المسألة:
1- هل يجوز الترحُّم على الكافر؟
الجواب:
الدعاء للكافر بمثل الهداية أو بمثل الصحَّة وسعة الرزق والمدِّ في الأجل والعافية من بلاء الدنيا لا دليل على حرمته، بل قام الدليل على جوازه، وهي صحيحة عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَجَّاجِ قَالَ: قُلْتُ لأَبِي الْحَسَنِ مُوسَى (ع) أرَأَيْتَ إِنِ احْتَجْتُ إِلَى مُتَطَبِّبٍ وهُوَ نَصْرَانِيٌّ أُسَلِّمُ عَلَيْه وأَدْعُو لَه؟ قَالَ: "نَعَمْ إِنَّه لَا يَنْفَعُه دُعَاؤُكَ" 1 ، فمقتضى إطلاق جواب الإمام (ع) بالإيجاب هو جواز الدعاء له بمختلف حوائج الدنيا. وأمَّا دعوى أنَّ الجواز مختصٌّ بظرف الضرورة لأنَّ ذلك هو مفروض سؤال السائل فلا تتم وذلك لأنَّ مفروض السؤال هو الدعاء للنصراني في ظرف الحاجة، وهي أعم من الضرورة فهي تصدق في مثل البيع والشراء وسائر المعاملات بل وتصدق في فرض قصد الألفة والمداراة فإنَّ تحصيل الألفة من الحاجات التي يتحرَّاها العقلاء. ويُؤكِّد جواز الدعاء للكافر بمطلق الخير في الدنيا رواية مُحَمَّدِ بْنِ عَرَفَةَ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا (ع) قَالَ: قِيلَ لأَبِي عَبْدِ اللَّه (ع) كَيْفَ أَدْعُو لِلْيَهُودِيِّ والنَّصْرَانِيِّ؟ قَالَ: تَقُولُ لَه بَارَكَ اللَّه لَكَ فِي الدُّنْيَا" 2 فإنَّ الدعاء له بالبركة في الدنيا يصدق على الدعاء له بسعة الرزق والمدِّ في العمر وتيسير الأمور فإنَّ كلَّ ذلك ومثله من بركات الله تعالى لعباده.
حكم الاستغفار او الترحم علي الكفار - خالد عبد المنعم الرفاعي - طريق الإسلام
وفي نهاية الكلام نقول بأن الأمر منوط بالله عز وجل، إن كتب لهذا العبد بأن يدخل الجنة سيدخل بدعواتنا أو بدونها، وإن كتب لهذا العبد أن يدخل النار فلن تنفعه دعواتنا ولا شيء آخر، لأن الله سبحانه وتعالي هو الأعلى والأعلم بجواز الرحمة علي من، لأنه من فاز برحمة من الله فاز فوزاً عظيم حتي وإن لم يجد من يدعو له، والله تعالي أعلي وأعلم سبحانه عالم الغيب. مواضيع ذات صلة بواسطة Thaera adnan – منذ يومين
- أرشيف منتدى الألوكة - حكم الترحم على الكافر والاستغفار له - المكتبة الشاملة الحديثة
وممَّا يمكن الاستدلال به على عدم جواز الاستغفار للكفَّار قولُه تعالى: ﴿ وَلَا تُصَلِّ عَلَىٰ أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَىٰ قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ ﴾ 6 فإنَّ الظاهر من الآية هو أنَّ علَّة النهي عن الصلاة والاستغفار للمنافقين هو كفرُهم بالله تعالى ورسوله (ص) فموضوع النهي هو الكافر سواءً كان متظاهراً بالاسلام كالمنافق أو كان معلناً بالكفر.
هل تجوز الرحمة على الكافر - موسوعة
وفي رواية وسأزيده على السبعين " قال: إنه منافق، قال: فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} [التوبة: 84]. وزاد مسلم وزاد قال: "فترك الصلاة عليهم"، فدل على أن الصلاة والاستغفار للمنافقين المعلوم نفاقهم منسوخ. أمر آخر أنه لا يصح قياس المشرك والكافر على المنافق؛ لأن المنافقين مسلمون في الظاهر وكفار في الباطن، فكان التبي يعاملهم معاملة المسلمين.
لذلك فالظاهر من الآية هو أنَّها بصدد نهي النبيِّ (ص) عن معاملة المنافق -المحكوم بكفره- بالنحو الذي كان يفعله مع مَن يموت من أصحابه من الوقوف على قبورهم للاستغفار لهم. ويُمكن تأييد أنَّ المراد من النهي عن الوقوف على قبر الكافر هو النهي عن الاستغفار له برواية العياشي عن زرارة قال: سمعتُ أبا جعفرٍ (عليه السلام) يقول: "إنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وآله قال لابن عبد الله بن أبي: إذا فرغتَ من أبيك فأعلِمني، وكان قد تُوفِّي فأتاه فأعلَمَه فأخذَ رسولُ الله (ص) نعليه للقيام فقال له عمر: أليس قد قال الله: ﴿ وَلَا تُصَلِّ عَلَىٰ أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا... ﴾ 6 ؟ فقال له: ويحك -أو ويلك- إنَّما أقول: اللهمَّ املأ قبره ناراً واملأ جوفه نارا واصلِه يوم القيمة نارا" 8. هل تجوز الرحمة على الكافر - موسوعة. وفي رواية القمِّي في تفسيره: ".. فحضَرَه رسولُ الله (صلى الله عليه وآله)، وقام على قبره، فقال له عمر: يا رسول الله، ألم ينهك الله أنْ تُصلِّي على أحدٍ منهم مات أبدا، وأنْ تقوم على قبره؟ فقال له رسولُ الله (صلَّى الله عليه وآله): ويلك، وهل تدري ما قلتُ، إنَّما قلتُ: اللهمَّ احشُ قبرَه نارا، وجوفَه نارا، وأصلِه النار. فبدا من رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) ما لم يكن يُحب"(10).
نعم قد يُقال إنَّ الآية أخصُّ من المدَّعى فهي إنَّما نفت الإباحة عن الاستغفار للمشركين وليس مطلق الكفَّار إلا أنَّ يُقال بأنَّه يُمكن استفادة التعميم لمطلق الكفَّار من قوله تعالى في ذيل الآية: ﴿... مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ﴾ 4 فحيث تبيَّن للمؤمنين بمقتضى الآيات الكثيرة أنَّ مطلق الكفَّار من أصحاب الجحيم لذلك فليس لهم أنْ يستغفروا لهم.