شرح معاني سورة الفاتحة - للأطفال - YouTube
معاني سورة الفاتحة | د. محمد العريفي - Youtube
وَإِذَا قُلْتَ: ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ ﴾ وما بعدها, فَتَذَكَّرْ أَنَّكَ تُخَاطِبُ هَذَا الرَّبَّ الْعَظِيمَ كِفَاحًا, بِمَا يَجِبُ أَنْ تَكُونَ صَادِقًا فِيهِ، وَمَعْنَاهُ: نَعْبُدُكَ وَحْدَكَ دُونَ سِوَاكَ بِدُعَائِكَ وَالتَّوَجُّهِ إِلَيْكَ, ﴿ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾, لا نستعين ولا نتوكل إلا عليك، فعليك اعتمادُنا في أمورنا, وبك وحدك نستمدُّ المعونة والقوة في شُؤوننا. ثم بعد أنْ قدَّمتَ هذا الثناء والحمد العظيم لله تعالى, وأثنيتَ عليه بأفضل وأبلغ المدائح التي يرضاها, تُقدِّم السؤال والطلب فتقول: ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ﴾ دُلَّنَا وَأَوْصِلْنَا بِتَوْفِيقِكَ وَمَعُونَتِكَ, إِلَى طَرِيقِ الْحَقِّ فِي الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ، الَّذِي لَا عِوَجَ فِيهِ وَلَا زَلَلَ, ﴿ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ﴾, بِالْإِيمَانِ الصَّحِيحِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ وَثَمَرَتِهِمَا, وَهِيَ سَعَادَةُ الدَّارَيْنِ.
تفسيرسورة الفاتحة
قال ابن القيم -رحمه الله تعالى-: "فإذا قال العبدُ: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ وقف هُنَيْهَةً يسيرةً ينتظر جواب ربه له بقوله: "حمدني عبدي", فإذا قال: ﴿ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾, انتظر الجواب بقوله: "اثنى علي عبدي", فإذا قال: ﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ انتظر جوابه: "يمجدني عبدي". فيا لذةَ قلبِه, وقرةَ عينه, وسرورَ نفسه بقول ربه: عبدي ثلاث مرات, فوالله لولا ما على القلوب من دخان الشهوات, وغيم النفوس: لطارتْ فرحًا وسرورًا بقول ربها وفاطرها ومعبودها: "حمدني عبدني, وأثنى علي عبدي, ومجدني عبدي". تفسيرسورة الفاتحة. ا. هـ نسأل الله تعالى أنْ يرزقنا الفقه في دينه, والعمل بشرعِه وكتابِه, إنه سميعٌ قريب مُجيب. الخطبة الثانية: الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين, وسلَّم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين. أما بعد: أيها المسلم: إِذَا قُلْتَ: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾, فَاسْتَحْضِرْ مِنْ مَعْنَاهَا, أَنَّ كُلَّ ثَنَاءٍ جَمِيلٍ فَهُوَ لِلَّهِ –تَعَالَى- اسْتِحْقَاقًا وَفِعْلًا، مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ الرَّبُّ خَالِقُ الْعَالَمِينَ, وَمُدَبِّرُ جَمِيعِ أُمُورِهِمْ, ﴿ الرَّحْمَنِ ﴾ فِي نَفْسِهِ, ﴿ الرَّحِيمِ ﴾ بِخَلْقِهِ, ﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ ذِي الْمُلْكِ وَالتَّصَرُّفِ دُونَ غَيْرِهِ, يَوْمَ مُحَاسَبَةِ الْخَلْقِ وَمُجَازَاتِهِمْ بِأَعْمَالِهِمْ, فَلَا يُرْجَى غَيْرُهُ.
ص193 - كتاب معاني القرآن وإعرابه للزجاج - - المكتبة الشاملة
{
رَبِّ الْعَالَمِينَ} الرب, هو المربي جميع
العالمين -وهم من سوى الله- بخلقه إياهم, وإعداده لهم الآلات, وإنعامه عليهم
بالنعم العظيمة, التي لو فقدوها, لم يمكن لهم البقاء. فما بهم من نعمة, فمنه
تعالى. وتربيته تعالى لخلقه نوعان: عامة وخاصة. فالعامة: هي خلقه للمخلوقين,
ورزقهم, وهدايتهم لما فيه مصالحهم, التي فيها بقاؤهم في الدنيا. والخاصة:
تربيته لأوليائه, فيربيهم بالإيمان, ويوفقهم له, ويكمله لهم, ويدفع عنهم
الصوارف, والعوائق الحائلة بينهم وبينه, وحقيقتها: تربية التوفيق لكل خير,
والعصمة عن كل شر. ولعل هذا [المعنى] هو السر في كون أكثر أدعية الأنبياء بلفظ
الرب. ص193 - كتاب معاني القرآن وإعرابه للزجاج - - المكتبة الشاملة. فإن مطالبهم كلها داخلة تحت ربوبيته الخاصة. فدل قوله {
رَبِّ الْعَالَمِينَ} على انفراده بالخلق
والتدبير, والنعم, وكمال غناه, وتمام فقر العالمين إليه, بكل وجه واعتبار. 3}
الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ}
{ الرَّحْمَنِ
الرَّحِيمِ} اسمان دالان على أنه تعالى ذو الرحمة الواسعة العظيمة التي
وسعت كل شيء، وعمت كل حي، وكتبها للمتقين المتبعين لأنبيائه ورسله. فهؤلاء لهم
الرحمة المطلقة، ومن عداهم فلهم نصيب منها. 4}
مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}
مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} المالك: هو من اتصف
بصفة الملك التي من آثارها أنه يأمر وينهى, ويثيب ويعاقب, ويتصرف بمماليكه
بجميع أنواع التصرفات, وأضاف الملك ليوم الدين, وهو يوم القيامة, يوم يدان
الناس فيه بأعمالهم, خيرها وشرها, لأن في ذلك اليوم, يظهر للخلق تمام الظهور,
كمال ملكه وعدله وحكمته, وانقطاع أملاك الخلائق.
الفاتحة
من مقاصد السورة:
تحقيق العبودية الخالصة لله تعالى. بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ
باسم الله أبدأ قراءة القرآن، مستعينًا به تعالى متبركًا بذكر اسمه. وقد تضمنت البسملة ثلاثة من أسماء الله الحسنى، وهي: 1 - (الله)؛ أي: المعبود بحق، وهو أخص أسماء الله تعالى، ولا يسمى به غيره سبحانه. 2 - (الرَّحْمَن)؛ أي: ذو الرحمة الواسعة. فهو الرحمن بذاته. 3 - (الرَّحِيم)؛ أي: ذو الرحمة الواصلة. فهو يرحم برحمته من شاء من خلقه ومنهم المؤمنون من عباده. التفاسير العربية:
ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ
الثناء الكامل، وجميع أنواع المحامد من صفات الجلال والكمال هي لله وحده دون من سواه؛ إذ هو رب كل شيء وخالقه ومدبره. والعالمون جمع عالَم، وهم كل ما سوى الله تعالى. ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ
ثناء على الله تعالى بعد حمده في الآية السابقة. مَٰلِكِ يَوۡمِ ٱلدِّينِ
تمجيد لله تعالى بأنه المالك لكل ما في يوم القيامة، حيث لا تملك نفس لنفس شيئًا. ف«يوم الدين»: يوم الجزاء والحساب. إِيَّاكَ نَعۡبُدُ وَإِيَّاكَ نَسۡتَعِينُ
نخصُّك وحدك بأنواع العبادة والطاعة، فلا نشرك معك غيرك، ومنك وحدك نطلب العون في كل شؤوننا، فبِيَدِكَ الخير كله، ولا مُعين سواك.