الخالق معناه المنشيء ، فالله عز وجل أحسن من أنشأ ؛ لأنه أنشأ ما لا يستطيع غيره إنشاءه. وكل من أنشأ شيئا وصنعه يقال له منشيء. وقد اختلف أهل العلم في قوله تعالى عن نفسه المقدسة: ( فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) المؤمنون /14 ، وقوله سبحانه: ( أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ) الصافات / 125. فقيل: المعنى: أحسن الصانعين. قال مجاهد: يصنعون ويصنع الله ، والله خير الصانعين. "تفسير الطبري " (19 / 19)
ورجحه ابن جرير رحمه الله ، وقال: " لأن العرب تسمي كل صانع خالقاً ، ومنه قول زهير:
وَلأنْتَ تَفْرِي ما خَلَقْتَ وَبَعْـ ـضُ القَوْمِ يخْلُقُ ثمَّ لا يَفْرِي
"تفسير الطبري" (19 / 19)
وقال القرطبي رحمه الله:
" ( أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ): أتقن الصانعين. يقال لمن صنع شيئاً: خلقه. الرازق - الرزاق - خير الرازقين | صحيفة الخليج. ولا تُنفى اللفظة عن البشر في معنى الصنع ؛ وإنما هي منفية بمعنى الاختراع وإيجاد من العدم " انتهى من "الجامع لأحكام القرآن " (12 / 110)
وقال ابن القيم رحمه الله:
" (الخالق والمصور): إن استعملا مطلقين غير مقيدين لم يطلقا إلا على الرب ، كقوله: ( الخالق البارئ المصور) ، وإن استعملا مقيدين أطلقا على العبد ، كما يقال لمن قدَّر شيئا في نفسه ، أنه خلقه.
- الرازق - الرزاق - خير الرازقين | صحيفة الخليج
- إسلام ويب - تفسير الطبري - تفسير سورة الجمعة - القول في تأويل قوله تعالى "وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما "- الجزء رقم23
- معنى قول الله تعالى وهو خير الرازقين - إسلام ويب - مركز الفتوى
- والله خير الرازقين
الرازق - الرزاق - خير الرازقين | صحيفة الخليج
قال ابن القيم رحمه الله: "وتأمّلْ ظهورَ اسمِ الرّزّاق في الخلِيقة وكيف وَسِعَهم رزقُه ترَ مَا تعجَبُ منه العقول". فلا تُشغِل همَّك بما ضُمِن لك من الرزق، فرزقُك لا يغدو لغيرِك، ورِزقُ غيرك لن يصِلَك، إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ [الحج: 70]، لا يأكُل أحدٌ رِزقَ أحَد، ولا يزاحمه فيه، قال سبحانه: وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ [الرعد: 8]، قال الحسنُ البصريّ رحمه الله: "لما علِمتُ أنَّ رِزقِي لَن يَأكلَه غَيري اطمَأنَّ قَلبي". إسلام ويب - تفسير الطبري - تفسير سورة الجمعة - القول في تأويل قوله تعالى "وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما "- الجزء رقم23. والدّعاءُ بابُ الرزقِ المفتوح، أمر الكريم عبادَه بمناجاتِه في الرزق لينالوا إِنعامَه، فقال سبحانه: وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ [النساء: 32]، وأمرهم أن يَسأَلوه حتى اللّقمَة والكسوَة، قال عليه الصّلاة والسّلام: ((قال الله تعالى: يا عبادِي كلّكم جَائِعٌ إلاّ مَن أطعمته فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي كلّكم عارٍ إلاّ من كسوته فاستكسوني أكسكم)) متفق عليه. فالتَجَأ الأنبياء إلى الله لينالوا فضلَه ورزقه، فقال عيسى عليه السلام: وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيرُ الرَّازِقِينَ [المائدة: 114]، وقال عليه الصلاة والسلام: ((اللّهمّ إني أسألك علمًا نافعًا ورِزقًا طيِّبًا وعمَلا متقبَّلاً)) رواه ابن ماجه، وكان النبيّ يعلِم من أسلم أن يقولّ: ((اللّهمّ اغفر لي وارحمني واهدِني وارزقني)) رواه مسلم.
إسلام ويب - تفسير الطبري - تفسير سورة الجمعة - القول في تأويل قوله تعالى "وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما "- الجزء رقم23
رواه البخاري ( 3036) ومسلم ( 2643). قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله -:
( رِزْقه) الرزق هنا: ما ينتفع به الإنسان وهو نوعان: رزق يقوم به البدن، ورزق يقوم به الدين. والرزق الذي يقوم به البدن: هو الأكل والشرب واللباس والمسكن والمركوب وما أشبه ذلك. والرزق الذي يقوم به الدين: هو العلم ، والإيمان ، وكلاهما مراد بهذا الحديث.
" شرح الأربعين النووية " ( ص 101 ، 102) طبعة الثريا. والله خير الرازقين. ولهذا فإن الرازق والرزاق على الحقيقة هو الله وحده لا شريك له ، وقد استدل الله برزقه للعباد على إبطال الشرك وتسفيه المشركين ، فقال تعالى ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) فاطر/ 3. رابعاً:
ونختم جوابنا هذا برائعة جامعة في الموضوع:
قال الدكتور عبد الله دراز - رحمه الله -:
اقرأ قوله تعالى ( وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ) البقرة/ 222 ، وانظر هل ترى كلاماً أبين من هذا في عقول الناس ، ثم انظر كم في هذه الكلمة من مرونة:
فإنك لو قلت في معناها:
1. إنه سبحانه يرزق من يشاء بغير محاسب يحاسبه ولا سائل يسأله لماذا يبسط الرزق لهؤلاء ويقْدِره على هؤلاء: أصبتَ.
معنى قول الله تعالى وهو خير الرازقين - إسلام ويب - مركز الفتوى
انتهى. وإذا علمت هذا؛ تبين لك وجه وصف الله بكونه خير الرازقين؛ وذلك لأن البشر يرزقون بحسبهم، وهم أسباب في سَوْق الرزق إلى من شاء الله تعالى، لا أنهم مستقلون بجلبه، أو سوقه لمن شاؤوا، فالله خير الرازقين؛ لكونه سبحانه يرزق من غير ملاحظة عوض، ولكونه سبحانه خالق الأسباب ومسبباتها، فما من رازق يرزق من المخلوقين إلا والله خالقه وخالق الرزق الذي يسوقه على يديه لمن شاء، قال أبو السعود: {وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} {المؤمنون:72}، فإنَّ غيرَه واسطة في إيصالِ رزقِه، لا حقيقة لرازقيتِه. انتهى. وقال الألوسي: {وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} {المائدة:114}: أي: خير من يرزق؛ لأنه خالق الرزق، ومعطيه، بلا ملاحظة عوض. انتهى. على أنه قد قرر بعض أهل العلم أنه لا ينبغي تسمية المخلوق رازقًا، وإطلاق ذلك عليه؛ لما فيه من الإيهام بخلاف نسبة الفعل إليه، فهذا أيسر، قال الألوسي: {وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}، فإنه جل وعلا يرزق بغير حساب، مع أن ما يرزقه قد لا يقدر عليه أحد غيره سبحانه، وأن غيره تعالى إنما يرزق مما رزقه هو جل شأنه، واستدل بذلك على أنه قد يقال لغيره تعالى رازق، والمراد به معطي، والأولى عندي أن لا يطلق رازق على غيره تعالى، وأن لا يتجاوز عما ورد.
والله خير الرازقين
(الرازق) هو الرازق الذي قدر أرزاق المخلوقين قبل خلقهم، وتكفل بإيصالها إليهم، وهو الذي ضمن لكل نفس رزقها كما أخبرنا صلى الله عليه وسلم: (أيها الناس اتقوا الله، وأجملوا في الطلب، فإن نفساً لن تموت حتى تستوفي رزقها، وإن أبطأ عنها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، خذوا ما حل ودعوا ما حرم)، فالرزق مضمون والرزاق هو الضامن، ويقول تعالى: (يَا أَيهَا الناسُ اذْكُرُوا نِعْمَة اللهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السمَاءِ وَالأَرْضِ) (فاطر: 3).
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته. اختيار هذا الخط