تعريف التابعين
هو الجيل الذي حمل راية الإسلام بعد الصحابة، وهم فئة من الناس لم تعاصر النبي -صلى الله عليه وسلم-، عاصروا جيل الصحابة ونهلوا من علم الصحابة الكرام -رضوان الله عليهم-،وقد أدى التابعون الأمانة بكلِّ إخلاص، وحموا الشريعة الإسلاميَّة من أيِّ تحريفٍ يمكن أن يدخل إليها من كثرة المقبلين على الإسلام، فكان لهم بذلك فضلٌ على كلِّ المسلمين حتى قيام الساعةِ، حافظوا على القرآن الكريم والسيرة النبويَّة ونقلوا الحديث الشريف والتفسير، وأسسوا للفقه، كثر أعدادهم وكثرة قصصهم المليئة بالعطاء والهمة والجهد والتوبة الصادقة، وسيتحدث هذا المقال عن التابعي الثقة مالك بن دينار.
- مالك بن دينار الحجاج السيف
- مالك بن دينار سير اعلام النبلاء
- مالك بن دينار الحجاج
- قصة مالك بن دينار مع العبد
- مدرسة مالك بن دينار
مالك بن دينار الحجاج السيف
ماذا زرع القرآن في قلوبكم؟ فإن القرآن ربيع المؤمن، كما أنّ الغيث ربيع الأرض، وقد ينزل الغيث من السّماء فيُصيب الحشَّ فيكون فيه الحبّة فلا يمنعها نَتَنُ موضعها أن تهتزّ وتخْضرّ وتحسُن، فيا حملة القرآن ماذا زرع القرآن في قلوبكم؟"، [٥] كما أنّ مالك بن دينار عُرف بسعة علمه وشدّة ورعه وزهده. قصة مالك بن دينار - سطور. [٦]
مصدر قوته
كان يكتب المصاحف ويبقى على النسخة الواحدة مدة أربعة أشهر حتى ينهيها، فيأخذ على هذا أجرة لتكون هذه الأجرة مصدر قوته، [٧] وكان مالك بن دينار يبتعد عن الطيبات من الطعام ليعلّم نفسه ويربيها على الزهد في الدنيا، فغايته ومبتغاه ليس متاع الحياة الدنيا وإنما نعيم الآخرة وسعادتها. [٨] والدنيا دار مرور وهي دنيا فانية، وما وُجدنا فيها إلا للعمل وتحصيل الحسنات فيها للفوز بالجنة التي هي دار البقاء، [٨] أما نوع لباسه فكان أيضاً يدل على زهده فقد كان يلبس الثياب الخشنة وهي إزاراً من صوف وعباءة خفيفة في الصيف، فيعلّم نفسه على خشونة الحياة والصبر عليها. أما في الشتاء فلم يزد على لباسه سوى قطعة من فرو، أما بيته فقد كان مسكناً متواضعاً ليس فيه إلا ما هو بحاجته سواء من الأثاث أو من القوت. [٩]
وهؤلاء العلماء الأفاضل لم يكن ينقصهم المال حتى عاشوا بالزهد بل كان كل ما يصلهم يخرجونه في مجال الخير، وارتضوا لأنفسهم حياة الزهد مرضاة لله، وطمعاً في جنة دار البقاء، وقد وثقه النسائي وابن سعد وابن حبان، واستشهد به البخاري، وكان من الذين رووا القليل من الأحاديث.
مالك بن دينار سير اعلام النبلاء
ومما قاله في ذلك: «إن الصديقين إذا قرئ عليهم القرآن طربت قلوبهم إلى الآخرة» ثم قال: «خذوا فيقرأ ويقول: اسمعوا إلى قول الصادق من فوق عرشه». وكان من الطبيعي أن يسائل نفسه ويسائل حملة القرآن ماذا زرع القرآن في قلوبهم، ماذا أثمر من الخير الذي ينعكس على جوارحهم وسلوكهم... إلى أي مدى كان قائدهم إلى الجنة، ومرابع القرب عند الله عز وجل. حدث جعفر بن سليمان قال: سمعت مالك بن دينار يقول: « يا حملة القرآن ماذا زرع القرآن في قلوبكم؟ فإن القرآن ربيع المؤمن كما أن الغيث ربيع الأرض. فإن الله ينزل الغيث من السماء إلى الأرض فيصيب الحسَّ فتكون فيه الحبة فلا يمنعها نتن موضعها من أن تهتز وتخضر وتحسن، فيا حملة القرآن: ماذا زرع القرآن في قلوبكم؟ أين أصحاب سورة؟ أين أصحاب سورتين؟ ماذا عملتم فيهما؟ »
وكان له قدرة عجيبة في التأثير وإيصال الموعظة إلى القلوب بحاله وبقلمه. قيل: دخل عليه لص فما وجد ما يأخذه، فناداه مالك: لم تجد شيئاً من الدنيا أفترغب في شيء من الآخرة؟ قال: نعم. مالك بن دينار - ويكيبيديا. قال: توضأ، وصل ركعتين، ففعل، ثم جلس وخرج إلى المسجد، فسئل مالك من ذا؟ فقال: جاء ليسرق فسرقناه. ومن نظراته: ما كان يرى من أن الصدق يبدو في القلب ضعيفاً، فيتفقده صاحبه ويزيده الله.
مالك بن دينار الحجاج
نماذج من زهده وورعه:-
كان يوماً في مجلس وقد قص فيه قاص، فبكى القوم، ثم ما كان بأوشك من أن أتوا برؤوس فجعلوا يأكلون منها، فقيل لمالك: كل، فقال: إنما يأكل الرؤوس من بكى، وأنا لم أبك، فلم يأكل. دخل عليه لص، فما وجد ما يأخذ، فناداه مالك: لم تجد شيئاً من الدنيا، فترغب في شيء من الآخرة؟ قال: نعم. قال: توضَّأْ، وصل ركعتين. ففعل، ثم جلس، وخرج إلى المسجد، فسئل: من ذا؟ قال: جاء ليسرق، فسرقناه. قال مالك: "إِنَّهُ لَتَأْتِي عَلَيَّ السَّنَةُ لاَ آكُلُ فِيْهَا لَحماً إِلاَّ مِنْ أُضحِيَتِي يَوْمَ الأَضْحَى". جرأته على الحق:-
مر الـمُهَلَّبُ على مالك متبختراً، فقال مالك بن دينار: أما علمت أنها مشية يكرهها الله إلا بين الصَّفَّين؟! قصة مالك بن دينار مع العبد. فقال المهلب: أما تعرفني؟ قال: بلى، أولك نطفة مَذِرَةٌ، وآخرك جيفة قذرة، وأنت فيما بين ذلك تحمل العَذِرَةَ. فانكسر، وقال: الآن عرفتني حق المعرفة. مالك بن دينار – من أقواله:-
قال: "وَدِدْتُ أَنَّ رِزْقِي فِي حَصَاةٍ أَمْتَصُّهَا، لاَ أَلتمِسُ غَيْرَهَا حَتَّى أَمُوْتَ". قال: "مُذْ عَرَفْتُ النَّاسَ لَمْ أَفرَحْ بِمَدحِهِم، وَلَمْ أَكرَهْ ذَمَّهُم؛ لأَنَّ حَامِدَهُم مُفرِطٌ، وَذَامَّهُم مُفرِطٌ، إِذَا تَعَلَّمَ العَالِمُ العِلْمَ لِلْعَملِ، كَسَرَهُ، وَإِذَا تَعَلَّمَه لِغَيْرِ العَمَلِ، زَادَهُ فَخراً".
قصة مالك بن دينار مع العبد
قلت: فأخبريني عن التنين الذي أراد أن يهلكني ؟
قالت: ذلك عملك السوء ، قويته ، فأراد أن يغرقك في نار جهنم. قلت: فأخبريني عن الشيخ الذي مررت به في طريقي ؟
قالت: يا أبت! ذلك عملك الصالح ، أضعفته حتى لم يكن له طاقة بعملك السوء. قلت: يا بنية! وما تصنعون في هذا الجبل ؟
قالت: نحن أطفال المسلمين ، قد أسكنا فيه إلى أن تقوم الساعة ، ننتظركم تقدمون علينا فنشفع لكم. قال مالك: فانتبهت فزعا ، وأصبحت ، فأرقت المسكر ، وكسرت الآنية وتبت إلى الله - عز وجل - وهذا كان سبب توبتي " انتهى. وقد ذكر القصة أيضًا: ابن الجزري في "الزهر الفائح" (ص45). منتديات كرم نت - مالك بن دينار. وهذه القصة مذكورة بلا إسناد ، وفيها بعض ما ينكر ، ومن ذلك:
1- أنه كان سكيرًا ، يشرب الخمر ، ولم يذكر هذا من ترجم له من الأئمة المحققين كابن عساكر والمزي والذهبي وغيرهم! 2- أنه تزوج جارية ، وأنجب منها بنتا ، وهذا أيضا لم يذكر في ترجمته! ولو كانت هذه القصة صحيحة ؛ لذكرها من ترجم له من أهل التراجم والتاريخ ، وهم أئمة علماء محققون ، كابن عساكر وابن خلكان والذهبي والمزي وغيرهم! ولكن من عادة أهل العلم أنهم لا يدققون في مثل هذه القصص الواردة عن التابعين فمن بعدهم من السلف الصالحين ، والتي يراد منها الترغيب في التوبة والطاعة ، وأخذ العظة والعبرة.
مدرسة مالك بن دينار
- علي الطنطاوي
فعزمت أن أسكر وعزمت أن أشرب الخمر وظللت طوال الليل أشرب وأشرب وأشرب
فرأيتني تتقاذفني الأحلام.. حتى رأيت تلك الرؤيا
رأيتني يوم القيامه وقد أظلمت الشمس.. مالك بن دينار الحجاج. وتحولت البحار إلى نار.. وزلزلت الأرض...
واجتمع الناس إلى يوم القيامه والناس أفواج وأفواج وأنا بين الناس
وأسمع المنادي ينادي فلان ابن فلان هلم للعرض على الجبار
فأرى فلان هذا وقد تحول وجهه إلى سواد شديد من شده الخوف
حتى سمعت المنادي ينادي باسمي.. هلم للعرض على الجبار
فاختفى البشر من حولي (هذا في الرؤيه) وكأن لا أحد في أرض المحشر ثم رأيت
ثعبانا عظيماً شديداً قويا يجري نحوي فاتحا فمه.