وأما دخول عليّ وفاطمة والحسن والحسين فلكونهم قرابته وأهل بيته في النسب، ويؤيد ذلك ما ذكرناه من الأحاديث المصرّحة بأنهم سبب النزول، فمن جعل الآية خاصة بأحد الفريقين فقد أعمل بعض ما يجب إعماله وأهمل ما لا يجوز إهماله. وقد رجح هذا القول جماعة من المحققين منهم القرطبي وابن كثير وغيرهما. وقال جماعة: هم بنو هاشم، واستدلوا بما تقدم من حديث ابن عباس وبقول زيد بن أرقم المتقدّم حيث قال: ولكن آله من حرّم الصدقة بعده: آل عليّ، وآل عقيل، وآل جعفر، وآل العباس، فهؤلاء ذهبوا إلى أن المراد بالبيت: بيت النسب. قوله: { وَٱذْكُـرْنَ مَا يُتْـلَىٰ فِي بُيُوتِكُـنَّ مِنْ ءَايَـٰتِ ٱللَّهِ وَٱلْحِكْـمَةِ} أي اذكرن موضع النعمة إذ صيركنّ الله في بيوت يتلى فيها آيات الله والحكمة، أو اذكرنها وتفكرن فيها لتتعظن بمواعظ الله، أو اذكرنها للناس ليتعظوا بها ويهتدوا بهداها، أو اذكرنها بالتلاوة لها لتحفظنها ولا تتركن الاستكثار من التلاوة. ما هو الرجيم. قال القرطبي: قال أهل التأويل: آيات الله هي: القرآن، والحكمة: السنة. وقال مقاتل: المراد بالآيات والحكمة: أمره، ونهيه في القرآن. وقيل: إن القرآن جامع بين كونه آيات بينات دالة على التوحيد وصدق النبوة، وبين كونه حكمة مشتملة على فنون من العلوم والشرائع { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً} أي لطيفاً بأوليائه خبيراً بجميع خلقه، وجميع ما يصدر منهم من خير وشرّ وطاعة ومعصية، فهو يجازي المحسن بإحسانه، والمسيء بإساءته.
- الرجس والرجز .. إعجاز وبلاغة
- والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا تفسير
- والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلهم
- قال تعالى والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا
الرجس والرجز .. إعجاز وبلاغة
وأيضاً السياق في الزوجات من قوله: { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لأَزْوٰجِكَ} إلى قوله: { وَٱذْكُـرْنَ مَا يُتْـلَىٰ فِى بُيُوتِكُـنَّ مِنْ ءَايَـٰتِ ٱللَّهِ وَٱلْحِكْـمَةِ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً}. وقال أبو سعيد الخدري ومجاهد وقتادة، وروي عن الكلبي: أن أهل البيت المذكورين في الآية هم: عليّ وفاطمة والحسن والحسين خاصة، ومن حججهم الخطاب في الآية بما يصلح للذكور لا للإناث، وهو قوله: { عنكم} و { ليطهركم} ولو كان للنساء خاصة لقال عنكنّ ويطهركنّ. وأجاب الأولون عن هذا أن التذكير باعتبار لفظ الأهل كما قال سبحانه: { أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ رَحْمَتُ ٱللَّهِ وَبَرَكَـٰتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ ٱلْبَيْتِ} [هود: 73] وكما يقول الرجل لصاحبه: كيف أهلك؟ يريد زوجته أو زوجاته، فيقول: هم بخير. ولنذكر هاهنا ما تمسك به كلّ فريق. ما هو الرجاء. أما الأوّلون، فتمسكوا بالسياق، فإنه في الزوجات كما ذكرنا، وبما أخرجه ابن أبي حاتم وابن عساكر من طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله: { إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُـمُ ٱلرّجْسَ أَهْلَ ٱلْبَيْتِ} قال: نزلت في نساء النبيّ صلى الله عليه وسلم خاصة. وقال عكرمة: من شاء باهلته أنها نزلت في أزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم.
[7] المصدر السابق الخطبة رقم 3. [8] المصدر السابق الخطبة رقم 224. [9] المصدر السابق الحكمة رقم 236. [10] المصدر السابق الخطبة رقم 33. [11] سورة النساء الآية رقم 69-70.
وقال الضحاك: معنى الآية; والذين جاهدوا في الهجرة لنهدينهم سبل الثبات على الإيمان. ثم قال: مثل السنة في الدنيا كمثل الجنة في العقبى من دخل الجنة في العقبى سلم كذلك من لزم السنة في الدنيا سلم. وقال عبد الله بن عباس: والذين جاهدوا في طاعتنا لنهدينهم سبل ثوابنا. وهذا يتناول بعموم الطاعة جميع الأقوال. ونحوه قول عبد الله بن الزبير; قال: تقول الحكمة: من طلبني فلم يجدني فليطلبني في موضعين: أن يعمل بأحسن ما يعلمه ويجتنب أسوأ ما يعلمه. وقال الحسن بن الفضل: فيه تقديم وتأخير أي الذين هديناهم هم الذين جاهدوا فينا. لنهدينهم سبلنا أي طريق الجنة; قاله السدي. النقاش: يوفقهم لدين الحق. وقال يوسف بن أسباط: المعنى: لنخلصن نياتهم وصدقاتهم وصلواتهم وصيامهم وإن الله لمع المحسنين لام تأكيد ودخلت في ( مع) على أحد وجهين: أن يكون اسما ولام التوكيد إنما تدخل على الأسماء ، أو حرفا فتدخل عليها; لأن فيها معنى الاستقرار; كما تقول إن زيدا لفي الدار. والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا تفسير. و ( مع) إذا سكنت فهي حرف لا غير وإذا فتحت جاز أن تكون اسما وأن تكون حرفا. والأكثر أن تكون حرفا جاء لمعنى وتقدم معنى الإحسان والمحسنين في ( البقرة) وغيرها وهو سبحانه معهم بالنصرة والمعونة ، والحفظ والهداية ، ومع الجميع بالإحاطة.
والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا تفسير
وإن رجلاً لم تعركه الحوادث، ولم تجرِّبه البلايا لا يكون رجل إصلاح ولا داعي خَلْقٍ إلى حقٍّ؛ فوطِّن النفس على تحمُّل المكروه، وابذل كل ما تستطيع من قوة ومال يهدك الله طريقاً رشداً، ويصلح بك جماعات بل أمماً [وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ]"(3). أيها القراء الكرام:
وإذا تبينت صلة هذه القاعدة القرآنية المذكورة في آخر سورة العنكبوت: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} ـ بأول السورة، فإن دلالات هذه القاعدة في ميدان الدعوة كبيرة ومتسعة جداً، وهي تدل بوضوح على أن من رام الهداية والتوفيق ـ وهو يسير في طريق الدعوة ـ فليحقق ذينك الأصلين الكبيرين اللذين دلّت عليهما هذه القاعدة:
1 ـ أما الأصل الأول: فهو بذل الجهد والمجاهدة في الوصول إلى الغرض الذي ينشده الإنسان في طريقه إلى الله تعالى. قال تعالى والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا. 2 ـ والأصل الثاني هو: الإخلاص لله، لقوله ـ: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا} فليس جهادهم من أجل نصرة ذات، ولا جماعة على حساب أخرى، وليس من أجل لعاعة من الدنيا، أو ركض وراء كرسي أو منصب، بل هو جهادٌ في ذات الله تعالى. وإنما نُبّه على هذا الأصل ـ وهو الإخلاص ـ مع كونه شرطاً في كل عمل، فإن السر ـ والله أعلم ـ لأن من الدعاة من قد يدفعه القيام بالدعوة، أو بأي عمل نافع، الرغبة في الشهرة التي نالها الداعية الفلاني، أو يدفعه نيل ثراء ناله المتحدث الفلاني.. فجاء التنبيه على هذا الأصل الأصيل في كل عمل صالح.
والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلهم
وإن رجلاً لم تعركه الحوادث، ولم تجرِّبه البلايا لا يكون رجل إصلاح ولا داعي خَلْقٍ إلى حقٍّ؛ فوطِّن النفس على تحمُّل المكروه، وابذل كل ما تستطيع من قوة ومال يهدك الله طريقاً رشداً، ويصلح بك جماعات بل أمماً [وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ]"(3). أيها القراء الكرام: وإذا تبينت صلة هذه القاعدة القرآنية المذكورة في آخر سورة العنكبوت: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} ـ بأول السورة، فإن دلالات هذه القاعدة في ميدان الدعوة كبيرة ومتسعة جداً، وهي تدل بوضوح على أن من رام الهداية والتوفيق ـ وهو يسير في طريق الدعوة ـ فليحقق ذينك الأصلين الكبيرين اللذين دلّت عليهما هذه القاعدة: 1 ـ أما الأصل الأول: فهو بذل الجهد والمجاهدة في الوصول إلى الغرض الذي ينشده الإنسان في طريقه إلى الله تعالى. الَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا - إسلام ويب - مركز الفتوى. 2 ـ والأصل الثاني هو: الإخلاص لله، لقوله ـ: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا} فليس جهادهم من أجل نصرة ذات، ولا جماعة على حساب أخرى، وليس من أجل لعاعة من الدنيا، أو ركض وراء كرسي أو منصب، بل هو جهادٌ في ذات الله تعالى. وإنما نُبّه على هذا الأصل ـ وهو الإخلاص ـ مع كونه شرطاً في كل عمل، فإن السر ـ والله أعلم ـ لأن من الدعاة من قد يدفعه القيام بالدعوة، أو بأي عمل نافع، الرغبة في الشهرة التي نالها الداعية الفلاني، أو يدفعه نيل ثراء ناله المتحدث الفلاني.. فجاء التنبيه على هذا الأصل الأصيل في كل عمل صالح.
قال تعالى والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا
قَالَ سَعْدٌ فَمَا اسْتَطَعْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا صَنَعَ. قَالَ أَنَسٌ فَوَجَدْنَا بِهِ بِضْعًا وَثَمَانِينَ ضَرْبَةً بِالسَّيْفِ أَوْ طَعْنَةً بِرُمْحٍ أَوْ رَمْيَةً بِسَهْمٍ ، وَوَجَدْنَاهُ قَدْ قُتِلَ وَقَدْ مَثَّلَ بِهِ الْمُشْرِكُونَ ، فَمَا عَرَفَهُ أَحَدٌ إِلاَّ أُخْتُهُ بِبَنَانِهِ. قَالَ أَنَسٌ كُنَّا نَرَى أَوْ نَظُنُّ أَنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ فِيهِ وَفِى أَشْبَاهِهِ ( مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ) إِلَى آخِرِ الآيَةِ) رواه البخاري ، وقال علي – رضي الله عنه -: "والله لقد رأيت أصحاب محمد – صلى الله عليه وسلم – كانوا يصبحون شعثاً غبراً صفراً، وقد باتوا سجداً وقياماً، يتلون كتاب الله، يراوحون بين أقدامهم وجباههم" وقال أبو الدرداء – رضي الله عنه -: "لولا ثلاث ما أحببت العيش يوماً واحداً: الظمأ لله بالهواجر، والسجود له في جوف الليل، ومجالسة أقوام ينتقون الكلام كما ينتقى أطايب الثمر"
الدعاء
ولا بد لكل من أراد أن يسلك طريقاً أن يتصور
صعوباته؛ ليكون على بينة من أمره، وهكذا هو طريق الدعوة إلى الله، فلم ولن يكون مفروشاً
بالورود والرياحين، بل هو طريق "تعب فيه آدم, وناح لأجله نوح, ورمى في النار الخليل,
وأضجع للذبح إسماعيل, وبيع يوسف بثمن بخس, ولبث في السجن بضع سنين"(1). أتدري لماذا..... لأن "الإيمان ليس
كلمة تقال إنما هو حقيقة ذات تكاليف؛ وأمانة ذات أعباء؛ وجهاد يحتاج إلى صبر، وجهد
يحتاج إلى احتمال. وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا | معرفة الله | علم وعَمل. فلا يكفي أن يقول الناس: آمنا. وهم لا يتركون لهذه الدعوى، حتى يتعرضوا
للفتنة فيثبتوا عليها ويخرجوا منها صافية عناصرهم خالصة قلوبهم، كما تفتن النار الذهب
لتفصل بينه وبين العناصر الرخيصة العالقة به وهذا هو أصل الكلمة اللغوي وله دلالته
وظله وإيحاؤه وكذلك تصنع الفتنة بالقلوب"(2). "فيا من نصبت نفسك للدعوة، وأقمت نفسك
مقام الرسل الدعاة الهداة تحمَّل كلَّ ما يلاقيك من المحن بقلب ثابت، وجأش رابط، ولا
تزعزعنَّك الكروب؛ فإنها مربِّية الرجال، ومهذِّبة الأخلاق، ومكوِّنة النفوس. وإن رجلاً لم تعركه الحوادث، ولم تجرِّبه
البلايا لا يكون رجل إصلاح ولا داعي خَلْقٍ إلى حقٍّ؛ فوطِّن النفس على تحمُّل المكروه،
وابذل كل ما تستطيع من قوة ومال يهدك الله طريقاً رشداً، ويصلح بك جماعات بل أمماً
[وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ
الْمُحْسِنِينَ] "(3).