والواقع يشهد به، فإن يسر الله له معلماً يحسن طريقة التعليم، ومسالك التفهيم: تم له السبب الموصل إلى العلم. وأما الأمر الثاني – وهو العمل الصالح -: فهو الذي جمع الإخلاص لله، والمتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم ، وهو التقرب إلى الله: باعتقاد ما يجب لله من صفات الكمال، وما يستحقه على عباده من العبودية، وتنزيهه عما لا يليق بجلاله، وتصديقه وتصديق رسوله في كل خبر أخبرا به عما مضى، وعما يستقبل عن الرسل، والكتب والملائكة، وأحول الآخرة، والجنة والنار، والثواب والعقاب وغير ذلك ثم يسعى في أداء ما فرضه الله على عباده: من حقوق الله، وحقوق خلقه ويكمل ذلك بالنوافل والتطوعات، خصوصاً المؤكدة في أوقاتها، مستعيناً بالله على فعلها، وعلى تحقيقها وتكميلها، وفعلها على وجه الإخلاص الذي لا يشوبه غرض من الأغراض النفسية. وكذلك يتقرب إلى الله بترك المحرمات، وخصوصاً التي تدعو إليها النفوس، وتميل إليها. فيتقرب إلى ربه بتركها لله، كما يتقرب إليه بفعل المأمورات، فمتى وفّق العبد بسلوك هذا الطريق في العمل، واستعان الله على ذلك أفلح ونجح. شرح حديث المؤمن القوي خير وأحب إلى الله. وكان كماله بحسب ما قام به من هذه الأمور، ونقصه بحسب ما فاته منها. وأما الأمور النافعة في الدنيا: فالعبد لا بد له من طلب الرزق.
حديث «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله
[١٤] [١٥]
اشتراط القوة فيمن يلي أمر المؤمنين
لا يجوز أن يتقلّد أمر المسلمين إلا من توفّرت فيه القوة بقسميها: البدنيّ، والمعنويّ، و ذلك لحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن أبي ذرٍّ الغفاري -رضي الله عنه- قال: (قُلْتُ: يا رسولَ اللهِ، ألَا تَستعمِلُني؟ قال: فضرَب بيَدِهِ على مَنْكِبِي، ثمَّ قال: يا أبا ذَرٍّ، إنَّكَ ضعيفٌ، وإنَّها أمانةٌ، وإنَّها يومَ القِيامةِ خِزيٌ وندامةٌ إلَّا مَن أخذَها بحقِّها، وأدَّى الذي عليه فيها). [١٦] [١٧]
وقد دعا الإسلام إلى كلّ ما يحقق القوّة بشقّيها، قال -تعالى-: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ)، [١٨] فأمر بكلّ ما يدعو لعلوِّ الهمّة، وثبات الكلمة؛ من طاعة الإمام في الجهاد، وتوصية المسلمين بالتقوى، وأخذ العهود منهم على الثبات وعدم الفرار من ساحة المعركة. [١٩]
وهذا بدوره يحقّق القوة المعنوية، أمّا القوّة البدنية فتتحقّق بالإعداد الجيّد للقتال؛ من توفير الأسلحة، والتدرّب على استعمالها، وإعداد الجيوش والإنفاق في تعليمهم فنون القتال، ومكائد الحروب وخدعها، [١٩] كما نَبَذَ الإسلام كلّ ما يدعو إلى التكاسل، والتخاذل، ودُنُوِّ الهمة. صفات المؤمن القوي - موضوع. [١٧]
أسباب قوة المؤمن
توجد العديد من الأسباب التي تؤدِّي إلى القوّة في إيمان الشخص، ومنها ما يأتي:
الأخذ بأسباب القوة، ومنها ما يأتي:
قوة العقيدة: فالعقيدة الإسلامية هي الأساسٌ في دعوة جميع الأنبياء -عليهمُ السلام-.
شرح حديث المؤمن القوي خير وأحب إلى الله
عربي
Español
Deutsch
Français
English
Indonesia
الرئيسية
موسوعات
مقالات
الفتوى
الاستشارات
الصوتيات
المكتبة
جاليري
مواريث
بنين وبنات
القرآن الكريم
علماء ودعاة
القراءات العشر
الشجرة العلمية
البث المباشر
شارك بملفاتك
Update Required
To play the media you will need to either update your browser to a recent version or update your Flash plugin.
حديث المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف
ثمَّ يَنهى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن العَجزِ، والمرادُ به هنا: الكسَلُ، وهو ضِدُّ النَّشاطِ، وهو التَّثاقُلُ عمَّا لا يَنْبَغي التَّثاقُلُ عنه، ويَكونُ ذلك لعَدَمِ انْبعاثِ النَّفْسِ للخَيرِ مع وُجودِ القُدرةِ عليه؛ ولذلك كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَستعيذُ باللهِ منه. فمَنْ عَمِل بتلك الوصيَّةِ وقام بها على وَجْهِها الأكمَلِ، ثمَّ أصابَتْهُ بعْدَ ذلك مُصيبةٌ، فلا يَقُلْ: «لوْ أنِّي فَعَلْتُ كان كذا وكذا»؛ فإنَّ هذا القولَ غيرُ سَديدٍ، ولكنْ يَقولُ مُستَسْلِمًا وراضيًا، ومُؤمِّلًا الخَيرَ: «قَدَّر اللهُ»، أي: وَقَعَ ذلكَ بمُقتَضى قَضائِه وعلى وَفْقِ قَدَرِه، «وما شاءَ فَعَلَ»؛ فإنَّه فعَّالٌ لِما يُريدُ، ولا رادَّ لقَضائِه، ولا مُعقِّبَ لحُكمِه. وبعْدَ أنْ نَهى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن قَولِ كلمةِ الشَّرطِ «لَوْ» في مِثلِ هذا المَوضِعِ، نَبَّهَ على أنَّها «تَفتَحُ عَمَلَ الشَّيطانِ» مِن مُنازَعةِ القَدَرِ، والتَّأسُّفِ على ما فاتَ؛ لأنَّ فيها الاعتراضَ على القَدَرِ، والتَّحسُّرَ مِن وُقوعِه، كأنْ يقولَ الإنسانُ حِين تَنزِلُ به مُصيبةٌ: لوْ فَعَل كذا ما أصابه المرَضُ!
[١٧]
عن عقبة بن عامر-رضي الله عنه- أنه قال: (سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وَهو علَى المِنْبَرِ يقولُ: {وَأَعِدُّوا لهمْ ما اسْتَطَعْتُمْ مِن قُوَّةٍ}، أَلَا إنَّ القُوَّةَ الرَّمْيُ، أَلَا إنَّ القُوَّةَ الرَّمْيُ، أَلَا إنَّ القُوَّةَ الرَّمْيُ). حديث «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله. [١٨]
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لا تُقدَّسُ أمَّةٌ لا يُقضَى فيها بالحقِّ، ولا يأخُذُ الضَّعيفُ حقَّه مِن القَويِّ غيرَ مُتعْتَعٍ). [١٩]
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (يا أَبَا ذَرٍّ، إنَّكَ ضَعِيفٌ، وإنَّهَا أَمَانَةُ، وإنَّهَا يَومَ القِيَامَةِ خِزْيٌ وَنَدَامَةٌ، إلَّا مَن أَخَذَهَا بحَقِّهَا، وَأَدَّى الذي عليه فِيهَا). [٢٠]
فضل المؤمن القوي على الضعيف
إن كل مَنْ يُحقّق أركان الإيمان فيه خير عظيم، ولكن الناس بالطبع يتفاوتون في الفضل والأجر، فكلما كان المؤمن أقوى كان لله أقرب وأعظم منزلة، ولذلك جاء الأمر بأخذ هذا الدين بقوةٍ وعزيمة، وذمّ التراخي، كما قال -تعالى- لنبيّه: (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) ، [٢١] والقوة هنا تشمل جميع جوانب المؤمن، فهو قوي في توحيده، وقوي في صلاته، فيحافظ عليها في وقتها، ويتبعها بالنوافل والصدقات، وقوي في دنياه في طلبه للكسب الحلال وتعامله مع مجتمعه المسلم كما يرضاه الله عز وجل.
وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم وفي كل خير، فمعناه في كل من القوي والضعيف خير لاشتراكهما في الإيمان مع ما يأتي به الضعيف من العبادات. انتهى. والله أعلم.