الطّلاق الرّجعي والبائن: كلّ الطّلاق يقع رجعيًّا إلاّ المُكمّل للثلاث، والطّلاق قبل الدّخول، فالطّلاق الرّجعي لا يزيل الزّوجيّة في الحال، حيث يستطيع الزّوج أن يُراجع زوجته ما دامت في العدّة، سواء عدة المُطلقة الحامل أو غير الحامل، بعكس البائن فهو يُزيل الزّوجيّة، حيث لا يستطيع الزّوج أن يُراجع زوجته حتى تنكح زوجًا غيره.
هل يجوز طلاق الحامل - سطور
الحال الثاني: ألقت نطفة أو دما، لا تدري هل هو ما يخلق منه الآدمي أو لا ؟ فهذا لا يتعلق به شيء من الأحكام، لأنه لم يثبت أنه ولد، لا بالمشاهدة ولا بالبينة. الحال الثالث: ألقت مضغة لم تبن فيها الخلقة، فشهد ثقات من القوابل، أن فيه صورة خفية، بان بها أنها خلقة آدمي، فهذا في حكم الحال الأول، لأنه قد تبين بشهادة أهل المعرفة أنه ولد. الحال الرابع: إذا ألقت مضغة لا صورة فيها، فشهد ثقات من القوابل أنه مبتدأ خلق آدمي، فاختلف عن أحمد فنقل أبو طالب أن عدتها لا تنقضي به، لأنه مشكوك في كونه ولدا، فلم يحكم بانقضاء العدة المتيقنة بأمر مشكوك فيه، وقال بعض أصحابنا: على هذا تنقضي به العدة. وهو قول الحسن وظاهر مذهب الشافعي لأنهم شهدوا بأنه خلقة آدمي، أشبه ما لو تصور. هل يجوز طلاق الحامل - سطور. الحال الخامس: أن تضع مضغة لا صورة فيها، ولم تشهد القوابل بأنها مبتدأ خلق آدمي، فهذا لا تنقضي به عدة، لأنه لم يثبت كونه ولدا ببينة ولا مشاهدة، فأشبه العلقة، فلا تنقضي العدة بوضع ما قبل المضغة بحال، سواء كان نطفة أو علقة، وسواء قيل: إنه مبتدأ خلق آدمي أو لم يقل. نص عليه أحمد فقال: أما إذا كان علقة، فليس بشيء، إنما هي دم، لا تنقضي به عدة، ولا نعلم مخالفا في هذا، إلا الحسن، فإنه قال: إذا علم أنها حمل، انقضت به العدة.
طلاق المُكرَه: ذهب جمهور العلماء إلى أنّ طلاق المُكرَه لا يقع، ودليل ذلك، عن ابنِ عبَّاسٍ أنّه قال: "ليس لمُكْرَهٍ ولا لمُضْطهَدٍ طَلاقٌ". [٨]
الطلاق الصّريح والكنائي: الصّريح، هو الذي يقع بالألفاظ الصّريحة، كأن يقول الزّوج لزوجته: أنتِ طالق، أمّا الكنائي هو الذي يتمّ بالألفاظ التي تحتمل معنى الطّلاق كأن يقول الزّوج لزوجته: الحقي بأهلك، اخرجي من المنزل، ونحو ذلك. الطّلاق المعلّق على شرط: كأن يقول الزّوج لزوجته: أنتِ طالق إن خرجتِ من المنزل، هذا الطّلاق واقع وصحيح إذا لم يكن مستحيلًا عقلًا أو عادة كأن يقول الزّوج: أنتِ طالق إن أصبحت الأرض ذهبًا. الطلاق المُضاف إلى المُستقبل: كأن يقول الزّوج لزوجته: أنتِ طالق غدًا، أو أنتِ طالق في السّنة القادمة، في هذه الحالة لا يقع الطّلاق. طلاق الثلاث بلفظ واحد: إنّ الطّلاق المُكرّر في مجلس واحد لا يقع إلّا طلقة واحدة ودليل ذلك، عن ابن عبّاس قال: "أن أبا ركانةَ طلَّق امرأتَه ثلاثًا فردَّها عليه النبيُّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- وقال: إنها واحدةٌ". [٩]
الحلف بعليّ الطّلاق وعليّ الحرام: لا يلزم الحالف شيئًا إن لم يحنث في يمينه اتفاقًا، فإن حنث فيه خلاف، فقد عدّه البعض طلقة، ولم يعدّه آخرون شيئًا، وأعدل الأقوال أنّ الطّلاق لا يقع إلا إذا كان بنيّة إيقاع الطّلاق.
يعني محمّداً صلّى اللّه عليه وسلّم. وقوله تعالى: {ولقد رآه بالأفق المبين}. يعني: ولقد رأى محمّدٌ جبريل الذي يأتيه بالرّسالة عن اللّه عزّ وجلّ على الصورة التي خلقه اللّه عليها، له ستّمائة جناحٍ، {بالأفق المبين}. أي: البيّن، وهي الرّؤية الأولى الّتي كانت بالبطحاء وهي المذكورة في قوله: {علّمه شديد القوى ذو مرّةٍ فاستوى وهو بالأفق الأعلى ثمّ دنا فتدلّى فكان قاب قوسين أو أدنى فأوحى إلى عبده ما أوحى}. وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ-آيات قرآنية. كما تقدّم تفسير ذلك وتقريره، والدّليل عليه أنّ المراد بذلك جبريل عليه السّلام، والظّاهر واللّه أعلم أنّ هذه السّورة نزلت قبل ليلة الإسراء؛ لأنّه لم يذكر فيها إلاّ هذه الرّؤية وهي الأولى. وأمّا الثّانية وهي المذكورة في قوله: {ولقد رآه نزلةً أخرى عند سدرة المنتهى عندها جنّة المأوى إذ يغشى السّدرة ما يغشى}. فتلك إنّما ذكرت في سورة (النّجم) وقد نزلت بعد (الإسراء). وقوله: (وما هو على الغيب بظنينٍ) أي: وما محمّدٌ على ما أنزله اللّه إليه بظنينٍ، أي: بمتّهمٍ، ومنهم من قرأ ذلك بالضّاد، أي: ببخيلٍ، بل يبذله لكلّ أحدٍ، قال سفيان بن عيينة: (ظنينٌ) و(ضنينٌ) سواءٌ، أي: ما هو بكاذبٍ، وما هو بفاجرٍ، والظّنين: المتّهم، والضّنين: البخيل.
تفسير قوله تعالى: ولقد رآه بالأفق المبين
قوله تعالى: ولقد رآه بالأفق المبين أي رأى جبريل في صورته ، له ستمائة جناح. بالأفق المبين أي بمطلع الشمس من قبل المشرق; لأن هذا الأفق إذا كان منه تطلع الشمس فهو مبين. أي من جهته ترى الأشياء. وقيل: الأفق المبين: أقطار السماء ونواحيها; قال الشاعر:أخذنا بآفاق السماء عليكم لنا قمراها والنجوم الطوالعالماوردي: فعلى هذا ، فيه ثلاثة أقاويل; أحدها: أنه رآه في أفق السماء الشرقي; قاله سفيان. الثاني: في أفق السماء الغربي ، حكاه ابن شجرة. القرآن الكريم - تفسير القرطبي - تفسير سورة التكوير - الآية 23. الثالث: أنه رآه نحو أجياد ، وهو مشرق مكة; قاله مجاهد. وحكى الثعلبي عن ابن عباس ، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لجبريل: " إني أحب أن أراك في صورتك التي تكون فيها في السماء " قال: لن تقدر على ذلك. قال: " بلى " قال: فأين تشاء أن أتخيل لك ؟ قال: " بالأبطح " قال: لا يسعني. قال: " فبمنى " قال: لا يسعني. قال: " فبعرفات " قال: ذلك بالحري أن يسعني. فواعده فخرج - صلى الله عليه وسلم - للوقت ، فإذا هو قد أقبل بخشخشة وكلكلة من جبال عرفات ، قد ملأ ما بين المشرق والمغرب ، ورأسه في السماء ورجلاه في الأرض ، فلما رآه النبي - صلى الله عليه وسلم - خر مغشيا عليه ، فتحول جبريل في صورته ، وضمه إلى صدره.
وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ-آيات قرآنية
وسألَتْه: كَيفَ يَغيبُ فَهْمُكَ عَن استحضارِ ثَلاثة أشياءَ ينبغي ألَّا تغيَب عنك؟ مَن أخبرك بهنَّ فقَدْ كَذَبَ في حَديثِهِ، أي: أخطأ؛ فإنَّ العَرَبَ تقولُ لمن أخطأ: كذَبْتَ. أولُ هذه الثَّلاثِ: مَن حَدَّثَك أنَّ مُحَمَّدًا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رَأى رَبَّهُ لَيلةَ المِعراجِ فَقَد كَذَبَ، ثُمَّ قَرَأتْ قوْلَه تعالَى: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الأنعام: 103]. واستَدَلَّتْ عائشةُ رضِيَ اللهُ عنها أيضًا بقولِه تعالَى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} [الشورى: 51]. تفسير قوله تعالى: ولقد رآه بالأفق المبين. وأمَّا الأمرُ الثَّاني فقالت: ومَن حَدَّثَكَ أنَّهُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَعلَمُ ما في غَدٍ فَقَدْ كَذَبَ، ثُمَّ قَرَأتْ: {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا} [لقمان: 34]، أي: وما تدري نَفسٌ مِن النُّفوسِ كائنةٌ من كانت ماذا تكسِبُ غدًا من عَمَلٍ؛ أَخَيْرًا أم شَرًّا، ومن رزقٍ قليلٍ أو كثيرٍ، فلا يعلَمُ الغيبَ إلا اللهُ وَحْدَه، إلَّا ما اصطفى به عبدًا مِن عِبادِه. والأمرُ الثَّالِثُ قالت: وَمَن حَدَّثَكَ أنَّهُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كَتَمَ شَيئًا مِمَّا أُمِرَ بِتَبليغِهِ فَقَد كَذَبَ، ثُمَّ قَرَأتْ: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} [المائدة: 67].
القرآن الكريم - تفسير القرطبي - تفسير سورة التكوير - الآية 23
وقال: يا محمد لا تخف; فكيف لو رأيت إسرافيل ورأسه من تحت العرش ورجلاه في تخوم الأرض السابعة ، وإن العرش على كاهله ، وإنه ليتضاءل أحيانا من خشية الله ، حتى يصير مثل الوصع - يعني العصفور حتى ما يحمل عرش ربك إلا عظمته. وقيل: إن محمدا - عليه السلام - رأى ربه - عز وجل - بالأفق المبين. وهو معنى قول ابن مسعود. وقد مضى القول في هذا في ( والنجم) مستوفى ، فتأمله هناك. وفي المبين قولان: أحدهما أنه صفة الأفق; قاله الربيع. الثاني أنه صفة لمن رآه; قاله مجاهد.
هذا حين أدبر حسنٌ، وقد اختار ابن جريرٍ أنّ المراد بقوله: {إذا عسعس}: إذا أدبر، قال: لقوله: {والصّبح إذا تنفس}. أي: أضاء. واستشهد بقول الشّاعر أيضاً: حتّى إذا الصّبح لها تنفّسا = وانجاب عنها ليلها وعسعسا أي: أدبر، وعندي أنّ المراد بقوله: {عسعس}. إذا أقبل، وإن كان يصحّ استعماله في الإدبار أيضاً، لكنّ الإقبال ههنا أنسب كأنّه أقسم تعالى باللّيل وظلامه إذا أقبل، وبالفجر وضيائه إذا أشرق كما قال: {واللّيل إذا يغشى والنّهار إذا تجلّى}. وقال: {والضّحى واللّيل إذا سجى}. وقال: {فالق الإصباح وجاعل اللّيل سكناً}. وغير ذلك من الآيات. وقال كثيرٌ من علماء الأصول: إنّ لفظة: {عسعس}. تستعمل في الإقبال والإدبار على وجه الاشتراك فعلى هذا يصحّ أن يراد كلٌّ منهما.. واللّه أعلم. قال ابن جريرٍ: وكان بعض أهل المعرفة بكلام العرب يزعم أنّ {عسعس}: دنا من أوّله وأظلم، وقال الفرّاء: كان أبو البلاد النّحويّ ينشد بيتاً: عسعس حتّى لو يشاء ادّنا = كان له من ضوئه مقبس يريد: لو يشاء إذ دنا. أدغم الذّال في الدّال، وقال الفرّاء: وكانوا يرون أنّ هذا البيت مصنوعٌ. وقوله: {والصّبح إذا تنفّس}. قال الضّحّاك: إذا طلع. وقال قتادة: إذا أضاء وأقبل.
{ وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ (22) وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ (23) وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ (24) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ (25)} [ التكوير]
{ وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ}: لما ذكر فضل وأمانة رسوله الملكي جبريل عليه السلام نفى سبحانه عن رسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم أدنى شبهة أو عيب, فهو أمين أهل الأرض والسماء صلى الله عليه وسلم. ثم ذكر سبحانه التقاء الرسولين الكريمين وجهاً لوجه على الصورة الحقيقية لجبريل عليه السلام إذ رآه يسد الأفق له ستمائة جناح. ثم يحدثنا سبحانه أن رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم أتم الأمانة وبلغ الرسالة على أكمل وجه بلا تهمة ولا بخل ولا نقص في البلاغ. ونفى سبحانه أن تكون هذه الرسالة الكريمة الشريفة المهيمنة على ما قبلها من الرسالات قد تداخل فيها أي تأثير شيطاني فالله تكفل بحفظها بنفسه سبحانه. قال تعالى: { وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ (22) وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ (23) وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ (24) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ (25)} [ التكوير] قال السعدي في تفسيره: ولما ذكر فضل الرسول الملكي الذي جاء بالقرآن، ذكر فضل الرسول البشري الذي نزل عليه القرآن، ودعا إليه الناس فقال: { { وَمَا صَاحِبُكُمْ}} وهو محمد صلى الله عليه وسلم { { بِمَجْنُونٍ}} كما يقوله أعداؤه المكذبون برسالته، المتقولون عليه من الأقوال، التي يريدون أن يطفئوا بها ما جاء به ما شاءوا وقدروا عليه، بل هو أكمل الناس عقلا، وأجزلهم رأيا، وأصدقهم لهجة.