فقال لهم أبو لهب: إنا لم نزل نعالجه فتبا له وتعسا. فأخبر بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاكتأب لذلك ؛ فأنزل الله تعالى: تبت يدا أبي لهب... السورة. وقيل: إن أبا لهب أراد أن يرمي النبي - صلى الله عليه وسلم - بحجر ، فمنعه الله من ذلك ، وأنزل الله تعالى: تبت يدا أبي لهب وتب للمنع الذي وقع به. ومعنى تبت: خسرت ؛ قال قتادة. وقيل: خابت ؛ قال ابن عباس. وقيل: ضلت ؛ قاله عطاء. وقيل: هلكت ؛ قاله ابن جبير. وقال يمان بن رئاب: صفرت من كل خبر. حكى الأصمعي عن أبي عمرو بن العلاء أنه لما قتل عثمان - رحمه الله - سمع الناس هاتفا يقول: لقد خلوك وانصرفوا فما أبوا ولا رجعوا ولم يوفوا بنذرهم فيا تبا لما صنعوا وخص اليدين بالتباب ، لأن العمل أكثر ما يكون بهما ؛ أي خسرتا وخسر هو. وقيل: المراد باليدين نفسه. وقد يعبر عن النفس باليد ، كما قال الله تعالى: بما قدمت يداك. سورة المسد تبت يدا أبي لهب وتب مكررة بالتجويد الشيخ أيمن سويد Surat Al-Masad The Palm Fiber Flame - YouTube. أي نفسك. وهذا مهيع كلام العرب ؛ تعبر ببعض الشيء عن كله ؛ تقول: أصابته يد الدهر ، ويد الرزايا والمنايا ؛ أي أصابه كل ذلك. قال الشاعر: لما أكبت يد الرزايا عليه نادى ألا مجير وتب قال الفراء: التب الأول: دعاء والثاني خبر ؛ كما يقال: أهلكه الله وقد هلك.
تبت يدا أبي لهب وتب
فقالت: يا أبا بكر ، إن صاحبك قد بلغني أنه يهجوني ، والله لو وجدته لضربت بهذا الفهر فاه ، والله إني لشاعرة: مذمما عصينا وأمره أبينا ودينه قلينا ثم انصرفت. فقال أبو بكر: يا رسول الله ، أما تراها رأتك ؟ قال: " ما رأتني ، لقد أخذ الله بصرها عني ". وكانت قريش إنما تسمي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مذمما ؛ يسبونه ، وكان يقول: " ألا تعجبون لما صرف الله عني من أذى قريش ، يسبون ويهجون مذمما وأنا محمد ". وقيل: إن سبب نزولها ما حكاه عبد الرحمن بن زيد أن أبا لهب أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ماذا أعطى إن آمنت بك يا محمد ؟ فقال: " كما يعطى المسلمون " قال ما لي عليهم فضل ؟. قال: " وأي شيء تبغي " ؟ قال: تبا لهذا من دين ، أن أكون أنا وهؤلاء سواء ؛ فأنزل الله تعالى فيه. تبت يدا أبي لهب وتب. وقول ثالث حكاه عبد الرحمن بن كيسان قال: كان إذا وفد على النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد انطلق إليهم أبو لهب فيسألونه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويقولون له: أنت أعلم به منا. تبت يدا أبي لهب وتب. فيقول لهم أبو لهب: إنه كذاب ساحر. فيرجعون عنه ولا يلقونه. فأتى وفد ، ففعل معهم مثل ذلك ، فقالوا: لا ننصرف حتى نراه ، ونسمع كلامه.
3- حرمة أذية المؤمنين مطلقا. 4- عدم إغناء القرابة شيئا من الشرك والكفر إذ أبو لهب عم النبي صلى الله عليه وسلم وهو في النار ذات اللهب.
القرآن الكريم/سورة المسد - ويكي مصدر
حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة ( تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ) قال: خسرت يدا أبي لهب وخسر. وقيل: إن هذه السورة نـزلت في أبي لهب, لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما خص بالدعوة عشيرته, إذ نـزل عليه: وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ وجمعهم للدعاء, قال له أبو لهب: تبا لك سائر اليوم, ألهذا دعوتنا ؟ * ذكر الأخبار الواردة بذلك: حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا أبو معاوية, عن الأعمش, عن عمرو, عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس قال: صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم الصفا, فقال: " يا صَباحاهُ! " فاجتمعت إليه قريش, فقالوا: مالك ؟ قال: " أرأيْتُكُمْ إنْ أخْبَرْتُكُمْ أنَّ العَدُوَّ مُصَبِّحُكُمْ أوْ مُمَسِّيكُمْ, أما كُنْتُمْ تُصَدقُونَنِي؟" قالوا: بلى, قال: " فإني نَذِيرٌ لَكُمْ بَينَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ", فقال أبو لهب: تبا لك, ألهذا دعوتنا وجمعتنا ؟! تبت يدا أبي لهب وتب. فأنـزل الله: ( تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ) إلى آخرها. حدثني أبو السائب, قال: ثنا أبو معاوية, عن الأعمش, عن عمرو, عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس, مثله.
القول في تأويل قوله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه: تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) يقول تعالى ذكره: خسرت يدا أبي لهب, وخسر هو. وإنما عُنِي بقوله: ( تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ) تبّ عمله. وكان بعض أهل العربية يقول: قوله: ( تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ): دعاء عليه من الله. تبت يدا أبي لهب یت. وأما قوله: ( وَتَبَّ) فإنه خبر. ويُذكر أن ذلك في قراءة عبد الله: " تَبَّتْ يَدَا أبِي لَهَبٍ وَقَدْ تَبَّ". وفي دخول " قد " فيه دلالة على أنه خبر, ويمثِّل ذلك بقول القائل, لآخر: أهلكك الله, وقد أهلكك, وجعلك صالحا وقد جعلك. وبنحو الذي قلنا في معنى قوله: ( تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ) قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ): أي خسرت وتب. حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قول الله: ( تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ) قال: التبّ: الخسران, قال: قال أبو لهب للنبيّ صلى الله عليه وسلم: ماذا أُعطَى يا محمد إن آمنت بك؟ قال؟ " كمَا يُعْطَى المُسْلِمُون ", فقال: ما لي عليهم فضل ؟ قال: " وأيّ شَيْءٍ تَبْتَغِي؟" قال: تبا لهذا من دين تبا, أن أكون أنا وهؤلاء سواء, فأنـزل الله: ( تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ) يقول: بما عملت أيديهم.
سورة المسد تبت يدا أبي لهب وتب مكررة بالتجويد الشيخ أيمن سويد Surat Al-Masad The Palm Fiber Flame - Youtube
سورةُ المَسَد
> سورةُ المَسَد وعدد آياتها خمس أخرج البخاري عن ابن عباس: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم خرج إلى البطحاء، فصَعِدَ الجبلَ فنادى: «يا صباحاه». فاجتمعت قريش، فقال: «أرأيتم إن حدَّثتكم أنَّ العدوَ مُصَبِّحَكم أو ممسيكم، أكنتم مصدِّقِيَّ»؟ قالوا: نعم. القرآن الكريم/سورة المسد - ويكي مصدر. قال: «فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد. فقال أبو لهب: ألهذا جمعتنا؟ تبًّا لك، فأنزل الله: ((تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ)) إلى آخرها. 1 - 5 - قولُه تعالى: ((تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ *مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ *سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ *وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ *فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ)). هذا دعاء بالهلاك والخسران على عمِّ الرسول صلّى الله عليه وسلّم المَكْنِيِّ بأبي لهب، وقد حصل له هذا، ذلك جزاءَ قولِه للنبي صلّى الله عليه وسلّم: «تبًّا لك سائر اليوم، ألهذا جمعتنا؟». ثمَّ أخبر اللَّهُ أنَّ مالَ أبي لهب وولدَه لا ينفعونه ولا يَرُدُّون عنه عذابَ الله، وأنه سيدخل ناراً تتوقَّد تشويه بحرِّها، وأنه ستدخل معه زوجُه أمُّ جميلٍ التي كانت تؤذي رسولَ الله صلّى الله عليه وسلّم بحمل الحطبِ الذي فيه الشوكُ فتلقيه في طريقه، وقد جعل الله في عُنقها حبلاً مجدولاً ومفتولاً من ليف أو غيره، يكون عليها كالقلادة التي توضع على العنق، جزاء ما كانت تصنع في الدنيا برسول الله صلّى الله عليه وسلّم، والله أعلم.
فنطق أبو لهب فقال: ألهذا جمعتنا تبا لك طول اليوم فأنزل الله تعالى رداً عليه { تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ} أي خسر أبو لهب وخسر كل شيء له وهذه جملة دعائية ولذا هلك بمرض خطير لم يتمكنوا من غسله فأراقوا عليه الماء، فقط وقوله { وَتَبَّ} إخبار من الله تعالى بهلاك عبد العزى أبي لهب وقوله { مَآ أَغْنَىٰ عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ} أي لما سخط الله عليه وأدخله ناره لم يغن عنه أي لم يدفع عنه العذاب ماله ولا ولده. وقوله تعالى { سَيَصْلَىٰ نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ} أي تَوقُّدٍ وتأجُّجٍ. { وَٱمْرَأَتُهُ} أم جميل العوراء { حَمَّالَةَ ٱلْحَطَبِ} حيث كانت تأتي بشوك السعدان وتضعه في طريق النبي صلى الله عليه وسلم عند ذهابه إلى صلاة الصبح بالمسجد الحرام. وقوله تعالى { فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ} أي في عنقها حبل من ليف النخل أو مسد شجر الدوم بهذا حكم الله تعالى على أعدائه وأعداء رسول الله صلى الله عليه وسلم. هداية الآيات: من هداية الآيات: 1- بيان حكم الله بهلاك أبي لهب وإبطال كيده الذي كان يكيده لرسول الله صلى الله عليه وسلم. 2- لا يغني المال ولا الولد عن العبد شيئا من عذاب الله إذا عمل بمساخطه وترك مراضيه.
وينظر:"فتح القدير" للشوكاني (4 /11) و"تفسير الثعالبي" (3 /109). - وقيل: المراد بالمحصنات
في الآية (الأنفس المحصنات) ؛ فتعم بذلك الرجال والنساء.
ما هو القذف وما حكمه؟ - صالح بن فوزان الفوزان - طريق الإسلام
ولفظُ الإحصان ورَد في الشرع بمعنى: العفاف، وبمعنى: الحرية، وبمعنى: الإسلام، وبمعنى: التزويج، والمراد بـ (المحصنة) هنا: الحرة العفيفة المسلمة، وليس هذا الحكم خاصًّا بقذف المحصنات دون المحصنين. فلا نزاعَ عند أهل العلم في أنَّ مَن قذف حرًّا عفيفًا مسلمًا، يستوي في الحكم بمن قذف حرة عفيفة مسلمة، وإنما خص في الآية المحصنات؛ لأنَّ قذفَ النِّساء أشنع وأبشَع. وقيل: المراد الأنفس المحصنات أو الفروج المحصنات، وهو على هذين يشمل الرجال والنساء بنفس النص. وقد أجمع الفقهاء على أنه يشترط في القاذف أن يكون بالغًا عاقلًا مختارًا، وليس أبًا للمقذوف،
والجمهور على أنه يشترط في المقذوف أن يكون حرًّا بالغًا عاقلًا مسلمًا عفيفًا عن الزنا؛ لأنها من مستلزمات الإحصان. لِمَ ذكرت آية القذف ” النساء المحصنات ” ولم تذكر الرجال ؟ [فتوى] | أكثرُ وعْياً. فمَن قذَف مملوكًا أو مجنونًا أو صبيًّا أو كافرًا أو متهمًا بالفاحشة، لا يُحد، غير أنه يُعزَّر. وقال مالك والليث بن سعد: يُحد قاذف المجنون؛ لأنه أهان عِرضه. وقال مالك: يحد مَن قذف صبية يُجامَع مثلُها؛ لشدة الضرر الذي يلحقها ويلحق أسرتها، وقد روي نحو هذا عن الإمام أحمد. كما ذهب الزُّهري وسعيد بن المسيب وابن أبي ليلى: إلى أنَّ من قذف كتابية لها ولد من مسلم، فإنه يحد لحرمة ولدها.
إِلا
الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ
غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [سورة النور: الآيتين 4، 5]. والحاصل أن القذف بجريمة الزنا أو اللواط كبيرة من كبائر الذنوب يجب
على المسلم أن يطهر لسانه منه وأن يحترم أعراض المسلمين ولا يخوض
فيها. 87
10
525, 074
لِمَ ذكرت آية القذف ” النساء المحصنات ” ولم تذكر الرجال ؟ [فتوى] | أكثرُ وعْياً
السؤال: ما هو القذف وما حكمه؟
الإجابة: القذف هو الرمي بفاحشة الزنا واللواط هذا هو القذف، وحكمه هو محرم
وكبيرة من كبائر الذنوب ورمي الإنسان بالزنا أو اللواط كبيرة من كبائر
الذنوب فالله يقول: { إِنَّ الَّذِينَ
يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي
الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ. يَوْمَ تَشْهَدُ
عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا
يَعْمَلُونَ. يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ
وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ} [سورة
النور: الآيات 23، 25]، هذا جزاؤه في الآخرة، أما جزاؤه في الدنيا فهو
عدة أمور:
الأول: يقام عليه الحد بأن يجلد ثمانين جلدة إذا لم يأت بأربعة شهود
يشهدون على ما نطق به لقوله تعالى: { وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ
لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ
جَلْدَةً} [ سورة النور: آية 4]. لِمَ ذكرت آية القذف " النساء المحصنات " ولم تذكر الرجال ؟ - الإسلام سؤال وجواب. الثاني: سقوط عدالته لقوله تعالى: { وَلا
تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً} [سورة النور: آية
4]. الثالث: وصفه بالفسق لقوله تعالى: { وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ.
قال ابن جزي رحمه الله: " والمحصنات يراد بهن هنا العفائف من النساء ، وخصهن بالذكر لأن قذفهن أكثر وأشنع من قذف الرجال ، ودخل الرجال في ذلك بالمعنى ، إذ لا فرق بينهم ، وأجمع العلماء على أن حكم الرجال والنساء هنا واحد " انتهى من "التسهيل" (ص 1214). وينظر:"فتح القدير" للشوكاني (4 /11) و"تفسير الثعالبي" (3 /109). – وقيل: المراد بالمحصنات في الآية (الأنفس المحصنات) ؛ فتعم بذلك الرجال والنساء.
لِمَ ذكرت آية القذف &Quot; النساء المحصنات &Quot; ولم تذكر الرجال ؟ - الإسلام سؤال وجواب
تفسير آية: ﴿ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ... ﴾
قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النور: 4، 5]. الغَرَض الذي سِيقَتْ له الآيتان: بيان حد القذف وما يتعلق به. ومناسبتهما لما قبلهما: لما ذكر حد الزنا وحكم نكاح الزناة، بيَّن هنا حد القذف بالزناة وما يتعلَّق به. ومعنى ﴿ يَرْمُونَ ﴾ يقذفون، والمراد هنا: القذف بالزنا لدلالة السياق عليه؛ إذ الكلام قبله وبعده في شأن الزنا؛ كما أنَّ قوله: ﴿ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ ﴾ يدل على ذلك؛ إذ إن هذا العدد إنما يُشترط لإثبات الزنا خاصة. ولا يُشترط في الرامي أن يكون رجلًا: للإجماع على عدم اشتراط الذكورة في القاذف. ما هو القذف وما حكمه؟ - صالح بن فوزان الفوزان - طريق الإسلام. كما أنَّ قوله: ﴿ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ ﴾ يشمل بعمومه مَن قذف زوجته، لكن الزوج مخصوص بقوله فيما بعد: ﴿ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ ﴾. و(المحصنات) جمع مُحصَنة، وأصل الإحصان المنع، والمحصَن - بفتح الصاد - يطلق على معنى اسم الفاعل، وعلى معنى اسم المفعول، فقد سُمع في كلام العرب: أحصن فهو محصَن، وأسهب فهو مسهَب، وأفلج - إذا افتقر - فهو مفلَج، وعلى وزن اسم المفعول في الجميع.
وقد قال ابن قتيبة في كتابه "الشعر والشعراء" (ص 187 - 190، طبع ليدن، 1902م): بأنه كان فاسقًا رقيق الإسلام؛ اهـ. واختلفوا فيمن رمى محصنًا بعمل قوم لوط، فقيل: يُحد، وقيل: يُعزَّر ولا يُحد. وقوله تعالى: ﴿ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾؛ أي: ثم لم يجيئوا على هذا الرمي بأربعةٍ يشهدون بثبوت الزنا على المقذوف، فاضربوهم ثمانين سوطًا، واطرحوا شهادتهم، فلا تقبلوا لهم شهادة، وسموهم الفسقة. والتعبير بـ(ثم) للإشعار بجواز تأخير الإتيان بالشهود، وإنما شرط الأربعة رحمةً بعباده وسترًا لهم، فلو نقص الشهود عن أربعة اعتبروا قاذفين، وأقيم عليهم الحد، وإنما يعتبرون فاسقين في هذه الحالة مع أنهم قد يكونون شاهدوا زنا المقذوف حقًّا؛ لأن الإسلام يُوجِب عليهم إذا لم يستطيعوا الإثبات أن يستروا؛ صيانةً للمجتمع أن تشيع فيه الفاحشة دون زاجر عنها، فإذا لم يستروا كانوا فاسقين عن أمر الله المقتضي للستر. والمخاطب بالأمر في قوله: ﴿ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً ﴾ الحكام ونوابهم، والأمر للوجوب، فيجب على الإمام أو نائبه جلد القاذف وإن لم يطالب المقذوف.