تاريخ طويل من الصراعات الدموية على الكراسي الذهبية، ليست هذه إلا نماذج لها، لكنها نماذج من الصعب أن تتكرر في زمننا هذا، خاصة عندما نتحدث عن مجتمعات تدّعي أنها ذات أنظمة ديمقراطية حديثة. لذلك يستغرب الكثيرون ما يحدث هذه الأيام في الولايات المتحدة، ويعتقدون أنه حالة خاصة. الحالة الحرجة للمدعو كام. ربما يكون وجه الشبه الوحيد بين رواية الكاتب السعودي عزيز محمد، والرواية التي يكتبها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هذه الأيام، هو الحالة الحرجة التي يمر بها بطلا الروايتين، ويبقى كل ما عدا ذلك مختلفاً، وإن كان مثيراً يستحق المتابعة. البيان
هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة إرم نيوز
- الحالة الحرجة للمدعو كشف
- الحالة الحرجة للمدعو كوم
الحالة الحرجة للمدعو كشف
وإلى حين، أعود إلى رواية عزيز حيث تدور حول شخصية مصاب بالسرطان، ينقل فيها تفاصيل حياته بدءا بيومياته الطبيعية، وانشغالاته وهمومه قبل اكتشاف المرض، وطريقة تعامله مع الشكوك المرافقة لمرحلة ظهور الأعراض والتحاليل الأولى، ومن ثم يتدرج في توصيف الأطوار اللاحقة والتي انتهت ببطل الرواية (ك) جسدا طريحا تقلبه الأيدي من سرير إلى آخر. الحالة الحرجة للمدعو "ك" | International Prize for Arabic Fiction. مترقبا نهاية باهتة تخلصه من أوجاعه الجسدية والنفسية، إلى أن تحدث انفراجة خجولة تنتشله من غرف العناية المركزة وتقحمه في عالم الأثرياء بعد وصية غير متوقعة من جدّه! وأخيرا بعد أزيد من مئتي صفحة مليئة بالأوجاع يضع عزيز نهاية مرتبكة لروايته بعد أن يغادر بطلها المشفى المحلي في ظرف ملتبس، ويبدأ في إجراء بعض الترتيبات اللائقة بوضعه المادي الجديد، تنتهي بالاستعداد لرحلة استشفائية طويلة في بلاد الشرق الأقصى..
الرواية غارقة في السوداوية بتفاصيلها المأسوية التي جمعت الحالة الصحية للبطل مع وضعية نفسية غير مستقرة والتي جعلت منه شخصية عدائية منغلقة تتوجس من الجميع بدءا بعائلته وزملاء عمله ودراسته وحتى من الأطباء والممرضين! في حالة تبدو متناقضة مع شخصية البطل في جانبها الثقافي والوظيفي حيث بدا متفوقا في دراسته مهتما ومنشغلا بالقراءة الحرة في شتى العلوم والآداب..
هذا الزاد المعرفي كان من المنتظر أن يساهم في تشكيل شخصية المدعو (ك) في جانبها النفسي والسلوكي، كما انعكس على لغته وأسلوبه الحكائي السلس الذي امتاز بالتلقائية في سرد الأحداث بنفس فكاهي ساخط!
الحالة الحرجة للمدعو كوم
وبعد أن كان فاقداً للذريعة التي تؤهله لإعلان قطيعته مع مجتمعه، ونفوره منه، فإنه يجد في المرض هذه الذريعة. بل أكثر من ذلك، فإنه صار يشعر بحرية لتبني أكثر الآراء تطرفاً، والتقلب بين الأدوار كيفما أراد، طالما أن مظهره المزري هو سلاحه في ردع أي شخص يلومه. هكذا، سيستخدم مرضه لينال من كل شيء،
"سأقولها كلما تجاوز أحد الطابور الذي أقف فيه، أو تجشأ أحدهم بجانبي، أو حين يحك أحدهم عضوه على الملأ. وسأكون محقاً بها كلما ركضت خلف معاملة حكومية، أو أوقفني شرطي المرور، أو تأخر طلبي في المطعم. الحالة الحرجة للمدعو ك. - ويكيبيديا. وإذا رفضتني فتاة سأقول: ولكن كيف؟ أنا مصاب بالسرطان! (... ) لقد شعرت بأني صلب حقاً، بإمكاني أن أواجه الناس جميعاً. بإمكان المرض أن ينال مني، وسأكون سعيداً بهذا، طالما ظل يمنحني المكنة على أن أنال من أي شيء آخر". تتجلى براعة "عزيز محمد" في قدرته على التعبير عن الألم النفسي الذي يعاني منه بطله، والمترافق مع الألم الجسدي، فهو يستيقظ كل يوم متوقعاً أنه سيعاني حتى قبل أن يبدأ بالإدراك والشعور، ويصير غير قادر على الفصل بين الألمين، ومعرفة أي منهما يشحذ الآخر. هكذا، يجعل القارئ مشدوداً ومتحفزاً لقراءة المزيد من كتابة المريض عن ألمه، وذلك بسبب جمالية تصويره لهذا الألم، وبلاغة التعابير التي يستخدمها في وصفه، حتى يغدو ما يكتبه عبارة عن مذكرات للألم "الذهني"، وما يحركه في دواخل الإنسان من أفكار واستعادة لذكريات بعيدة والتأمل فيها وإعادة اكتشافها بعينٍ جديدة.
وإذا كان للرجال من سلاطين بني عثمان النصيب الأكبر من القسوة في استخدام القوة للحفاظ على السلطة، فإن نساءهم لم يكنّ أقل منهم قسوة في السعي إلى السلطة. الحالة الحرجة للمدعو كوم. وأكبر مثال على ذلك أشهر سلطانات الدولة العثمانية «كوسم سلطان» التي تخلصت من عثمان الثاني، ابن ضرتها خديجة ماه فيروز، لتعيد شقيق زوجها السلطان مصطفى الأول إلى الحكم، لتعزله وتولي ابنها مراد، الذي كان في الحادية عشرة من عمره، الحكم، وتدير البلاد بصفتها نائبة له. وبعد تسعة أعوام، أقصاها ابنها مراد من المشهد السياسي، رافضاً أن يسمح لأحد بالتدخل في إدارة البلاد، لتعود إلى الواجهة بعد وفاته وتولي شقيقه إبراهيم الحكم. ثم تآمرت على ابنها إبراهيم بعد أن هددها بالنفي إذا لم تكف عن التدخل في شؤون الحكم، فأزاحته وسلمته إلى الجلاد ليتم إعدامه، وحصلت مجدداً على منصب نائب السلطان بصلاحيات غير مسبوقة، بعدما تم تعيين حفيدها محمد الرابع، الذي لم يبلغ السابعة من عمره خلفاً لوالده القتيل، سلطاناً. وكانت نهايتها الموت خنقاً على يد عدد من عبيد القصر بتدبير من السلطانة خديجة تارخان، والدة السلطان محمد الرابع، الذي كانت كوسم سلطان تخطط لقتله وتولية أخيه غير الشقيق سليمان السلطنة، بعد أن احتدم الصراع بين الأم والجدة، متخذتين من الأحفاد القُصّر واجهات لهن.