يقول الله عز و جل للمؤمنين في كتابه العزيز في سورة الاعراف الآية رقم خمسة و خمسين: "فادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ"، و سوف نعرض تفصير الآية بالتفصيل. ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً - مع القرآن - أبو الهيثم محمد درويش - طريق الإسلام. تفسير ابن كثير لآية "فادعوا ربكم تضرعا وخفية"
يقول العلامة ابن كثير في تفسيره لقول الله عز و جل: "فادعوا ربكم تضرعا وخفية" ان الله سبحانع و تعالى في هذه الآية يرشد العباد إلى الدعاء، فها الدعاء هو صلاحهم في دنياهم و أخراهم ، فقال تعالى: ادعوا ربكم تضرعا وخفية أي تذللا واستكانة ، و خفية، كما قال الله عز و جل في موضع آخر: " واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ولا تكن من الغافلين" و الآية في سورة الاعراف ايضا رقم 205. و قد ورد في صحيح البخاري و صحيح مسلم حديث رواه ابن كثير، حيث يقول عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: رفع الناس أصواتهم بالدعاء ، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: " أيها الناس ، اربعوا على أنفسكم; فإنكم لا تدعون أصم و لا غائبا ، إن الذي تدعونه سميع قريب ". قول ابن جرير الطبري
و يذكر ابن كثير في كتابه ايضا قول العلامة ابن جرير الطبري، حيث يقول ان المقصود هو تقربوا إلى الله تضرعا أي تذللا و استكانة لطاعته، و خفية أي بخشوع قلوبكم ، و صحة اليقين بوحدانية الله عز و جل في قلوبكم و ايمانكم بربوبيته فيما بينكم و بينه ، لا جهارا ومراءاة للناس.
ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً - مع القرآن - أبو الهيثم محمد درويش - طريق الإسلام
ولقد كان المسلمون يجتهدون في الدعاء، وما يُسمع لهم صوت، إن كان إلا همسًا بينهم وبين ربهم، وذلك أن الله يقول:"ادعوا ربكم تضرعًا وخفية"، وذلك أن الله ذكر عبدًا صالحًا فرضِي فعله فقال: ﴿إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا﴾ ، [سورة مريم: ٣]. ١٤٧٧٨ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن عاصم الأحول، عن أبي عثمان النهدي، عن أبي موسى قال: كان النبي ﷺ في غَزَاة، [[هذه الغزاة، هي غزوة خيبر. ]] فأشرفوا على وادٍ يكبرون ويهللون ويرفعون أصواتهم، فقال: أيها الناس، اربَعُوا على أنفسكم، إنكم لا تدعون أصمَّ ولا غائبًا! إنكم تدعون سميعًا قريبًا وهو معكم". تفسير قول الله تعالى فادعوا ربكم تضرعا وخفية – المرسال. [[الأثر: ١٤٧٧٨- رواه البخاري في صحيحه (الفتح ٧: ٣٦٣) ، ومسلم في صحيحه ١٧: ٢٥ من هذه الطريق، مطولا. وقوله: "اربعوا على أنفسكم"، أي: ارفقوا بأنفسكم، واخفضوا أصواتكم. وفي المخطوطة: "سميعًا قريبًا أنا معكم" غير منقوطة، وأثبت ما في الصحيحين، وفي المطبوعة، حذف ما في المخطوطة، ولم يزد"وهو" التي زدتها. ]] ١٤٧٧٩ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن عطاء الخراساني، عن ابن عباس قوله:"ادعوا ربكم تضرعًا وخفية"، قال: السر. * * *
وأما قوله:"إنه لا يحب المعتدين"، فإن معناه: إن ربكم لا يحب من اعتدى فتجاوز حدَّه الذي حدَّه لعباده في دعائه ومسألته ربَّه، ورفعه صوته فوق الحد الذي حدَّ لهم في دعائهم إياه، ومسألتهم، وفي غير ذلك من الأمور، [[انظر تفسير"الاعتداء" فيما سلف من فهارس اللغة (عدا). ]]
تفسير قول الله تعالى فادعوا ربكم تضرعا وخفية – المرسال
وأما " الآصال " ، فهي فيما يقال في كلام العرب: ما بين العصر إلى المغرب. * * * وأما قوله: (ولا تكن من الغافلين) ، فإنه يقول: ولا تكن من اللاهين إذا قرئ القرآن عن عظاته وعبره, وما فيه من عجائبه, ولكن تدبر ذلك وتفهمه, وأشعره قلبك بذكر الله، (79) وخضوعٍ له، وخوفٍ من قدرة الله عليك, إن أنت غفلت عن ذلك. 15623 - حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد, في قوله: (بالغدو والآصال) قال: بالبكر والعشي = ( ولا تكن من الغافلين). 15624 - حدثني الحارث قال: حدثنا عبد العزيز قال: حدثنا معرّف بن واصل السعدي, قال: سمعت أبا وائل يقول لغلامه عند مغيب الشمس: آصَلْنا بعدُ؟ (80) 15625 - حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: ثني حجاج قال: قال ابن جريج قال مجاهد, قوله: (بالغدو والآصال) قال: " الغدو " ، آخر الفجر، صلاة الصبح = (والآصال) ، آخر العشي، صلاة العصر. قال: وكل ذلك لها وقت، أول الفجر وآخره. وذلك مثل قوله في " سورة آل عمران ": وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ ، [سورة آل عمران: 41]. وقيل: " العشي": مَيْل الشمس إلى أن تغيب, و " الإبكار ": أول الفجر. (81) 15626 - حدثنا ابن وكيع قال: حدثنا أبي, عن محمد بن شريك, عن ابن أبي مليكة, عن ابن عباس, سئل عن [صلاة الفجر, فقال: إنها لفي كتاب الله, ولا يقوم عليها]..... ثم قرأ: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ ، الآية [سورة النور: 36].
وقال تعالى في سورة البقرة { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} ، وقال تعالى في سورة غافر { وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} ، وقال تعالى في سورة الأعراف { ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} ، وقال أيضاً في نفس السورة{ وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ}. فإنّ الله تعالى يباهي بك الملائكة إن أنت سألت حاجتك من الله ، فيقول لهم انظروا عبدي فلاناً فإنه وجّه وجهه لي وسأل حاجته منّي لأنّه عرفني أنّي قادر على كلّ شيء. ولكن إذا سألت حاجتك من غيره فإنّ الله تعالى يدير وجهه عنك ويقول لك ألم أكن قادراً على قضاء حاجتك لماذا تركتني وذهبت إلى أحد عبيدي تسأل حاجتك منه ؟ فليعطِك حاجتك إن كنت صادقاً في دعوتك ، وليقضِها لك إن كان قادراً. قال الله تعالى في سورة الأعراف { إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} ، قال تعالى في سورة العنكبوت { إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِندَ اللَّهِ الرِّزْقَ} ، وقال تعالى في سورة الإسراء { قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً}.
وللسخريّة وظيفة أساسيّة في الرّواية – ومع ذلك قد تكون عرضيّة، لأنّ الرواية توحي بحسّ هائل بالعَرَضيّة، إذ حتّى السّرطان يكادُ يكون عرضيًّا، العملُ نفسهُ عَرَضيّ، العائلة بالطّبع شيء عَرَضيّ، وفي وسَطِ هذه العرَضيّة كُلَّها يسير "ك" متخبّطًا بهذه العَوَارِض كلّها – وتلك الوظيفة هي التّعرية؛ ثمّة شيء ما حول مرضى السّرطان مزعج، شيء يتعلّق بالنّمطية التي يُصنَّفون عبرها فورَ اكتشافهم للسّرطان. وذلك الشّيء يمكن قراءته في هاتين الفقرتين من الرّواية، المختصرتين إلى حدّ "إشباع المعنى المطلوب": يظنُّ "ك"، ساخراً، أنّ بإمكانه إلقاء خبر مرضه بالسّرطان بسخرية وبتهكُّم، بل وبشعور بالتفوّق والتسلّي أيضًا: "فكّرت أن أبلغهم هكذا، بابتسامة ساخرة، وربّما ضحكة مكبوتة تفلت رغماً عنّي قبل بدء الحديث، كأنني سأحكي نكتة. ثمّ تفضّلوا: سرطان! الحالة الحرجة للمدعو كاف. بل يجب أن أقول "كانسر"، فهذا أشدُّ رعبًا، وأغرب وقعًا وأدعى للارتباك. ولن يملك أحد من المتفذلكين أن يقول لماذا تستخدم الإنجليزيّة؟ يجب أن تفتخر بلغتك! قل لديّ سرطان، لا تقل "آي هاف كانسر". سكون هذا فريدًا من نوعه لو حدث، حتى أني سأسمح لصاحبه أن ينجو بفعلته". هذا وصف ساحر لما شعر به "ك" لدى تفكيره بالآخرين وكيف بإمكانه الآن أن يستعيد فردانيّته وخصوصيّته وحماية نفسه من الآخرين لمجرّد أنّه يحمل هذا المرض في جسده كخطأ جينيّ، خطأ يُشبهُ خطأ كونه هو نفسه التي يتحمّل أن عناء أن يكونها.
الحالة الحرجة للمدعو كتب
عرضتُ هذه الرواية على صديقة لتمضي بها وقتها. قالت الصديقة بعد قراءتها أنها رغم بلاغة الأسلوب المستخدم وتماسُك النّص إلا أنها مملة! صديقتي أشبه بالكثير ممن قرأوا الرواية واستنكروا عليها دخول القائمة القصيرة للبوكر! سبب النقد في الرواية:- كل من نقد هذه الرواية وصرّح بعدم إعجابه شيّد بأسلوب الكاتب، وبلاغته في السرد، وبتماسك النص ونسجه المذهل، ولكن العلّة أن الرواية تفتقد للأحداث المشوقة، وعنصر المفاجأة، والنقلات الخطيرة التي تميّز الروايات، وأن الكاتب اقتصر فقط على سرد يوميات «ك» وطريقة سير حياته المزعجة. صحيح. هكذا الرواية! ولكن هل هذا نقد؟ بالنسبة لي: هذا النوع، وهذا الأسلوب، فريد جداً، وفذ جداً وعبقري جداً، ولا يتذوّق هذه الرواية ويفهمها إلا من كان ذو ذائقة نادرة ومميزة. ولا يجب على كل بطل رواية أن يحظى بحياة مليئة بالأحداث والتحديات وحافلة بالبطولات. بل قد يكون كما «ك» الموظف الكسول، الروتيني، ينظر إلى حياته بعين شخص آخر وينقم عليها، والذي يتمنى أن يكون شفافاً وغير ظاهر للعيان. نعم! الحالة الحرجة للمدعو كشف تسربات. لقد أثبت الكاتب أن البطل بإمكانه أن يكون كما «ك»... يشعر باللانتماء دائماً، إلا لنبتة الصبّار القابعة فوق مكتبه.
ولكن في الجماليّ الواقعيّ؛ من الصعب بمكان كتابة صفحات متتالية متقنة الصنع عن أشياء عاديّة جدًا، وعبر جمل قصيرة شديدة الكثافة.