والثاني: أن هذه الآية نزلت قبل أن يفرض استقبال القبلة، فأباح لهم أن يتوجهوا بصلاتهم حيث شاءوا من نواحي المشرق والمغرب، وهذا قول قتادة وابن زيد. والثالث: أنها نزلت في صلاة التطوع للسائر حيث توجه، وللخائف حيث تمكن من مشرق أو مغرب، وهذا قول ابن عمر...
والرابع: أنها نزلت فيمن خفيت عليهم القبلة ولم يعرفوا جهتها، فَصَلُّوا إلى جهات مختلفة...
والخامس: أنها نزلت في النجاشي ـ لما أمر النبي صلى اله عليه وسلم بالصلاة عليه بعد موته ـ قالوا: فإنه كان لا يصلي إلى القبلة، فأنزل الله هذه الآية. والسادس: أن سبب نزولها أن الله تعالى لما أنزل قوله: ادعُوني أسْتَجِبْ لَكُم ـ قالوا إلى أين؟ فنزلت: فأَينَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ {البقرة: 115}. والسابع: أن معناه وحيثما كنتم من مشرق أو مغرب فلكم قبلة تستقبلونها، يعني جهة إلى الكعبة، وهذا قول مجاهد. ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله. ويجيء من هذا الاختلاف في قوله: فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ ـ تأويلان:
أحدهما: معناه فثم قبلة الله. والثاني: فثم الله تعالى، ويكون الوجه عبارة عنه، كما قال تعالى: وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ {الرحمن: 27}. اهـ. وراجع للفائدة الفتويين رقم: 173579 ، ورقم: 132417. والله أعلم.
- ولله المشرق والمغرب - YouTube
- معنى الماعون في آية ويمنعون الماعون تكرار
ولله المشرق والمغرب - Youtube
تفسير القرآن الكريم
الإعراب: الواو استئنافيّة (للّه) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف خبر مقدّم (المشرق) مبتدأ مؤخّر مرفوع، (المغرب) معطوف على المشرق بالواو مرفوع مثله الفاء عاطفة لربط المسبّب بالسبب (أينما) اسم شرط جازم مبنيّ في محلّ نصب على الظرفيّة المكانية متعلّق بالجواب (تولّوا) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون.. والواو فاعل الفاء رابطة لجواب الشرط (ثمّ) ظرف مكان مبنيّ على الفتح في محلّ نصب متعلّق بمحذوف خبر مقدّم (وجه) مبتدأ مؤخّر مرفوع (اللّه) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور. (إنّ) حرف مشبّه بالفعل (اللّه) لفظ الجلالة اسم إن منصوب (واسع) خبر مرفوع (عليم) خبر ثان مرفوع. جملة: (للّه المشرق) لا محلّ لها استئنافيّة. وجملة: (تولوا) لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة. وجملة: (ثمّ وجه اللّه) في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء. وجملة: (إنّ اللّه واسع) لا محلّ لها استئنافيّة. ولله المشرق والمغرب - YouTube. الصرف: (المشرق)، اسم مكان من شرق باب نصر، وزنه مفعل بكسر العين على غير القياس إذ قياسه فتح العين لأن عينه مضمومة في المضارع. (المغرب)، اسم مكان من غرب باب نصر، وهو مثل المشرق بخروجه عن القياس. (تولّوا)، فيه إعلال بالحذف، أصله تولاوا، التقى ساكنان فحذفت الألف وبقيت الفتحة على اللام قبلها دلالة عليها فأصبح تولّوا وزنه تفعّوا بفتح العين.
والمسكين هو ذو الحاجةِ غير السائل؛ لقوله تعالى: ﴿ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِين ﴾ [البقرة: 177]، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((ليس المسكينُ الذي يطوف على الناس تردُّه اللقمة واللقمتان، والتمرة والتمرتان؛ ولكن المسكين الذي لا يجد غِنًى يُغْنيه، ولا يُفطَنُ به فيُتصدَّقَ عليه، ولا يقومُ فيسألَ الناس))؛ متفق عليه. ولفظ المسكين هنا يتناول معنى الفقير كذلك، فهما لفظان إذا اجتمَعَا افترَقا وإذا افترَقا اجتمَعَا؛ كلفظ الإيمان والإسلام، ولفظِ الكفر والشِّرك. • ﴿ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ ﴾ [الماعون: 4]:
الفاء واقعة أيضًا في جواب شرط مُقدَّر، تقديره: إذا كان ما ذُكر من عدم المبالاة باليتيم والمسكين، من دلائل التكذيب بالدين، وموجبات الذم والتوبيخ - فويلٌ للمصلين المذكورين بعد هذه الآية، وهم المنافقون، فهم كذلك يُكذِّبون بالدين، والويل وعيدٌ يُستعمل عند الجريمة الشديدة.
معنى الماعون في آية ويمنعون الماعون تكرار
فإذا احتاج الجيران أو الإخوان إلى كتب، أو أدوات عمل، أو آلات طبخ، أو إذا احتاجوا إلى دلو يستقُون به، أو قِدْر يطبخون فيه، أو فأس يَحفِرون بها، فعلى المسلم أن يبذل ذلك مجانًا، وإلا كان مِن الذين يمنعون الماعون، وسيتعلق به هؤلاء يوم الدين؛ فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: لقد أتى علينا زمانٌ وما أحد أحق بديناره ودرهمه من أخيه المسلم، ثم الآن الدينار والدرهم أحبُّ إلى أحدنا من أخيه المسلم، سمعتُ النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((كم من جارٍ متعلِّق بجاره يوم القيامة يقول: يا ربِّ، سَلْ هذا لِمَ أَغْلَق بابه دوني ومنعني فضله))؛ صحيح الأدب المفرد. ولعل وجه تخصيص دعِّ اليتيم وعدم إطعام المسكين ومنع الماعون بالذِّكر في هذه السورة - أنَّ أقبح شيء في الطباع هو قسوة القلب والبخل، وأقبحُ شيء في العقائد هو التكذيب، وأقبح شيء في العبادات هو ترك الصلاة والرِّياء، وبشاراتُ القرآن والسُّنة تجتمعُ في ثلاثة أصول: إيمان، وتقوى، وعمل خالص لله تعالى على موافقة السُّنة، وضدها تجتمع في ثلاثة أصول: تكذيب، وفجور، ورياء، قد جمعَتْها كلَّها هذه السورةُ مع قِصَرِها، فليأتِ المُكذِّبون بسورة مثلها، وليَدْعُوا من استطاعوا مِن دون الله إن كانوا صادقين.
• ﴿ وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ﴾ [الماعون: 7]:
عَنْ عَبْدِاللهِ بنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: "كُنَّا نَعُدُّ المَاعُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: عارِيَّةَ الدَّلْوِ وَالقِدْرِ"؛ صحيح أبي داود، والعاريَّةُ: هي الإعارة. وقال البخاري: "قَالَ بَعْضُ العَرَبِ: المَاعُونُ: المَاءُ"، وفي الذين يمنعون الماء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ثلاثةٌ لا يُكلِّمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم: رجلٌ حلَفَ على سلعةٍ لقد أَعطى بها أكثر مما أَعطى وهو كاذبٌ، ورجل حلَف على يمينٍ كاذبة بعد العصر ليقتطعَ بها مالَ رجلٍ مسلم، ورجل منع فضلَ ماءٍ، فيقول الله: اليوم أمنعُك فضلي كما منَعتَ فضل ما لم تعمل يداك))؛ متفق عليه. ويدخل في الماعون ما كان المسلمون فيه شركاءَ؛ كالكلأ والنار، فعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((المسلمون شركاءُ في ثلاث: الماء، والكلأ، والنار))؛ صحيح أبي داود. تفسير سورة الماعون - معنى قوله تعالى الماعون. فمَن منع إعارة الدلو والقِدر، ومنع عن غيره الماء والنار والكلأ لشدة حرصه - كان لِما هو أكثر من ذلك أمنَعَ؛ لهذا فقد صحَّ عن عكرمة عند البخاري أنه قال عن الماعون: "أَعْلاهَا الزَّكَاةُ المَفْرُوضَةُ، وَأَدْنَاهَا عَارِيَّةُ المَتَاعِ".