كانت مأساة بلال بن رباح مع قريش دامية مؤلمة، وكان منظره يذيب الصخر وهو يسحب في دروب مكة وشعابها، يلعب به الصبيان والسفهاء، وهو يسقط المرة تلو المرة من الإعياء، ثم يضطر إلى الوقوف مرة أخرى من لسع السياط والعصي على رأسه وجسده. كان المسلمون حوله يتحرقون عليه لكن ماذا يفعلون وهم ليسوا بأحسن حال منه، حتى أشرقت شمس الحرية يومًا يحملها أبو بكر الصديق الحنون فقد تقدم نحو مالك بلال بن رباح، نحو المجرم: أمية بن خلف فعرض عليه شراءه، فوافق الطاغية بعد أن كلت يداه وقدماه من الصفع والركل والضرب فلم يظفر بشيء من ذلك الرجل الفظ قاسي القلب بين السياط، ودفع أبو بكر الثمن، وقبض المجرم وتوجه أبو بكر نحو ساحة التعذيب يمد يده لينتشله، فكيف كانت حال بلال، وعلى أي صورة وجده. هذا هو قيس بن أبي حازم يروي لنا آخر فصول المأساة البلالية فيقول: "اشترى أبو بكر بلالًا وهو مدفون بالحجارة"..
هذه هي منزلة بلال الإنسان عند هؤلاء االطغاة، إما أن يختار ما اختاروه له فيكون كادحًا طوال الليل والنهار مهانًا ذليلًا، وإما أن يرفض إرادتهم ويسلك دروب الدعاة فيدفع الثمن باهظًا، أكوامٌ من الحجارة تغطى جسده المنهك، وشمسٌ لاحفة تحمى عليه تلك الحجارة وتزيد في تعذيبه وإيلامه.
- قصه بلال بن رباح بدر مشاري
- قول ربنا ولك الحمد هو من
- ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه
- قول ربنا ولك الحمد
- ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا
قصه بلال بن رباح بدر مشاري
وكان بلال رضي الله عنه من أول من هاجروا إلى المدينة المنورة، وأسند النبي إليه خزانة بيت مال المسلمين، وجباية الصدقات، ورعاية الغنائم والقيام على حفظها، وتقديم الهدايا والأعطيات للوفود والزائرين، والإشراف على إطعام الجيش في السفر، وكان بلال يتولى نصب خيمة رسول الله، والإشراف على أمور نفقة البيت النبوي. ولما توفي رسول الله، جاء بلال إلى أبي بكر الصديق فقال: يا خليفة رسول الله إني سمعت رسول الله وهو يقول: (أفضل عمل المؤمن الجهاد في سبيل الله)، فقال أبو بكر: فما تشاء يا بلال؟، قال: أردت أن أرابط في سبيل الله حتى أموت، فاستبقاه أبو بكر، وقال: أنشدك الله يا بلال وحرمتي وحقي فقد كبرت وضعفت واقترب أجلي، فقال بلال له: إن كنتَ إنما اشتريتني لنفسك، فأمسكني، وإن كنتَ إنما اشتريتني لله، فدعني وعمل الله، فأذن له أبو بكر فخرج وقد كبر سنه مع أبي عبيدة، وكان له خير عضد ونعم المعين. أذان بلال بن رباح من فيلم الرسالة ونشط بلال رضي الله عنه في نشر الإسلام والدعوة إليه والتعريف به في بلاد الشام، وتنقل بين فلسطين ودمشق واستقر بها فترة، ثم رحل إلى حلب وأقام بها، ثم عاد إلى دمشق عازفاً عن الدنيا وما فيها، يروي الأحاديث التي سمعها من النبي صلى اللّه عليه وسلم ويعلِّم الناس.
وقوله: "صلَّيت ما كُتب لي أن أصلي"؛ أيْ: ما قُدِّر لي، وهو أعمُّ من الفريضة والنافلة. وفيه الحثُّ على الصلاة عقب الوضوء؛ لئلا يبقى الوضوء خاليًا عن مقصوده، وفيه فضيلة الأعمال التي يُسرُّ منها الإنسان. • وفي رواية الترمذي وابن خزيمة في هذه القصة أنه قال: "ما أصابني حدث إلا توضأت عندها". • وفي رواية أحمد: "ما أحدثت إلا وتوضأت وصليت ركعتين". وينبغي أن نقرِّر أن رؤيا الأنبياء حقٌّ. قصه بلال بن رباح بدر مشاري. • وفي حديث بريدة قوله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((بمَ سبقتَني إلى الجنة؟))؛ رواه أحمد 5/ 354. • ومن أخباره رضي الله عنه أنه نزل داريا، وهي قرية قرب دمشق، وتزوج من بني خولان من أهلها، ولم يعقب. • وأخرج البخاري عن عائشة (رضي الله عنها) قالت: لما قدم النبي صلَّى الله عليه وسلَّم المدينة، وُعك أبو بكر وبلال، فكان أبو بكر إذا أخذته الحمى يقول:
كلُّ امرئٍ مصبَّحٌ في أهله ♦ ♦ ♦ والموتُ أدنى من شراك نعلهِ
وكان بلال إذا أقلع عنه يرفع عقيرته ويقول:
ألا ليت شعري هل أبيتنَّ ليلة
بوادٍ وحولي إِذخِرٌ وجَليلُ؟
وهل أَرِدَنْ يومًا مياه مجنَّةٍ [9]
وهل يبدوَنْ لي شامَةٌ وطَفِيلُ؟ [10]
قالت عائشة: فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلَّم فأخبرته، فقال: ((اللهم حبِّب إلينا المدينة كحبِّنا مكة، أو أشد، وصحِّحْها، وبارك لنا في صاعها ومُدِّها، وانقل حُمَّاها، فاجعلها بالجُحْفة)) [11].
وفيه - أيضاً -: دليل على أن جهر المأموم أحيانا وراء الإمام بشيء من الذكر غير
مكروه
، كما أن جهر الإمام أحياناً ببعض القراءة في صلاة النهار غير مكروه " انتهى. فتح الباري " لابن رجب (5/80-81)
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله:
قوله: ( مباركا فيه) زاد رفاعة بن يحيى: ( مباركا عليه كما يحب ربنا ويرضى)،
فأما قوله: ( مباركا عليه) فيحتمل أن يكون تأكيدا ، وهو الظاهر ، وقيل الأول
بمعنى الزيادة والثاني بمعنى البقاء...
وأما قوله: ( كما يحب ربنا ويرضى) ففيه من حسن التفويض إلى الله تعالى ما هو
الغاية في القصد. والظاهر أن هؤلاء الملائكة غير الحفظة ، ويؤيده ما في الصحيحين عن أبي هريرة مرفوعا: (إن لله ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر) الحديث. واستدل به على أن بعض الطاعات قد يكتبها غير الحفظة ، والحكمة في سؤاله صلى الله
عليه وسلم له عمن قال ، أن يتعلم السامعون كلامه فيقولوا مثله. " انتهى. فتح الباري " (2/286-287))
ثانيا:
أما
لفظ ( ربنا لك الحمد والشكر) فلم يثبت في أي من روايات الحديث السابقة ، وإن كانت
زيادتها من غير اعتيادها مع عدم نسبتها للشرع جائزة ، ولكن الأولى الاقتصار على
الوارد. سئل
الشيخ ابن باز رحمه الله السؤال الآتي:
رجل عندما يرفع من الركوع يقول: ربنا ولك الحمد والشكر ، وهل كلمة الشكر صحيحة ؟
فأجاب:
لم
تَرِد ، لكن لا يضر قولها: الحمد والشكر لله وحده سبحانه وتعالى ، ولكن هو من باب
عطف المعنى ، وإن الحمد معناه الشكر والثناء ، فالأفضل أن يقول ربنا ولك الحمد ،
ويكفي ولا يزيد والشكر ، ويقول: ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ، ملء
السماوات والأرض ، وملء ما شئت من شيء بعد ، وإن زاد الشكر لا يضره ، ويعلم أنه غير
مشروع " انتهى.
قول ربنا ولك الحمد هو من
ربنا ولك الحمد
من السنَّة أن نقول بعد الرفع من الركوع: ((ربنا ولك الحمد)). وقد جاء في رواية: ((ربنا لك الحمد)) بدون الواو، فأيُّهما المسنون؟
والجواب: أن كلا الروايتين في صحيح البخاري، وكليهما سنة. لكن الذي أرجِّحه إثبات الواو؛ ﻷننا حمدنا الله سبحانه بقولنا: " الحمد لله رب العالمين " أولًا عندما قرأنا سورة الفاتحة، ثم أعقبها تكبير الركوع؛ فناسب عند الرفع منه أن نقول: ربنا ولك الحمد. ففي هذا العطف إعلان الرجاء بسماع الله لمن حمده، وإثابته عليه بقوله: سمع الله لمن حمده. ومعنى الحمد في المرة الثانية زيادةُ الرجاء بالاستجابة؛ يدل على ذلك قوله تعالى: ﴿ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ﴾ [إبراهيم: 7]. وما معنى الواو؟ فيه قولان:
1- هي: عاطفة على محذوف؛ أي: ربنا حمدناك ولك الحمد. 2- هي: زائدة، قال الأصمعي: سألت أبا عمرو عن الواو في قوله: ((ربنا ولك الحمد))؟ فقال: هذه زائدة. والمعنى اﻷول هو اﻷرجح؛ ﻷن زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى، والله أعلم. مرحباً بالضيف
ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه
السؤال:
رجل عندما يرفع من الركوع يقول: ربنا ولك الحمد والشكر، وهل كلمة الشكر صحيحة؟
الجواب:
لم ترد، لكن لا يضر قولها الحمد والشكر لله وحده ، ولكن هو من باب عطف المعنى، وإن الحمد معناه الشكر والثناء، فالأفضل أن يقول: ربنا ولك الحمد، ويكفي ولا يزيد (والشكر)، ويقول: ربنا ولك الحمد حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، ملء السماوات والأرض، وملء ما شئت من شيء بعد، وإن زاد (الشكر) لا يضره، ويعلم أنه غير مشروع [1]. من أسئلة حج عام 1418هـ الشريط السادس. (مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 29/290). فتاوى ذات صلة
قول ربنا ولك الحمد
صيغ "ربنا ولك الحمد"
يقول الإمام والمأموم والمنفرد بعد الاعتدال " ربنا ولك الحمد "، ويدل على ذلك: حديث أبي هريرة السابق وفيه "... ثم يقول وهو قائم ربنا ولك والحمد... " متفق عليه. ولا بد من الاعتدال في هذا الموضع لحديث أبي مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تجزئ صلاة لا يقيم الرجل فيها صلبه في الركوع والسجود " رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه. وسيأتي بإذن الله في أركان الصلاة أن الاعتدال من الركوع ركن من أركان الصلاة. فائدة: من أخطاء بعض المصلين تقصير هذا الركن عن بقية الأركان وكذلك الجلسة بين السجدتين، قال ثابت البناني عن أنس أنه قال: " إني لا آلو أن أصلي بكم كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي، قال ثابت: فكان يصنع شيئاً لا أراكم تصنعونه، كان إذا رفع رأسه من الركوع انتصب قائماً حتى يقول القائل قد نسي، وإذا رفع رأسه من السجدة مكث حتى يقول القائل: نسي". متفق عليه. [لا آلو: أي لا أُقصِّر].
ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا
تاريخ النشر: الثلاثاء 22 رجب 1430 هـ - 14-7-2009 م
التقييم:
رقم الفتوى: 124765
22963
0
338
السؤال
سمعت بإحدى القنوات الفضائية الدينية: أنه لم يكن على زمن النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن يقول عليه الصلاة والسلام في الصلاة: سمع الله لمن حمده. لم يكن أحد من الصحابة يقول خلفه: ربنا ولك الحمد. وأن هذه العبارة جاءت في فترة لاحقة لذلك. فما مدى صحة ذلك؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالقول بأن الصحابة لم يكونوا يقولون:- ربنا ولك الحمد- بعد الرفع من الركوع قول باطل، فقد ثبت عن الصحابة أنهم كانوا يقولون ذلك، وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بذلك. ففي البخاري عن رفاعة بن رافع الزرقي قال: كنا يوما نصلي وراء النبي صلى الله عليه وسلم فلما رفع رأسه من الركعة قال: سمع الله لمن حمده، قال رجل وراءه: ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه. فلما انصرف قال: من المتكلم؟ قال: أنا. قال: رأيت بضعة وثلاثين ملكا يبتدرونها أيهم يكتبها أول. وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا رفع فارفعوا، وإذا قال سمع لمن حمده فقولوا: ربنا ولك الحمد، وإذا صلى قاعدا فصلوا قعودا أجمعون.
فالقول بأن هذه العبارة أحدثت بعد عهد النبي صلى الله عليه وسلم قول باطل يدل على جهل قائله بالسنة. والله أعلم.