ولذلك جاء في الحديث عن المستورد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((والله ما الدنيا في الآخرة إلا مثل ما يجعل أحدكم إصبعه هذه - وأشار يحيى بن سعيد بالسبابة - في اليم، فلينظر بم يرجع؟)) [2]. بل حتى تعلم حقيقة وصفها بأنها: ﴿ مَتاعٌ قَلِيلٌ ﴾، تأمل في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة، ما سقى كافرًا منها شربة ماء)) [3]. فأموال الأغنياء - وإن كثرت - قليلة بالإضافة إلى ما وعدهم من أفضاله، وأحوال الفقراء - وإن صفت - قليلة بالإضافة إلى ما وعدهم من شهود جماله وجلاله. ولذلك فإن صاحب الدنيا ومن تعلق بها لا يفلح البتة، لا من جهة ما أراده من البقاء السرمدي، ولا من جهة ما سيفقده ويخسره بتعلقه بها من الفوز بالمطلوب الأكبر. قل متاع الدنيا قليل. فلا تغترَّ أيها المؤمن العاقل بإنعام الله عليهم وتقلبهم في بلاده، في إنعام وعافية؛ فإن الله عزَّ وجلَّ يستدرجهم بذلك الإنعام، فيمتعهم به قليلًا، ثم يهلكهم فيجعل مصيرهم إلى النار. وتذكَّر قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لعمر رضي الله عنه في حديث ابن عباس رضي الله عنهما: ((أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة؟! )) [4].
- قل متاع الدنيا قليل
- الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ / محمد بن صالح بن عثيمين رحمة الله تعالى - حكم أكل الضب
قل متاع الدنيا قليل
فيا أيها المسلمون: اتقوا الله؛ فإن تقواه أفضلُ مُكتسَب، وطاعتَه أعلى نسَب، ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) [آل عمران: 102]. أيها المسلمون: شقِيَ مَن كلَّما جدَّد الله له نعمةً وامتِنانًا كلَّما جدَّد إثمًا وفُجورًا وعِصيانًا، وتعِسَ مَن كلَّما ازدادَ غِنًى وثراءً ومالاً ازدادَ إسرافًا وانحِرافًا وضلالاً، وخابَ مَن كلَّما ازدادَ أثاثًا ورِيًّا ازدادَ بُعدًا وغيًّا. تتابَعَت عليه نِعَمُ الله وأعاطِيه، ومِنَنُه وأحاظِيه.. طعامٌ يُقوِّيه.. وماءُ يُروِيه..
وثوبٌ يُوارِيه.. ودارٌ تُؤوِيه.. وزوجٌ تحُوطُه وتُراعِيه.. وأمنٌ وافِرٌ يُظِلُّه ويَحمِيه..
وهو مُصِرٌّ على مخازِيه.. مُستمِرٌّ على مسَاوِيه.. في قوله تعالى: (قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ...الآية - منتديات الإمام الآجري. مُسترسِلٌ في معاصِيه. وقد يكونُ العطاءُ والنَّعماءُ والسرَّاءُ ضربٌ من الاستِدراجِ والإنظَارِ والإملاءِ،
( وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ) [آل عمران: 178]. وعن عُقبةَ بن عامرٍ - رضي الله عنه -، قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: " إذا رأيتَ اللهَ يُعطِي العبدَ من الدنيا على معاصِيه ما يُحبُّ، فإنما هو استِدراج " (أخرجه أحمد).
وفيها: وعد لأهل الإيمان المعرضون عن الدنيا بالمقابل. وفيها: تسلية لأهل الحق مما حرموه من الدنيا، وتسلية لمن كانوا في الدنيا في فقر وشدة، وهي تصبرهم على تلك الشدة. وفيها: بيان أن المؤمن والكافر يستويان في أن الدنيا متاع قليل لهما يتمتعان بها؛ فإذا ما صاروا إلى الآخرة؛ كان ما عند الله خير للمؤمنين منهم [9]. وفيها: أن الأمور بالخواتيم. وما الحياة الدنيا الا متاع قليل. وفيها: أن الدنيا وما عليها ليست دليلاً على فضل من أعطيت له، وسيقت إليه، وفي الحديث: ((إن الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب، ولا يعطي الإيمان إلا من أحب)) [10]. وفيها: دليل على أن أقل القليل من الجنة خير من الدنيا، وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((موضع سوط أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها، وقرأ: ﴿ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾ [آل عمران: 185])) [11]. فأسأل الله عزَّ وجلَّ أن يرزقنا وإياكم جنته، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. [1] فتح الباري (11/232). [2] أخرجه مسلم رقم: (2858). [3] حديث صحيح بمجموع طرقه، فقد جاء عن: سهل بن سعد، وأبي هريرة، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، وجماعة من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، انظر: الصحيحة (2/305) رقم: (686)، (3/659) رقم: (943).
(وعن أحمد) - رَحِمَهُ اللَّهُ - رواية أخرى - واختارها أبو بكر -: يستحب الطلب ولا يجب. اعتمادا على ظاهر الحال، كالفقير لا يلزمه طلب الرقبة، ومحل الخلاف - وفاقا لأبي البركات، وصاحب التلخيص - إذا احتمل وجود الماء، ولم يكن ظاهرا، أما مع الجزم بعدم الماء فلا يجب بلا ريب، ومع ظن وجوده - إما في رحله، أو بأن رأى خضرة، ونحو ذلك -: يجب بالإجماع. وصفة الطلب أن يفتش من رحله ما يحتمل أن الماء فيه، ويسعى يمنة ويسرة، وأماما ووراء، ما العادة أن المسافر يسعى إليه لطلب الماء، والمرعى والاحتطاب، ونحو ذلك، لا فرسخا ولا ميلا ولا ما يلحقه فيه الغوث على الأشهر، ويشترط للسعي الأمن على نفسه، وأهله، وماله، لسبب يقتضيه، لا جبنا، وأمن فوت الوقت، وفوت الرفقة، ولقد أبعد
الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ / محمد بن صالح بن عثيمين رحمة الله تعالى - حكم أكل الضب
فقيل: هو ضب يا رسول الله, فرفع يده, فقلت: أحرام هو يا رسول الله؟ فقال: لا, ولكنه لم يكن بأرض قومى, فأجدنى أعافه. قال خالد: فاجتررته فأكلته, ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر ". هكذا قالوا جميعا عن مالك... حكم اكل الضبع. عن خالد بن الوليد سوى مسلم فإنه قال: " عن عبد الله بن عباس قال: دخلت أنا وخالد بن الوليد ". وإلا أحمد فإنه قال: " عن عبد الله بن عباس وخالد بن الوليد أنهما دخلا ". ولعل الأصح رواية الجماعة, فقد رواه يونس عند مسلم والزبيدى عند ابن ماجه (3241), وصالح بن كيسان عند أحمد (4/88) كلهم عن الزهرى عن أبى أمامة مثل رواية الجماعة عن مالك. وقال البيهقى: " وهو الصحيح ".
ضعيف أخرجه الخطيب (12/ 318) عن مسعر ، عن حماد ، عن إبراهيم ، عن عائشة مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف ؛ إبراهيم هو ابن يزيد النخعي ؛ لم يثبت سماعه من عائشة كما في "التهذيب". والخطيب أورده من طريق علان بن الحسن بن عمويه الواسطي ؛ وفي ترجمته ، ولم يزد فيها على أن ساق له هذا الحديث ، فهو مجهول. وقد خالفه سفيان عن حماد ؛ فساقه عنها بلفظ:أهدي لنا ضب ، فقدمته إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يأكل منه ، فقلت: يا رسول الله! ألا تطعمه السؤال ؟ فقال: "إنا لا نطعمهم مما لا نأكل". الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ / محمد بن صالح بن عثيمين رحمة الله تعالى - حكم أكل الضب. أخرجه البيهقي (9/ 326) ، وأشار إلى تضعيفه بقوله: "إن ثبت". ثم روى عن زهير ، عن أبي إسحاق قال: "كنت عند عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود فجاء ابن له - أراه القاسم - ، قال: أصبت اليوم من حاجتك شيئاً ؟ فقال بعض القوم: ما حاجته ؟ قال: ما رأيت غلاماً آكل لضب منه ، فقال بعض القوم: أو ليس بحرام ؟ فسأل قال: وما حرمه ؟ قال: ألم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكرهه ؟ قال: أو ليس الرجل يكره الشيء وليس بحرام ؟ قال: قال عبد الله: إن محرم الحلال كمستحل الحرام". ورواه الطبراني (3/ 16/ 1) مختصراً. قلت: وهذا مرسل أيضاً ومن مجهول ؛ وهو بعض القوم ، ولكن عبد الرحمن ابن عبد الله بن مسعود قد سلم به ، ولكنه مرسل على كل حال ، ولا يشهد لما قبله ؛ لأن الإرسال والانقطاع في طبقة واحدة.