إن أخلاق المؤمن مستمدة من عقيدته، والعقيدة في جوهرها والعبادات في حقيقتها أسس قوية لإشادة بنيان خلقي يقوم على صدق الإيمان واليقين. والرسول صلى الله عليه وسلم وهو يدعو إلى الإخلاص في عبادة ربه يحدد لنا معالم رسالته فيقول: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق). فالدين كله منهج للأخلاق في شتى الروابط والصلات، والأخلاق هي الدين بكل ما فيه، وليست خارجة عنه أو زائدة عليه في قليل أو كثير، وقد سئلت السيدة عائشة رضي الله عنها عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: (كان خلقه القرآن) وكفانا هنا أن نعلم ما يوحي به قوله تعالى: وإنك لعلى خلق عظيم من دلالة على عظم شأن الأخلاق وأنها قد تؤهل صاحبها لأعلى مكانة وأرفع منزلة. أعرب الأمم في جملة : إنما الأمم الأخلاق؟. وكم من أناس قد فوتوا على أنفسهم فائدة أعمالهم بسوء أخلاقهم وقد قيل لرسول الله صلى الله عليه وسم: (إن فلانة تصوم نهارها وتقوم ليلها ولكنها تؤذي جيرانها بلسانها)، فقال صلى الله عليه وسلم: (لا خير فيها هي من أهل النار).
- انما الامم الاخلاق ما بقيت القصيدة كاملة
- إنما الأمم الأخلاق ما بقيت القصيدة كاملة
انما الامم الاخلاق ما بقيت القصيدة كاملة
• إنَّها الأخلاق ومنظومة القيم التي تمثَّلَت في أخلاق النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وتجلَّت في أتباعه صدقًا وأمانة وعدالة وتواضُعًا وزهدًا في الدُّنيا، وتعفُّفًا عن المَحارم والمال العامِّ والخاص، وتسامُحًا مع المخالفين من الشُّعوب الأخرى والجماعات الإنسانيَّة المختلفة، والانتصار للشعوب المقهورة والمستعبَدة، ومساعدتها على التخلُّص من مستعبديها من الحُكَّام الطُّغاة والمستبدين، وإقامة العدل بين شعوبها، وتمكينها من الحياة الحُرَّة الكريمة، مع تأكيد حرية الاعتقاد؛ ﴿ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ﴾ [الكهف: 29].
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت القصيدة كاملة
وفي موضع آخر بيَّن مثالَه بالجملِ الأَنِفِ الذَّلولِ المُطيع لأمر صاحبه حيث قِيدَ انقاد، وإذا أنيخ استناخ، فيكون المؤمن كذلك مطيعًا لربِّه في الأوامر والنواهي، فعن مكحولٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((المؤمنون هيِّنُون ليِّنون كالجملِ الأَنِفِ، إن قِيدَ انقادَ، وإن أُنيخ على صخرةٍ استناخ)) [24]. خلاصة القول:
لا بد لنا من الاتصاف بالخلقِ الحسن، فلنعامل الناس بالرفق، واللطف، واليسر، ولين الجانب، فلا نفحش في القول، ولا نهذر في العمل، ونتبع سنن الرسول وأحكام الله وشريعته، ونطبقها في حياتنا؛ لنفوز في الدنيا والآخرة، ونخلِّق أنفسنا بمكارم الأخلاق، ونخليها عن مساويها، من الخديعة والمكر، والعنف والشدة، والسعي بالفتنة بين الناس، والفحش والغلظة في القول والعمل. [1] وادي مصطفى، شاهين نغر، حيدرآباد، الهند. [2] مرقاة المفاتيح: باب الرفق والحياء وحسن الخلق: 8/ 3170، دار الفكر، بيروت، لبنان. [3] البخاري، باب مناقب عبد الله بن مسعود، حديث: 3759. [4] البخاري، باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم، حديث: 3559. إنما الأمم الأخلاق ما بقيت. [5] شعب الإيمان، تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم وإجلاله وتوقيره، حديث: 1435. [6] صحيح مسلم، باب تفسير البر والإثم، حديث: 2553.
قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع. فقال: "إِنَّ الْـمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلاَةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ" رواه مسلم. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله ((إنَّ فلانة تقوم الليل وتصوم النَّهار، وتفعل وتصَّدَّق، وتؤذي جيرانها بلسانها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا خير فيها، هي من أهل النار. قالوا: وفلانة تصلي المكتوبة وتَصَّدَّق بأثوار (قطع من الأقط، وهو لبن جامد) ولا تؤذي أحدًا. انما الامم الاخلاق ما بقيت القصيدة كاملة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هي من أهل الجنة)) رواه أحمد وابن حبان وصححه الألباني. وانظر وتأمَّل كيف يُقْسِم النبي - عليه الصلاة والسلام - ثلاثًا وعلى ماذا؛ فعن عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "وَاللهِ لا يُؤْمِنُ، وَاللهِ لا يُؤْمِنُ، وَاللهِ لا يُؤْمِنُ".