وقال بعض نحويي البصرة: "لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم" ، على: لكن من رحم ، ويجوز أن يكون على: لا ذا عصمة ، أي: معصوم ، ويكون إلا من رحم رفعاً ، بدلاً من العاصم. قال أبو جعفر: ولا وجه لهذه الأقوال التي حكيناها عن هؤلاء ، لأن كلام الله تعالى إنما يوجه إلى الأفصح الأشهر من كلام من نزل بلسانه ،ما وجد إلى ذلك سبيل. ولم يضطرنا شيء إلى أن نجعل عاصماً في معنى معصوم ، ولا أن نجعل إلا بمعنى لكن ، إذ كنا نجد لذلك في معناها الذي هو معناه ، في المشهور من كلام العرب ، مخرجاً صحيحاً ، وهو ما قلنا: من أن معنى ذلك: قال نوح لا عاصم اليوم من أمر الله ، إلا من رحمنا فأنجانا من عذابه ، كما يقال: لا منجي اليوم من عذاب الله إلا الله ، ولا مطعم اليوم من طعام زيد إلا زيد ، فهذا هو الكلام المعروف والمعنى المفهوم. من القائل لا عاصم اليوم من امر الله. وقوله: "وحال بينهما الموج فكان من المغرقين" ، يقول: وحل بين نوح وابنه موج الماء فغرق ، فكان ممن أهلكه بالغرق من قوم نوح صلى الله عليه وسلم. قوله تعالى: " قال سآوي " أي أرجع وأنضم. " إلى جبل يعصمني " أي يمنعني " من الماء " فلا أغرق. " قال لا عاصم اليوم من أمر الله " أي لا مانع، فإنه يوم حق فيه العذاب على الكفار.
من قائل لا عاصم اليوم من امر الله
قَالَ سَآوِي إِلَىٰ جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ ۚ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَن رَّحِمَ ۚ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ (43) ( قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء) وقيل: إنه اتخذ له مركبا من زجاج ، وهذا من الإسرائيليات ، والله أعلم بصحته. والذي نص عليه القرآن أنه قال: ( قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء) اعتقد بجهله أن الطوفان لا يبلغ إلى رءوس الجبال ، وأنه لو تعلق في رأس جبل لنجاه ذلك من الغرق ، فقال له أبوه نوح ، عليه السلام: ( لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم) أي: ليس شيء يعصم اليوم من أمر الله. وقيل: إن عاصما بمعنى معصوم ، كما يقال: " طاعم وكاس " ، بمعنى مطعوم ومكسو ، ( وحال بينهما الموج فكان من المغرقين).
لا عاصم اليوم من امر الله الا من رحم
وَقِيلَ: مِنَ فِي مَحَلِّ النَّصْبِ، مَعْنَاهُ: لَا مَعْصُومَ إِلَّا مَنْ رَحِمَهُ اللَّهُ كَقَوْلِهِ:﴿ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ ﴾ [الْحَاقَّةِ: 21]، أَيْ: مَرْضِيَّةٍ، ﴿ وَحالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكانَ ﴾، فَصَارَ، ﴿ مِنَ الْمُغْرَقِينَ ﴾. ويروى: أن الماء علا على رؤوس الْجِبَالِ قَدْرَ أَرْبَعِينَ ذِرَاعًا، وَقِيلَ: خمسة عشر ذراعا. لا عاصم اليوم من امر الله الا من رحم. ويروى: أَنَّهُ لَمَّا كَثُرَ الْمَاءُ فِي السِّكَكِ خَشِيَتْ أَمٌ لِصَبِيٍّ عَلَيْهِ وَكَانَتْ تُحِبُّهُ حُبًّا شَدِيدًا فَخَرَجَتْ إِلَى الْجَبَلِ حَتَّى بَلَغَتْ ثُلُثَهُ، فَلَمَّا بَلَغَهَا الْمَاءُ ارْتَفَعَتْ حَتَّى بلغت ثلثيه، فلما بلغها الماء ذَهَبَتْ حَتَّى اسْتَوَتْ عَلَى الْجَبَلِ، فَلَمَّا بَلَغَ الْمَاءُ رَقَبَتَهَا رَفَعَتِ الصَّبِيَّ بِيَدَيْهَا حَتَّى ذَهَبَ بِهَا الْمَاءُ، فَلَوْ رَحِمَ اللَّهُ مِنْهُمْ أحدا لرحم أم الصبيّ. تفسير القرآن الكريم
مرحباً بالضيف
قال لا عاصم اليوم من امر الله
[ ص: 334] فهذا هو الكلام المعروف والمعنى المفهوم. وقوله: ( وحال بينهما الموج فكان من المغرقين) ، يقول: وحال بين نوح وابنه موج الماء فغرق ، فكان ممن أهلكه بالغرق من قوم نوح صلى الله عليه وسلم.
بقلم |جبران سهيل
#المركز_الإعلامي_تعز # عاشوراء_تضحية_وانتصار # ثورة_21_سبتمبر
أشترك على قناة أخبار تعز تلغرام وكن أول من يعلم الخبر فور حدوثه