والشهادة في قوله: ﴿ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ ﴾ يحتمل أن تكون بمعنى البينة؛ أي: فبينة أحدهم لتبرير مقالته ودفع حد القذف عن ظهره. ويحتمل أن تكون بمعنى الحلف؛ من قولك: أشهد بكذا؛ أي: أحلف. قالوا: ومنه قوله تعالى: ﴿ إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ... ﴾ [المنافقون: 1]، ثم قال بعدها: ﴿ اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً... ﴾ [المنافقون: 2]. الدرر السنية. ومعنى ﴿ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ * وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ﴾؛ أي: يحلف الزوج الرامي أربع مرات، يقول في كل مرة: أشهد بالله إني لمن الصادقين؛ يعني: فيما رماها به من الزنا، وله أن يزيد: وأن هذا الولد ليس مني، ثم يقول: عليه لعنة الله إن كان من الكاذبين؛ يعني: فيما رماها به من الزنا، ويجب عليه أن يأتي بضمير المتكلم بدل ضمير الغَيبة في قوله: ﴿ عَلَيْهِ ﴾، وفي قوله: ﴿ كَانَ ﴾. وينبغي للحاكم إذا فرغ الزوج من الرابعة أن يذكره ويخوفه، ويقول له: اتقِ الله، فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، وإن هذه - يعني: الخامسة - هي الموجبة التي توجب عليك البعد من رحمة الله، ويُكرِّر الحاكم: إن الله يعلم أن أحدكما كاذب، فهل منكما تائب؟ وينبغي أن تكون المرأة جالسة تسمع هذا كله.
الدرر السنية
وتَعَقَّبَ بِأنَّهُ يُلْزِمُ حِينَئِذٍ الفَصْلَ بَيْنَ المَصْدَرِ ومَعْمُولِهِ بِأجْنَبِيٍّ وهو الخَبَرُ، وأنْتَ تَعْلَمُ أنَّ في كَوْنِ الخَبَرِ أجْنَبِيًّا كَلامًا وأنَّ بَعْضَ النَّحْوِيِّينَ أجازَ الفَصْلَ مُطْلَقًا وبَعْضُهم أجازَهُ فِيما إذا كانَ المَعْمُولُ ظَرْفًا كَما هُنا.
ذكر الرواية بذلك، وذكر السبب الذي فيه أنـزلت هذه الآية: حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا ابن عُلية، قال: ثنا أيوب، عن عكرمة، قال: لما نـزلت وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً قال سعد بن عبادة: الله إن أنا رأيت لَكَاعِ متفخذَها رجل فقلت بما رأيت إن في ظهري لثمانين إلى ما أجمع أربعة قد ذهب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا مَعْشَرَ الأنْصَار، ألا تَسْمَعونَ إلى ما يَقولُ سَيِّدُكُمْ؟ ". قالوا: يا رسول الله لا تَلُمْه، وذكروا من غيرته، فما تزوّج امرأة قط إلا بكرا، ولا طلق امرأة قطّ فرجع فيها أحد منا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فإنَّ الله يَأبَى إلا ذَاكَ" فقال: صدق الله ورسوله. قال: فلم يلبثوا أن جاء ابن عمّ له فرمى امرأته ، فشق ذلك على المسلمين، فقال: لا والله، لا يجعل في ظهري ثمانين أبدا، لقد نظرت حتى أيقنت، ولقد استسمعت حتى استشفيت، قال: فأنـزل الله القرآن باللعان، فقيل له: احلف! والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم. فحلف، قال: قفوه عند الخامسة، فإنها موجبة، فقال: لا يدخله الله النار بهذا أبدا، كما درأ عنه جلد ثمانين، لقد نظرت حتى أيقنت، ولقد استسمعت حتى استشفيت فحلف، ثم قيل: احلفي، فحلفت، ثم قال: قفوها عند الخامسة، فإنها مُوجِبة، فقيل لها: إنها مُوجبة، فتلكأت ساعة، ثم قالت: لا أُخْزي قومي، فحلفت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنْ جاءَتْ بِهِ كَذَا وَكَذَا فَهُوَ لِزَوْجها، وإنْ جاءَتْ بِهِ كَذَا وَكَذَا فَهُوَ للَّذِي قِيلَ فِيهِ ما قِيلَ، قال: فجاءت به غلاما كأنه جمل أورق، فكان بعد أميرا بمصر لا يُعرف نسبه، أو لا يُدْرَى من أبوه ".
تفسير سورة الطور-في ظلال القرآن/ سيد قطب- تفسير سياسي للقران بظل الطغاة والجاهلية الثانية - مسموع - YouTube
تفسير سورة الطور للاطفال
تفسير سورة الطور من الآية 1 إلى الآية 28 | د. محمد بن عبد العزيز الخضيري - YouTube
تفسير سوره الطور محمد العريفي
ولما بين تعالى الحجج والبراهين على بطلان أقوال المكذبين، أمر رسوله صلى
الله عليه وسلم أن لا يعبأ بهم شيئا، وأن يصبر لحكم ربه القدري والشرعي
بلزومه والاستقامة عليه، ووعده الله بالكفاية بقوله:
{ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا}
أي: بمرأى منا وحفظ، واعتناء بأمرك، وأمره أن يستعين على الصبر بالذكر
والعبادة، فقال:
{ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ}
أي: من الليل. ففيه الأمر بقيام الليل، أو حين تقوم إلى الصلوات الخمس، بدليل قوله:
{ وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ}
أي: آخر الليل، ويدخل فيه صلاة الفجر، والله أعلم. تم تفسير سورة والطور والحمد لله
تفسير سوره الطور مكتوبه
أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ (53)
أتواصى الأولون والآخرون بالتكذيب بالرسول حين قالوا ذلك جميعًا؟ بل هم
قوم طغاة تشابهت قلوبهم وأعمالهم بالكفر والطغيان, فقال متأخروهم ذلك, كما قاله
متقدموهم. فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ (54)
فأعرضْ -أيها الرسول- عن المشركين حتى يأتيك فيهم أمر الله, فما أنت
بملوم من أحد, فقد بلَّغت ما أُرسلت به. وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ
(55)
ومع إعراضك -أيها الرسول- عنهم, وعدم الالتفات إلى تخذيلهم, داوم على
الدعوة إلى الله, وعلى وعظ من أُرسلتَ إليهم; فإن التذكير والموعظة ينتفع بهما أهل
القلوب المؤمنة, وفيهما إقامة الحجة على المعرضين. وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ
(56)
وما خلقت الجن والإنس وبعثت جميع الرسل إلا لغاية سامية, هي عبادتي وحدي
دون مَن سواي. مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ
(57)
ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون, فأنا الرزاق المعطي. فهو
سبحانه غير محتاج إلى الخلق, بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم, فهو خالقهم
ورازقهم والغني عنهم. إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ
(58)
إن الله وحده هو الرزاق لخلقه, المتكفل بأقواتهم, ذو القوة المتين, لا
يُقْهَر ولا يغالَب, فله القدرة والقوة كلها.
2- مما يؤكد كذب الكافرون والمشركين، وتفاهة عقولهم: أنهم ينسبون إلى الله - سبحانه وتعالى - البنات، وينسبون إلى أنفسهم البنين، مع أنهم يكرهون البنات ويحبون البنين. 3- يعذب الله الجاحدين والمجرمين في الدنيا، وفي قبورهم، ثم يكون العذاب الشديد في نار الجحيم. 4- مما يساعد على القرب من الله تسبيحه في جميع الأحوال، ودوام ذكره وتلاوة القرآن والصلاة.