تفسير: (واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السبت …)
♦ الآية: ﴿ وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ﴾. ♦ السورة ورقم الآية: الأعراف (163). تفسير سورة الأعراف الآية 163 تفسير السعدي - القران للجميع. ♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿ واسألهم ﴾ يعني: سؤال توبيخٍ وتقريرٍ ﴿ عن القرية ﴾ وهي أيلة ﴿ التي كانت حاضرة البحر ﴾ مُجاورته ﴿ إذ يعدون في السبت ﴾ يظلمون فيه بصيد السَّمك ﴿ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا ﴾ ظاهرة على الماء ﴿ ويوم لا يسبتون ﴾ لا يفعلون ما يفعل في السَّبت يعني: سائر الأيام ﴿ لا تأتيهم ﴾ الحيتان ﴿ كذلك ﴾ مثل هذا الاختبار الشَّديد ﴿ نبلوهم ﴾ نختبرهم ﴿ بما كانوا يفسقون ﴾ بعصيانهم الله أَيْ: شدَّدتُ عليهم المحنة لفسقهم ولمَّا فعلوا ذلك صار أهل القرية ثلاث فلاق: فرقةٌ صادت وأكلت وفرقةٌ نهت وزجرت وفرقةٌ أمسكت عن الصَّيد. ♦ تفسير البغوي "معالم التنزيل": قوله تعالى: ﴿ وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ ﴾، أَيْ: سَلْ يَا مُحَمَّدُ هَؤُلَاءِ الْيَهُودَ الَّذِينَ هُمْ جِيرَانُكَ، سُؤَالَ تَوْبِيخٍ وَتَقْرِيعٍ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ، أَيْ: بِقُرْبِهِ.
- وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَو-آيات قرآنية
- تفسير سورة الأعراف الآية 163 تفسير السعدي - القران للجميع
- تبيانا لكل شي - مزمل عثمان أبو حفص
- في معنى قولِه تعالى “وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ” – التصوف 24/7
- { وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ }لما كان تبياناً لكل شيء
وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَو-آيات قرآنية
إنّها قصّة أخرى من قصص القرآن الكريم، حيث الإشارة إلى الماكرين والمخادعين الّذين يختبرهم الله تعالى ويبلوهم بأعمالهم، ليميز الخبيث منهم من الطيِّب، فمكر الله فوق مكر الماكرين وتمرّد الخائنين على دعوته، وفي ذلك عِبرة لنا كي نتعلّم أنَّ الله لا مجال لخداعه والتمرّد على أوامره، فهو العالم بالسرّ والعلن والظّاهر والباطن، وهو معنا أينما كُنّا، وهو الكاشف لأعمالنا الخفيَّة، مهما خطَّطنا وابتعدنا عن أعين النّاس. يقول الله تبارك وتعالى في كتابه العزيز: { واَسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ}[الأعراف: 163].
تفسير سورة الأعراف الآية 163 تفسير السعدي - القران للجميع
فقال: إني أرى الله سيعذبك. قال: فلما لم يره قد عوجل بالعذاب ولم يُبتلى، فلما أتى السبت الآخر أخذ اثنين فربطهما. فلما أمسى من ليلة الأحد أخذهما فشواهما. ثم اطلع جار له عليه، فلما رآه لم يعجل عذاباً، جعلوا يصيدونه، حتى كثر صيد الحوت، والمشي به في الأسواق. وأعلن الفسقة بصيده. فاطلع أهل القرية عليهم، فنهاهم الذين ينهون عن المنكر، فكانوا فرقتين: فرقة تنهاهم وتكف وفرقة تنهاهم ولا تكف. ثم وسوس الشيطان إلى أهل هذه القرية، وقال: إن الله لم ينهكم عن الاصطياد وإنما نهاكم عن الأكل، فاصطادوها وخذوها فيه، وكلوها في غيره من الأيام! أو قيل: وسوس إليهم أنكم إنما نهيتم عن الأخذ، فاتخذوا حياضاً على شاطئ البحر، تسوقون الحيتان إليها يوم السبت، ثم تأخذونها يوم الأحد. فاتخذوا الحياض، فكانوا يسوقون الحيتان إليها يوم الجمعة فتبقى فيها، فلا يمكنها الخروج منها لقلة الماء، فيأخذونها يوم الأحد. وظلوا يفعلون ذلك زماناً. ثم إن العصاة قالوا: لو أنا أخذنا من هذه الحيتان يوم تجيء ما يكفينا فيما سوى ذلك من الأيام! ثم تجرؤوا على السبت، وقالوا: ما نرى السبت إلا قد أحل لنا، فقامت طائفة العصاة بأخذ الحيتان يوم سبتهم، فأخذوا وأكلوا وباعوا.
فنهتهم الطائفة الأخرى، وقالوا: تأخذونها، وقد حرمها الله عليكم يوم سبتكم! فلم يزدادوا إلا غياً وعتواً. فلما طال ذلك عليهم، قالت طائفة من الناهين: تعلموا أن هؤلاء قوم قد حق عليهم العذاب، لم تعظون قوماً الله مهلكهم؟ وكانوا أشد غضباً لله من الطائفة الأخرى. وقال جمهور المفسرين: إن أهل القرية افترقت ثلاث فرق، وهو الظاهر من الضمائر في الآيات: الفرقة الأولى هي الفرقة العاصية أصحاب الخطيئة، أي: عصت وصادت، وكانوا نحوا من سبعين ألفا. والفرقة الثانية هي الفرقة المعتزلة، أي اعتزلت فلم تنه ولم تعص، وإن هذه الطائفة هي التي قالت للناهية: ﴿ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا ﴾ - تريد العاصية - ﴿ اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ ﴾ على غلبة الظن لما عهد من فعل الله تعالى حينئذ بالأمم العاصية: من إهلاك العصاة أو تعذيبهم من دون استئصال بالهلاك. فقالت الفرقة الثالثة الناهية: ﴿ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴾، إن كان هلاك فلعلنا ننجو، وإما أن ينتهوا فيكون لنا أجراً. وكل قد كانوا ينهون. ولو كانوا فرقتين لقالت الناهية للعاصية: ولعلكم تتقون، بالكاف. فلما وقع عليهم غضب الله، نجت الطائفتان اللتان قالوا: ﴿ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ ﴾، والذين قالوا: ﴿ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ ﴾] ، وأهلك الله أهل معصيته الذين أخذوا الحيتان، فجعلهم قردة وخنازير.
وقال تبارك وتعالى: ﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ﴾ [الإسراء:9]. في معنى قولِه تعالى “وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ” – التصوف 24/7. قال الدكتور وهبة الزحيلي: (تبيان كل شيء في القرآن، إما نصا على حكمه صراحة، وإما إحالة على السنة النبوية، حيث أمر الله باتباع رسوله وطاعته، في قوله تعالى: ﴿ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ﴾ [النساء: 80]، وإما اعتمادا على الإجماع في قوله سبحانه: ﴿ وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى ﴾ [النساء: 115]، وإما عملا بالاجتهاد أو القياس، وإما ببيان القواعد الكلية والمبادئ والمقاصد العامة وأصول التشريع، فكان القرآن بهذه الأصول والقواعد تبيانا لكل شيء). ((التفسير الوسيط)) (2/ 1293، 1294)
وقد نص الله في آية أخرى أنه أنزل القرآن على نبيه محمد ليبينه للناس، فقال سبحانه: ﴿ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ ﴾ [النحل:44]. وقال عز وجل: ﴿ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ ﴾ [النحل:64].
تبيانا لكل شي - مزمل عثمان أبو حفص
في معنى قولِه تعالى “وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ” – التصوف 24/7
ص105
المصدر:شفاء الصدور
{ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ }لما كان تبياناً لكل شيء
اختتمَ اللهُ تعالى سورةَ يوسف بالآيةِ الكريمة (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُون) (111 يوسف). ولقد وصفت هذه الآيةُ الكريمة القرآنَ العظيم بالعديدِ من الأوصافِ الجليلة، ومنها وصفُها له بأنه "تَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ". فكيف يكونُ هذا القرآنُ "تَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ"؟
يُعينُ على الإجابةِ على هذا السؤال أن نستذكرَ ما جاءتنا به الآية الكريمة 89 من سورة النحل (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِين). تبيانا لكل شي - مزمل عثمان أبو حفص. فالقرآنُ العظيم تبيانٌ لكلِّ شيءٍ يحتاجُ إليه العبدُ ليصلَ إلى ربِّه وليسعَدَ بذلك في الدارين. فاللهُ تعالى "بيَّنَ" في قرآنِه العظيم صراطَه المستقيم "تبياناً" اشتملَ على كلِّ ما يجعلُ من هذا الصراطِ مُيسَّراً لمن شاءَ أن يسيرَ عليهِ مُنضبِطاً بمُحدِّداتِه وضوابِطِه، مراعياً بذلك حدودَ اللهِ التي فصلَ اللهُ تعالى بها بينَ الحلالِ والحرام فصلاً أصبحَ بمقتضاهُ هذا الحلالُ بيِّناً كما الحرامُ.
والخطورة في هؤلاء أنهم أُناس غُسلت عقولهم وفهموا الدين فهمًا خاطئًا وبحثوا عن المال الذي لا بقاء له، فضيعوا دنياهم وأخراهم. المواجهة الفكرية السبيل لمواجهة التطرف
إذًا.. كيف يتم مواجهة هؤلاء؟
لا بد من أن يكون هناك حوار معلن وأن نستقدم بعض الشباب الذي غُرِر به ويطرح الشبهة حتى نفندها ونُبين لهم حقيقة الدين. ويجب تفكيك الفكر المتطرف من جذوره بعد استناده على الدين والتمسح به وفهم القرآن فهمًا مغلوطًا على أهوائهم ووضع أحاديث كذبًا وزورًا للرسول صلى الله عليه وسلم. وهذه نزاعات كلها باطلة، ويفهمون الإسلام بطريقة خاطئة، فيجب تحصين الشباب ومحاورتهم قبل أن يمسهم الخطر ليعرفوا حقيقة دينهم وهو يُسر وسماحة ورحمة. { وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ }لما كان تبياناً لكل شيء. وكيف ترى أهمية المحافظة على الأوطان في ظل ما نُعانيه من فتن في الوقت الحالي؟
محبة الأوطان من دلائل الإيمان، وشُرِّع الجهاد في سبيل الله ليكون دفاعًا عن العقيدة والأوطان وردًا للظلم والطغيان ونشرًا للأمان والسلام. لا تقتصر حماية الأوطان على مواجهة العدوان فحسب، بل يجب مناهضة كل فكر مغشوش قد يؤدي في النهاية إلى الضرر به. وكذلك تشمل المحافظة على أسراره الداخلية وعدم التعامل مع أعداء الوطن أو من ينفثون سمومهم في أجواء المجتمعات بغيًّا منهم وعدوانًا.
كثُر الاعتداء على بيوت الله في الآونة الأخيرة.. كيف ترى ذلك؟
العدوان على بيوت الله يُمثل حربًا على الله ورسوله، ذلك الأمر لا يُقره دين أو عقل أو الإنسانية، فهي حربًا وقتلًا ومحاربة للإسلام. قال الله تعالى: «وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَىٰ فِي خَرَابِهَا ۚ أُولَٰئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ ۚ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ» (البقرة: 114). وقال سبحانه: «إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ» (المائدة: 33).