وما بدا لافتا في كلام رئيس الحكومة الصريح والعفوي في الأمس هو وضعه الأصبع على الجرح بكل ما للكلمة من معنى، فالمشكلة الأم في البلاد أن الجميع يتنافسون وفقا لمبدأ "النكايات" و"خربلي تخربلك" وعلى الرغم من الوصول إلى قعر جهنم، ما زال البعض يعتقد أن سياسية التخريب قادرة أن تؤمن له شعبوية شبيهة بالصفوف الطويلة التي شهدتها محطات البنزين في الأمس القريب والبعيد. في الخلاصة، قالها ميقاتي من دون قفازات وبصريح العبارة، لا بد من الاتحاد للخروج من الأزمة التي سبق له وصارح اللبنانيين بمدى صعوبتها وعمقها.
- الاحتفالية الانتخابية الضائعة | نسيم الخوري | صحيفة الخليج
الاحتفالية الانتخابية الضائعة | نسيم الخوري | صحيفة الخليج
كأحد المتقاعدين الفقراء وضعت بطاقتي الشخصية في محفظتي إلى جانب قائمة غير منتهية من السلع المطلوبة لرمضان، وتوجهت، كغيري، إلى أحد مكاتب المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي. ما أن وصلت حتى هالني ما رأيت، فطابور الانتظار بالمئات، وكلهم من كبار السن، وأدعي أنني أصغرهم... رجال هرمون يمشون على ثلاث... ظهور محنية... رُكَّب أكل عليها الدهر وشرب... ولولا أن الأقوياء منهم، ومنهم أنا، أقاموا حاجزًا بشريًا على حافة الرصيف، ليتكئ عليه المتعبون من الوقوف، لتدحرجت الأجساد، كما الرؤوس، إلى الشارع. الاحتفالية الانتخابية الضائعة | نسيم الخوري | صحيفة الخليج. في خلفية المشهد، تبين أن مدير عام المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي يزور، في جولة تفقدية، هذا المكتب، وخرج وبطريقة لطيفة اعتذر من الواقفين، ووعد بأن تنجز معاملاتهم بسرعة. الأسئلة كثيرة في هذا السياق، كلها تتمحور حول الآلية التي اتبعتها المؤسسة لصرف "كوبونات رمضان" للمتقاعدين، وهي طريق بائسة تشي بأن العقل الذي يدير هذه المؤسسة محشور داخل "الصندوق". فالوسائل لمعالجة هذا الشأن كثيرة، لا تبدأ بالتطبيقات الذكية، ولا تنتهي بتقسيم المراجعين إلى فئات على أساس السن أو حسب الحروف الأبجدية أو أرقام الاشتراك في الضمان أو أية وسيلة أخرى.
ضمن أعمال ندوة "الفن ذاكرة ثورة" التي اختُتمت أمس، وأقيمت على مدى يومين في "مدينة الثقافة" بتونس العاصمة، قدّم الباحث التونسي عمر علوي ورقة بعنوان "فى تبديد اللاّعودة: قراءة فى أعمال نبيل الصوّابي". يشرح الباحث عنوان مداخلته حيث يشير إلى "اللا عودة هنا هي ترجمة إنسانية لمصطلح رياضي وهو l'irréversible". ويقول: "لا تُحيل اللاعودة إلى ما نحن عاجزون على فعله، بل على العكس تماماً إن اللاعودة هي إمكانية العودة وقد رفضناها"، ومن هذا المفهوم يعالج علوي تجربة الصوّابي "ليس بوصفه فنّاناً تونسياً بل بوصفه فنّاناً متعدّد الأكوان multiversaliste، اشتغل على تفكيك السرديات الكاذبة وناصر فكرة اللاعودة"، بحسب عباراته. يمرّ علوي لاحقاً لقراءة بعض لوحات الصوّابي ومنها le bâillonné التي يقول عنها: "يفتح الصوابي في لوحته، في نسخها المتعدّدة، صناديق الجثامين لتاريخ القرن الماضي إلى حدود معاصرتنا". يتابع إحالات الصوّابي ابتداءً من الصورة التي التقطها إيدي أدامز في سايغون إلى صور تشي غيفارا، وفرحات حشاد، وطائرات تحيل على هيروشيما (... ). يقول: "كلّ هذا أقحمه الصوّابي في لوحات متراصة. ضربٌ من أرشيف التاريخ المعاصر".