عباد الله.. كيف يتفاخر الناسُ بالآباء والأحساب والأنساب؛ وآدمُ عليه السلام هو أبو البشر جميعاً؟! وقد خُلِقَ من تُراب؛ لقول النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ مِنْ قَبْضَةٍ قَبَضَهَا مِنْ جَمِيعِ الْأَرْضِ, فَجَاءَ بَنُو آدَمَ عَلَى قَدْرِ الْأَرْضِ؛ جَاءَ مِنْهُمُ الْأَحْمَرُ وَالْأَبْيَضُ وَالْأَسْوَدُ, وَبَيْنَ ذَلِكَ, وَالسَّهْلُ وَالْحَزْنُ, وَالْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ» صحيح – رواه أبو داود. فأصل البشر جميعاً إلى التُّراب والطِّين, فلا يجوز لأحد – بعد ظهور هذه الحقيقة – أنْ يَفتخر بآبائه ونسبه على أحد؛ فإنَّ التفاضل بين بني آدم لا يكون إلاَّ بالتقوى. ولَمَّا خَطَبَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ - قَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ! إن أكرمكم عند الله أتقاكم - الجبهة السلفية. أَلاَ إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ, وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ, أَلاَ لاَ فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ, وَلاَ لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ, وَلاَ أَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ, وَلاَ أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ؛ إِلاَّ بِالتَّقْوَى» صحيح – رواه أحمد. وقال عليه الصلاة والسلام: «كُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا, الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ, لاَ يَظْلِمُهُ وَلاَ يَخْذُلُهُ وَلاَ يَحْقِرُهُ, التَّقْوَى هَا هُنَا وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ, بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ, كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ» رواه مسلم.
10 - إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم
ونَهَى – أيضاً - عن احتقار الناس وازدرائهم, وأبان بأنَّ ذلك يصدر – في الغالب – عَمَّنْ غلب عليه داءُ الكِبْرِ والجهل, لذا يَسْتَصْغِرُ غيره, ويَنْظُر إلى نفسه بعين الرضا؛ فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه؛ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ. قَالَ رَجُلٌ: إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا, وَنَعْلُهُ حَسَنَةً. قَالَ: إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ. 10 - إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم. الْكِبْرُ: بَطَرُ الْحَقِّ [أي: دَفْعُهُ ورَدُّه] وَغَمْطُ النَّاسِ [أي: هو احتقارُهم وازدراؤُهم]» رواه مسلم. الخطبة الثانية
الحمد لله... عباد الله.. إنَّ النَّجاة من النار لا تكون إلاَّ بالإسلام؛ فعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه قَالَ: انْتَسَبَ رَجُلاَنِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم, فَقَالَ أَحَدُهُمَا: أَنَا فُلاَنُ بْنُ فُلاَنِ بْنِ فُلاَنٍ, فَمَنْ أَنْتَ لاَ أُمَّ لَكَ؟! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «انْتَسَبَ رَجُلاَنِ عَلَى عَهْدِ مُوسَى عليه السلام, فَقَالَ أَحَدُهُمَا: أَنَا فُلاَنُ بْنُ فُلاَنٍ حَتَّى عَدَّ تِسْعَةً, فَمَنْ أَنْتَ لاَ أُمَّ لَكَ؟!
إن أكرمكم عند الله أتقاكم - الجبهة السلفية
إن من المعاني العظيمة التي أكّد عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقرّرها في حجة الوداع لزومَ تقوى الله عز وجل، والحرصَ على نيل رفيع الرتب، وعالي الدرجات بتحقيقها لا بالفخر بالأنساب والأحساب، فالكلُّ بنو آدم، وآدم من تراب، ولا فضل لعربي على عجمي، ولا عجمي على عربي إلاّ بتقوى الله عز وجل. روى الإمام أحمد في مسنده (1) عن أبي نضرةَ قال: حدثني من سمع خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم في وسط أيام التشريق فقال: (( يا أيها الناس ألا إنَّ ربكم واحد، وإنَّ أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا أسود على أحمر إلاّ بالتقوى، أبلغت؟ قالوا: بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم). فقرّر صلى الله عليه وسلم في هذه الخطبة العظيمة والبيان البليغ أن التفاضل ونيلَ الفضل إنما هو بتقوى الله عز وجل لا بأيِّ أمر آخر، كما قال الله عز وجل: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات:13] ، فأكرم الناس عند الله أتقاهم له، أي: أكثرهم محافظة على طاعته، وانكفافاً عن معصيته، إذ التقوى هي العمل بطاعة الله على نور من الله رجاءَ ثواب الله، والبعدُ عن معصية الله على نور من الله خيفةَ عقاب الله.
فهذا أبو ذر مع صدق إيمانه، وسابقته في الإسلام، لامه النبي صلى الله عليه وسلم، وعاتبه لما خالف هذه القاعدة القرآنية العظيمة، وعيّر الرجل بمنطق أهل الجاهلية! وليس هذا الموقف الوحيد الذي ربّى فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - على الاهتداء بهدي هذه القاعدة، بل كررها بعدة أساليب بيانية، وعملية، ولعلي أكتفي بهذين الموقفين الذين لا يمكن أن تنساهما العرب ولا قريش أبد الدهر:
أما الموقف الأول:
فهو يوم فتح مكة، حين أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بلالاً أن يصعد فوق الكعبة ليرفع الأذان ، في مشهد ما ظنّ بعض مُسْلِمةِ الفتح أن يعيش ليرى هذا العبد الحبشي يقف كهذا الموقف! ولكنه الإسلام، والهدي النبوي الذي يربي بالفعل والقول. ان اكرمكم عند الله اتقاكم بالانجليزي. وفي ذات اليوم ـ فتحِ مكة ـ يدخل النبي - صلى الله عليه وسلم - الكعبةَ ويصلي فيها، ولك أن تتفكر من هي الشخصيات المتوقعة التي حظيت بشرف مرافقته في دخوله هذا، والذي أغلق عليه الباب بعد دخوله ومن معه؟! لعله أبو بكر وعمر رضي الله عنهما؟ كلا.. إذن لعله صهره وزوج ابنتيه ذي النورين عثمان، وابن عمه علي رضي الله عنهما؟ كلا.. إذن لعله دخل بعض مسلمة الفتح من أكابر قريش؟ كلا, بل لم يدخل معه سوى: أسامة بن زيد ـ مولاه ابن مولاه ـ وبلال الحبشي، وعثمان بن طلحة المسؤول عن مفتاح الكعبة [البخاري:2826، ومسلم:1329]!
ومن خصالهم: التكاسل عن الصلاة والتثاقل عنها وقلة الذكر يعني: يغلب عليهم الغفلة، ومن خصالهم الرياء في أعمالهم، يصلون رياءً، يتصدقون رياءً، يذكرون الله رياءً، ومن خصالهم الخبيثة أنهم ما لهم ثبات عندهم تردد تارة مع المؤمنين وتارة مع الكافرين، قد ترددوا في دينهم وتذبذبوا، ولهذا قال: مذبذبين ليس لهم ثبات لا مع أهل الحق ولا مع أهل الباطل، هم مع من رأوا المصلحة أن يكونوا معه في دنياهم، فإن نصر الكفار صاروا معهم وإن نصر المؤمنون صاروا معهم لطلب الدنيا والأمان ونحو ذلك، نسأل الله العافية، هذه حالهم عدم الثبات. نعم. المقدم: جزاكم الله خيرًا. حديث: آية المنافق ثلاث.... شرح حديث
الجواب: الرسول ﷺ أخبر عن المنافقين بخصال ليحذرنا منها، حتى نبتعد عنها، يقول ﷺ: آية المنافق
حديث: آية المنافق ثلاث...
آية المنافق ثلاث - YouTube
النوع الثاني: النفاق الأصغر وهو النفاق العملي، ومعناه قيام المسلم بعمل شيءٍ من أعمال المنافقين، لكن مع بقاء إيمانه في قلبه، وهذا النوع من النفاق لا يعتبر مُخرِجٌ من الملّة، لكنه وسيلةٌ إلى ذلك، فالمنافق من هذا النوع يكون في قلبه إيمانٌ ونفاقٌ، وإذا أكثر من النفاق أصبح منافقاً خالصاً. المصدر: