فمن أوجه الشبه بين المؤمن والنخلة: ثبات إيمانه في قلبه، كثبات أصل النخلة في الأرض، قال تعالى: ( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا) [إبراهيم: 24 - 25]. حديث مثل المؤمنين في توادهم. فلا تحطمه الفتن، ولا تزعزعه الشبهات، فهو كالنخلة التي تهب عليها الأعاصير والرياح، ثم تنجلي، وإذا النخلة صامدة ثابتة قائمة، وهكذا المؤمن الصادق في ثباته على الحق لا تفتنه رغبة ولا رهبة عن الحق الذي يدين الله به. ومن شبهه بالنخلة: أنها من أصبر الشجر، فتحتمل كثيراً من العوارض والآفات التي تموت بسببها كثير من الأشجار، وهكذا المؤمن في صبره على مرضات ربه، وصبره على اجتناب نهيه، وصبره على أقدار الله وقضائه. ومن شبهه بالنخلة: أنها شجرة تحتاج إلى العناية والرعاية والتعاهد، حتى تنبت أحسن نبات، وتؤتي أحسن الثمر، وهكذا المؤمن يحتاج إيمانه منه أن يتعاهده، وأن يرعاه بالتفقه في الدين، وبالعمل بالعلم، وبتجنب ما ينقص الإيمان من الجهل والغفلة والمعاصي، كما يتعاهد النخلة صاحبُها الخبير بشأنها، الحريص عليها، فتراه يسقيها ويتابعها، ويبعد عنها الحشائش والنباتات التي يضرها جوارها إلى غير ذلك من صور الرعاية والعناية.
- حديث مثل المؤمنين في توادهم
- حديث مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن
- شرح حديث مثل المؤمن الذي يقرأ القران
- القرآن الكريم - تفسير القرطبي - تفسير سورة النحل - الآية 16
حديث مثل المؤمنين في توادهم
والسؤال المطروح عليك أخي المسلم مالحكمة في تشبيه رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤمن بالنخلة؟
إليك بعض ما فتح الله به علينا في ذلك:
أولاً: ثبات الشكل الظاهري:
فالنخلة رغم جمالها الأخاذ لها شكل ظاهري واحد لايتغير إلا للأحسن فيزداد حسنها بظهور ثمرها ودنو قطوفها، وللمؤمن أيضاً هيئة ظاهرية واحدة، لا يتقلب حسب الموضة والأهواء، ولكنه يتزين لزوجته فيسرها بمنظره قال ابن عباس: ( إني أتزين لامرأتي كما احب أن تتزين لي)، وهو يتزين في العيدين وقت قطوف ثواب الصوم والحج كما تتزين النخلة وقت قطوف الثمر، ويتزين يوم الجمعة، وعند المجالس، والمساجد ومقابلة الوفود، وهو يتزين بالمشروع ولايتزين بغير المشروع. ثانياً: ثبات الأصل وسمو الفرع:
فالنخلة أصلها ثابت في الأرض، وفرعها في السماء، تتحمل الجفاف، وتقلبات الطقس، وتصبر على الشدائد البيئية، ولاتعصف بها الرياح بسهولة، وتستمد طاقتها من الشمس والهواء بورقها المهيأ لذلك وقوتها في هالتها الورقية. والمؤمن قوي ثابت في أصول الإيمان، يرتبط بالأرض التي خلق منها واستمد منها الماء والمعادن، ويتحمل الشدائد والفتن والابتلاء، ويصبر ولا يضجر وهامته مرفوعة تستمد نورها وعلمها من السماء، حيث الوحي وأوامر الله، ويرفع يديه إلى الله في الدعاء والشدة.
حديث مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن
خطبة: مَثَل المؤمن مَثَل النحلة خطبة: مَثَل المؤمن مَثَل النحلة
د. مصطفى محمد حجاب
عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر
الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ. أما بعد،
فإن المؤمن بالله له شأن عظيم عند الله عز وجل، ولهذا ورد مدحه والثناء على أفعاله في كثير من الأحاديث الصحيحة عن النبي - صلى الله عليه وسلم- حتى إنه شبهه بأطيب المخلوقات، تلك التي لا ضرر منها إنما هي خير محض، ولنقف على مثل المؤمن في هذا الحديث الجليل مستخرجين منه الفوائد الزكية والإشارات النبوية. شرح حديث مثل المؤمن الذي يقرأ القران. هنيئًا للمؤمن، لا يُضرب له المثل في القرآن والسنة إلا بما هو على شاكلته، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَثَل المؤمن مَثَل النحلة، لا تأكُلُ إلا طيِّبًا، ولا تضَعُ إلا طيِّبًا) ( أخرجه النسائي وابن حبان والطبراني وغيرهما، وحسنه الأرناؤوط). وفي رواية أخرى: "وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، إِنَّ مَثَلَ الْمُؤْمِنِ لَكَمَثَلِ النَّحْلَةِ، أَكَلَتْ طَيِّبًا، وَوَضَعَتْ طَيِّبًا، وَوَقَعَتْ فَلَمْ تكْسرْ وَلَمْ تَفْسدْ " (مسند الإمام أحمد بإسناد حسن).
شرح حديث مثل المؤمن الذي يقرأ القران
إن مخلوقا ضُرب به المثل في وصف المؤمن؛ لذو حظ عظيم!.. فقد شبه النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث؛ حال المؤمن في إيمانه، بحال الفرس المربوط في الوتد. فيا بخت المشبه، والمشبه به. فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "مثَلُ المؤمنِ ومَثَلُ الإيمانِ كمَثَلِ الفرَسِ في آخِيَّتِه يجولُ ثمَّ يرجِعُ إلى آخِيَّتِه وإنَّ المُؤمِنَ يسهو ثمَّ يرجِعُ إلى الإيمانِ فأطعِموا طعامَكم الأتقياءَ ووَلُّوا معروفَكم المُؤمنينَ ". (مثل المؤمن): بفتح الميم والثاء، أي صفته العجيبة (ومثل الإيمان): أي في حالته الغريبة (كمثل الفرس في آخيته): همزة ممدودة فخاء مكسورة فياء مشدودة: عروة حبل في وتد، يدفن طرفا الحبل في أرض فيصير وسطه كالعروة، ويشد بها الدابة في العلف. مثل المؤمن كمثل النخلة - ملتقى الخطباء. (يجول): أي يدور (ثم يرجع إلى آخيته): والمعنى أن المؤمن مربوط بالإيمان لا انفصام له عنه، وأنه إن اتفق أن يحوم حول المعاصي يتباعد عن قضية الإيمان من ملازمة الطاعة، فإنه يعود بالآخرة إليه بالندم والتوبة، ويتدارك ما فاته من العبادة وهو المراد بقوله: (وإن المؤمن يسهو): أي عن الإيمان بالغفلة عن مراتب الإحسان (ثم يرجع إلى الإيمان): أي بعون الرحمن.
سادساً: يؤكل ثمرها كل حين:
فالنخلة نافع بثمارها،وأوراقها، وظلها، وجذعها، وخوصها، وكرانيفها، وليفها، وكروبها، وعذوقها، وأنويتها، وقطميرها، وجمارها، وجمالها في حياتها وبعد موتها. فالنخلة يؤكل ثمرها بكميات كافية كل حين على هيئة: الطلع، والجمري، والبُسر، والرطب، والمقابة، والتمر (1) ، وعندما تجف الثمار تؤكل طوال العام فهي زاد للمسافر وعصمة للمقيم، سهلة التخزين بطيئة الفساد والتغير. والمؤمن يخرج زكاة ماله كل حول إن بلغ ماله النصاب، ويخرج زكاة فطره في رمضان، ويتصدق طوال العام، ويسارع في الخيرات، ويطعم الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيرا، وهو يطعم عند العقيقة لأبنائه، وعند الزواج، وعند الأضحية، وعند الحج، وعند خروج الثمار وغير ذلك من أوجه اطعام الطعام. عرض بوربوينت الحديث السابع (مثل المؤمن كمثل خامة الزرع..) حديث 1 أ. أحمد الغامدي - حلول. سابعاً: محكومية الحركة:
فالنخلة غير مدادة، لا تعتدي على جيرانها بسيقانها أوفروعها، ولها حرم معلوم، وهي محكومة في انتشارها في البيئة لذلك لاتؤذي المحيطين بها. والمؤمن محكوم بالضوابط الشرعية مع المحيطين به، متوقع السلوك، لايدخل بيت غيره إلاﱠ بإذنه، ولايطلع على عورات غيره، ولايترك لبصره العنان، تجده حيث أمره الله، وتفتقده حيث نهاه، ويتقي الله حيثما كان.
♦ الآية: ﴿ وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ﴾. ♦ السورة ورقم الآية: النحل (16). ♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿ وعلامات ﴾ يعني: الجبال وهي علاماتُ الطُّرق بالنَّهار ﴿ وبالنجم ﴾ يعني: جميع النُّجوم ﴿ هم يهتدون ﴾ إلى الطُّرق والقِبلة في البرِّ والبحر. ♦ تفسير البغوي "معالم التنزيل": وَعَلاماتٍ، يَعْنِي: مَعَالِمَ الطُّرُقِ. قَالَ بَعْضُهُمْ: هَاهُنَا تَمَّ الْكَلَامُ ثُمَّ ابْتَدَأَ، وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ وَالْكَلْبِيُّ: أَرَادَ بالعلامات النجوم والجبال فالجبال عَلَامَاتِ النَّهَارِ وَالنُّجُومُ عَلَامَاتُ اللَّيْلِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: أَرَادَ بِالْكُلِّ النُّجُومَ مِنْهَا مَا يَكُونُ عَلَامَاتٍ وَمِنْهَا مَا يَهْتَدُونَ بِهِ. قَالَ السُّدِّيُّ: أراد بالنجوم الثُّرَيَّا وَبَنَاتِ نَعْشٍ وَالْفَرْقَدَيْنِ وَالْجَدْيَ يهتدون بِهَا إِلَى الطُّرُقِ وَالْقِبْلَةِ. القرآن الكريم - تفسير القرطبي - تفسير سورة النحل - الآية 16. وَقَالَ قَتَادَةُ: إِنَّمَا خَلْقَ اللَّهُ النُّجُومَ لِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ لِتَكُونَ زِينَةً لِلسَّمَاءِ وَمَعَالِمَ لِلطُّرُقِ وَرُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ. فَمَنْ قَالَ غَيْرَ هَذَا فَقَدْ تَكَلَّفَ مَا لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ.
القرآن الكريم - تفسير القرطبي - تفسير سورة النحل - الآية 16
وعلامات.. وبالنجم هم يهتدون - YouTube
ونجوما تهتدون بها ليلا في سُبلكم.