ولخطورة هذا الصنف، أنزل الله سورة كاملة فيهم، سُميت سورة "المنافقون"، كانت فاتحتها قوله تعالى: "إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ". وكان مركز عداوة المنافقين لنور الله عز وجل هو التخذيل والتشكيك والاستهزاء، ولذلك قال الله فيهم: "وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُونَ" (البقرة، الآية 14). ولكن هذه الاتهامات والإشاعات والتشويشات والمكائد سقطت وذهبت، وانتصر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعمّت رسالته ربوع الأرض فأضاءت بها الدنيا وسعدت بها البشرية. فصل: إعراب الآية رقم (9):|نداء الإيمان. وبرغم ما لقيه الصحابة رضي الله عنهم من عذاب وتنكيل وقتل وحصار وتهجير، حتى عبروا البحر لاجئين للحبشة، فإنهم سرعان ما انتصروا وسادوا وفتحوا مكة والجزيرة والعراق والشام ومصر وأفريقيا وآسيا، حتى وصلوا الصين شرقا والمغرب الأقصى غرباً. وما أشبه الليلة بالبارحة؛ فاليوم تتجدد الاتهامات والإشاعات والتشويشات والمكائد بحق الإسلام والمسلمين، كما أن العذاب والتنكيل والقتل والحصار والتهجير يصب على رؤوس المستضعفين من المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.
يريدون ليطفئوا نور الله
[التوبة]. {5}.
يريدون ليطفئوا نور الله والله متم نوره
إعراب الآية رقم (7): {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعى إِلَى الْإِسْلامِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (7)}. الإعراب: الواو استئنافيّة (من) اسم استفهام بمعنى الإنكار في محلّ رفع مبتدأ، خبره (أظلم)، (ممّن) متعلّق ب (أظلم) (على اللَّه) متعلّق ب (افترى)، (الكذب) مفعول به منصوب، الواو حاليّة (إلى الإسلام) متعلّق ب (يدعى)، الواو استئنافيّة (لا) نافية. جملة: (من أظلم) لا محلّ لها استئنافيّة. وجملة: (افترى) لا محلّ لها صلة الموصول (من). وجملة: (هو يدعى) في محلّ نصب حال. وجملة: (يدعى) في محلّ رفع خبر المبتدأ (هو). وجملة: (اللَّه لا يهدي) لا محلّ لها استئنافيّة. وجملة: (لا يهدي) في محلّ رفع خبر المبتدأ (اللَّه).. يقول الله تعالى {يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم}.. – مدرسة أهل البيت عليهم السلام. إعراب الآية رقم (8): {يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ (8)}. الإعراب: اللام زائدة (يطفئوا) مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام (بأفواههم) متعلّق ب (يطفئوا) والباء للاستعانة الواو حاليّة في الموضعين (لو) حرف شرط غير جازم.. والمصدر المؤوّل (أن يطفئوا) في محلّ نصب مفعول به لفعل الإرادة.
ومن خلال قراءة الرواية بنصها الصحيح نجد أنّ الإمام بصدد تأويل الآية وتفسيرها لا بصدد بيان تنزيلها، ولذلك قال: « أمّا هذا الحرف فتنزيل، وأمّا غيره فتأويل »، أي أنّ الحروف الموجودة في القرآن فتنزيل لا يزيد ولا ينقص، وأمّا غيرها فتأويل أي تفسير وتطبيق للضابطة الكلية على المصاديق. فإنّ القرآن الكريم حسب ما وصفه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) له ظهر وبطن فظاهره حكم وباطنه علم، ظاهره أنيق، وباطنه عميق، له تخوم وعلى تخومه تخوم، لا تحصى عجائبه، ولا تبلى غرائبه 5. فما ذكره الإمام في تطبيق النور فإنّما هو من قبيل التأويل والعلم بالباطن لا أنّه تنزيل. يريدون ليطفئوا نور الله english. وهؤلاء لم يفرقوا بين التنزيل والتأويل، أو بين التنزيل والجري، بمعنى تطبيق الضابطة على المصاديق المختلفة عبر القرون. كما أنّ المراد من النور الإسلام حيث إنّه دين عالمي له أُصول وفروع. وخلافة الأوصياء الإلهيّين هي من جملة هذه الأُصول التي يرتكز عليها الإسلام، كما أنّ وظائف النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) تكمل بإمامة هؤلاء الأوصياء، وأيّ حكومة من حكومات العالم إذا ظهرت في منطقة ما فإنّها تعمل على ضمان ديمومة مشروعها بنصب من يلي الأُمور وإلاّ فإنّها لن تحقق أهدافها ولم تكمل برنامجها.