وبعد تولي عمر بن الخطاب الخلافة بعد أبي بكر، صار المصحف في حوزته حتى توفاه الله، فانتقل إلى حوزة حفصة. وقد منحته إلى عثمان بن عفان الذي طلبه منها لعمل نسخ منه بعد إختلاف الناس في قراءاته أيهما أصح. والخبر الثاني هو همّها بالخروج مع السيدة عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنها بعد الفتنة التي أصابت المسلمين إلى مدينة البصرة وذلك بعد وفاة الخليفة أمير المؤمنين عثمان بن عفان، ولكن أخوها عبد الله بن عمر منعها من ذلك. سماتها الشخصية:
الغيرة الشديدة: كانت السيدة حفصة بنت عمر شديدة الغيرة على النبي عليه السلام من زوجاته، فقد حدث أن النبي عليه السلام ذات يوم أصاب السيدة مارية بنت شمعون القبطية في بيت حفصة وعلى فراشها، فلما عرفت حفصة بذلك غضبت غضبا شديدا وقالت للنبي عليه السلام:
"يا رسول الله لقد جئتَ إليَّ بشيء ما جئتَه إلى أحد من أزواجك، في يومي وفي دوري وعلى فراشي"
فأجابها: ألا ترضين أن أُحرّمها فلا أقربها أبدا؟، فقالت: بلى، فقال: فلا تذكري ذلك لأحد. ولكن السيدة حفصة ذكرته عند السيدة عائشة، فلما علم النبي بذلك طلقها.
حفصة بنت عمر بن الخطاب
بتصرّف. ↑ خالد الحمودي، أم المؤمنين حفصة بنت عمر بن الخطاب ،: دار القاسم، صفحة 2. بتصرّف. ↑ شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي (2006)، سير أعلام النبلاء ، القاهرة: دار الحديث، صفحة 482، جزء 3. بتصرّف. ↑ أبو نعيم أحمد بن عبدالله الأصبهاني (1998)، معرفة الصحابة (الطبعة لأولى)، الرياض: دار الوطن للنشر، صفحة 3213، جزء 6. بتصرّف. ↑ أبو عبدالله محمد بن سعد بن منيع البغدادي (1968)، الطبقات الكبرى (الطبعة الأولى)، بيروت: دار صادر، صفحة 81، جزء 8. بتصرّف. ↑ السيد الجميلى ( 1416 هـ)، نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، بيروت: دار ومكتبة الهلال، صفحة 70. بتصرّف. ^ أ ب عبدالملك بن هشام بن أيوب الحميري المعافري، أبو محمد، جمال الدين (1955)، السيرة النبوية لابن هشام (الطبعة الثانية)، مصر: شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده، صفحة 645، جزء 2. بتصرّف. ↑ محمد بن أبي بكر بن عبدالله المعروف بالبُرِّي (1983)، الجوهرة في نسب النبي وأصحابه العشرة (الطبعة الأولى)، الرياض: دار الرفاعي للنشر والطباعة والتوزيع، صفحة 64، جزء 2. بتصرّف. ^ أ ب خالد الحمودي، أم المؤمنين حفصة بنت عمر بن الخطاب ،: دار القاسم، صفحة 9.
كانت من زوجات النبي عليه السلام اللاتي نزلت فيهن آية التخيير بين متاع الدنيا وبين أن يطلقهن النبي. حيث جاءت نساء النبي عليه السلام يشكونه ضيق النفقة، فلما علم أبواهما – عمر أبو حفصة وأبو بكر أبو عائشة – همّا بضربهما، غير أن النبي عليه السلام منعهما من ضربهما ونهاهما عن ذلك. ونزلت الآية تقول:
" يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا، وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآَخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا " فاخترن جمعيهن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. بعد وفاة النبي عليه السلام: لم تغادر السيدة حفصة بنت عمر بيتها بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام، ولم يرد لها ذكر كثير في الأخبار سوى في أمرين وهما: خسارة المسلمين لعدد كبير من حفظة القرآن في حروب الردة، وقرار أبي بكر بعد مشورة أبيها عمر بن الخطاب رضي الله عنهما بجمع القرآن وأمره للصحابي الجليل زيد بن ثابت بجمعه في مصحف واحد احتفظ به سيدنا أبو بكر في بيته حتى وافته المنية.
حفصة بنت عمر
مما جعله يوصي بالمصحف الشريف الذي كتب في عهد أبي بكر الصديق بعد وفاة النبي صلى الله عليه و سلم.. و كتابه كانت على العرضة الأخيرة التي عارضها له جبريل مرتين في شهر رمضان من عام وفاته صلى الله عليه و سلم……….. إلى ابنته (حفصة) أم المؤمنين!!.. حفظ نسخة القرآن المكتوب عند حفصة: الوديعة الغالية
روى أبو نعيم عن ابن شهاب عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه قال: " لما أمرني أبوبكر فجمعت القرآن كتبته في قطع الأدم وكسر الأكتاف والعسب، فلما هلك أبو بكر رضي الله عنه- أي: توفي – كان عمر كتب ذلك في صحيفة واحدة فكانت عنده- أي: على رق من نوع واحد – فلما هلك عمر رضي الله عنه كانت الصحيفة عند حفصة زوجة النبي صلى الله عليه و سلم ، ثم أرسل عثمان رضي الله عنه إلى حفصة رضي الله عنها ، فسألها أن تعطيه الصحيفة ؛ و حلف ليردنها إليها، فأعطته ، فعرض المصحف عليها ، فردها إليها ، وطابت نفسه ، و أمر الناس فكتبوا المصاحف …! و قد امتاز هذا المصحف الشريف بخصائص الجمع الثاني للقرآن الكريم الذي تم إنجازه في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، بمشورة من عمر بن الخطاب ، و ذلك بعد ما استحر القتل في القراء في محاربة ( مسيلمة الكذاب) حيث قتل في معركة اليمامة ( سبعون) من القراء الحفظة للقرآن بأسره.. وخصائص جمع هذا المصحف نجملها فيما يلي:
أولا: أن كل من كان قد تلقى عن رسول الله صلى الله عليه و سلم شيئا من القرآن أتى وأدلى به إلى زيد بن ثابت.
الصلاة: إذ رَوت في صلاة ركعتَين خفيفتَين إذا نُودِي للصبح، وهي من السُّنَن الفِعليّة عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام-. الصيام: فقد رَوت حديث وجوب تبييت النيّة قبل الفجر، وصيام النبيّ ثلاثة أيّام من كُلّ شهر، ورَوت في تقبيل الصائم، وحديث إتمام الصيام لمَن يُصبح جُنباً، وحديث صيام الاثنين والخميس، وصيام عاشوراء. المناسك: فقد رَوت في الدوابّ التي يُباح قتلها ولا إثم في ذلك. الزينة: إذ رَوت حديث حُكم لبس الرجل للديباج. الشمائل: فقد رَوت في شمائل النبيّ حديثَ فراش النبيّ -عليه الصلاة والسلام-. الآداب: فقد رَوت ما يفعله الرجل عند النوم. الطب: إذ رَوت حديثَ تعبير الرؤيا، ورُقية النملة. الفتن: إذ رَوت الحديث الذي يتحدّث فيه النبيّ عن ابن الصائد وخروج الدجّال من غضبة يغضبها، وهذا أشهر ما رَوَته. ويُلاحَظ أنّ أغلب ما رَوته السيّدة حفصة -رضي الله عنها- كان في وصفها لأفعال النبيّ، والتي اشتركت في نَقلها نساء النبيّ -رضي الله عنهنّ-، وكانت لها مجموعة من الأحاديث التي اختصّت بروايتها دون باقي نساء المؤمنين، كحديث ابن الصائد، وخروج الدجّال، ورُقية النملة، والدوابّ التي يُباح قتلها. [١٢]
مناقب حفصة رضي الله عنها
كان لأمّ المؤمنين حفصة -رضي الله عنها- الكثير من المناقب، ومنها ما يأتي:
الحصول على شرف الهجرة ؛ فقد هاجرت مع زوجها خُنيس بن حُذافة السهمي إلى المدينة.
حفصه بنت عمر بن الخطاب
وعرفت رضي الله عنها بفصاحتها واهتمامها بالعلم، خاصة أنها كانت في ذلك المنبع التربوي الإيماني في بيت النبي صلى الله عليه وسلم وملتقى الوحي وبين نساء النبي صلى الله عليه وسلم. وقد روي عنها ستين حديثًا، وكانت تسأل وتجيب رضي الله عنها في المسائل التي تسأل عنها. بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم لزمت رضي الله عنها بيتها ولم تخرج منه إلا لحاجة، وكانت هيَ وعائشة رضي الله عنهما يدًا واحدة. وفي أحداث الفتنة بعد مقتل عثمان رضي الله عنه همت بالخروج مع عائشة إلى البصرة؛ لكن أخيها عبد الله رضي الله عنه حال بينها وبين خروجها. الوديعة الغالية
عندما خاف الصحابة على ضياع القرآن الكريم بموت حفظة القرآن بعد استشهاد الكثير منهم في حروب الردة، جمع القرآن بعهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه بمشورة عمر، واستأمنت عليه السيدة حفصة رضي الله عنها، وأصبحت حارسة القرآن، وبقي محفوظًا عندها، ولم يأخذ إلا مرة واحدة في عهد عثمان، عندما نسخه نسخة واحدة على قراءة واحدة لكل الأمصار الإسلامية بعد الاختلاف في القراءات، ثم أعيد إليها وبقي في بيتها حتى وفاتها رضي الله عنها، وأوصت به أخيها الورع التقي عبد الله بن عمر رضي الله عنه.
فكان رد الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه سيَتَزوّج حفصة من هو خير من أبي بكر وعثمان، وسيتزوّج عثمان بمن هيَ خير من حفصة السيدة أم كلثوم ابنة رسول الله. بعد أن علم عمر رضي الله عنه برغبة النبي صلى الله عليه وسلم بالزواج بابنته، جاءه أبو بكر وقال له: لا تجد علي في نفسك أي لا تحمل علي لعدم الرد على طلبك، وبيَّن له أنه كان على علم بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكنه ما كان ليفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم. اشتهرت السيدة حفصة بالغيرة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالغيرة أمر طبيعي موجود في فطرة المرأة وشخصيتها، فكل واحدة تريد أن تستحوذ على زوجها وأن يكون لها وحدها دون سواها، وهكذا كان زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم. وقد ورد عن السيدة عائشة رضي الله عنها أن نساء النبي صلى الله عليه وسلم كنّ حزبين: حزب فيه السيدة عائشة وحفصة وصفية وسودة، وحزب فيه أم سلمة وسائر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم.