وإذا كان المرء يريد أن يتمتع بأمر من الأمور، فاللازم أن يكون هذا التمتع بعيداً عن الإضرار بسواه، وهذه الطرق ليست ملكاً لشخص دون شخص، ولذلك يجب على المسلم أن يرعى حقوقها، وأن يتحلى بآدابها حتى ينتفع بها من جهة ويمكن بقية الناس من الانتفاع بها من جهة أخرى. والأصل في الطريق، أن تكون للسير والانتقال بوساطتها من مكان إلى مكان، لا أن تكون محلاً للجلوس أو العمل، ولذلك حذّر الرسول صلى الله عليه وسلم من الجلوس عليها فقال: "إياكم والجلوس في الطرقات" فليس شأن المسلم أن يعوق الناس عن أعمالهم، أو يسبب المتاعب لهم، أو يقتل وقته في الجلوس على الطرقات بلا ثمرة أو موجب، بل شأنه أن ينصرف إلى عمله وواجبه – والعلة في التحذير من الجلوس على الطرق، ما فيه من التعرض للفتنة بالنظر إلى من يحرم النظر إليه. ولما كان التحذير للإرشاد والتعليم، لا للموجب والالتزام، راجع الصحابه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا " يا رسول الله، مالنا بد من مجالسنا" أي يصعب علينا أن نتجنب الجلوس فيها أحياناً لكي نتحادث فيما نحتاج إليه، فأمرهُم بأن يحفظوا للطرقات حقوقها وآدابها، فقال " فإذا أبيتم إلا الجلوس. 72 من حديث: ( إياكم والجلوس في الطرقات..). فأعطوا الطريق حقه" فسألوه وما حق الطريق ليعرفوه فيلزموه، فأجابهم صلوات الله وسلامه عليه بأن حق الطريق: هو غض البصر وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
72 من حديث: ( إياكم والجلوس في الطرقات..)
ورَدُّ السَّلامِ: وهذا واجبٌ، وفيه إكرامٌ للمارِّ -وهو الَّذي يَبتدِئُ بالسَّلامِ على الجالِسِ- والسَّلامُ ورَدُّه رَسولُ الأُلفةِ وداعِيةُ المَحبَّةِ؛ فعلى الجالِسِ ألَّا يَسأَمَ كَثرَتَه مِن المارِّين؛ فإنَّ المارَّ يَتحبَّبُ به إلى الجالِسِ ويُحيِّيهِ ويُكرِمُه؛ فعلى الجالِسِ أنْ يَرُدَّ السَّلامَ والتَّحِيَّةَ بمِثلِها أو أحسَنَ مِنها، ويَوَدُّ مَن وادَّه، ويُكرِمُ مَن أكرَمَه، كما قالَ اللهُ تعالَى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء: 86].
الجلوس في الطرقات حديث - موارد تعليمية
هذه بعض وصايا الإسلام الحكِيمة في آداب المجتمعات والأندِية والطُّرقات، وهي كما ترى دقِيقة المبنى، جزيلة المعنى، توافِق الفِطَر السَّليمة وتأخذ بها إلى المثَل الأعلى من الكمال، فلو أنَّ النَّاس أخذوا أنفسَهم بها لكنَّا اليوم خيرَ أمَّة أ ُ خرجَت للناس، كما هو وضعنا الذي خُلِقنا لأجله، وصدق الله العظيم حيث يقول: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ [الرعد: 11]، ورحم الله امرأً سمِع الحكمةَ فوعاها، وحفظها وعمل بها وعلَّمها غيرَه، أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده، والسلام على من اتبع الهدى.
إياكم والجلوس على الطرقات (2)
•´:: الحديث والسيرة النبوية انتقل الى:
في الطرقات - طريق الإسلام
خامساً: النهي عن المنكر:
فإذا رأيتم أحداً مرّ وهو يفعل المنكر، مثل أن يمرّ وهو يشرب الدخان أو ما أشبه
ذلك من المنكرات، فأنهوه عن ذلك ، فهذا حق الطريق. ففي هذا الحديث يُحذر
النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين من الجلوس على الطرقات، فإن كان لابد من ذلك ،
فإنه يجب أن يعطى الطريق حقَّه. وحق الطريق خمسة
أمور؛ بينها النبي عليه الصلاة والسلام وهي:" غضُّ البصر ، وكف الأذى ،
وردُ السلام، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ". هذه حقوق الطريق
لمن كان جالساً فيه كما بينها النبي صلى الله عليه وسلم، والله الموفق. الحمد لله رب العالمين
297 أخرجه البخاري، كتاب المظالم، باب أفنية الدور والجلوس فيها.. ، رقم ( 2465) ، ومسلم ، كتاب اللباس والزينة، باب النهي عن
الجلوس في الطرقات، رقم ( 2121). مدونة فذكر
اللهُم إِرحَم مَوتانا مِن المُسلِمين وَإجمَعنا
بهِم فيِ جَنّات النَعيمْ. تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال
لاتحرمنا التعليق
مواضيع ذات صلة
اهـ. وفي الإفصاح عن معاني الصحاح لابن هبيرة: وأراد بهذه الألفاظ -صلى الله عليه وسلم- أن كل حركة في الفتن فتنة، ويصل من الشر إلى التحرك فيها بمقدار حركته منها. اهـ. وأما قولك: (أم لا يخرج أصلًا؟ علمًا أنه عزب): فإن اجتناب الخروج لغير حاجة إلى الطرقات التي هي مظنّة لوجود المتبرّجات، من الورع الحسن المحمود. وأما الامتناع عن الخروج إلى الطرقات مطلقًا مع وجود الحاجة والمصلحة الراجحة؛ فهذا من التعمّق والغلوّ المذموم شرعّا. وانظر للفائدة الفتاوى: 135799 ، 75805 ، 112579. والله أعلم.
س: كلٌّ يدَّعي اليوم الفقر؟
ج: ولو، تسأل عنه إذا كانت عندك زكاة، فتسأل الذين يعرفون حاله، وإذا لم يكن فيه شيءٌ يدل على غناه تُعطه، فالرسول ﷺ لما تقدَّم إليه شخصان قويَّان قال: إن شئتُما أعطيتُكما، ولا حظَّ فيها لغنيٍّ، ولا لقويٍّ مُكْتَسِبٍ ، فعليك أن تُعلمه وأنت تعطيه الزكاة وتقول: إن كنتَ من أهلها فلا بأس، إذا كنت تشكّ. س: ما تعريف الفقير؟ وما تعريف المسكين؟
ج: الفقير: شديد الحاجة، والمسكين: الذي عنده بعض الشيء. س: عنده بعض الشيء في خلال العام أم اليوم؟
ج: لا، العام، فعنده كسبٌ ولكن لا يكفيه. س: قد يكون قويًّا ولكن لا يجد عملًا؟
ج: يُعْطَى من الزكاة، لا بدّ أن يكون قويًّا وعنده كسبٌ، والذي ما عنده كسبٌ يُعْطَى. س: رجل دخل المسجد والإمام في التّحيات في الركعة الأخيرة والصف قد اكتمل، هل يجلس ويُصلي وحده؟
ج: يُصلي وحده. س: هل يصفّ في الصف؟
ج: لا، يُصلي وحده. س: يعني: ما يدخل مع الجماعة؟
ج: لا، ما يدخل مع الجماعة ما دام أنه لم يجد فرجةً. شرح حديث من أصبح منكم آمنا في سربه. س: طيب وإن صلَّى هل تلزمه الإعادة؟
ج: نعم، فالرسول ﷺ أمر بالإعادة مَن صلَّى وحده. س: قوله: إنَّك أن تُمْسِك الفضل شرٌّ لك من أن تنفقه ما زاد عن حاجته؟
ج: نعم، فكون الإنسان عنده مال وسعة ولا يُنْفِق شرًّا له، والإنفاق خيرٌ له.
شرح حديث من أصبح منكم آمنا في سربه
🔹المصدر: الموقع الرسمي للشيخ حفظه الله رابط القناه على اليوتيوب الموقع رابط الجروب رابط الصفحة رابط تويتر
من أصبح آمنا في سربه
الأمن مطلب فطري ومبتغى بشري، تشرئبّ له الأعناق، وتميل إليه كل نفس وتشتاق، وقد جعله الله أعظم نعمِهِ على خلقه، فقال سبحانه ممتنًا على عباده: (أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ)، وقال جلَّ ذكره في الآية الأخرى: (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً للنَّاسِ وأَمنًا). آمناً في سربه | الاخبارية. وقد كان الأمن المطلب الأول في دعوة نبينا إبراهيم عليه السلام، يقول تعالى مخبرًا عنه: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ) فبدأ بالأمن قبل الرزق، إذ لا بقاء للرزق من غير أمن. ويؤكد نبينا عليه الصلاة والسلام هذا المعنى، ملفتًا لعظيم نعم الله على عباده، وجزيل مِنَنِه، حيث يقول: (مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا). عندما يسكن روعك وتَأمَنُ نفسك؛ تستطيع أن تعبد ربك، وأن تمشي في حاجتك، دون خوف أو وجل. يحدثنا تاريخ الجزيرة العربية القديم عن قطّاع الطرق، ولصوص القوافل، وكيف كانت صولتهم وجولتهم؛ من استيلاء على الأموال، واستباحة للدماء، وانتهاك للحرمات، تجعل المسافرَ يحمل همّ قطاع الطريق قبل مشقته، ولصوص السفر قبل وعثائه، حتى قيّض الله لهذه البلاد من يجمع شتاتها، ويستثمر خيراتها، تحت راية واحدة، وبقيادة رائدة، عرفها الآباء والأجداد، وتنعّم بظلها الأولاد والأحفاد، كل ذلك بتوفيق الله ثم بجهود المخلصين، ورعاية الناصحين من أئمة هذه الدولة المباركة وحكامها، وسنظل كذلك ـ بحول الله ـ نتقلب في نعم الله، آمنين مؤمنين، سامعين مطيعين لمن ولاه الله أمرنا، وأوجب علينا طاعته والسمع له.
من أصبح منكم آمنا في سربه
فالعناية الصحية قد تكون عن مرض، أما العافية فهي سلامة أصلية. 3) قوت اليوم. وتأمل كلمة «قوت» فهي دالة على الكفاف من الضروري والحاجي لا زائد عليهما من التوسع والتبذير والترف. إلى هذه المطالب الثلاثة تنتهي أساسيات الرخاء وإليها تعود مكملاته. والحديث الشريف يفصل منة الله عز وجل على عبادة، ويترجم عنها. آمناً في سربه .. | صحيفة رسالة الجامعة. تلك المنة التي كفر بها الظلمة المشركون، ودعي المؤمنون لعبادة الله شكرا عليها. قال الله عز وجل ذو الفضل العظيم والطول الجسيم في سورة قريش: {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاء وَالصَّيْفِ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ} (قريش، 4-1). فجمع لهم سبحانه من الخير أطرافه، إذ يسر لهم أسباب الكسب، وبسط أيديهم له، وسرح طريق السعي إليه، وبسط من الرزق بواسطته ما يطعم الجائع ويسلح المدافع، ويعطى الهيبة والأمن لقوم معظمي الجانب. تبصر رحمنا الله وإياك كيف ذكرت منَّتا الإطعام من جوع والإيمان من خوف بعد ذكر رحلة الشتاء والصيف، وما في ثنايا الرحلة من كسب، وتجارة، وتعب، واتخاذ أسباب، لتعرف مواقع الكلم، ومضارب الحكمة والأمثال، في كلام رب العالمين.
حديث من بات آمنا في سربه
[4] برقم (٥٠٧٤) وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (3/957) برقم (2349). [5] برقم (3558)، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي (3/180) برقم (2821). [6] برقم (٦٤١٢). [7] (5/435) برقم (٧٩١٦)، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع الصغير برقم (1077). [8] برقم (٦٤١٦). [9] برقم (١٥٤٧) وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (1/288)، برقم (1368). [10] البخاري برقم (٦٤٦٠)، ومسلم برقم (١٠٥٥). [11] البخاري برقم (٦٤٩٠)، ومسلم برقم (٢٩٦٣). [12] صحيح مسلم بشرح النووي (6/97). حديث من بات آمنا في سربه. [13] برقم (2979).
قال ابن جرير وغيره: هذا حديث جامع لأنواع من الخير؛ لأن الإنسان إذا رأى من فضل عليه في الدنيا طلبت نفسه مثل ذلك، واستصغر ما عنده من نعمة الله تعالى، وحرص على الازدياد ليلحق بذلك أو يقاربه، هذا هو الموجود في غالب الناس، وأما إذا نظر في أمور الدنيا إلى من هو دونه فيها ظهرت له نعمة الله تعالى عليه فشكرها وتواضع وفعل فيه الخير. اهـ [12]. وأختم بهذا الحديث الذي يبين أن كثيرًا من الناس يعيشون عيشة الملوك:
روى مسلم في صحيحه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنه -: أن رجلًا سأله فقال: ألسنا من فقراء المهاجرين؟ فقال له عبد الله: ألك امرأة تأوي إليها؟ قال: نعم. قال: ألك مسكن تسكنه؟ قال: نعم. قال: فأنت من الأغنياء. قال: فإن لي خادمًا. قال: فأنت من الملوك [13]. قال الشاعر:
إذا اجتمع الإسلام والفوت للفتى
وأضحى صحيحًا جسمه وهو في أمنِ
فقد ملك الدنيا جميعًا وحازها
وحق عليه الشكر لله ذي المنِّ
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. من أصبح منكم آمنا في سربه. [1] وحيزت: جمعت. [2] برقم (2346)، وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي (2/274) برقم (1913). [3] (20/309) برقم ( ١٣٠٠٤) وقال محققوه: إسناده صحيح على شرط مسلم.
وروى الترمذي في سننه من حديث معاذ بن رفاعة عن أبيه قال: قام أبوبكر الصديق على المنبر، ثم بكى، فقال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الأول على المنبر ثم بكى، فقال: " « سلوا الله العفو والعافية، فإن أحدًا لم يعط بعد اليقين خيرًا من العافية » "[5]. وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الكثير من الناس مفرط ومغبون في هذه النعمة، روى البخاري في صحيحه من حديث عبد الله بن عباس - رضي الله عنه - قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " « نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ » "[6]. وأرشد النبي صلى الله عليه وسلم أمته إلى اغتنام الصحة قبل المرض ، روى الحاكم في المستدرك من حديث ابن عباس - رضي الله عنه -: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " « اغتنم خمسًا قبل خمس... وذكر منها: صحتك قبل سقمك » "[7]. وكان ابن عمر- رضي الله عنه - كما في صحيح البخاري يقول: " « إذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك » "[8]. الدرر السنية. والذي يزور مستشفيات المسلمين ويرى ما ابتلي به إخوانه من الأمراض الخطيرة التي عجز الطب الحديث عن علاج بعضها ليحمد الله - عز وجل - صباحًا ومساءً على نعمة العافية، وصدق الله إذ يقول: ﴿ { وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} ﴾ [إبراهيم: 34].