وقال آخرون: بل معنى ذلك: خشيت أن نقتتل فيقتل بعضنا بعضا. * ذكر من قال ذلك:حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج ( إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي) قال: كنا نكون فرقتين فيقتل بعضنا بعضا حتى نتفانى. من هو السامري في تفسير ابن كثير - إسألنا. قال أبو جعفر: وأولى القولين في ذلك بالصواب، القول الذي قاله ابن عباس من أن موسى عذل أخاه هارون على تركه اتباع أمره بمن اتبعه من أهل الإيمان، فقال له هارون: إني خشيت أن تقول، فرّقت بين جماعتهم، فتركت بعضهم وراءك، وجئت ببعضهم، وذلك بين في قول هارون للقوم يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي وفي جواب القوم له وقيلهم لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى. وقوله ( وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي) يقول: ولم تنظر قولي وتحفظه، من مراقبة الرجل الشيء، وهي مناظرته بحفظه. كما حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، قال: قال ابن عباس ( وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي) قال: لم تحفظ قولي.
من هو السامري في تفسير ابن كثير سوره البقره صفحه 22
الرابع:
نحا جماعة إلى إن تفسير الآية: ليس هو على هذا الوجه المروي ، عمن روي عنه من
السلف ؛ فلم ير أحد جبريل عليه السلام ، ولم يأخذ السامري قبضة من أثر فرسه ، وما
يروى في هذا الشأن: لم يسلموا به. يقول أبو مسلم الأصفهاني المعتزلي (322هـ):
" ليس في القرآن تصريح بهذا الذي ذكره المفسرون ، فههنا وجه آخر ، وهو أن يكون
المراد بالرسول موسى عليه السلام ، وبأثره: سنته ورسمه الذي أمر به. فقد يقول
الرجل: فلان يقفو أثر فلان ، ويقبض أثره: إذا كان يمتثل رسمه. والتقدير: أن موسى عليه السلام لما أقبل على السامري باللوم والمسألة عن الأمر
الذي دعاه إلى إضلال القوم في باب العجل ، فقال: بصرت بما لم يبصروا به ، أي عرفت
أن الذي أنتم عليه ليس بحق ، وقد كنت قبضت قبضة من أثرك أيها الرسول ، أي شيئا من
سنتك ودينك ، فقذفته أي طرحته. من هو السامري في تفسير ابن كثير الشامله الحديثه. فعند ذلك أعلمه موسى عليه السلام بما له من العذاب
في الدنيا والآخرة. وإنما أورد بلفظ الإخبار عن غائب كما يقول الرجل لرئيسه وهو مواجه له ما يقول
الأمير في كذا وبماذا يأمر الأمير ، وأما دعاؤه موسى عليه السلام رسولا ، مع جحده
وكفره فعلى مثل مذهب من حكى الله عنه قوله: ( يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك
لمجنون) [الحجر: 6] وإن لم يؤمنوا بالإنزال " انتهى من " تفسير أبي مسلم الأصفهاني
" (ص/191-192).
(١٧٢)
الذهاب إلى صفحة:
««
«...
167
168
169
170
171
172
173
174
175
176
177...
»
»»
تاريخ الإضافة: 4/2/2018 ميلادي - 19/5/1439 هجري
الزيارات: 14246
تفسير: (وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وإن الساعة لآتية فاصفح الصفح الجميل)
♦ الآية: ﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ﴾. فاصفح الصفح الجميل معنى. ♦ السورة ورقم الآية: الحجر (85). ♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿ وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلاَّ بالحق ﴾ أي: للثَّواب والعقاب أُثيب مَنْ آمن بي وصدَّق رسلي وأعاقب مَنْ كفر بي والموعد لذلك السَّاعة وهو قوله تعالى: ﴿ وإنَّ الساعة لآتية ﴾ أَيْ: إنَّ القيامة تأتي فيجازى المشركون بقبيح أعمالهم ﴿ فاصفح ﴾ عنهم ﴿ الصفح الجميل ﴾ أَيْ: أعرض إعراضاً بغير فحشٍ ولا جزعٍ. ♦ تفسير البغوي "معالم التنزيل": قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ ﴾، يَعْنِي: الْقِيَامَةَ لَآتِيَةٌ، يُجَازِي الْمُحْسِنَ بِإِحْسَانِهِ وَالْمُسِيءَ بِإِسَاءَتِهِ، فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ، فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَاعْفُ عَفْوًا حَسَنًا نَسَخَتْهَا آيَةُ الْقِتَالِ.
فاصفح الصفح الجميل معنى
فقال وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ. فاصفح الصفح الجميل وَاهْجُرْهُمْ هجرا جميلا. حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن إسرائيل، عن جابر، عن مجاهد ( فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ) قال: هذا قبل القتال. حدثني المثنى، قال: أخبرنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله بن الزبير، عن سفيان بن عيينة، في قوله: ( فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ) وقوله وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ قال: كان هذا قبل أن ينـزل الجهاد. فلما أمر بالجهاد قاتلهم فقال: " أَنَا نَبِيُّ الرّحْمَةِ ونَبِيُّ المَلْحَمَةِ، وبُعِثْتُ بالحصادِ وَلمْ أبْعَثْ بالزِّرَاعَةِ".
تعريف العَفْوُ
العَفْوُ لغة: هو مصدر عَفَا يَعْفُو عَفْواً، فهو عافٍ، وعَفُوٌّ، والعفو: هو التجاوُز عن الذَّنْب، وعدم العقاب على فِعله، ومن خلاله يتمُّ مَحوُ الذَّنْب، وطَمْسه، والعفو عند المقدرة: هو تَرْك عقاب المُذنِب عند التمكُّن منه والقدرة عليه، والعفو العامّ: هو إسقاط العقوبة عن المذنبين جميعاً، وعندما يقول أحد ما: عفوتُ عن الحقّ: أي أنّه أسقطه عن الذي عليه الحقّ، والعَفُوُّ: هو كثير العَفو، وهو اسم من أسماء الله الحسنى ؛ فهو الذي يُزِيل ويمحو آثار الذنوب جميعها. [١] [٢]
ويدخل العفو ضِمن المُصطلَحات السياسيّة أيضاً، ويُقصَد به: الإجراء الذي تعفو الدولة من خلال تطبيقه على الجناة السياسيِّين، وغيرهم، ويكون هذا العفو جَماعيّاً، كما أنّ إجراء العفو يتمّ اتّخاذه كمبادرة هادفة إلى تحقيق الوِفاق السياسيّ، وعادة ما يُطبَّق مباشرة بعد تغيير حكومة، أو نظام ما، [١] والعفو اصطلاحاً كما ورد عن الراغب الأصفهاني: هو التجافي عن الذَّنْب، أو التجاوز عنه، [٢] وله تعريف آخر: وهو التجاوُز عن الذَّنْب، وتَرْك الانتقام، والعفو صفة من صفات الله -عزّ وجلّ-، كما أنّه أمْر نبويّ. وان الساعة لاتية فاصفح الصفح الجميل. [٣]
وَصَف الله -سبحانه وتعالى- ذاته بالعَفُوّ؛ لأنّه يتجاوز عن ذنوب العباد، وخطاياهم، مع قُدْرته على عقابهم، ويظهر ذلك في قوله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ) ، [٤] كما بيّن الرسول الكريم -عليه الصلاة والسلام-، مدى محبّة الله لخُلُق العفو، إذ كان يدعو صباحاً ومساءً، فيقول: (اللهمَّ إنِّي أسألُك العافيةَ في الدُّنيا والآخرةِ اللهمَّ إنِّي أسألُك العفوَ والعافيةَ في ديني ودنيايَ وأَهلي ومالي... ).