من فضائل الاستغفار ومن فضائل الاستغفار أيضًا نزول الغيث من السماء وزيادة الرزق والمال وذهاب العُقم وكثرة الأولاد والعيش برغدٍ وطمأنينة وسلام، قال تعالى: {فَقُلْتُاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا}. كما يُشرعُ الاستغفار في كلِّ وقتٍ وحين. فضل الاستغفار في السحر بسحر مثله. ولكن يوجدُ هناك بعض الأوقات التي يكونُ فيها للاستغفارِ المزيد من الفضلِ كالاستغفار في ثلثِ الليل الأخير أو في الأسْحَار، فقد وردَ فضل الاستغفار بالأسحار في كتاب الله تعالى عندما وصفَ الله المتَّقين في سورة الذاريات، قال تعالى: {كانُوا قَليلًا مِن الليلِ مَايَهجَعون * وبالأسحَارِ هُم يَستَغفِرُون}. العرش يهتز في السحر وقال أبوسعيد الخدري رضي الله عنه: (بلغنا أن داوود عليهالسلام سأل جبريل عليه السلام فقال: يا جبريل أي الليل أفضل؟ فقال: يا داوود ماأدري إلا أن العرش يهتز في السحر). وقد أثنى الله تعالى على عبادهالمستغفرين بالأسحار فقال: (الَّذِينَيَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَالنَّارِ (16) الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَوَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ (17).
فضل الاستغفار في السحر عن المسحور
ما هو الاستغفار بالأسحار؟
السحر هو آخر الليل وهو وقت السحور في شهر رمضان، [١] وقيل إنّه السدس الأخير من الليل، [٢] والاستغفار هو التماس العفو والمغفرة من الله -سبحانه- وصون النفس من العذاب بالرجوع إليه وإظهار الندم عن كل فعل وقول لا يُرضيه، وقد يأتي أيضًا بمعنى الصلاة، [٣] والاستغفار بالأسحار هو طلب المغفرة ومحو الذنوب من الله -تعالى- في هذا الوقت من الليل أي وقت السحر. [٢]
الأحاديث والآيات الواردة في فضل الاستغفار بالأسحار
ما الدليل على وجود أفضلية للاستغفار وقت السحر؟
للاستغفار بالأسحار فضل عظيم حيث وردت آيات وأحاديث تُبيّن فضل الاستغفار بالأسحار وتُرغّب فيه ومنها ما يأتي:
قال تعالى في سياق ذكر أفعال مستحقي الجنة والنعيم في الآخرة: {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}. [٤] الفضل المستفاد من الآية: يمتدح الله تعالى في هذه الآية المستغفرين وقت السحر وأنّهم استحقوا الجنة جزاءً لطاعتهم واستغفارهم، وهذا الاستغفار قد يكون قولًا باللسان، أو صلاةً وتهجدًا وقيامًا لليل طلبًا للعفو والغفران. فضل الاستغفار في السحر عن المسحور. [٥]
قال تعالى واصفًا عباده المطيعين: {الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ}.
فضل الاستغفار في السحر الاسود
و يعني هذا الحديث أنه ما دام ابن آدم يدعو الله و يرجوه أن يغفر له ذنوبه و خطاياه سيغفر له الله سبحانه و تعالى، حتى و إن كانت ذنوبه كثيرة تصل إلى السماء و دعا الله أن يغفر له سيغفر له الله ولا يهتم بكثرتها، حتى و إن كان كثير الخطايا و توفى ولا يشرك بالله شيئا سيغفر الله له و لكن عليه أن يستغفر الله و يدعوه كثيراً. و لقد كان رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم يستغفر في اليوم سبعين مرة أو أكثر، رغم أن الله عز وجل غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فما بالنا كثيري الخطايا و الذنوب و قليلاً ما نستغفر الله. هل الاستغفار في السحر سُنّة؟. و يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله تعالى فيغفر لهم). و معنى هذا الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم يقسم أنه حتى لو لم نكن نفعل الذنوب ولا نستغفر الله سيذهب بنا و يأتي بقوم آخرين يفعلون الذنوب و يستغفروا الله، و سيغفر الله لهم، و هذا لأن الاستغفار يقرب العبد من الله عز وجل حتى مع فعل المعاصي و الإكثار من الذنوب و الخطايا. كما أن الاستمرار على الاستغفار يبعد عنا العذاب يوم القيامة كما قال الله عز وجل: (وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون).
ـــــــــــــــــــــــــــ [1] البخاري (3/ 29)، ومسلم (758). [2] أخرجه الترمذي (3499)، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" رقم (108)، وهو حديث حسن بشواهده. [3] "جامع العلوم والحكم"، شرح الحديث التاسع والعشرين من "الأربعين النووية". [4] "شرح البخاري" لابن بطال (10/ 89، 90). [5] أخرجه مسلم (757). [6] أخرجه الترمذي (7/ 187)، وقال: هذا حديث صحيح، وأخرجه ابن ماجه رقم (3251). 2
0
216
[عقيدة أهل السنة والجماعة في الأسماء والصفات] ومن الإيمان بالله أيضاً: الإيمان بأسمائه وصفاته، كما أنه داخل في ذلك الإيمان بشرائعه، من صلاة، وزكاة، وصوم، وحج، وجهاد، وأمر بالمعروف، ونهي عن المنكر، وغير ذلك، كل ذلك داخل في الإيمان بالله، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: لما قال له رجل: قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحداً غيرك؟ قال: (قل آمنت بالله ثم استقم) ، فكل شيء داخل في الإيمان، كل ما أمر الله به ورسوله داخل في الإيمان بالله. وهكذا قال جل وعلا: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} [فصلت:٣٠] ، فمن آمن بالله رباً وإلهاً ومعبوداً بحق، واستقام على دينه؛ فهذا هو دين الله، وهذا هو الإسلام، وهذا هو الإيمان، وهذا هو الهدى، وهذه هي العبادة التي خلقنا لها الإيمان بالله ثم الاستقامة الإيمان بالله رباً وإلهاً ومعبوداً بحق، والإيمان بكل ما شرع من الأوامر والنواهي، والعمل بذلك، هذا كله هو العبادة، وهذا هو الدين، وهذا هو الإيمان بالله، وهذا هو الإسلام، وهذا هو الهدى، وهذا هو التقوى.
أسئلة مهمة حول اعتقاد أهل السنَّة في أسماء الله تعالى وصفاته - الإسلام سؤال وجواب
المقدم: أحسن الله إليكم، وأثابكم الله سماحة الشيخ.
عقيدة أهل السنة في الأسماء والصفات
الحمد لله. أولاً:
لا شك أن صفات الله تعالى متباينة من حيث معانيها ، فصفة " القدرة " ليست هي صفة "
العزة " وليست هي صفة " العلم " ، ولا يقول عاقل بأنها متشابهة من حيث معانيها ،
وسيأتي توضيح ذلك وتبيينه فيما يأتي. ثانياً:
من اعتقاد أهل السنَّة والجماعة في أسماء الله تعالى: أنها متوافقة في دلالتها على
ذاته عز وجل ، ومتباينة من حيث دلالتها على معانيها. عقيدة أهل السنة في الأسماء والصفات. ولتوضيح ذلك نقول: إن أسماءه تعالى " القدير " " العليم " " العزيز " " الحكيم " –
مثلاً – كلها تدل على ذات واحدة وهي ذات الله المقدَّسة ، فهي بهذا الاعتبار متفقة
غير مختلفة. وفي الوقت نفسه فإن صفة " القدرة " " العلم " " العزة " " الحكمة " تختلف بعضها عن
بعض ، فهي بهذا الاعتبار متباينة. فصارت أسماء الله تعالى الحسنى: أعلام مترادفة وأوصاف متباينة. قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -:
فالله سبحانه أخبرنا أنه عليم ، قدير ، سميع ، بصير ، غفور ، رحيم ، إلى غير ذلك من
أسمائه وصفاته ، فنحن نفهم معنى ذلك ، ونميز بين العلم والقدرة ، وبين الرحمة
والسمع والبصر ، ونعلم أن الأسماء كلها اتفقت في دلالتها على ذات الله ، مع تنوُّع
معانيها ، فهي متفقة متواطئة من حيث الذات ، متباينة من جهة الصفات.
"
وهكذا قال جميع أهل السنة من الصحابة ومن بعدهم، كلهم يقولون هذا المعنى: الاستواء، الرحمة، العلم، القدرة، كلها معلومة، أما الكيف غير معلوم، والإيمان بهذا واجب؛ نؤمن بأن الله سميع، عليم، حكيم، رؤوف، رحيم، قدير، سميع، بصير، لطيف، إلى غير ذلك من أسمائه، ولكن لا نكيفها، بل نقول: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11] معناها حق. فالرحمن: هذا اسم، والرحيم: صفة، العليم: اسم، والعلم: صفة، القدير: اسم، والقدرة: صفة، هذا هو الفرق بينهما، فتقول: اللهم إني أسألك بقدرتك، أسألك بعلمك كذا وكذا، هذه صفة، اللهم إني أسألك بأنك العليم بأنك الرحمن، توسل بالأسماء، كما قال تعالى: وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا [الأعراف:180].