وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين آمنوا إيمانا ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلا روى الطبري عن ابن عباس وجابر بن زيد أن أبا جهل لما سمع قوله تعالى عليها تسعة عشر قال لقريش: ثكلتكم أمهاتكم إن ابن أبي كبشة يخبركم أن خزنة النار تسعة عشر وأنتم الدهم أفيعجز كل عشرة منكم أن يبطشوا برجل من خزنة جهنم ؟ فقال الله تعالى وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة ، أي: ما جعلناهم رجالا فيأخذ كل رجل رجلا ، فمن ذا يغلب الملائكة ، اهـ. التفريغ النصي - تفسير سورة المدثر [2] - للشيخ مصطفى العدوي. [ ص: 314] وفي تفسير القرطبي عن السدي: أن أبا الأشد بن كلدة الجمحي قال مستهزئا: لا يهولنكم التسعة عشر ، أنا أدفع بمنكبي الأيمن عشرة وبمنكبي الأيسر تسعة ثم تمرون إلى الجنة ، وقيل: قال الحارث بن كلدة: أنا أكفيكم سبعة عشر واكفوني أنتم اثنين ، يريد التهكم مع إظهار فرط قوته بين قومه. فالمراد من أصحاب النار خزنتها ، وهم المتقدم ذكرهم بقوله عليها تسعة عشر. والاستثناء من عموم الأنواع ، أي: ما جعلنا خزنة النار من نوع إلا من نوع الملائكة. وصيغة القصر تفيد قلب اعتقاد أبي جهل وغيره ما توهموه أو تظاهروا بتوهمه أن المراد تسعة عشر رجلا فطمع أن يخلص منهم هو وأصحابه بالقوة فقد قال أبو الأشد بن أسيد الجمحي: لا يبلغون ثوبي حتى أجهضهم عن جهنم ، أي: أنحيهم.
التفريغ النصي - تفسير سورة المدثر [2] - للشيخ مصطفى العدوي
الإعراب: (كلّا) حرف ردع وزجر، الواو واو القسم، والجار والمجرور متعلّق بفعل محذوف تقديره أقسم الواو عاطفة في الموضعين (الليل، الصبح) معطوفان على القمر مجروران (إذ) ظرف للزمن الماضي في محلّ نصب متعلّق بفعل القسم المحذوف (إذا) ظرف للزمن المستقبل مجرّد من الشرط في محلّ نصب متعلّق بفعل القسم المقدّر، والضمير اسم (إنّ) يعود على سقر اللام للتوكيد في موضع لام القسم عوض من المزحلقة (إحدى) خبر إنّ مرفوع.. جملة: أقسم (بالقمر) لا محلّ لها استئنافيّة. وجملة: (أدبر) في محلّ جرّ مضاف إليه. وجملة: (أسفر) في محلّ جرّ بإضافة (إذا) إليها. وجملة: (إنّها لإحدى) لا محلّ لها جواب القسم. (نذيرا) حال منصوبة من إحدى والعامل فيها التوكيد، (للبشر) متعلّق ب (نذيرا)، (لمن) بدل من البشر بإعادة الجارّ (منكم) متعلّق بحال من الضمير العائد (أن) حرف مصدريّ ونصب (أو) حرف عطف. وجملة: (شاء) لا محلّ لها صلة الموصول (من). وجملة: (يتقدّم) لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن). والمصدر المؤوّل (أن يتقدّم) في محلّ نصب مفعول به لفعل شاء. وجملة: (يتأخّر) لا محلّ لها معطوفة على جملة يتقدّم. الصرف: (35) الكبر: جمع كبري مؤنّث أكبر، وزنه فعل بضمّ ففتح.. وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً - مع القرآن (من الأحقاف إلى الناس) - أبو الهيثم محمد درويش - طريق الإسلام. إعراب الآيات (38- 42): {كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (38) إِلاَّ أَصْحابَ الْيَمِينِ (39) فِي جَنَّاتٍ يَتَساءَلُونَ (40) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (41) ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42)}.
وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً - مع القرآن (من الأحقاف إلى الناس) - أبو الهيثم محمد درويش - طريق الإسلام
كذلك أي كإضلال الله أبا جهل وأصحابه المنكرين لخزنة جهنم يضل الله أي يخزي ويعمي من يشاء ويهدي أي ويرشد من يشاء كإرشاد أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم -. وقيل: كذلك يضل الله عن الجنة من يشاء ويهدي إليها من يشاء. وما يعلم جنود ربك إلا هو أي وما يدري عدد ملائكة ربك الذين خلقهم لتعذيب أهل النار إلا هو أي إلا الله - جل ثناؤه - وهذا جوابلأبي جهل حين قال: أما لمحمد من الجنود إلا تسعة عشر! وعن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقسم غنائم حنين ، فأتاه جبريل فجلس عنده ، فأتى ملك فقال: إن ربك يأمرك بكذا وكذا ، فخشي النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يكون شيطانا ، فقال: " يا جبريل أتعرفه " ؟ فقال: هو ملك وما كل ملائكة ربك أعرف. وقال الأوزاعي: قال موسى: " يا رب من في السماء ؟ قال ملائكتي. قال كم عدتهم يا رب ؟ قال: اثني عشر سبطا. قال: كم عدة كل سبط ؟ قال: عدد التراب " ذكرهما الثعلبي. وفي الترمذي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أطت السماء وحق لها أن تئط ، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته لله ساجدا. قوله تعالى: وما هي إلا ذكرى للبشر يعني الدلائل والحجج والقرآن. القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة المدثر - الآية 31. وقيل: وما هي أي وما هذه النار التي هي سقر إلا ذكرى أي عظة للبشر أي للخلق.
القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة المدثر - الآية 31
( كذلك) أي كما أضل الله من أنكر عدد الخزنة وهدى من صدق كذلك ( يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وما يعلم جنود ربك إلا هو) قال مقاتل: هذا جواب أبي جهل حين قال: أما لمحمد أعوان إلا تسعة عشر ؟ قال عطاء: ( وما يعلم جنود ربك إلا هو) يعني من الملائكة الذين خلقهم لتعذيب أهل النار ، لا يعلم عدتهم إلا الله ، والمعنى إن تسعة عشر هم خزنة النار ، ولهم من الأعوان والجنود من الملائكة ما لا يعلم إلا الله - عز وجل - ، ثم رجع إلى ذكر سقر فقال: ( وما هي) يعني [ سقر] ( إلا ذكرى للبشر) إلا تذكرة وموعظة للناس.
** ورد عند القرطبي
قوله تعالى: " وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَاناً وَلا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ". (*) قال ابن عباس وقتادة والضحاك: لما نزل: "عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ" قال أبو جهل لقريش: ثكلتكم أمهاتكم! أسمع بن أبي كبشة يخبركم أن خزنة جهنم تسعة عشر ، وأنتم الدهم ( أي العدد) والشجعان ، فيعجز كل عشرة منكم أن يبطشوا بواحد منهم! قال السدي: فقال أبو الأسود بن كلدة الجمحي: لا يهولنكم التسعة عشر ، أنا أدفع بمنكبي الأيمن عشرة من الملائكة ، وبمنكبي الأيسر التسعة ، ثم تمرون إلى الجنة ؛ يقولها مستهزئا
* في رواية: أن الحارث بن كلدة قال أنا أكفيكم سبعة عشر ، واكفوني أنتم اثنين.