وقال الشافعي: " أبو هريرة أحفظ من روى الحديث في دهره "، وقال سعيد بن أبي الحسن: " لم يكن أحد من الصحابة أكثرَ حديثًا من أبي هريرة ". وقال ابن عبد البر: " وكان أحفظَ أصحابِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكان يحضر ما لا يحضر سائر المهاجرين والأنصار، لانشغال المهاجرين بالتجارة، والأنصار بحوائطهم ". بحث عن أبي هريرة - بيت DZ. وكان -رضي الله عنه- ملازمًا للنبي -صلى الله عليه وسلم- تاركًا الصفق في الأسواق والعمل في الحوائط، وقد وصف شدة جوعه بقوله: " لقد رأيتني وإني لأَخِرُّ فيما بين منبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى حجرة عائشة مغشيًا عليَّ، فيجيء الجائي فيضع رجله على عنقي، ويرى أني مجنون، وما بي من جنون، ما بي إلا الجوع "(رواه البخاري). قال أبو هريرة: "يقولون إن أبا هريرة قد أكثر - يعني: عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والله الموعد، ويقولون ما بال المهاجرين والأنصار لا يتحدثون مثل أحاديثه وسأخبركم عن ذلك، إن إخواني من الأنصار كان يشغلهم عمل أرضهم، وإن إخواني من المهاجرين يشغلهم الصفق بالأسواق، وكنت ألزم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على ملأ بطني فأشهد إذا غابوا، وأحفظ إذا نسوا. ولقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يومًا " أيكم يبسط ثوبه، فيأخذ من حديثي هذا، ثم يجمعه إلى صدره، فإنه لم ينس شيئًا سمعه "، فبسطت بردة عليّ حتى فرغ من حديثه، ثم جمعتها إلى صدري فما نسيت بعد ذلك اليوم شيئًا حدثني به، ولولا آيتان أنزلهما الله في كتابه ما حدثت شيئًا أبدًا: ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاََّّعِنُونَ)[البَقَرَة: 159]"(رواه مسلم).
بحث عن ابي هريره رضي الله عنه قال ما نقص
وقد يؤكِّد أحيانًا صحة ما يرويه عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيقول: " يشهد على ذلك لحمُ أبي هريرة، ودمُه "(رواه أحمد)، لأنه على يقين مما يقول، فقد سمع بأذنه، ووعى بقلبه، وذكر بلسانه. وكان من عبادته أنه كان يجزئ الليل ثلاثة أجزاء: ثلثًا يصلي، وثلثًا ينام، وثلثًا يدرس الحديث، ويقسم الليل هو وامرأته وخادمه أثلاثًا، يصلي هذا، ثم يوقظ هذا، ويتمثل هو وأهله قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: " رحم الله رجلاً قام من الليل فصلى، وأيقظ امرأته "(رواه أبو داود). وكان لأبي هريرة مسجد في مُخْدعه -أي مستودع بيته-، ومسجد في بيته، ومسجد في حجرته، ومسجد على باب داره، إذا خرج صلى فيها جميعًا، وإذا دخل صلى فيها جميعًا. وصَّاه النبي -صلى الله عليه وسلم- بثلاث، قال: " ثلاث أوصاني بهن خليلي -صلى الله عليه وسلم- لا أدعهن أبدًا: الوتر قبل أن أنام، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، والغسل يوم الجمعة "(رواه أحمد). بحث عن ابي هريره رضي الله عنه قال ما نقص. وكان يكثر من التسبيح والتكبير في أطراف النهار والليل، وكان يسبح كل يوم اثني عشر ألف تسبيحة، ويقول: أسبح بقدر ذنبي. وما من أحد سمع به الا أحبه، قال أبو هريرة: " أما والله ما خلق الله مؤمنًا يسمع بي ولا يراني الا أحبني "، وذلك أنه طلب من النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك قال: "قلت: يا رسول الله!
خدمة أبي هريرة للنبي محمد وأهل بيته
ومن وقت وصول أبي هريرة إلى المدينة، لزم المسجد النبوي في أهل الصفة الذين لم يكن لهم مأوى ولا أهل، وأمضى أربع سنين في معيّة النبي محمد، انقطع فيها عن الدنيا ليلازم النبي محمد، عاش فيها حياة المساكين، يدور معه في بيوت نسائه ويخدمه ويغزو معه ويحجّ، فشهد معه فتح مكة، وأصبح أعلم الناس بحديثه، فكان السابقون من الصحابة كعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير يسألونه عن الحديث، لمعرفتهم ملازمة أبي هريرة للنبي محمد، فتمكّن أبو هريرة في تلك الفترة من استيعاب قدر كبير من أحاديث النبي محمد وأفعاله، ساعده على ذلك قُدرته الكبيرة على الحفظ. امتاز أبو هريرة في تلك الفترة بالجراءة على سؤال النبي محمد عن أشياء لا يسأله عنها غيره، وقد أوكل النبي محمد له بعض الأعمال كحفظ أموال زكاة رمضان، كما بعثه النبي محمد مؤذّنًا مع العلاء بن الحضرمي حين بعث النبي محمد العلاء واليًا على البحرين. في عهد الخلفاء الراشدين
وبعد وفاة النبي محمد، شارك أبو هريرة في عهد أبي بكر الصديق في حروب الردة،كما شارك في الفتح الإسلامي لفارس في عهد عمر بن الخطاب، ثم استعمله عمر واليًا على البحرين، فقدم من ولايته عليها إلى المدينة بعشرة آلاف، فاتهمه عمر في تلك الأموال ، فأنكر أبو هريرة اغتصابه لتلك الأموال ، وقال له بأنها نتاج خيله، ومن تجارته في الغلال، وما تجمّع له من أُعطيات.
بحث عن ابي هريره رضي الله عنه من سلك طرق
روى الكثير من الصحابة والتابعين عن أبي هريرة، ويبلغ عددهم ثمانمئة رجلاً، وقد روى عنه أيضاً أصحاب الكتب الستة، ومالك بن أنس في موطئه، وأحمد بن حنبل في مسنده. بالإضافة إلى حفظه للحديث كان أبو هريرة حافظاً للقرآن أيضاً، ويُعد من القراء المشهورين الذين حفظوا القرآن وعلموه لغيرهم من التابعين، واتسم أبو هريرة بخلقه الحسن، وبتواضعه، وكرمه، وحبه لآل بيت رسول الله. جهاد أبي هريرة
شهد أبو هريرة جميع الغزوات مع الرسول، وجميع الغزوات مع الخلفاء الراشدين، وقد شهد معركة مؤتة، ومعركة الردة مع أبي بكر، كما شارك في الفتح الإسلامي لبلاد فارس في عهد عمر بن الخطاب، وتوفي الصحابي العظيم في السنة السابعة والخمسين للهجرة في المدينة المنورة عن عمر ثمانية وسبعين عاماً وتم دفنه بالبقيع.
تصفّح المقالات
بحث عن ابي هريرة
ادع الله أن يحببني أنا وأمي إلى عباده المؤمنين، ويجبهم إلينا، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " اللهم حبب عُبيدك هذا -يعني أبا هريرة- وأمَّه إلى عبادك المؤمنين، وحبب إليهم المؤمنين "، فما خُلق مؤمنٌ يسمع بي ولا يراني إلا أحبني"(رواه مسلم). واهتم -رضي الله عنه- بِبِرِّ بأمه: فقد فرح بإسلام أمه فرحا شديدًا، وبقي وفيًّا لها، بارًا بها، يخدمها كل حياته، ولم يفارقْها، حتى إنه لم يحج حتى ماتت لصحبتها. رضي الله عن أبي هريرة، وعن بقية الصحابة. بحث عن ابي هريره رضي الله عنه من سلك طرق. أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم. الخطبة الثانية:
أبو هريرة من أوعية العلم، ومن كبار أئمة الصحابة في الحديث، ولم يكن أحد أكثر منه حديثًا إلا عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما-، قال أبو هريرة -رضي الله عنه- عن نفسه: " ما من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- أحدٌ أكثر حديثًا عنه مني، إلا ما كان من عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب ولا أكتب "(متفق عليه). إلا أن ظروف عبد الله بن عمرو وتنقُّلَه مع أبيه بين الحجاز ومصر والشام، وعدمَ استقراره، وانشغالَه بالعبادة عن التحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أصبح ما رُوي عنه أقل مما روي عن أبي هريرة بكثير، حيث بلغت سبعَمائةِ حديث، مقابل مرويات أبي هريرة خمسةُ الاف وثلاثُمائة وأربعةُ وسبعون حديثًا.
قال ابن تيمية -رحمه الله-: " كان أبو هريرة أحفظَهم للحديث ببركةٍ حصلت له من جهة النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث ". بحث عن ابو هريرة وأبرز صفاته - موسوعة. وقد شهد له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأنه حريصٌ على العلم والحديث، قال أبو هريرة: قلت يا رسول الله من أسعد الناس بشفاعتك؟ قال: " لقد ظننت ألا يسألني عن هذا الحديث أحد أولى منك، لما رأيت من حرصك على الحديث "(رواه البخاري). حِرْصُه على الحديث ظاهر قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " من يأخذ مني خمس خصال فيعمل بهن، أو يعلمهن من يعمل بهن؟ "، قال: قلت: أنا يا رسول الله، قال: فأخذ بيدي فعدهن فيها، ثم قال: " اتق المحارم تكن أعبد الناس، وارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس، وأحسن إلى جارك تكن مؤمنًا، وأحب للناس ما تحب لنفسك تكن مسلمًا، ولا تكثر الضحك، فإن كثرة الضحك تميت القلب "(رواه الترمذي). وكان -رضي الله عنه- جريئًا على أن يسأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن أشياء لا يسأله عنها غيره، قال أُبي بنُ كعب: " إن أبا هريرة كان جريئًا على أن يسأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن أشياء لا نسأله عنها "(رواه أحمد)، وقال رجل لابن عمر -رضي الله عنهما-: " إن أبا هريرة يكثر الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال ابن عمر: أعيذك بالله أن تكون في شك مما يجيءُ به، ولكنه اجترأ وجَبَنَّا ".