وأما النحاة فلا يطلقون الاسم على غير اللفظ لأن صناعتهم إنما تنظر في الألفاظ [ ص: 153] والمتكلم لا ينازع في ذلك ، ولا يمنع هذا الإطلاق لأنه إطلاق اسم المدلول على الدال ، ويزيد شيئا آخر دعاه علم الكلام إلى حقيقته في مسألة الأسماء والصفات ، وإطلاقها على الباري تعالى على ما هو مقرر في علم أصول الدين ، ومثال ذلك إذا قلت عبد الله أنف الناقة فالنحاة يريدون باللقب لفظ أنف الناقة ، والمتكلمون يريدون معناه ، وهو ما يفهم منه من مدح أو ذم. وقول النحاة إن اللقب ، ويعنون به اللفظ مشعر بضعة أو رفعة لا ينافيه لأن اللفظ يشعر بدلالته على المعنى ، والمعنى في الحقيقة هو المقتضي للضعة أو الرفعة ، وذات عبد الله هي الملقب عند الفريقين فهذا تنقيح محل الخلاف في هذه المسألة فليتأمل فإنه تنقيح حسن ، وبه يظهر أن الخلاف في أن الاسم المسمى أو غيره خاص بأسماء الأعلام المشتقة لا في كل اسم ، والمقصود به إنما هو المسألة المتعلقة بأصول الدين كما أشرنا إليه انتهى.
(إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلَّا وَاحِدًا، مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ) - صحيفة الأيام البحرينية
* * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: 15453 - حدثني محمد بن سعد قال: حدثني أبي قال: ثني عمي قال: حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس: (وذروا الذين يلحدون في أسمائه) ، قال: إلحاد الملحدين: أن دعوا " اللات " في أسماء الله. 15454 - حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج, عن ابن جريج, عن مجاهد: (وذروا الذين يلحدون في أسمائه) قال: اشتقوا " العزى " من " العزيز ", واشتقوا " اللات " من " الله ". * * * واختلف أهل التأويل في تأويل قوله (يلحدون). فقال بعضهم: يكذّبون. * ذكر من قال ذلك: 15455 - حدثني المثنى قال: حدثنا عبد الله قال: حدثني معاوية, عن ابن عباس, قوله: (وذروا الذين يلحدون في أسمائه) قال: الإلحاد: التكذيب. * * * وقال آخرون: معنى ذلك: يشركون. * ذكر من قال ذلك. 15456- حدثني محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا أبو ثور, عن معمر, عن قتادة: (يلحدون) قال: يشركون. ان لله تسعة وتسعين اسماء. (18) * * * وأصل " الإلحاد " في كلام العرب: العدول عن القصد, والجورُ عنه, والإعراض. ثم يستعمل في كل معوَجّ غير مستقيم, ولذلك قيل للحْد القبر: " لحد ", لأنه في ناحية منه، وليس في وسطه. يقال منه: " ألحد فلانٌ يُلْحِد إلحادًا ", و " لَحد يلْحَد لَحْدًا ولُحُودًا ".
إسلام ويب - طرح التثريب - كتاب الأيمان - حديث إن لله تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحدا من أحصاها دخل الجنة- الجزء رقم7
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- روايةً قال: «للهِ تسعةٌ وتسعون اسمًا، مائةً إلَّا واحدًا، لا يحفظُها أحدٌ إلَّا دخل الجنةَ، وهو وِترٌ يحبُّ الوِتر». [ صحيح. ] - [متفق عليه. ]
وجملة قوله:(إن لله تسعة وتسعين اسمًا من أحصاها دخل الجنّة) قضية واحدة لا قضَيتان، ويكون تمام الفائدة في خبر(إن): في قوله:(من أحصاها دخل الجنّة)، لا في قوله: (تسعة وتسعين اسمًا)، وإنّما هو بمنزلة قولك:إن لزيد ألف درهم أعدّها للصدقة، وكقولك:إن لعمرو مائة ثوب، وإنّما دلالته: أن الذي أعدّه زيد من الدراهم للصدقة ألف درهم ، وأن الذي أرصده عمرو من الثيّاب للخلع مائة ثوب. وقال شيخ الاسلام ابن تيمية-الله تعالى-: والصّواب الذي عليه جمهور العلماء أن قول النّبي صلّى الله عليه وسلّم: "إن لله تسعة وتسعين اسمًا من أحصاها دخل الجنّة، معناه: أن من أحصى التسعة والتسعين من أسمائه دخل الجنّة، ليس مراده أنّه ليس له إلا تسعة وتسعون اسمًا. ان لله تسعة وتسعين اسما من احصاها دخل الجنة. وقال ابن القيم-رحمه الله تعالى-:"الأسماء الحسنى لا تدخل تحت حصر، ولا تحدّ بعدد، فأن لله تعالى أسماءً وصفاتٍ استأثرها في علم الغيب عنده، لا يعلمها ملك مقرّب ولا نبّي مرسل... وأمّا قوله صلّى الله عليه وسلّم)إن لله تسعة وتسعين اسمًا من أحصاها دخل الجنّة)، فالكلام جملة واحدة، وقوله:(من أحصاها دخل الجنّة) صفة لا خبر مستقلّ، والمعنى: له أسماء متعدّدة من شأنها أن من أحصاها دخل الجنّة ،وهذا لا ينفي أن يكون له أسماء غيرها، وهذا كما تقول: لفلان مائة مملوك قد أعدّهم للجهاد، فلا ينفي هذا أن يكون له مماليك سواهم معدون لغير الجهاد، وهذا الاختلاف بين العلماء فيه.