اقرأ أيضا: سبب بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم
كم كان عمر النبي عند نزول الوحي
بدَأ نزول الوحي على الرسول -صلى الله عليه وسلم- وعمره أربعون سنة، وهو القول المشهور عند العلماء والصحيح عند علماء السيرة والأثر؛ فقد صحّ عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنّه قال: (أُنْزِلَ علَى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو ابنُ أرْبَعِينَ). ووردت بعض الروايات التي تُخبر أنّ عمر النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما أُنزل عليه الوحي كان ثلاثةً وأربعين عاماً، لكنّها روايات ضعيفة، وتعدّدت آراء العلماء في مدّة بقاء النبي -صلى الله عليه وسلم- في مكة بعد بعثته وقبل الهجرة، فبعضهم قال إنّه مكث عشر سنين، وبعضهم قال خمس عشرة سنة، والمشهور أنّها ثلاث عشرة سنة، واتّفقوا على أنّه أقام بالمدينة بعد الهجرة عشر سنين؛ فقد عاش النبي -صلى الله عليه وسلم- ثلاثاً وستّين سنة؛ أربعون سنةً منها قبل نزول الوحي، وثلاثٌ وعشرون سنةً بعد نزول الوحي. عاش النبي -صلى الله عليه وسلم- أغلب حياته قبل أن ينزل الوحي عليه؛ فحياته كلها ثلاثٌ وستون سنة، مضَت منها أربعون سنة في الإعداد والتدريب لحمل هذه الأمانة العظيمة، وثلاث وعشرون سنة لحصول التغيّر العظيم في حياة الناس كافة، فكل هذه الفترة الطويلة من الإعداد والتدريب من الله -سبحانه وتعالى- ترشدنا إلى حكمةٍ إلهيةٍ وسنةٍ كونيةٍ من سنن الله في التغيير والإصلاح؛ وهي التدرّج وعدم التسرّع في التربية، والصبر على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فالتغيير يحتاج إلى وقتٍ طويلٍ وجهدٍ كبيرٍ وإعدادٍ لمن سيحمل همّ الأمة الإسلامية.
متى نزل الوحي على الرسول – جربها
اقرأ أيضا: اسئلة دينية اسلامية للمسابقات
أحداث نزول الوحي
كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يخلو في غار حراء متصلاً بالله -تعالى- وحده؛ وهو جبلٌ قريبٌ من مكة وبعيدٌ عن الناس، فقد كان يتعبّد فيه اللّيالي الطويلة، ويأخذ معه الطعام، وحين ينفذ يذهب إلى زوجته خديجة -رضي الله عنها- فيتزوّد ويعود، حتى نزل عليه الحقّ من الله -سبحانه وتعالى-. في يومٍ من الأيام كان النبي -صلى الله عليه وسلم- قائماً في غار حراء، فنزل عليه جبريل -عليه السلام- وبشّره بأنّه رسول الله إلى أهل الأرض كافّة، وقال له: "اقرأ"، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ما أنَا بقَارِئٍ)؛ فقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- أُميّاً لا يجيد القراءة والكتابة. ضمّ جبريلُ -عليه السلام- النبيَ -صلى الله عليه وسلم- ثم أرسله وقال له: اقرأ، فردّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قائلاً: (ما أنَا بقَارِئٍ)، فضمه جبريل -عليه السلام- مرّةً أخرى حتى بلغ منه الجهد ثمّ أرسله، وقال له: اقرأ، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ما أنَا بقَارِئٍ)، فأخذه جبريل -عليه السلام- وضمّه مرّةً ثالثةً ثم أرسله وقال له: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ* خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ* اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ* الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ* عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ).
نزول الوحي - اختبار تنافسي
عند نزول الوحي على الرسول كان يُصاب بالعناء والمشقة، وكان انقطاع الوحي عليه بهدف اشتياقه له، ومن أجل أن تهون عليه مشقته عند نزوله، وذلك إسنادًا إلى ما قاله ابن حجر " وكان ذلك -أي فتور الوحي- ليذهب ما كان -صلّى الله عليه وسلّم- وجده من الرَّوع، وليحصل له التشوّف إلى العود ". أول كلمات نزلت من الله سبحانه وتعالى على الرسول صلى الله عليه وسلم بعد قضاء فترة انقطاع الوحي كانت سورة المدثر. اقرأ أيضًا: من هو النبي الذي قبضت روحه في السماء
قال أحد المفتين إن الحكمة من نزول الوحي على الرسول بعد 40 سنة من العمر في هذه المرحلة كانت كمال العقل، والنضج للرسول، وبهذا العمر يكون قد حصل على تجارب الحياة، والقدرة على معاملة الناس، والله أعلم.
ونظراً لأهمية الوحي في الدين كان الإمام البُخاريّ قد بدأ صحيحه بِكتاب بدء الوحيّ؛ لبيان أنه من أُصول الشرع، والإيمان، وأن ما يأتي بعد ذلك من أحكام الدين فهو مبنيٌ عليها، وأمّا الإمامُ مُسلم فابتدأ كتابه بالإيمان؛ لأنه هو الأصل وما سواه فهو مبنيٌ عليه؛ لأن الوحي أساسٌ للأحكام الفرعيّة والأصليّة. المصدر:
لا خير في كثيرٍ من نجواهم - أ. د. محمد سعيد حوى - YouTube
الباحث القرآني
ثم استثنى تعالى فقال: { إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ ْ} من مال أو علم أو أي نفع كان، بل لعله يدخل فيه العبادات القاصرة كالتسبيح والتحميد ونحوه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن بكل تسبيحة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، وفي بضع أحدكم صدقة" الحديث. { أَوْ مَعْرُوفٍ ْ} وهو الإحسان والطاعة وكل ما عرف في الشرع والعقل حسنه، وإذا أطلق الأمر بالمعروف من غير أن يقرن بالنهي عن المنكر دخل فيه النهي عن المنكر، وذلك لأن ترك المنهيات من المعروف، وأيضا لا يتم فعل الخير إلا بترك الشر. لا خير في كثير من نجواهم الا من امر بصدقه او. وأما عند الاقتران فيفسر المعروف بفعل المأمور، والمنكر بترك المنهي. { أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ْ} والإصلاح لا يكون إلا بين متنازعين متخاصمين، والنزاع والخصام والتغاضب يوجب من الشر والفرقة ما لا يمكن حصره، فلذلك حث الشارع على الإصلاح بين الناس في الدماء والأموال والأعراض، بل وفي الأديان كما قال تعالى: { وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ْ} وقال تعالى: { وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ ْ} الآية.
إسلام ويب - تفسير القرطبي - سورة النساء - قوله تعالى لا خير في كثير من نجواهم - الجزء رقم1
وقال الحطيئة: من يفعل الخير لا يعدم جوازيه.. لا يذهب العرف بين الله والناس. وقال الماوردي: " فينبغي لمن يقدر على إسداء المعروف أن يعجله حذار فواته، ويبادر به خيفة عجزه، وليعلم أنه من فرص زمانه، وغنائم إمكانه، ولا يهمله ثقة بالقدرة عليه، فكم من واثق بالقدرة فاتت فأعقبت ندما، ومعول على مكنة زالت فأورثت خجلا" ولو فطن لنوائب دهره، وتحفظ من عواقب أمره لكانت مغانمه مذخورة، ومغارمه مجبورة، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( من فتح عليه باب من الخير فلينتهزه فإنه لا يدري متى يغلق عنه). وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( لكل شيء ثمرة وثمرة المعروف السراح). وقيل لأنوشروان: ما أعظم المصائب عندكم ؟ قال: أن تقدر على المعروف فلا تصطنعه حتى يفوت. وقال عبدالحميد: من أخر الفرصة عن وقتها فليكن على ثقة من فوتها. وقال بعض الشعراء: إذا هبت رياحك فاغتنمها فإن لكل خافقة سكون.. لا خير في كثيرٍ من نجواهم - أ.د. محمد سعيد حوى - YouTube. ولا تغفل عن الإحسان فيها فما تدري السكون متى يكون..
وقال العباس رضي الله عنه: لا يتم المعروف إلا بثلاث خصال: تعجيله وتصغيره وستره، فإذا عجلته هنأته، وإذا صغرته عظمته، وإذا سترته أتممته. وقال بعض الشعراء: زاد معروفك عندي عظما أنه عندك مستور حقير تتناساه كأن لم تأته وهو عند الناس مشهور خطير ومن شرط المعروف ترك الامتنان به، وترك الإعجاب بفعله، لما فيهما من إسقاط الشكر وإحباط الأجر.
لا خير في كثيرٍ من نجواهم - أ.د. محمد سعيد حوى - Youtube
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيراً, أو يقول خيراً», وقالت لم أسمعه يرخص في شيء مما يقوله الناس إلا في ثلاث: في الحرب والإصلاح بين الناس, وحديث الرجل امرأته, وحديث المرأة زوجها. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام, والصلاة, والصدقة ؟» قالوا: بلى يا رسول الله. قال: «إصلاح ذات البين», قال: «وفساد ذات البين هي الحالقة». ورواه أبو داود والترمذي من حديث أبي معاوية, وقال الترمذي: حسن صحيح. إسلام ويب - تفسير القرطبي - سورة النساء - قوله تعالى لا خير في كثير من نجواهم - الجزء رقم1. وقال الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا محمد بن عبد الرحيم, حدثنا سريج بن يونس, حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر حدثنا أبي عن حميد, عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي أيوب «ألا أدلك على تجارة ؟» قال: بلى يا رسول الله. قال «تسعى في إصلاح بين الناس إذا تفاسدوا, وتقارب بينهم إذا تباعدوا». وقد دلت الآية على الترغيب في الصدقة والمعروف والإصلاح بين الناس، وقد أكد تعالى الترغيب بقوله: {عَظِيمًا} وأن النية فيها شرط لنيل الثواب، لقوله تعالى: {ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ} وعلى أن كلام الإِنسَاْن عليه لا له، إلا ما كان في هذا ونحوه.
(p-٢٠٠)وأمّا القِسْمُ الَّذِي أخْرَجَهُ الِاسْتِثْناءُ فَهو مُبَيَّنٌ في ثَلاثَةِ أُمُورٍ: الصَّدَقَةُ، والمَعْرُوفُ، والإصْلاحُ بَيْنَ النّاسِ. الباحث القرآني. وهَذِهِ الثَّلاثَةُ لَوْ لَمْ تُذْكَرْ لَدَخَلَتْ في القَلِيلِ مِن نَجْواهُمُ الثّابِتِ لَهُ الخَيْرُ، فَلَمّا ذُكِرَتْ بِطَرِيقِ الِاسْتِثْناءِ عَلِمْنا أنَّ نَظْمَ الكَلامِ جَرى عَلى أُسْلُوبٍ بَدِيعٍ فَأخْرَجَ ما فِيهِ الخَيْرُ مِن نَجْواهُمُ ابْتِداءً بِمَفْهُومِ الصِّفَةِ، ثُمَّ أُرِيدُ الِاهْتِمامُ بِبَعْضِ هَذا القَلِيلِ مِن نَجْواهم، فَأُخْرِجَ مِن كَثِيرِ نَجْواهم بِطَرِيقِ الِاسْتِثْناءِ، فَبَقِيَ ما عَدا ذَلِكَ مِن نَجْواهم، وهو الكَثِيرُ، مَوْصُوفًا بِأنْ لا خَيْرَ فِيهِ وبِذَلِكَ يَتَّضِحُ أنَّ الِاسْتِثْناءَ مُتَّصِلٌ، وأنْ لا داعِيَ إلى جَعْلِهِ مُنْقَطِعًا. والمَقْصِدُ مِن ذَلِكَ كُلِّهِ الِاهْتِمامُ والتَّنْوِيهُ بِشَأْنِ هَذِهِ الثَّلاثَةِ، ولَوْ تَناجى فِيها مَن غالِبُ أمْرِهِ قَصْدُ الشَّرِّ. وقَوْلُهُ ﴿ومَن يَفْعَلْ ذَلِكَ﴾ إلَخْ وعْدٌ بِالثَّوابِ عَلى فِعْلِ المَذْكُوراتِ إذا كانَ لِابْتِغاءِ مَرْضاةِ اللَّهِ، فَدَلَّ عَلى أنَّ كَوْنَها خَيْرًا وصْفٌ ثابِتٌ لَها لِما فِيها مِنَ المَنافِعِ، ولِأنَّها مَأْمُورٌ بِها في الشَّرْعِ، إلّا أنَّ الثَّوابَ لا يَحْصُلُ إلّا عَنْ فِعْلِها ابْتِغاءَ مَرْضاةِ اللَّهِ كَما في حَدِيثِ «إنَّما الأعْمالُ بِالنِّيّاتِ».