وقوله ( ما قدروا الله حق قدره) يقول: ما عظم هؤلاء الذين جعلوا الآلهة لله شريكا في العبادة حق عظمته حين أشركوا به غيره ، فلم يخلصوا له العبادة ولا عرفوه حق معرفته من قولهم: ما عرفت لفلان قدره إذا خاطبوا بذلك من قصر بحقه ، وهم يريدون تعظيمه. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ياأيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له ولا مستقبل له. ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب ، قال: قال ابن زيد في قوله ( وإن يسلبهم الذباب شيئا)... إلى آخر الآية ، قال: هذا مثل ضربه الله لآلهتهم ، وقرأ ( ضعف الطالب والمطلوب ما قدروا الله حق قدره) حين يعبدون مع الله ما لا ينتصف من الذباب ولا يمتنع منه. وقوله ( إن الله لقوي) يقول: إن الله لقوي على خلق ما يشاء من صغير ما يشاء من خلقه وكبيره ، عزيز: يقول: منيع في ملكه لا يقدر شيء دونه أن يسلبه من ملكه شيئا ، وليس كآلهتكم أيها المشركون الذين تدعون من دونه الذين لا يقدرون على خلق ذباب ، ولا على الامتناع من الذباب ، إذا استلبها شيئا ضعفا ومهانة. [ ص: 687]
ياأيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له ولا مستقبل له
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين, وعلى صحابته الغر الميامين؛ أمناء دعوته, وقادة ألويته, وارض عنا وعنهم يا رب العالمين.
الآن الصغر؛ هذه البعوضة تملك جهازاً لا تملكه الطائرات, تملك جهاز استقبال حراري, حساسيته واحد على ألف من الدرجة المئوية. ياأيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له جهاز. من ازداد معرفة بالله ازداد معرفة بضآلته: إذاً: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ﴾ [سورة الحج الآية:73] كلما ازددت معرفة بالله, ازددت معرفة بضآلتك. وللإمام الشافعي كلمة رائعة يقول: "كلما ازددتُ علماً ازددت علماً بجهلي". قل لمن يدعي في العلم فلسفة حفظت شيئاً وغابت عنك أشياءُ *** ولا نهاية لعظمة هذا الكون؛ فيما هو كبير كالمجرات, وفيما هو صغير كالبعوضة. لذلك أيها الأخوة هذه الآية تشبه تعريفاً بالله عز وجل من خلال خلقه: ﴿وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ﴾ [سورة الحج الآية:73] والحمد لله رب العالمين
اللهم لا مانع لما أعطيت - YouTube
ما تفسير دعاء ( اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد) - أجيب
"اللهم إني أسألُك مِن فضلك ورحمتِك؛ فإنه لا يملِكُها إلا أنتَ". "اللهم توَفَّنا مسلِمين، وأَحْيِنا مسلِمين، وألحِقْنا بالصالحين، غيرَ خزايا ولا مفتونين". "اللهم حبِّبْ إلينا الإيمانَ، وزيِّنْه في قلوبنا، وكرِّهْ إلينا الكفرَ والفسوق والعِصيان، واجعَلْنا مِن الراشدين". اللهم لا مانع لما اعطيت ولا معطي لما منعت. "اللهم إني أسألك النعيمَ المقيم، الذي لا يحُول ولا يزُول". "اللهم لك الحمدُ كلُّه، اللهم لا قابضَ لما بسطْتَ، ولا مقرِّب لما باعدتَ، ولا مباعدَ لما قرَّبتَ، ولا معطيَ لما منعتَ، ولا مانع لما أعطيتَ، اللهم ابسُطْ علينا من بركاتِك، ورحمتك، وفضلِك، ورزقك".
شرح دعاء"اللهم لك الحمد كله، اللهم لا قابض لما بسطت، ولا باسط لما قبضت، ولا هادي لمن أضللت، ولا مضل لمن هديت، ولا معطي لما منعت، ولا مانع لما أعطيت" - الكلم الطيب
( [6]) انظر: فضل الله الصمد، 2/49 ، وشرح الأدب المفرد، 2/365-367 بتصرف. ( [7]) تحفة الذاكرين، ص 254.
قوله: (( وأحْيِنا مسلمين)): بأن نحيا على الإسلام، وذلك بالاستسلام لك في الظاهر والباطن. قوله: (( وألحقنا بالصالحين)): بأن نلحق في ركبهم، وهذا لا يكون إلا إذا صحبهم العبد في الدنيا وأحبهم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (( المرء مع من أحبّ)). قوله: (( غير خزايا)): أصل الخزي، هو الذل الذي يُستحيا من مثله لما يخاف من الفضيحة منه، والمعنى لا تذلّني بمعصيتك، ولا تُهني بترك أوامرك. قوله: (( ولا مفتونين)): أي غير واقعين في الفتنة الدينية، والبلية الأخروية، أو لا معذبين، نسأل اللَّه الحفظ والسلامة في الدنيا والآخرة( [6]). شرح دعاء"اللهم لك الحمد كله، اللهم لا قابض لما بسطت، ولا باسط لما قبضت، ولا هادي لمن أضللت، ولا مضل لمن هديت، ولا معطي لما منعت، ولا مانع لما أعطيت" - الكلم الطيب. قوله: (( اللَّهم قاتل الكفرة الذين يُكذبون رسلك ويصدون عن سبيلك)): بتثبيتنا، وقذف الخوف والوهن في قلوبهم، أو بإمداد الملائكة، وفيه بيان من يستحق عليهم القتال، وبيان العلّة في قتالهم، وهو من يصدّ عن سبيل اللَّه، ويكذّب الرسل. قوله: (( واجعل عليهم رجزك وعذابك)) أي أنزل عليهم الرجس والعذاب، وإنما خصّ الرجس بالذكر مع كونه داخلاً تحت العذاب لبيان شدته وقوته( [7]). قوله: (( اللَّهم قاتل الكفرة الذين أوتوا الكتاب، إله الحق آمين)) هذا الدعاء كسابقه، فذاك للكافرين عامّة، وهذا في كفار أهل الكتاب، ثم ختم باسمين من أسمائه جلّ وعلا، وهذا من حسن الختام، ومعنى اسمه تعالى (( الإله)) هو المألوه، أي المستحقّ أن يؤلّه: يعبد، ويفرد بالعبادة دون أحد سواه.