إن موضوعات سورة الفاتحة أعظم موضوعات القرآن، ولذلك سماها الله سبحانه: القرآن العظيم. وهذه الموضوعات تتكرر في القرآن كله، ولذلك سماها سبحانه: سبعا من المثاني. وكل موضوع في القرآن يؤول إلى موضوعات سورة الفاتحة،
لذلك سماها رسول الله صلى الله وعليه وآله وسلم: (( أم القرآن)). وآياتها محكمة، لذلك سماها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( أم الكتاب)). هذه الموضوعات لم تسرد سردا متعاطفة بدون رابط، بل ربطها الله بأعظم عبادة. بل هي العبادة التي لا تخلو عابدة منها، إنها عبادة الدعاء، التي قال عنها رسول الله:
(( الدعاء هو العبادة))، صحيح الجامع. فالذي يصلى أو يتصدق أو يجاهد بأمواله ونفسه وغير ذلك، إنما يرجو ما عند الله ويسأل، أو يخاف فيستعيذ،
وحول الرجاء والخوف، وحول السؤال والاستعاذة، يدندن العبد في كل عباداته. صيغت موضوعا سورة الفاتحة في أربعة أجزاء مترابطة ترابطا بديعا سهلا ميسرا:
الجزء الأول والثاني: مقدمة. الجزء الثالث: موضوع السؤال. الجزء الرابع: الخاتمة. وكانت المقدمة الأولى: عن بيان عظمة المسئول والتقرب إليه بحمده والثناء عليه وتمجيده. وكانت المقدمة الثانية: عن بيان ضعف السائل وتذلله وافتقاره إلى الله.
- ص102 - كتاب تفسير القرطبي الجامع لأحكام القرآن - سورة الفاتحة آية - المكتبة الشاملة
ص102 - كتاب تفسير القرطبي الجامع لأحكام القرآن - سورة الفاتحة آية - المكتبة الشاملة
تعريف بالسورة سورة الفاتحة هي أول سور القرآن ترتيباً لا تنزيلاً. وهي سورة مكية، كما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما، وروي عن عطاء بن يسار وغيره أنها مدنية، ورُوي أنها نزلت مرة بمكة حين فُرضت الصلاة، وبالمدينة أخرى حين حُوِّلت القبلة من بيت المقدس إلى بيت الله الحرام. والإجماع على أنها سبع آيات، إلا ما شذ فيه من لا يُعتبر خلافه. فعدَّ الجمهور المكيون والكوفيون { بسم الله الرحمن الرحيم} آية، ولم يعدوا { أنعمت عليهم}، وسائر العادِّين -ومنهم كثير من قراء مكة والكوفة- لم يعدوها آية، وعدوا { صراط الذين أنعمت عليهم} آية، قال ابن عطية: وقول الله تعالى: { ولقد آتيناك سبعا من المثاني} (الحجر:87) هو الفصل في ذلك. أسماء السورة ذكر المفسرون أسماء عديدة لسورة الفاتحة، منها: الحمد، وفاتحة الكتاب، وأم الكتاب، والسبع المثاني، والواقية، والكافية، والشفاء، والشافية، والرقية، والواجبة، والكنز، والدعاء، والأساس، والنور، وسورة الصلاة، وسورة تعليم المسألة، وسورة المناجاة، وسورة التفويض. وكل هذه التسميات دالة على معنى واحد، وهو أنها تضمنت مقاصد القرآن كله، فهي أساسه. وهذه التسميات ثبت بعضها عن النبي صلى الله عليه وسلم، وورد بعضها عن السلف.
موقع مـداد علمي شرعي ثقافي غير متابع للأخبار و المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما
تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر
المصدر.