قال بعض أهل العلم: المجاهر: « هو الذي أظهر معصيته وكشف ما ستر الله عليه فيحدث بها» وقوله صلى الله عليه وسلم: «وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً ثم يصبح وقد ستره الله عليه، فيقول: يا فلان عملت البارحة كذا وكذا وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه». جاء في رواية: (وإن من المجانة) بدل قوله: (وإن من المجاهرة) قال عياض: لأن الماجن هو الذي يستهتر في أموره وهو الذي لا يبالي بما قال وما قيل له. ذكره ابن حجر، ثم قال: «وأما الرواية بلفظ الَمجانَة فتفيد معنى زائداً وهو أن الذي يجاهر بالمعصية يكون من جملة المُجّان، والمجانة مذمومة شرعاً وعرفاً، فيكون الذي يظهر المعصية قد ارتكب محذورين: اظهار المعصية، وتلبسه بفعل المُجّان». شرح حديث ((كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا الْمُجَاهِرِينَ )). وقد أخرج الحاكم في مستدركه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله عنها، فمن ألم بشيء منها فليستتر بستر الله». قال ابن بطال: في الجهر بالمعصية استخفاف بحق الله ورسوله وبصالحي المؤمنين، وفيه ضرب من العناد لهم، وفي الستر بها السلامة من الاستخفاف، لأن المعاصي تذل أهلها، ومن إقامة الحد عليه إن كان فيه حد، ومن التعزير إن لم يوجب حداً، وإذا تمحض حق الله فهو أكرم الأكرمين ورحمته سبقت غضبه، فلذلك إذا ستره في الدنيا لم يفضحه في الآخرة، والذي يجاهر يفوته جميع ذلك، قال ابن حجر رحمه الله: «الحديث مصرح بذم من جاهر بالمعصية فيستلزم مدح من يستتر، وأيضاً فإن ستر الله مستلزم لستر المؤمن على نفسه، فمن قصد اظهار المعصية والمجاهرة بها أغضب ربه فلم يستره، ومن قصد التستر بها حياء من ربه ومن الناس من الله عليه بستره إياه».
شرح حديث ((كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا الْمُجَاهِرِينَ ))
إن هذه المجاهرة القبيحة، لها دور كبير وعظيم في إشاعة الفاحشة بين المؤمنين، والله جل وعلا يقول: {إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون}. وإشاعة الفاحشة في المجتمع تكون بأكثر من وجه:
أولها: بالإقدام على الفاحشة، والتعامل بها. ثانيها: بالمعالنة باتيان الفاحشة من مرتكبها، أو التحدث بها إلى الناس، أو تسجيلها، بالصوت فقط أو بالصوت والصورة، أو تصويرها بالصورة الثابتة، وهذا فيه افشاء ما ستر الله منه. ثالثها: بإذاعة الأحاديث عن الفاحشة، أو بنشر صورها وأشرطتها، سواء كان ذلك في أهل الفاحشة أم في غيرهم. رابعها: بالاصغاء إلى حديث الإثم، وترك المتحدثين، يثرثون دون أن يردعهم رادع، أو يمسك ألسنتهم أحد. فهذه الوجوه، وما يدخل مداخلها، كلها مما تشيع به الفاحشة في المجتمع، قولاً وفعلاً.
والحاصل أنه ينبغي للإنسان أن يتستر بستر الله عز وجل ، وأن يحمد الله على العافية ، وأن يتوب فيما بينه وبين ربه من المعاصي التي قام بها، وإذا تاب إلى الله وأناب إلى الله ؛ ستره الله في الدنيا والآخرة ، والله الموفق 2009-07-31, 03:52 AM #2 رد: شرح حديث ((كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا الْمُجَاهِرِينَ))
للفائدة:
للشيخ: ذياب بن سعد الغامدي
كتاب بعنوان: أحكام المجاهرين بالكبائر..
طبع في بضع وستمائة صفحة, عن دار ابن الجوزي. وهو سفر عظيم, قدم له الشيخ ابن جبرين -رحمه الله-. وحوى شرح لهذا الحديث وأحكام أخرى كثيرة. 2009-07-31, 05:31 AM #3 رد: شرح حديث ((كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا الْمُجَاهِرِينَ))
شكرا لك... بارك الله فيك...
خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (199) قوله تعالى خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين فيه ثلاث مسائل: الأولى: هذه الآية من ثلاث كلمات ، تضمنت قواعد الشريعة في المأمورات والمنهيات. فقوله: خذ العفو دخل فيه صلة القاطعين ، والعفو عن المذنبين ، والرفق بالمؤمنين ، وغير ذلك من أخلاق المطيعين ودخل في قوله وأمر بالعرف صلة الأرحام ، وتقوى الله في الحلال والحرام ، وغض الأبصار ، والاستعداد لدار القرار. وفي قوله وأعرض عن الجاهلين الحض على التعلق بالعلم ، والإعراض عن أهل الظلم ، والتنزه عن منازعة السفهاء ، ومساواة الجهلة الأغبياء ، وغير ذلك من الأخلاق الحميدة والأفعال الرشيدة. قلت: هذه الخصال تحتاج إلى بسط ، وقد جمعها رسول الله صلى الله عليه وسلم لجابر بن سليم. قال جابر بن سليم أبو جري: ركبت قعودي ثم أتيت إلى مكة فطلبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأنخت قعودي بباب المسجد ، فدلوني على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإذا هو جالس عليه برد من صوف فيه طرائق حمر; فقلت: السلام عليك يا رسول الله. فقال: وعليك السلام. فقلت: إنا معشر أهل البادية ، قوم فينا الجفاء; فعلمني كلمات ينفعني الله بها.
219 من: (باب العفو والإِعراض عن الجاهلين)
خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ
1- مجامع الفضائل
2- فبما رحمة من الله لنت لهم
3- سموٌ فوق سموٌ
قال تعالى: { خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: 199]. في هذه الآية يأمر الله عز وجل رسوله صلى الله عليه وسلم بثلاثة أوامر:
أن يأخذ العفو، وأن يأمر بالمعروف، وأن يعرض عن الجاهلين، ثلاثة أوامر جمعت أمهات الفضائل والأخلاق. قال جعفر الصادق رضي الله عنه: " أمر الله نبيه بمكارم الأخلاق في هذه الآية، وليس في القرآن آيةٌ أجمعَ لمكارم الأخلاق من هذه الآية ". البخاري: 4367
وقال صلى الله عليه وسلم: ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق). رواه البخاري في "الأدب المفرد" رقم: 273، والحاكم: 2 / 613، وأحمد: 2 / 318، وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، ووفاقه الذهبي
وقد امتدح الله أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم في معاملة الآخرين وعدم الإغلاظ عليهم، وجعل ذلك سببا للالتفاف حوله، والإذعان لرأيه. قال تعالى: { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ.. } [آل عمران: 159].
(… وأعرِض عن الجاهلين) – موقع الإسلام العتيق
قال: ادن - ثلاثا - فدنوت فقال: أعد علي ، فأعدت عليه فقال: اتق الله ولا تحقرن من المعروف شيئا وأن تلقى أخاك بوجه منبسط وأن تفرغ من دلوك في إناء المستسقي وإن امرؤ سبك بما لا يعلم منك فلا تسبه بما تعلم فيه فإن الله جاعل لك أجرا وعليه وزرا ولا تسبن شيئا مما خولك الله تعالى. قال أبو جري: فوالذي نفسي بيده ، ما سببت بعده شاة ولا بعيرا. أخرجه أبو بكر البزار في مسنده بمعناه. وروى أبو سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إنكم لا تسعون الناس بأموالكم ولكن يسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق. وقال ابن الزبير: ما أنزل الله هذه الآية إلا في أخلاق الناس. وروى البخاري من حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الزبير في قوله: خذ العفو وأمر بالعرف قال: ما أنزل الله هذه الآية إلا في أخلاق الناس. وروى سفيان بن عيينة عن الشعبي أنه قال إن جبريل نزل على النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ما هذا يا جبريل ؟ فقال: لا أدري حتى أسأل العالم - في رواية: لا أدري حتى أسأل ربي - فذهب فمكث ساعة ثم رجع فقال: إن الله تعالى يأمرك أن تعفو عمن ظلمك وتعطي من حرمك وتصل من قطعك.
تفسير آية خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ - إسلام ويب - مركز الفتوى
عندما خرج صلى الله عليه وسلم إلى قبيلة ثقيف طلباً للحماية مما ناله من أذى قومه، لم يجد عندهم من الإجابة ما تأمل، بل قابله ساداتها بقبيح القول والأذى، وقابله الأطفال برمي الحجارة عليه، فأصاب النبي صلى الله عليه وسلم من الهم والحزن ومن التعب الشديد ما جعله يسقط على وجهه الشريف، ولم يفق إلا وجبريل رضي الله عنه قائماً عنده يخبره بأن الله بعث ملك الجبال برسالة يقول فيها: " إن شئت يا محمد أن أطبق عليهم الأخشبين "، فأتى الجواب منه عليه السلام بالعفو عنهم قائلاً: ( أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا). أخرجه البخاري 4571 ومسلم 1795
ولما كُسِرت رُباعيته صلى الله عليه وسلم وشُجَ وجهه يوم أُحد، شَقَ ذلك على أصحابه، وقالوا: يا رسول الله ادعُ على المشركين، فأجاب أصحابه قائلاً لهم: ( إني لم أُبعث لعاناً وإنما بعثت رحمة). أخرجه مسلم 4832
فأي شفقة وأي عفو وصفح وحلم من إنسان يُضاهي هذا الحلم إلا حلمه عليه السلام. قال القاضي عياض رحمه الله: " انظر ما في هذا القول من جماع الفضل، ودرجات الإحسان وحسن الخلق، وكرم النفس، وغاية الصبر، والحلم؛ إذ لم يقتصر صلى الله عليه وسلم على السكوت عنهم حتى عفا عنهم، ثم أشفق عليهم، ورحمهم، ودعا، وشفع لهم، فقال: اغفر أو اهد، ثم أظهر سبب الشفقة، والرحمة بقوله: لقومي، ثم اعتذر عنهم بجهلهم، فقال: فإنهم لا يعلمون ".
وأعرض عن الجاهلين - موقع مقالات إسلام ويب
وخَيرُ علاجٍ لتلك الإساءاتِ هو الإعراضُ عن الجاهلين؛ فمَن أَعْرَضَ عنهم حمى عِرْضَه، وأَرَاحَ نفسَه، وسَلِم مِن سَماعِ ما يؤذيهِ. ولهذا كان من وصف عباد الرحمن في سورة الفرقان قوله تعالى: { وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} [الفرقان:63]. فهذا هو الوصف الثاني لهم بعد التواضع بالمشي على الأرض هونا وتواضعا لا بطرا وكبرا، فيأتي المظهرُ الخارِجِيِّ الثاني لعبادِ الرحمن، بالإعراض عن الجاهلين، حتى صَارَ فيهم سجيةً وطبعًا لا كُلفةَ فيه، وهو لسانهم الرطبُ ومَنطِقُهم العَذْب، فلا يردون الإساءة بالإساءة، ولا التهمة بمثلها، وإنما آثروا السلام، وكأنهم لا يعلمون شيئًا مما يقولُ الجاهلون. ومع أنَّ الإسلامَ شرع للمسلمِ أَخْذَ حَقِّهِ ممَّن ظَلَمَه؛ إلاّ أنَّه يَذْكُرُ هنا الأكملَ لعبادِ الرحمن، خاصَّةً الدعاة، فقد ظُلِموا مِن الجاهلين فكان المُقابلُ السلام، وهو ما أَمَرَ اللهُ بهِ نبيَّه { خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف:199]. قال جعفرُ الصادقُ – رحمه الله -: "ما في القرآنِ أَجمَع لمكارمِ الأخلاق ِ مِن هذه الآية".
تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٨ - الصفحة ٣٧٩
سياسة الحلم لا بطش يكدرها
فهو المهيب ولا تخشى بوادره
فالعفو إسقاط حقك جوداً، وكرماً، وإحساناً مع قدرتك على الانتقام، فتؤثر الترك، رغبة في الإحسان ومكارم الأخلاق. بخلاف الذل، فإن صاحبه يترك الانتقام عجزاً، وخوفاً، ومهانة نفس، فهذا غير محمود، بل لعل المنتقم بالحق أحسن حالاً منه، لأن من الناس من بلغت به الرقاعة واللؤم أن يفسر الإكرام والإعضاء بالضعف، وعليه يحمل قول أبي الطيب المتنبي:
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته
وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا
وقول الشريف الرضي:
في الناس إن فتشتهم
من لايعزك أو تذله
فاترك مجاملة اللئيم
فإن فيها العجز كله
ومعنى قوله: (أو تذله): إلا أن تذله، كما في الشاهد النحوي:
وكنت إذا غمزت قناة قوم
كسرت كعوبها أو تستقيما
أي: إلا أن تستقيما. وهذا راجع إلى حكمة الإنسان، وتقديره الأمور، وتدبره للعواقب، فيعرف متى يأخذ بالحزم، ومتى يأخذ بالحلم. * جامعة القصيم
(… وأعرِض عن الجاهلين)
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
فإن من المسائل الساخنة التي نعيشها هذه الأيام ثلاث مسائل أحببت أن أتناولها في مقالي هذا الأسبوع. المسألة الأولى:
تلك الزوبعة الإعلامية التي أثيرت حول كلام الشيخ صالح اللحيدان -حفظه الله- لما قرر حكماً شرعياً دقيقاً في المفسدين في الأرض من ملاك القنوات الفضائية بأنهم يستحقون القتل »قضاء«. أقول: لا شك أن كلام الشيخ متفق مع الأدلة الشرعية وأقوال العلماء وهو واحد منهم ولا يحتاج مثلي وأمثالي أن يصوبه أو يقره، غير أني بصدد أولئك الذين يعبثون بالكلام ويتفننون ببتره وحمله على غير مراد صاحبه فالقتل بصفته عقوبة شرعية أمر مشروع لا شك فيه وهو من حقوق وخصائص ولي الأمر ويكون ترتيب الأمر في تنفيذ حد القتل كالآتي:
أولا: العلماء يفتون به بما علموا من أدلة الكتاب والسنة. ثانياً: القضاة يحكمون به بعد التحقيق من مطابقة تلك القضية أو الواقعة أو الحدث او الجريمة بأنها قد صدرت من ذلك الإنسان (المتهم) الذي سينفذ فيه حكم القتل. ثالثاً: ينفذ الحاكم أو الوالي أو نائبه حكم القتل فيمن صدر بحقه الحكم. أقول: إذا كان الأمر كما وصفته لك- وهو كذلك- فما الذي ينقمونه على الشيخ صالح اللحيدان؟!