قال محمد بن إسحاق: وحدثني يزيد بن رومان، عن عروة بن الزبير قال: وبعث رسول الله ﷺ حين دنا من بدرٍ علي بن أبي طالب وسعد بن أبي وقاص والزبير بن العوام في نفرٍ من أصحابه يتجسسون له الخبر، فأصابوا سُقاةً لقريش: غلامًا لبني سعيد بن العاص، وغلامًا لبني الحجاج، فأتوا بهما رسول الله ﷺ، فوجدوه يُصلي، فجعل أصحابُ رسول الله ﷺ يسألونهما: لمن أنتما؟ فيقولان: نحن سُقاة لقريش، بعثونا نسقيهم من الماء. فكره القومُ خبرهما، ورجوا أن يكونا لأبي سفيان؛ فضربوهما، فلما أزلقوهما قالا: نحن لأبي سفيان. فتركوهما، وركع رسولُ الله ﷺ وسجد سجدتين ثم سلّم، وقال: إذا صدقاكم ضربتُموهما، وإذا كذباكم تركتُموهما، صدقا والله؛ إنَّهما لقريشٍ، أخبراني عن قريشٍ ، قالا: هم وراء هذا الكثيب الذي ترى بالعدوة القصوى. والكثيب: العقنقل. فقال لهما رسولُ الله ﷺ: كم القوم؟ قالا: كثير. قال: ما عدّتهم؟ قالا: ما ندري. تفسير سورة الأنفال الآية 44 تفسير ابن كثير - القران للجميع. قال: كم ينحرون كل يوم؟ قالا: يومًا تسعًا، ويومًا عشرًا. قال رسولُ الله ﷺ: القوم ما بين التّسعمئة إلى الألف ، ثم قال لهما: فمَن فيهم من أشراف قريش؟ قالا: عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، وأبو البختري ابن هشام، وحكيم بن حزام، ونوفل بن خويلد، والحارث بن عامر بن نوفل، وطعيمة بن عدي بن نوفل، والنضر بن الحارث، وزمعة بن الأسود، وأبو جهل ابن هشام، وأمية بن خلف، ونبيه ومُنبّه ابنا الحجاج، وسُهيل بن عمرو، وعمرو بن عبد ود.
القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة الأنفال - الآية 44
فجاء أبو سفيان إلى مناخ بعيريهما، فأخذ من أبعارهما ففتّه، فإذا فيه النوى، فقال: هذه والله علائف يثرب. ثم رجع سريعًا فضرب وجه عيره فانطلق بها فساحل، حتى إذا رأى أنَّه قد أحرز عيره إلى قريشٍ فقال: إنَّ الله قد نجّى عيركم وأموالكم ورجالكم، فارجعوا. فقال أبو جهل: والله لا نرجع حتى نأتي بدرًا -وكانت بدر سوقًا من أسواق العرب- فنُقيم بها ثلاثًا، فنطعم بها الطّعام، وننحر بها الجزر، ونسقي بها الخمر، وتعزف علينا القيان، وتسمع بنا العرب وبمسيرنا، فلا يزالون يهابوننا بعدها أبدًا. فقال الأخنس بن شريق: يا معشر بني زُهرة، إنَّ الله قد أنجى أموالكم، ونجّى صاحبكم، فارجعوا. القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة الأنفال - الآية 44. فرجعت بنو زهرة، فلم يشهدوها، ولا بنو عدي. الشيخ: والله سبحانه هو الحكيم العليم، قد سبق في علمه وقضائه أنهما يلتقيان: الإسلام والكفر، جند الله وجند الشيطان؛ ليُعزّ دينه، ويُظهر دينه، ويُعلي كلمته، وينصر حزبه، ويُذلّ أعداءه، وينصر الحقَّ، فتمَّ الأمر ووقع الأمر بإذن الله .
تفسير سورة الأنفال الآية 44 تفسير ابن كثير - القران للجميع
16147 - حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد: أخبرني يونس بن شهاب قال ، أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك: أن عبد الله بن كعب قال: سمعت كعب بن مالك يقول في غزوة بدر: إنما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون يريدون عير قريش ، [ ص: 567] حتى جمع الله بينهم وبين عدوهم على غير ميعاد. 16148 - حدثني يعقوب قال ، حدثنا ابن علية ، عن ابن عون ، عن عمير بن إسحاق قال: أقبل أبو سفيان في الركب من الشام ، وخرج أبو جهل ليمنعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، فالتقوا ببدر ، ولا يشعر هؤلاء بهؤلاء ، ولا هؤلاء بهؤلاء ، حتى التقت السقاة. موقع هدى القرآن الإلكتروني. قال: ونهد الناس بعضهم لبعض. * * * [ ص: 568]
موقع هدى القرآن الإلكتروني
ومعنى هذا أنه تعالى أغرى كلا من الفريقين بالآخر ، وقلله في عينه ليطمع فيه ، وذلك عند المواجهة. فلما التحم القتال وأيد الله المؤمنين بألف من الملائكة مردفين ، بقي حزب الكفار يرى حزب الإيمان ضعفيه ، كما قال تعالى: ( قد كان لكم آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رأي العين والله يؤيد بنصره من يشاء إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار) [ آل عمران: 13] ، وهذا هو الجمع بين هاتين الآيتين ، فإن كلا منها حق وصدق ، ولله الحمد والمنة.
تفسير القرآن الكريم
مرحباً بالضيف