وهذه الأنعام التي امتن الله بها على عباده، وجعلها كلها حلالا طيبا، فصلها بأنها: { ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ} ذكر وأنثى { وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ} كذلك، فهذه أربعة، كلها داخلة فيما أحل الله، لا فرق بين شيء منها، فقل لهؤلاء المتكلفين، الذين يحرمون منها شيئا دون شيء، أو يحرمون بعضها على الإناث دون الذكور، ملزما لهم بعدم وجود الفرق بين ما أباحوا منها وحرموا: { آلذَّكَرَيْنِ} من الضأن والمعز { حَرَّمَ} الله، فلستم تقولون بذلك وتطردونه، { أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ} حرم الله من الضأن والمعز، فليس هذا قولكم، لا تحريم الذكور الخلص، ولا الإناث الخلص من الصنفين. بقي إذا كان الرحم مشتملا على ذكر وأنثى، أو على مجهول فقال: { أَمْ} تحرمون { ما اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ} أي: أنثى الضأن وأنثى المعز، من غير فرق بين ذكر وأنثى، فلستم تقولون أيضا بهذا القول. ثمانية أزواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين قل آلذكرين حرم أم - الآية 143 سورة الأنعام. فإذا كنتم لا تقولون بأحد هذه الأقوال الثلاثة، التي حصرت الأقسام الممكنة في ذلك، فإلى أي شيء تذهبون؟. { نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} في قولكم ودعواكم، ومن المعلوم أنهم لا يمكنهم أن يقولوا قولا سائغا في العقل، إلا واحدا من هذه الأمور الثلاثة.
- ثمانية أزواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين قل آلذكرين حرم أم - الآية 143 سورة الأنعام
- داووا مرضاكم بالصدقة
ثمانية أزواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين قل آلذكرين حرم أم - الآية 143 سورة الأنعام
* * * و " الضأن " جمع لا واحد له من لفظه, وقد يجمع " الضأن " ، " الضَّئين والضِّئين ", مثل " الشَّعير " و " الشِّعير ", كما يجمع " العبد " على " عَبيد، وعِبيد ". (5) وأما الواحد من ذكوره فـ " ضائن ", والأنثى " ضائنة ", وجمع " الضائنة " " ضوائن ". وكذلك " المعز " ، جمع على غير واحد, وكذلك " المعزى " ، وأما " الماعز ", فجمعه " مواعز ". -------------------- الهوامش: (1) انظر تفسير (( الزوج)) فيما سلف 1: 514 / 2: 446 / 7: 515 / 12: 150. (2) من قصيدته العجيبة المعلقة ، وهذا البي في أوائل الشعر ، يصف هوادج ظعن الحي. و (( المحفوف)) ، يعني الهودج ، حف بالثياب والأنماط. و (( العصى)) ، خشب الهودج ، تظلله وتستره الثياب والأنماط. و (( الكلة)) الستر الرقيق. و (( الرقام)) ستر فيه رقم ونقوش وتماثيل. (3) انظر معاني القرآن للفراء 1: 360. (4) انظر تفسير (( النبأ)) ، فيما سلف من فهارس اللغة ( نبأ). (5) كل ذلك بفتح الضاد ، والشين ، و العين = ثم بكسر الضاد ، والشين ، والعين. وقد نصوا على ذلك في (( الضئين)) و (( الشعير)) ، ولم أوفق إلى العثور على ذلك في (( العبيد)) ، وهو موجود إن شاء الله فيما أذكر. ثمانية ازواج من الضأن. وقالوا: إن كسر (( الضاد)) لغة تميمية.
ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ ۖ مِّنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ ۗ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنثَيَيْنِ ۖ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (143) وهذا بيان لجهل العرب قبل الإسلام فيما كانوا حرموا من الأنعام ، وجعلوها أجزاء وأنواعا: بحيرة ، وسائبة ، ووصيلة وحاما ، وغير ذلك من الأنواع التي ابتدعوها في الأنعام والزروع والثمار ، فبين أنه تعالى أنشأ جنات معروشات وغير معروشات ، وأنه أنشأ من الأنعام حمولة وفرشا. ثم بين أصناف الأنعام إلى غنم وهو بياض وهو الضأن ، وسواد وهو المعز ، ذكره وأنثاه ، وإلى إبل ذكورها وإناثها ، وبقر كذلك. وأنه تعالى لم يحرم شيئا من ذلك ولا شيئا من أولاده. بل كلها مخلوقة لبني آدم ، أكلا وركوبا ، وحمولة ، وحلبا ، وغير ذلك من وجوه المنافع ، كما قال تعالى ( وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج) الآية [ الزمر: 6]. وقوله: ( أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين) رد عليهم في قولهم: ( ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا). وقوله: ( نبئوني بعلم إن كنتم صادقين) أي: أخبروني عن يقين: كيف حرم الله عليكم ما زعمتم تحريمه من البحيرة والسائبة والوصيلة والحام ونحو ذلك؟ وقال العوفي عن ابن عباس قوله: ( ثمانية أزواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين) فهذه أربعة أزواج ، ( ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين قل آلذكرين حرم أم الأنثيين) يقول: لم أحرم شيئا من ذلك ( أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين) يعني: هل يشمل الرحم إلا على ذكر أو أنثى فلم تحرمون بعضا وتحلون بعضا؟ ( نبئوني بعلم إن كنتم صادقين) يقول: كله حلال.
و لهذا قال: ٌ حسن لغيره ٌ و لكن بالرجوع إلى الموضع المشار إليه من ٌ الضعيفة ٌ لم أجده ذكر له طرقا البتة و إنما أحال على ٌ المقاصد الحسنة ٌ للحافظ السخاوي, فقال (7/488): ٌ وله طرق أخرى تجدها في ٌ المقاصد ٌ للسخاوي ٌ. وقد تكلمنا عليها طريقا طريقا و بينا ما فيها من ضعف. ثم إنه لا وجه لتحسين هذه الجملة منه فقط ؛ لأن السخاوي أورد طرقا فيها تقوية للحديث بأكمله لو كانت تصلح للتقوية.
داووا مرضاكم بالصدقة
و هذه قصة أخرى حدثني بها صاحبها فقال: لقد اشتكت طفلتي من الحمى و الحرارة ولم تعد تأكل الطعام و ذهبت بها لعدة مستوصفات فلم تنزل حرارتها و حالتها تسوء فدخلت المنزل مهموماً لا أدري ما أصنع فقالت لي زوجتي لنتصدق عنها. فاتصلت بشخص له علاقة بالمساكين
و قلت له أرجو ان تصلي العصر في المسجد و تأخذ مني 20 كيس أرز و 20 كرتون دجاج و توزعها على المحتاجين ، و أحلف بالله و لا أبالغ أنني بعد أن أقفلت سماعة الهاتف بخمس دقائق و إذا بطفلتي تركض و تلعب و تقفز على الكنبات و أكلت حتى شبعت وشفيت تماماً ، بفضل الله تعالى ثم الصدقة و أوصي الناس بالاهتمام بها عند كل مرض.
و قال ابن حبان: ٌ لا يحل الإحتجاج به بحال, يروي أحاديث لا أصل لها ٌ. و حكى الحافظ ابن حجر عنه في ٌ اللسان ٌ أنه قال كذلك: ٌ شيخ يزعم أنه سمع أبا أمامة, يروي عنه ماليس من حديثه ٌ. و على ضعفه, فإنه لم يرو إلا أحاديث يسيرة كما قال ابن عدي: ٌ أحاديثه غير محفوظة و هي نحو عشرة أحاديث ٌ. فمثله لا يصلح في التقوية, و الله أعلم.