أسامة شحادة
الإيمان بأن الله عز وجل هو الخالق لهذا الوجود الذي نعيش فيه، أمرٌ لم ينكره حتى كفار قريش، كما قال تعالى: "وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ…" (الزمر، الآية 38)، وفي آية أخرى قال سبحانه: "وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ" (الزخرف، الآية 9). لكن في هذا العصر، أصبحت هذه البدهية والحقيقة الإيمانية والحقيقة العقلية والعلمية موضع شك وتشكيك من قبل تيارات متعددة. الله خالق كل شيئ. وللأسف، تأثر بذلك بعض المسلمين الذين تحولوا لملاحدة أو لاأدريين أو شكاكين، سراً وعلناً. وتحوّل بعضهم لدعاة لهذا الباطل بصورة معلنة أو مستترة بين المسلمين. ومما زاد في الطنبور نغمة، تسرب بعض ذلك الإنكار لله عز وجل وأنه خالق الوجود، للمناهج التعليمية في عدد من بلاد الإسلام تحت غطاء نظرية التطور في ظهور الحياة والكائنات! مما يصيب الطلبة الصغار بالتناقض بين ما يدرسونه في مادة التربية الإسلامية وبين ما يدرسونه في مادة العلوم أو الأحياء. ومع تداخل/ تصادم الثقافات في زمن العولمة، بسبب تطور وسائل الإعلام والاتصالات، أصبحت ثقافة إنكار خلق الله عز وجل للكون تتسلسل بين المسلمين بواسطة برنامج أو فضائية تعنى بدارسة الحيوانات التي خلقتها الطبيعة!
ترنيمة الله خالق كل شي
وكما صدّق المؤمنون بأن الله سبحانه وتعالى خلق هذا الكون تصديقاً لخبره في القرآن الكريم والسنة النبوية، ولما أرشدت له الأدلة العقلية والتي تؤيدها الاكتشافات العلمية يوماً بعد يوم، فإن المؤمنين يؤمنون بعالم الغيب والجنة والنار والصراط، لأن الله عز وجل أخبرهم عنه في القرآن الكريم، ولأن مقتضى الحكمة والعقل أن الظلم الواقع في الدنيا هل سيمر بلا عقاب، أم لا بد من يوم يقام فيه ميزان العدل وينصف المظلومون؟ هذه حقيقة الوجود التي يغالط فيها أهل الأهواء والأغراض السيئة الذين ينكرون خلق الله عز وجل للكون، لينفوا وجود غاية من وراء هذا الكون الكبير، في الوقت الذي يطالبون بهدف لكل تصرف بسيط! وهذا موضوعنا في الأسبوع المقبل.
(2) ---------------------- الهوامش: (1) انظر تفسير (( العبادة)) فيما سلف من فهارس اللغة ( عبد). (2) انظر تفسير (( وكيل)) فيما سلف 11: 434 تعليق: 1 ، راجع هناك.