن جميع البدع مردودة على أصحابها، كما قال نبينا -عليه الصلاة والسلام-: " مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ "، وكان صلى الله عليه وسلم إذا خطب الناس يوم الجمعة، قال: " أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ، وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ ، وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ ". ثم اعلموا -رعاكم الله- أن الكيس من عباد الله من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني. وصَلُّوا وسلِّموا -رعاكم الله- على محمّد بن عبد الله كما أمركم الله بذلك في كتابه، فقال: ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)[الأحزاب: 56]، وقال صلى الله عليه وسلم: " مَنْ صَلَّى عَلَيَّ وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرًا ". اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنّك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنّك حميد مجيد.
أيها المؤمنون -عباد الله-: إن الواجب على كل مسلم أن يتقي الله -عز وجل- في أعماله وأقواله، وأن يحرص تمام الحرص على لزوم السنة، ومجانبة البدعة، وأن يتيقن أن خير الأمور السالفات على الهدى، وأن شرها المحدثات البدائع. اللهم وفقنا أجمعين للزوم سنة نبيك الكريم -عليه الصلاة والسلام-، وأعذنا إلهنا وذرياتنا من المحدثات والأمور المبتدعات يا حي يا قيوم. أقول هذا القول، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم. الخطبة الثانية:
الحمد لله عظيم الإحسان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: أيها المؤمنون -عباد الله-: اتقوا الله -تعالى-. ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول -الله صلى الله عليه وسلم-: " لَا تَخْتَصُّوا لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ بِقِيَامٍ مِنْ بَيْنِ اللَّيَالِي وَلَا تَخُصُّوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِصِيَامٍ مِنْ بَيْنِ الْأَيَّامِ؛ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي صَوْمٍ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ ". لنتأمل هذا الحديث -عباد الله- متذكرين فضل يوم الجمعة وفضل ليلتها، ومع ذلكم قال نبينا -عليه الصلاة والسلام- ما قال من نهي عن تخصيص ليلتها بقيام وتخصيص يومها بصيام، ومن هذا -عباد الله- يستفاد أنه لو كان تخصيص شيء من الليالي بشيء من العبادات جائزاً لكانت ليلة الجمعة أولى من غيرها؛ لأن يومها هو خير يوم طلعت عليه الشمس بنص الأحاديث الصحيحة عن رسول الله -صلى عليه وسلم-، فلما حذّر النبي -عليه الصلاة والسلام- من تخصيصها بقيام من بين الليالي دل ذلكم على أن غيرها من الليالي من باب أولى لا يجوز تخصيصها بشيء من العبادات إلا بدليل صحيح ثابت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يدل على التخصيص.