حكم دخول العمالة الكافرة إلى المساجد
وحكم إعطاء الكافر من زكاة المال
لقاء مفتوح مع فضيلة الشيخ الدكتور عبدالله بن محمد آل خنين ، عضو هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، عقب صلاة الجمعة يوم 1 / 2 / 1437هـ، تناول فيه الجواب على بعض الأسئلة التي أُلقيت عليه من الحضور، ومنها سؤال عن حكم دخول الكفار من العُمال مساجدَ المسلمين لقضاء حاجة، أو إصلاح ما تلف به، وهل يُعطى العامل الفقير من هؤلاء الكفار من أموال الزكاة؟
حكم دخول الكافر المسجد النبوى
[٢]
آداب دخول المسجد
لقد أوصى أهل العلم بأن للمساجد آدابًا يجب التأدب بها، ومن أهمها ما يأتي: [٣]
من آداب دخول المساجد لبس الثياب الجميلة، والتزين بالمباحات، فقد قال تعالى في ذلك: {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأعراف: 31]، فالواجب أن يتزين المسلم لدخول المسجد وأن لا يتكاسل عن لبس الثياب النظيفة والجميلة. من آداب دخول المساجد عدم أكل البصل أو الثوم قبل التوجه إليها، وفيما إذا أكلهما فالواجب أن لا يدخل المسجد، فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (مَن أكَلَ مِن هذِه البَقْلَةِ، الثُّومِ، وقالَ مَرَّةً: مَن أكَلَ البَصَلَ والثُّومَ والْكُرَّاثَ فلا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنا، فإنَّ المَلائِكَةَ تَتَأَذَّى ممَّا يَتَأَذَّى منه بَنُو آدَمَ) [المصدر: صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح]. من آداب المساجد أن يسير المصلي إليها على الأقدام فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من غسَّلَ يومَ الجمعةِ واغتسلَ ثمَّ بَكَّرَ وابتَكرَ ومشى ولم يرْكب ودنا منَ الإمامِ فاستمعَ ولم يلغُ كانَ لَهُ بِكلِّ خطوةٍ عملُ سنةٍ أجرُ صيامِها وقيامِها) [المصدر:صحيح أبي داود| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
حكم دخول الكافر المسجد عند النبي
ثالثا: كتب عمر بن عبد العزيز
رحمه الله: أن امنعوا اليهود والنصارى من دخول مساجد المسلمين، وأتبع نهيه قوله
تعالى:] إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ [ (التوبة-28) ( [18]). حكم دخول الكافر المسجد - محمد بن صالح العثيمين - طريق الإسلام. المناقشة: يمكن أن تناقش هذه الآثار عن الصَّحابة والتابعين بأن هذه تحمل
أما على أنه اجتهاد، أو أنه ثبت عندهم ما يحملهم على هذا الحكم؛ وذلك أن السنة
واضحة في ذلك، والمدار في الأحكام الشرعية على ما دل عليه الكتاب والسنة، وقد
تقدمت الأدلة الكافية على أن المشركين كانوا يدخلون المسجد في عهد رسول الله r دون نكير. التَّرجيح:
بناء على ما تقدم فالأظهر القول
الأول، وأنه يجوز دخول المشركين المساجد، سوى المسجد الحرام؛ وذلك للآتي: -
أولا: قوة أدلة هذا القول،
ووضوحها، دون معارض. ثانيا: عدم نهوض أدلة القول
الثاني للاستدلال بها، وهي آثار عن الصَّحابة، أو التابعين، معارضة لما صح في
السنة. ثالثا: قيام الدليل على منع
المشركين من دخول المسجد الحرام، وهو نوع استثناء، والاستثناء معيار العموم، فكأنه
قال: يدخل المشركون المساجد إلا المسجد الحرام، ويؤيد ذلك واقع الحال في العهد
النبوي، فإن الكفار كانوا يدخلون على رسول الله r في مسجده، لم يكن يمنع ذلك، وما روي في ذلك كثير جِدًّا.
ثانيا: عن أبي هريرة t قال: بعث النبي r خيلا قبل نجد، فجاءت برجل من بني
حنيفة يقال له: ثمامة بن أثال، فربطوه بسارية من سواري المسجد، فخرج إليه النبي r فقال: "أطلقوا ثمامة"، فانطلق إلى نخل قريب
من المسجد، فاغتسل، ثم دخل المسجد فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمَّدا
رسول الله ( [6]). ووجه الدلالة: أن النبي r أقر الصَّحابة على ربطهم ثمامة t في المسجد، ولم ينكر عليهم، مما يدلُّ على جواز دخول غير المسلم
المسجد. المناقشة: نوقش هذا بأن النبي r كان علم بإسلامه ( [7]). حكم دخول الكافر المسجد عند النبي. الجواب: أن هذه المناقشة متكلفة، وهي خلاف الظاهر. ثالثا: أن أبا سفيان t دخل مسجد رسول الله r وهو مشرك عند إقباله لتجديد العهد قبل فتح مكة ( [8]). ووجه الدلالة كسابقيه. المناقشة: نوقش هذا بأنه كان قبل نزول قوله تعالى:] إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ [ (التوبة-28)، قال ابن العربي: فمنع الله المشركين من دخول المسجد
الحرام نصًّا، ومنع من دخول سائر المساجد تعليلا بالنجاسة، ولوجوب صيانة كل مسجد
عن كل نجس، وهذا ظاهر لا خفاء به ( [9]). الجواب: يجاب عن ذلك بأن السنة دلت على أن المراد
بالنجاسة هنا النجاسة المعنوية، بدليل دخول المشركين عليه في مسجده r ، وقد تقدم طرف من ذلك.