واقتصر ابن جماعة في توجيه الفرق بين آية الأنعام والآيات الثلاث الأُخر على ما يتعلق بمجيء الفعل بصيغة المضارع في آية الأنعام، ومجيء الفعل بصيغة الماضي في الآيات الأُخر، فقال: لما تقدم في سورة الأنعام قوله عز وجل: { وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله} (الأنعام:116) وتأخر قوله سبحانه: { وإن كثيرا ليضلون بأهوائهم بغير علم} (الأنعام:119) ناسب { من يضل عن سبيله} وبقية الآيات إخبار عمن سبق منه الضلال، فناسب الفعل الماضي { بمن ضل عن سبيله}.
- انشودة من هو ربك
- كلمات نشيد من هو ربك الله
انشودة من هو ربك
فإذا قيل لك: من ربك؟ فقل: ربي الله
(المحصول الجامع لشروح ثلاثة الأصول)
قال المصنف رحمه الله: (فَإِذَا قِيلَ لَكَ: مَنْ رَبُّكَ؟ فَقُلْ: رَبِّيَ الله الَّذِي رَبَّانِي، وَرَبَّى جَمِيعَ الْعَالَمِينَ بِنِعَمِهِ، وَهُوَ مَعْبُودِي، لَيْسَ لِي مَعْبُودٌ سِوَاهُ).
كلمات نشيد من هو ربك الله
من النظائر القرآنية تستوقفنا الآيات الأربع التالية:
الآية الأولى: { إن ربك هو أعلم من يضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين} (الأنعام:117). انشودة من هو ربك الله. الآية الثانية: { ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين} (النحل:125). الآية الثالثة: { ذلك مبلغهم من العلم إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بمن اهتدى} (النجم:30). الآية الرابعة: { إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين} (القلم:7). يُلاحَظ في هذه الآيات أمران: الأول: دخول حرف الجر الباء على الاسم الموصول (مَن) = { بمن} في آية النحل والنجم والقلم، وخلوه منه في آية الأنعام = { من}.
وقال عبد الله بن عمر: خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو معصوب الرأس من وجع فضحك ، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس ما هذه الكتب التي تكتبون أكتاب غير كتاب الله يوشك أن يغضب الله لكتابه فلا يدع ورقا ولا قلبا إلا أخذ منه قالوا: يا رسول الله ، فكيف بالمؤمنين والمؤمنات يومئذ ؟ قال: من أراد الله به خيرا أبقى في قلبه لا إله إلا الله ذكره الثعلبي والغزنوي وغيرهما في التفسير. الطبرى: يقول عزّ وجلّ وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ يا محمد بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ولكنه لا يشاء ذلك، رحمة من ربك وتفضلا منه عليك ( إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيرًا) باصطفائه إياك لرسالته، وإنـزاله عليك كتابه، وسائر نعمه عليك التي لا تحصى. ابن عاشور: والاستثناء في قوله: { إلا رحمة من ربك} منقطع فحرف الاستثناء فيه بمعنى الاستدراك. وهو استدراك على ما اقتضاه فعل الشرط من توقع ذلك ، أي لكن رحمة من ربك نفت مشيئة الذهاب بالذي أوحينا إليك فهو باققٍ غير مذهوب به. انشودة من هو ربك. وهذا إيماء إلى بقاء القرآن وحفظه ، قال تعالى: { إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} [ الحجر: 9]. وموقع { إن فضله كان عليك كبيراً} موقع التعليل للاستثناء المنقطع ، أي لكن رحمة من ربك منعت تعلق المشيئة بإذهاب الذي أوحينا إليك ، لأن فضله كان عليك كبيراً فلا يحرمك فضل الذي أوحاه إليك.