( وَهَذَا الْبَلَدِ الأمِينِ)
يعني:مكة. قاله ابن عباس، ومجاهد، وعكرمة، والحسن، وإبراهيم النَّخَعِي، وابن زيد،
وكعب الأحبار. ولا خلاف في ذلك. وقال بعض
الأئمة:هذه مَحَالٌّ ثلاثة، بعث الله في كل واحد منها نبيًا مرسلا من أولي العزم
أصحاب الشرائع الكبار، فالأول:محلة التين والزيتون، وهي بيت المقدس التي بعث الله
فيها عيسى ابن مريم. والثاني:طور سينين، وهو طور سيناء الذي كلم الله عليه موسى بن
عمران. والثالث:مكة، وهو البلد الأمين الذي من دخله كان آمنا، وهو الذي أرسل فيه
محمدا صلى الله عليه وسلم. سورة والتين والزيتون. قالوا:وفي
آخر التوراة ذكر هذه الأماكن الثلاثة:جاء الله من طور سيناء - يعني الذي كلم الله
عليه موسى [ بن عمران] -
وأشرق من سَاعيرَ - يعني بيت المقدس الذي بعث الله منه عيسى- واستعلن من جبال
فاران - يعني:جبال مكة التي أرسل الله منها محمدًا- فذكرهم على الترتيب الوجودي
بحسب ترتيبهم في الزمان، ولهذا أقسم بالأشرف، ثم الأشرف منه، ثم بالأشرف منهما. وقوله: (
لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) هذا هو
المقسم عليه، وهو أنه تعالى خلق الإنسان في أحسن صورة، وشكل منتصب القامة، سَويّ
الأعضاء حسنها. ( ثُمَّ
رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ) أي:إلى
النار.
«العليقة».. شجرة مُقدسة في سانت كاترين ناجى عندها موسى ربه - صحيفة الاتحاد
لَقَدْ: ( اللّام): واقعة في جواب القسم. ( قَدْ): حرف تحقيق مبني على السّكون. خَلَقْنَا: ( خَلَقْ): فعلٌ ماضٍ مبني على السّكون لاتّصاله بـ (نا)، و( نَا): ضميرٌ مُتّصل مبني على السّكون في محلّ رفع فاعل. الْإِنسَانَ: مفعولٌ به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. فِي: حرفُ جرٍّ مبني على السّكون. أَحْسَنِ: اسمٌ مجرور بـ (فِي) وعلامة جرّه الكسرة، وهو مُضاف. تَقْوِيمٍ: مُضافٌ إليه مجرور وعلامة جرّه تنوين الكسر. ثُمَّ: حرفُ عطفٍ مبني على الفتح يُفيد التّرتيب والتّراخي. رَدَدْنَاهُ: ( رَدَدْ): فعلٌ ماضٍ مبني على السّكون لاتّصال بـ(نَا)، و( نَا): ضميرٌ مُتّصل مبني على السّكون في محلّ رفع فاعل، و( الهاء): ضميرٌ مُتّصل مبني على الضّم في محلّ نصب مفعول به. أَسْفَلَ: منصوب على الظّرفيّة المكانيّة أو حال منصوب وعلامة نصبه الفتحة، وهو مُضاف. سَافِلِينَ: مُضاف إليه مجرور بالياء لأنّه جمع مُذكّر سالم. «العليقة».. شجرة مُقدسة في سانت كاترين ناجى عندها موسى ربه - صحيفة الاتحاد. إِلَّا: أداةُ استثناء مبنيّة على السّكون. الَّذِينَ: اسم موصول مبني على الفتح في محلّ نصب مُستثنى. آمَنُوا: فعلٌ ماضٍ مبني على الضّم لاتّصال بواو الجماعة، و( واو الجماعة): ضميرٌ مُتّصل مبني على السّكون في محلّ رفع فاعل، والجُملة الفعليّة صلة الموصول لا محلّ لها من الإعراب.
من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
اذهب إلى التنقل
اذهب إلى البحث
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1)
وَطُورِ سِينِينَ (2)
وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (3)
لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4)
ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5)
إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (6)
فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ (7)
أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ (8)
رواه الترمذي و قَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وأخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجة وابن حبان والحاكم وابن أبي شيبة. دعاء ربي اعني ولا تعن علي. المعنى العام ( رب أعني): أي أطلب منك الإعانة في شؤوني كلها من امور الدين والدنيا بتيسيرها وتسهيلها وصرف من يريد منعي منها. ( ولا تعن علي) : أي لا تغلب علي من يمنعني من طاعتك من شياطين الإنس والجن ( وانصرني ولا تنصر علي) أي أغلبني على كل ذي شر من الانس والجن ولا تغلبهم علي ، وانصرني على نفسي فإنها أعدى أعدائي ولا تنصر النفس الأمارة علي بأن أتبع الهوى وأترك الهدى ( وامكر لي ولا تمكر علي) في مقابلة الماكرين (ولا تمكر علي) أي: يا الله اجعل المكر لي ولا تجعله علي.
رب أعني ولا تعن علي وانصرني
ومعنى: امكر لي ولا تمكر علي. اهدني إلى طريق دفع أعدائي عني ولا تهد عدوي إلى طريق دفعه إياه عن نفسه. قال العلماء: المكر في الأصل: الخداع والحيلة في دفع عدو بحيث لا يشعر به العدو.. دعاء نهاية رمضان - مثقف. ومعنى المكر من الله إيقاع بلائه بأعدائه من حيث لا يشعرون، وقيل هو استدراج العبد بالطاعة فيتوهم أنها مقبولة وهي مردودة. راجع غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب. ولا يجوز وصف الله تعالى به أو إسناده إليه إلا على سبيل المشاكلة ومقابلة اللفظ باللفظ كما في قول الله تعالى: وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ {الأنفال:30}. وما أشبه ذلك. والله أعلم.
ولا تَمكُرْ علَيَّ "، أي: ولا تَهْدِ عدُوِّي إلى طريقِ دَفْعِه إيَّاي عن نفسِه, ولا تُعامِلْني بسُوءِ نيَّتي، فأغتَرَّ وأتجاوَزَ الحَدَّ مِن حيثُ لا أشعُرُ فأَهلِكَ، والمكرُ مِن صفاتِ اللهِ تعالى الفِعليَّةِ المقيَّدةِ الَّتي تقَعُ بمَشيئتِه، فلا تُطلَقُ على اللهِ تعالى إلَّا في سبيلِ المقابَلةِ والجزاءِ لِمَن يَمكُرُ به تعالى وبأوليائِه.
" واهْدِني "، أي: أرشِدْني ووَفِّقْني بالهدايةِ مِن عندِك، ولا أَزيغَ عنها حتَّى ألْقاك. " ويَسِّرِ الهُدى لي "، أي: سَهِّل لي اتِّباعَ الهدايةِ، وسُلوكَ طَريقِها، وهَيِّئْ لي أسبابَ الخيرِ، حتَّى لا أستَثقِلَ الطَّاعةَ، ولا أنشَغِلَ عن العبادةِ.
" وانصُرْني على مَن بَغى علَيَّ "، أي: وانصُرْني على مَن ظلَمَني وتَعدَّى علَيَّ, وهذا تخصيصٌ بعدَ العُمومِ في قولِه أوَّلًا: " وانصُرْني ولا تَنصُرْ علَيَّ ". رب اعني ولا تعن عليه. ثُمَّ قال صلَّى الله عليه وسلَّم: " ربِّ اجعَلْني لك شَكَّارًا "، أي: كثيرَ الشُّكرِ في السَّرَّاءِ والضَّرَّاءِ، وفي القولِ والعمَلِ، وفي السِّرِّ، وفي العلَنِ، وفي تقديمِ الجارِّ والمجرورِ: " لك " دَلالةٌ على الاختِصاصِ، أي: أخُصُّك بالشُّكرِ؛ لأنَّك خالِقُ النِّعَمِ، ومُعْطيها، سأَل اللهَ التَّوفيقَ إلى الشُّكرِ؛ لأنَّ به تَدُومُ النِّعمُ. "