في أواخر القرن الثالث عشر الهجري أنشئت في تركيا المحاكم النظامية ونقل إليها بعض اختصاصات المحاكم الشرعية، ولم يكن قضاة هذه المحاكم من الفقهاء المتمرسين بالفقه، ولذا لم يكن في استطاعتهم أخذ الأحكام من الكتب الفقهية، لاختلاف أساليبها وكثرة الآراء الفقهية فيها، ولأن التمييز بين تلك الآراء يحتاج إلى ملكة فقهية خاصة، وتدريب خاص، ولم يتوفر لهؤلاء القضاة غير الشرعيين شيء من ذلك. فاقتضى الأمر علاج هذه الحالة بجمع أحكام المسائل وصياغتها على هيئة قانون ليسهل الرجوع إليها، وأخذ الأحكام منها، فصدرت إرادة سلطانية (كما يسمونها) بتأليف لجنة من مشاهير الفقهاء برئاسة وزير العدلية لوضع هذه المجموعة، وأتمت اللجنة عملها في ثماني سنوات أي حوالي ما بين عام (1285إلى عام 1293ه) وقد وضعت اللجنة مجموعة من الأحكام منتقاة من فقه المذهب الحنفي، ورتبت مباحثها على الكتب والأبواب الفقهية المعهودة، ولكنها فصلت الأحكام بمواد ذات أرقام متسلسلة كالقوانين، ليسهل الرجوع إليها والإحالة عليها، وقد جاءت في (1851) مادة، وسميت (مجلة الأحكام العدلية). وقد أخذت هذه المجلة ببعض الأقوال المرجوحة في المذهب الحنفي للمصلحة الزمنية التي اقتضتها، وقد صدرت الإرادة السلطانية في سنة ( 1293ه) بلزوم العمل بها وتطبيق أحكامها في محاكم الدولة العثمانية، وبذلك أصبحت قانوناً مدنياً عاماً منتخباً.
- مجلة الأحكام الشرعية
- تصفح وتحميل كتاب مجلة الأحكام الشرعية على مذهب الإمام أحمد Pdf - مكتبة عين الجامعة
- في الذكرى الـ11 لاندلاع الثورة السورية... «استعصاء سياسي» تشهده سوريا | مجلة المجلة
- الدرر السنية
مجلة الأحكام الشرعية
اجتهاد أم تقليد
يثير التقرير الذي أفاض في الحديث عن ضرورة "مراعاة العرف والعادة" وعن الحاجة الماسة إلى "تيسير معاملات العصر" التساؤلات حول علاقة المجلة بحركة الاجتهاد، فهل المجلة عمل تجميعي يقع في إطار التقليد أم هي عمل اجتهادي. يميل بعض دارسي القانون الإسلامي إلى اعتبار المجلة عمل تجميعي جيد فكل كتاب منها هو تجميع وتلخيص لباب من أبواب الفقه الحنفي وبهذا المعني لا يمكن نعتها بالاجتهاد، وحجتهم الرئيسة هي محدودية مصادرها ممثلة في المذهب الحنفي بل في القول الراجح دون سواه، وهو ما حرمها الإفادة من الثراء الواسع في المذاهب الفقهية الأخرى، وبحسب هؤلاء فإن المجلة ربما أضرت بحركة الاجتهاد فمحدودية مصادرها جعلها "ضيقة الأفق"، وصياغتها النصية لم تدع للقضاة مجالا للاجتهاد في التفسير، ونسبتها إلى الشريعة -رغم أنها تنتمي لجزء يسير من الفقه الحنفي- منح أحكامها ثباتا في ظل مجتمع كان عرضة لتغيرات متلاحقة بفعل الانفتاح على الغرب [4].
تصفح وتحميل كتاب مجلة الأحكام الشرعية على مذهب الإمام أحمد Pdf - مكتبة عين الجامعة
والثانية تتعلق بتغليب القول الراجح في المذهب على بقية الأقوال، وقد شهدت هذه القاعدة استثناءات عديدة نذكر منها بيع المعدوم -أي بيع ما ليس موجودا كالثمار التي لم يكتمل نموها- والقول الراجح في المذهب أنه لا يجوز بيعها ويعود إلى الإمام أبي حنيفة، لكن لما كان هذا الرأي يكلف الناس الذين اعتادوه حرجا ومشقة ذكرت المجلة أنه لما كان " إرجاع الناس عن عاداتهم المعروفة عندهم غير ممكن، كما أن حمل معاملاتهم بحسب الإمكان على الصحة أولى من نسبتها إلى الفساد، وقع الاختيار لترجيح قول محمد رحمه الله في هذه المسألة" [5]. ومن أمثلته كذلك ما أوردته المجلة بخصوص عقد الاستصناع * ، والقول الراجح أنه يجوز للمستصنع له الرجوع في البيع بعد إتمامه، لكن هذا القول لا يمكن العمل به لأنه "في هذا الزمان قد اتخذت مصانع كثيرة تصنع فيها المدافع والبواخر (الفابورات) ونحوها بالمقاولة، وبذلك صار الاستصناع من الأمور الجارية العظيمة فتخيير المستصنع في إمضاء العقد أو فسخه يترتب عليه الاخلال بمصالح جسيمة، وحيث الاستصناع مستند إلى التعارف ومقيس على السلم المشروع على خلاف القياس لزم اختيار قول أبي يوسف رحمه الله تعالى [حيث] في هذا مراعاة لمصلحة الوقت" [6].
في الذكرى الـ11 لاندلاع الثورة السورية... «استعصاء سياسي» تشهده سوريا | مجلة المجلة
وأسهب التقرير في ذكر الدواعي التي تقف وراء إصدار المجلة، ويمكن إجمالها في مجموعتين:
الأولى دواعي تتعلق بطبيعة النظام القضائي العثماني والتطورات التي طرأت عليه مع اعتماد سياسة التنظيمات الخيرية عام 1839 م، ففيما مضى كان هناك نظام قانوني واحد في الدولة هو الشريعة الإسلامية، وبعد هذا التاريخ أصبح لدينا نظامان قضائيان منفصلان وهما الشريعة الإسلامية والقانون الأوروبي الوضعي الذي اقتبس عنه قانون التجارة العثماني عام 1850 م. ونتج عن هذه الازدواجية القانونية تضارب قضائي عانت منه الدولة ذلك أن بعض القضايا المتفرعة عن قانون التجارة والتي لا تسري عليها أحكامه باتت تنظر أمام محاكم الشريعة وهكذا أصبحت القضية الواحدة تنظر من خلال نظامين قضائيين متباينين.
الشرط الجزائي معاملة مستحدثة: الذي أراه أن الشرط الجزائي الذي بينا حقيقته، والذي يجري عليه العمل في البلاد الإسلامية، هو معاملة مستحدثة، تحكمها قاعدة يكاد الفقهاء المعاصرون يجمعون على الأخذ بها هي: الأصل في العقود والشروط الجواز والصحة، ولا يحرم منه أو يبطل إلا ما دل الشرع على تحريمه وإبطاله نصًا أو قياسًا. هذه العبارة لابن تيمية (١) ولكن القاعدة معروفة قبل ابن تيمية ذكرها ابن حزم، وذكر القاعدة المخالفة لها فقال: أما العقود والعهود والشروط والوعد فإن أصل الاختلاف فيها على قولين لا يخرج الحق عن أحدهما، وما عداهم فتخليط ومناقضات لا يستقر لقائلها قول على حقيقة (٢) ، فأحد القولين المذكورين: أنها كلها حق لازم إلا ما أبطله منها نص، والثاني: أنها كلها باطل غير لازم إلا ما أوجبه منها نص، أو ما أباحه منها نص (٣). تصفح وتحميل كتاب مجلة الأحكام الشرعية على مذهب الإمام أحمد Pdf - مكتبة عين الجامعة. ثم ذكر ابن حزم حجة أصحاب القول الأول، ورده عليها، ولكنه لم ينسب هذا القول إلى أحد (٤) ، وقد وجدت عبارة لأبي بكر الجصاص تدل على أنه يؤيد القول الأول، هي قوله في تفسيره لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: ١]. واقتضى قوله تعالى: {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} الوفاء بعقود البياعات والإجراءات والنكاحات وجميع ما يتناوله اسم العقد، فمتى اختلفنا في جواز عقد أو فساده صح الاحتجاج بقوله تعالى: {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} ، لاقتضاء عمومه جواز جميعها من الكفالات والإجازات والبيوع وغيرها، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((والمسلمون عند شروطهم)) في معنى قول الله تعالى: {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} وهو عموم في إيجاب الوفاء بجميع ما يشترطه الإنسان على نفسه ما لم تقم دلالة تخصصه (٥).
فنسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين وأن يرد كافرهم إلى التوبة، ومن ذلك من ترك الصلاة
نسأل الله أن يهديه للإسلام ويرده إلى ما أوجب الله عليه من إقامة الصلاة،
وأن يمن عليه بالتوبة الصادقة النصوح والله المستعان. نعم.
الدرر السنية
وخالفه صالح بن عمر فرواه مرفوعًا وذكر عكرمة في السند أخرجه البزار كما في كشف الأستار (ج1/ص173) والطبراني في المعجم الكبير (ج11/ص294) ومن طريقه ضياء الدين في الأحاديث المختارة (ج12/ص87) كلاهما من طريق محمد بن عبد الله المخرمي، ثنا سهل بن محمود، ثنا صالح بن عمر، عن حاتم بن أبي صغيرة، عن سماك [زاد الطبراني: ابن حرب]، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: لما قام بصره، قيل له: نداويك وتدع الصلاة أياما، قال: لا، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من ترك الصلاة لقي الله وهو عليه غضبان. قال البزار: لا نعلمه يروى مرفوعًا إلا بهذا الإسناد، وقد وقفه بعضهم وقال ضياء الدين سهل بن محمود، وصالح ثقتان - سهل بن محمود قال الألباني رحمه الله مجهول قلت ليس بمجهول وهو أبو السري سهل بن محمود بن حليمة مولى العباس بن عبد الله بن مالك ثقة قال الدارقطني بغدادي، فاضل، يروي عن أبي بكر ابن عياش، يروي عنه محمد بن عبدالله المخرمي (سؤالات السلمي للدارقطني ص188) وعند ابن عساكر في تاريخ دمشق (ج12/ص225) محمد بن عبد الله المخرمي نبأنا أبو البشر سهل بن محمود. انتهى وأبو البشر تصحيف وعند الخطيب في موضح الأوهام (ج2/ص51) حدثنا محمد بن عبد الله حدثنا سهل بن محمود حدثنا عبد الله بن إدريس.
فإن كان يصلي فرضا أو فرضين فإنه لا يكفر ؛ لأن هذا لا يصدق عليه أنه ترك الصلاة ؛
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة) ،
ولم يقل: ( ترك صلاة) ، وأما ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( من
ترك صلاة مكتوبة متعمدا فقد برئت منه الذمة) ، ففي صحته نظر ، ولأن الأصل بقاء
الإسلام ، فلا نخرجه منه إلا بيقين ؛ لأن ما ثبت بيقين لا يرتفع إلا بيقين ، فأصل
هذا الرجل المعين أنه مسلم ، فلا نخرجه من الإسلام المتيقن إلا بدليل يخرجه إلى
الكفر بيقين " انتهى من " الشرح الممتع لابن عثيمين " ( 2 / 27 – 28). وقد سئل رحمه الله: عن الإنسان الذي يصلي أحيانا
ويترك أحيانا أخرى ، فهل يكفر ؟
فأجاب: " الذي يظهر لي أنه لا يكفر إلا بالترك المطلق
بحيث لا يصلي أبداً ، وأما من يصلي أحيانا فإنه لا يكفر لقول الرسول صلى الله عليه
وسلم: ( بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة) ولم يقل ترك صلاة ، بل قال: "
ترك الصلاة " ، وهذا يقتضي أن يكون الترك المطلق ، وكذلك قال: ( العهد الذي بيننا
وبينهم الصلاة فمن تركها ـ أي الصلاة ـ فقد كفر) ، وبناء على هذا نقول: إن الذي
يصلي أحيانا ويدع أحيانا ليس بكافر " انتهى من "مجموع فتاوى ابن عثيمين " ( 12 / 55).